| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الجمعة 7/10/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(24)

الموظف براتبه وحلم الأعزب
في عام 1934 عينت معلما في المدارس الابتدائية القروية، وفي إحدى قرى قضاء أبي صخير. كنت أقيم في كوخ مجاور للمدرسة. كتبت إلى أستاذي "عبد الرزاق محي الدين" بما تم لي من تعيين. فأجاب يهنئني ويوصي أن أقتصد لأدبر الأمر لمستقبل أفضل. ووصف راتب الموظف (انه راتب الموظف كحلم الأعزب، لا يصبح منه إلا على قذارة الثوب ونجاسة البدن!) ثم وصف لي حفلاً ساهراً لأم كلثوم وكمان سامي الشوا وعود محمد القصبجي، وتأوهات الشباب والشيوخ وعجيجهم، طرباً وحنيناً.

وأجبته: قرأت رسالتك. فتمتع وارتح. هذا نعيم ما كنت تحلم به. ما كنت تسمع وترى شيئا مثل هذا، حتى في أعماق سراديب السن، ومع ذلك فقد كانت السُن السوء تُشَهر بليلة -الهرير-! ليلة من لياليه مع فئة من المعممين، ومن بيوت رفيعة جرت فيها من بعضهم حركات طائشة ...... فهاجوا هياج الثيران الوحشية، وشاع وضعها، ولمح إليها الأستاذ صالح الجعفري وكان لا ينزل إلى هذا المستوى. فنشر كلمة في جريدة "الراعي" بعنوان "مسواك امي" منها هذه العبارة (تفقأ به عيني كل معمم يشرب الخمر في ليلة جمعة في آخر ليلة من شعبان).

ولكن ما أصف أنا لك؟ إذا جن الليل وآويت إلى مخدعي، غنت الضفادع، وعزفت موسيقى البق، ورقص البرغوث متخذا من جسدي مسرحاً له!

مع عبد الرزاق رشح للدراسة في مصر باقر الحبوبي، وحسن الجواهري، فشل الحبوبي وعاد. أما الجواهري فقد ادخل في مصح بلبنان بدل البعثة، وطال فيه مكوثه. ثم عاد إلى النجف وعين لإدارة المكتبة العامة.

وشمر اثنان من أصدقائنا الشباب الروحاني عن سواعدهم، وقصدا مصر إلى كلياتها. السيد محمد الهاشمي، وعبد الكريم الدجيلي. ولكن على نفقتهما الخاصة. ونال الهاشمي أيضا شهادة الدكتوراه في التأريخ الإسلامي.

كنت أتحرق، وماذا أصنع؟ إن عميدنا يعارض كيلا يتهم بعمل لـ -المحسوبية والمنسوبية-! إن هذا مغالاة منه، وإعراض عن مساعدة أرحامه، مثلما إن هذا حق، فمائدة الدولة للجميع. مرتضى فرج الله لم يسع إلى شيء من هذا، لأنه متزوج وله طفل أو اثنان. لكن صاحبنا -الوائلي- جازف فباع دار له -لا يملك سواها- لابد انه كان واثقا من نفسه، وتوجه نحو مصر، وتم قبوله.

ودهشت حين علمت أن فتى من أسرة علمية دينية قد سبقني إلى عميدنا ونجحت محاولته، إذا كان يحمل إليه رسالة من -مجتهد- من رجالهم. وعين الاستاذ الشيخ صالح الجعفري مدرساً في ثانوية النجف.

عبد الكريم الدجيلي صلتي به قليلة، إلا مجاملة مؤدبة. كان من شباب المنبر الحسيني لكنه ليس عادياً فهو أديب وشاعر. هو أيضاً كان يراسلني. أولى رسائله كانت وكأنها كتاب مختصر عن كل نواحي الحياة المصرية، بدا ملماً بذلك، جوها، مناخها، طراز مدينتها، آثارها، رجال الأدب والعلم فيها.

واستمر عبد الرزاق في علاقته بي -وهو طالب- لم يتبدل في عواطفه وحنينه إليّ. وفي عام 1938 أقدمنا كلانا على الزواج، وفي أسبوع واحد، ودعوته ودعاني. حتى إذا خطا الخطوة الثانية، لنيل شهادة الماجستير انخفضت درجة الود والصداقة، وبان ذلك حتى في نبرات صوته، عند التحية في اللقاء. ولم استغرب ولم ابحث عن السبب. ونشرت في جريدة -الهاتف- العدد 108 صفحة 9 سنة 1938، كلمة بعنوان -أصدقاء- وأشرت إلى اسمه بحرف -ع- فكتب هو كلمة بعنوان "الصداقة" أرسلها إلى –الهاتف- فاعتذر الخليلي عن نشرها، فنُشِرت في مجلة -الحضارة-. رفض الخليلي نشرها إذ لم يعجبه أن تشبه الصداقة بالطعام والشراب، وبأن المرء قد يمل إلى هذا اللون من الطعام والشراب، ويميل في يوم آخر إلى لون آخر! كلا يا أستاذي، السبب هو التعالي بسبب -الشهادة- التي نلتها. وما أنا بآسف. ونال شهادة الدكتوراه فابتعد أكثر.

كانت الحرب العالمية الثانية قد قلبت موازينه. كان يعتقد انه يفهم الاشتراكية، منذ كان طالب علوم دينية. وليكون رجل دين، يحمل الرسالة كما حملها أبوه وأجداده. ولكنه -في الحقيقة لم يفهم من وعن الاشتراكية شيئا على الإطلاق. ولا -أنا تلميذه- ولا غيرنا ممن لم يعرف غير النجف، وكتب الفقه. ومع هذا فقد تعرض متباهياً لمفهوم الاشتراكية في قصيدته "ربة الدل". ففي حفل زواج الشاب "جواد قسام" أعلن منشد القصائد التي قدمها زملاء الشاب، أن قصيدة جاء بها طفل سلمها له -معمم- ودله على المجلس ولم يذكر عليها اسمه! جاء فيها:

ادخلي الحقل إن نهضت صباحا واسـمعي الطيـر كيف يعبد ربه
لا صلاة سوى الغناء ولا صـوم ســوى أن يطهـــر العبــــد قلبه
وحيـــــاة لــــو تهتــدين إلـيهـــا لتـركتِ القصـر الجميــل وربّه
لخصتهـا العقــول للروس دينــاً فدعــوها بالمذهب الاشــتراكي

-الروس- هنا تورية تشير إلى العقل وإلى -روسيا-، والاشتراكية كما فهمنا مذهب في الاقتصاد. كان قد جاء به علماء اقتصاديون كثر لكن أهم مبدع له على أسس اجتماعية واقتصادية هو كارل ماركس وصاحبه انجلز ثم لينين الذي قام بثورة في روسيا وحطم القيصرية وأشاد النظام الاشتراكي. وهو نظام اقتصادي لا علاقة له بالدين. غير أن الاستعمار من أجل أن يقاوم النظام الجديد وهو يستهدف الاستعمار والاستغلال، شوه حقيقة الاشتراكية بما أشاع عنها: أنها ضد الدين وضد الأخلاق وإنها إباحية. وهكذا معظم الذين عادوا الاشتراكية يعتمدون فقط على المصادر من الغرب الاستعماري الرأسمالي.

كان الحلفاء وهم يرقبون سير الحرب في ميادين القتال، قد أدركوا خطأ حسابهم السابق. وفي مؤتمر -طهران- التقى زعيما بريطانيا وأمريكة -روزفلت وتشرشل- بستالين قائد الاشتراكية. وكان الفرنسيون قد فتحوا باريس لجيوش هتلر فاحتلها. وصافحهم -لافاك- من اجل أن لا يخربوا مجد الفن الفرنسي وجمال باريس! فاقترح ستالين فتح الجبهة الثانية، وعين مكان المنطلق!

وفي داخل فرنسا شكل الشيوعيون ومن تبعهم من الفرنسيين -المقاومة الشعبية السرية- وقد أيد الحلفاء رأي ستالين. وقام القائد الفرنسي -ديغول- بفتح الجبهة، هو من الخارج والمقاومة من الداخل، وهكذا تحررت فرنسا وبدأت جيوش هتلر تندحر في كل مكان.

كان أستاذي ممن يشايع ويراهن على انتصار النازية، واندحار السوفيت! إن الاشتراكية العلمية التي نشرها لينين، وثبت نظامها في روسيا كلها، خلقت شعبا جديداً، يختلف كل الاختلاف عن أيام القياصرة. كل هذا لم يبدل من فكر أستاذي، فقال وهو يحاورني: إن السوفيت ينطحون صخرة!. ثم أصبح من أنصار ومؤيدي صالح جبر، والله يعلم لو تبدل الحكم في العراق وانهزم صالح وشركاؤه في أي صف سيكون.

فيوم انهزم صالح جبر أمام هياج الشعب العراقي، إلى مصر هناك تم -كما يبدو- لقاء بينه وبين الأستاذ محي الدين. ونشرت لهما صورة في صحافة مصر. وحين التقيت به، تعرضت لذكرها. فأجاب (أنا يا علي دائما مع المهزوم!). قلت كلا يا سيدي، صحيح إن الشعب هزمه وحطم المعاهدة التي حققها أسياده، لكنها هزيمة مؤقته، ولو ظفر به الشعب لأنهى حياته. يا أستاذي، نحن المهزومون، مادام للانكليز والمستعمر أعوان من أبناء شعبنا نفسه، مادام فينا نوري السعيد وصالح جبر وغيرهم. وإن تظاهرت برأي مستقل عنه ومعارضته له. الواقع إنها مفتعلة ووفق مخطط. وعبس الأستاذ بوجهي!

أعود لذكر صاحبي -الوائلي- فقد عاد وبنجاح. وكنت أثناء الحرب وبعدها، قد ركبت ديلاب الهوى. هذا تعبير شعبي يقوله الفرد عندما يبتلي بتهم تسبب له متاعب لا تقاس بالنسبة لنشاطه وفعاليته، ثم تتلاحق بحيث لا يجد فرصة للراحة والتأمل. فأوقفت عدة مرات، كان أشد واهم توقيف لي قبيل انتفاضة الشعب ضد معاهدة بورتسموث.

هذا العام فقط صادفته في شارع الرشيد، وقد بدا على وجهه انه غادر الكهولة، وقفنا قليلاً، وتحدثنا قليلاً. وفارقته أحمل نسخة من صورة له ضممتها إلى جانب صور أصدقائي الكثيرين، من استمر منهم بالصداقة ومن تعالى وتنكر، ومن غادر هذه الدنيا. ولكن ممن اذكره بخير وهو كذلك.

شرق وغرب/1
الولايات المتحدة بعد أن عينت واختارت أسماء الرواد الذين سيصعدون إلى القمر. حلقت مركبتهم الفضائية -ابولو- وطافت فوق الجزء المسمى بحر الهدوء فقد هبط ارمسترونك والدرِن على سطح القمر يوم 21/7/ 1969. ونطق أول إنسان على سطح القمر يخاطب الأرض: هذا هو القمر هبطنا هنا! أما السوفيت فحين حلقت مركبةٌ لحقت بها أخرى لتلتحم بها ويتبادل روادها المركبتين.

ونحن ماذا؟ نحن ندير انقلابات. كل فئة تنشق على نفسها فتصبح كتلا متعددة تتنافس فيما بينها، تنافساً ليس علنيا. هذا ليس شيمتنا. التنافس العلني له أصول محترمة عند جميع من يفهم السياسة فهماً صحيحاً، فهو كغيره له الحق أن يعمل، على الوصول إلى كراسي الحكم ليحقق برامجه ويثبت لشعبه انه كفؤ لخدمته عن طريق الحكم. أما الذين يأتون عن طريق تدبير مؤامرة سرية، تتفجر كبركان ثائر، وتستعمل القسوة لترهب الخصوم والشعب، فتقدم وتسجن الآلاف، يَمدُها دائما أعداد من الغوغاء الذين لا يجذبهم إلا الجشع وحب البطش، وهكذا تفشل الحركات التي تأتي عن هذا الطريق، بعد أن يدير الناس لها ظهورهم. وقد يظل هؤلاء مدة تطول كدهر، لكنها تنهار أخيراً. ولا اعتقد إن أحداً من الناس لا يدرك أن هذا الأسلوب الأهوج نابع من مصدر يوحى به، هذا المصدر هو الاستعمار. أما الذين يهدفون إلى خير الوطن والأمة، فهم الذين يدعون إلى عمل موحد مادامت هناك بينهم أهداف مشتركة، ومادامت في اتجاهاتهم السياسية، ومفاهيمهم الاقتصادية. وأيهم لم يفعل هذا، فإنما هو دجال.

أنا اُشبه العاملين لخدمة شعوبهم بنية خالصة، كرواد لهم هدف يبغون الوصول إليه، ولكنهم لا يعلمون بالضبط أي السبل تؤدي إليه. عند هذا اتفقوا أن يتجه كل حزب مهم إلى جهة، حتى إذا أصاب واحد واهتدى إلى الهدف، دعا الآخرين وما عليهم إلا أن يستجيبوا. وهذا طبعا لا يتم إلا بين الفئات التي تتبنى فلسفة واحدة ولخدمة طبقة واحدة هي أساس الخدمة والإنتاج وهي اليد العاملة والمنتجة. إن الفئات التي ترفض التعاون حتى مع الفئة التي تدعو وتتبنى نفس الأهداف فإنها في الواقع تكشف عن نفسها بأن القائد والمتنفذ فيها يستمد العون من أيدي استعماريين وما ادعاؤه إلا تضليل، وإما أن يكون -وهذا احتمال ضعيف- من الجاهلين والمغفلين.

نحن من العهد الملكي عرفنا شخصيات شاركت في الحكم إذ ذاك، وبعد ثورة تموز بعضها شارك -تحت الستار- ضد تموز بعدما بدا عبد الكريم مستبدا لا يرد أن يسير إلا برأيه وحده، وأضاع الوقت على نفسه، فيما شغف به من دفع الكتل السياسية بعضها ضد بعض. حتى إذا جاءته يد فراسة وفم لم يسلم الذين ادّعوا إنهم يؤيدون الفئة التي ناوأت عبد الكريم، والله يعلم، لِمَ قضي عليهم بالموت والتهم الشنيعة، وبعض بالتشهير، فانزوى كأجرب حقير.

هناك من كان علما ومثل فئة تقدمية في وزارة التعليم، ثم نبذ النواة واغتالته يد قذرة. ولا يعلم احد كيف تخلصت تلك اليد ومن هي وأين ولت؟ ذلك ما حدث لفؤاد ألركابي صاحب كتاب -الحل الأوحد- والذي ينسب لنفسه فيه انه المخطط لأغتال قاسم وفشل الاغتيال وتم القضاء على قاسم نهائيا صبيحة 8 شباط 1963، وبعد انقلاب 17 تموز 1968 قتله مجرم كان سجينا معه بنفس الزنزانة ولا نعلم ما تم بشأن ذلك القاتل.

الغرب والشرق المتحرر في تنافس في المخترعات والمكتشفات. فأمريكة مهتمة بالأقمار الصناعية ولابد أنها ستكتشف ما هو أهم، لتدمر وتزيح المنافس الهام -الشرق المتحرر- اعني السوفيت ومن يدور في فلكه من شعوب أوربا الشرقية. وشعوب أوربا وشعوب أمريكة واعية، وفيها أحزاب ثورية، ستقتفي طريق النضال كشعب كوبا. وأنا واثق إنا نحن شعوب آسيا لن نفعل خيرا مثل أولئك وان جاءنا خير في المستقبل فإنه بعيد وبعيد جداً، وكما انهارت الإمبراطورية العثمانية، وسميت -الرجل المريض- انهارت أيضا بريطانيا، التي قيل عنها، إنها صاحبة المستعمرات التي لا تغيب عنها الشمس. وكانت أمريكة قبل الحرب العالمية الثانية لا يظهر أن في فمها -سن طمع- هكذا الظن بها لأنها بلاد أبراهام لنكولن ثم ولسن صاحب الـ 14 نقطة لتحرير الشعوب. لكن أمريكة قد دخلت الحرب العالمية الثانية لتخلص العالم من شر النازية. وفي النهاية ظهر إنها المرابي الكبير، الذي سيطر على جميع ممتلكات ومستعمرات بريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا، بلون جديد من الاستعمار. فإذا بكثير من رجال الشرق في آسيا وأفريقيا يَصلون إلى الحكم، بقدرة قادر. ظاهرهم تسبيح لله والشعب وشتم للظلم والاستعمار، وباطنهم عمل منظم وتخطيط منظم، لصالح الاستعمار، وبحجة وسط بين معسكرين كبيرين فهم من أهل الحياد.

والله إن من يدعي الحياد لا يكون إلا واحد من أثنين. دجال يريد أن يغطي على حقيقته أو غبي يغرق في الغباء. وحين أبتكر المرحوم -تيتو- الحياد الايجابي، وعدم الانحياز، قال بعض السياسيين، الحياد الايجابي إن أمكن فهو ابتعاد عن محاربة الاستعمار والاستغلال. وإلا فهو درب للانشقاقات طمعاً في شهرة خاصة ومستقلة عن ركب المبدع لهذه الفكرة، بعد أن كان واحداً مهماً من ركب الاشتراكية مع لينين وستالين.

وتم انقلاب في سوريا على يد صلاح جديد، وقالوا إن حافظ أسد والاتاسي في بيوتهما. وان أهداف الانقلاب التقارب مع البلاد العربية وبالأخص العراق ووحدة حزب البعث. كذلك حدث انقلاب يوم 25/5/1969 في السودان. واعترفت سوريا بألمانيا الديمقراطية. أما رومانيا فقد رفعت تمثيلها مع إسرائيل إلى درجة سفارة. لا غرابة، فرئيسها وهو شيوعي خفف من تماسكه مع السوفيت، ولكنه لم يعلن الحياد الايجابي! وهذا الترفيع قد يكون نابعا من حنينه إلى أصله اليهودي. وخلال شهري شباط وآذار عام 1969 هلك رئيس حكومة إسرائيل، حيث هدمت داره بصاروخ من الفدائيين وهلك ليفي اشكول بضربة من الفدائيين. لكن هذا لا يحل مشكلة أبداً.

إسرائيل يدافع عنها الغرب كله. ونحن في الوقت الذي نعلن اهتمامنا بقضية فلسطين، فإننا بذات الوقت نهتم بزعماء أمريكا وبريطانيا ونطلب مساعدتهم لحل القضية، وندير ظهورنا عن هيأة الأمم ومجلس الأمن، وننافق في علاقاتنا مع الدول الاشتراكية، ونوثق علاقاتنا مع كل الدول الرأسمالية والاستعمارية، وكأننا لم نعرف من ركزَّ إسرائيل ومن منحها القوة ومن يساندها في مواقفها!


السويد ‏7/10/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (23)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (19) 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter