| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 19/7/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(13)

الريح ما تزال ضدي

حاولت وأنا مخطئ أن أطالب بالعودة إلى الوظيفة. وشيخنا الشبيبي لم يعتذر. لكنه لم ينجز خطوة واحدة، لأفَكَ يدي -على تعبير قوانين الوظائف- مسحوب يد، ثم -فَك اليد- ومسحوب اليد يبقى خارج الوظيفة حتى يلغى -سحب اليد- بقناعة الدائرة، أو بعد إحالته إلى لجنة انضباط أو حكم المحكمة -أي محكمة يحال أمره لها- ببراءته! وسافرت إلى بغداد لتعزية الشيخ بوفاة أخيه جعفر الذي توفي صبيحة انقلاب 8 شباط. ولم أحرك ساكنا عن قضيتي تاركا إياها إلى أولي الأمر رغم إني جلبت من بعقوبة ومن مديرية التعليم رقم كتابها إلى الاستخبارات العسكرية والأمن العامة ولجنة التحقيق في مقر الحرس القومي.

الدائرة المسؤولة العليا طبعا في شغل عن قضية أمثالي. فالأكراد أعلنوا تمردهم ثانية. كما أن راديو بغداد أعلن بيان المجلس الوطني عن القضاء على مؤامرة شيوعية فجر اليوم -3 تموز 1963-. وتأخر فك يدي، وعدم أي تصريح بتطميني من قبل شيخنا يدل إني سأحال إلى محكمة، وطبعا عرفية.

لِمَ التشدد ضدي، والتحقيق لم يثبت ما يدينني!؟ حمداً لله، ربما يرونني ذا شأن في مسائل النضال! آه ما أجل أن يكون الإنسان ذا عقيدة يخلص لها حتى الموت. الموت هو الحد الفاصل بين الصادق والمدعي، الذي يعلن التوبة حين يلوح له حبل المشنقة. ولكن أيضا لا الذي ينكر ما أسند له، وشاجبا. إن ذا العقيدة، من يدافع عن عقيدته، ويشجب التخريب والاعتداءات.

جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده كانا صريحين في مواقفهما. وسعد زغلول عرف عنه انه قال لزوجته: يا صفية أنا قررت أن أضع هذه -وأشار على عنقه- على هذه وبسط كفه!. فأجابت، وأنا إلى جانبك أضع هذه على هذه!.

ولكن لماذا أكذب على نفسي، فأعترف بما لم أقم به قط. فقد طلقت السير على طريق الكفاح. جبنا كان ذلك مني، أم لأمر آخر. لقد تنحيت دون تأثير من أحد، ولا تحت يد مسؤول في حكم. وقد مرت سنون طويلة على ذلك، بحيث لو أن طفلا ولدَ يوم ذاك هو اليوم أب. ولكني والمثل نسائي (لاحظت برجلها ولا خذت سيد علي!).

أهم ما يشجيني ويبعدني عن الانتماء للتنظيمات والحركات السياسية هو أنها تقرب المتملقين ويرفعون من شأنهم. كما أني وجدت التناحر بينها حاد في الوقت الذي يتحتم عليها أن تتوحد، لعمل وتخطيط لإنجاح الهدف الذي تسعى إليه، لا أن تفرط في تحالفها حالما تحقق خطوة واحدة، كالذي حدث حين تحققت ثورة 14 تموز.

الاستعمار الحديث أهم سلاح لديه اليوم هو أن يوقع بين الفئات الوطنية. ويشيع عن كل واحدة إشاعة، فتصدقه وتطيح بها وتنكل بأعضائها ومؤازريها. وفي البلدان الرأسمالية الاستعمارية، أحزاب شتى، عمالية، ومحافظين وكثير من تلك المسميات، ومنها أحزاب شيوعية. مثلاً، فرنسا، بريطانية، أمريكة وإيطالية، فيها أحزاب شيوعية وهي أكثر عداء للشيوعية من أي بلد مثل بلداننا!

إننا كنا ونحن في المدارس طلبة، وبعد أن صرنا معلمين، نضرب مثلا شائعا، إنه حكمة من حِكَم الأجداد ما تزال حيه. ذلك الرجل الذي أمر أولاده وهو على فراش المرض، أن يأتي كل واحد منهم بعصا، ضم مجموعة العصي إلى بعضها فكانت حزمة، وطلب من كل منهم أن يجرب كسر تلك الحزمة. فلما لم يتمكنوا أعطى كل واحد أن يكسر واحدةً. فتمكن الجميع من ذلك. وقال هكذا يحطمكم عدوكم إن وجدكم متفرقين، ولن ينجح مسعاه إن صرتم يداً واحدةً.

حتى متى سنظل مطمعا، نخشى الغرب الذي ثبت -اللقيطة إسرائيل- بينما نبدي البطولات فيما بيننا. ماذا لو قاطعناه ونتوجه إلى الدول التي نبذت النظام الرأسمالي. لكننا أيضا نخشاها لأن الدول الاستعمارية صورتها لنا بأبشع الصور، واتهمتها بأبشع التهم. شاعر من شعرائنا أشار إلى هذا بقوله:

وخـــوّفوهـــا بدُبٍ ســوف يأكلهـــا في حين تسعون عاما تألف السباعا

أي وربي لقد خوّفونا وصدقناهم، وكذبنا من تعمق منا بالعلوم الاجتماعية والاقتصادية وخوفونا منه!؟ في حين يدَّرس الغرب الاستعماري كتب ماركس في جامعاته. اللعنة على الجبناء ويا ويلهم ....

* * * *

يا دهر لو ضاعفت في شقوتي والـداء لــو حملتني أعضــــله

أجل. شقيُ ولا أعلم هل لليل شقائي آخِر؟ ومتى؟ أي جرح أداوي، وأيَّ ألمٍ أحتمل. ولدي -همام- الذي سَلِمَ مما وقعت فيه أنا وأخواه، وقع الآن بأيد كان بينه وبينها حساب! وأكبر الظن إني أنا السبب!

صديقي القديم عبد الرزاق محي الدين، الذي أصبح دكتوراً في الأدب العربي، وكان أستاذي أيام العمامة، ولم أكن تلميذه حسب بل كنت صديقه الأشد التصاقا به من كل صديق وقريب! حثني أحد أصدقائه "السيد علي شبر" وهو صديقي أيضاً أن أذهب إليه معه نزوره ونطرح الأمر عليه. فقد أصبح شخصية بارزة. دع المسألة على عاتقي، أنا أشرح الموضوع أما أنت فالزم الصمت. فأنت تعلم اتجاه -هواه- المعاكس لهواك، فالرجاء أن تضغط على أعصابك، وجامل قدر الإمكان.

هناك سمعت من أحاديثه -بعد العتاب التوبيخي!- نمطاً من الأفكار والمفاهيم، ما أدهشني لغرابتها وبعدها عن ثقافته وما تعلمته منه من فكر يهدف إلى أسمى درجات التحرر! أأسمع الساعة صاحب "العصفورة وأحلام اليقظة ورَبة الدَل" يتحدث عن الاتحاد السوفيتي، بأن مواطنيه يتغوطون في الشارع، بلا حياءٍ منه كعيب؟ّ! وعن الجوع المنتشر هناك، والجهل الفظيع؟ المعدان عندنا أثقف منهم!؟. سبقني صاحبي -كيلا أرده- وقال، أمر طبيعي هذا لدى ذي الجهل الفظيع، والجائع أمثالهم، أن يتغوط كأي حيوان وهو يمشي!؟.

أخيرا فاتحناه بما جئنا من أجله. هز رأسه وقال، أنا أعرف أن ابنك يستحق، وأنت المسؤول؟! وبادر صاحبي بعد غمزة عين -لأمسك لساني-. ورده، هذا ما لا يصح طرحه، جئنا لتتوسط أمره، وحتى الكلية يجب أن لا يحرم منها.

تراجع وقال، انتظروا فبين الساسة الآن خلاف، وقد تنكشف دنياهم عن حل لصالح -الرئيس- عند ذاك يتم إنقاذه مؤكداً. وغادرنا بيته شاكرين. يبدو أنه كان على علم بالخلاف بين الرئيس عبد السلام وحزب البعث.

وفي 30/7 توجهت ثانية إلى بغداد قاصدا بعقوبة لاستلام -نصف راتبي-. لكن صوتا يصيح بأذني، أن إذهب إلى ولدك؟ لا غرابة. أنا والد، وهو فلذة كبدي. وتوجهت إلى بيته، وقبل أن أستقر، جاء وعلى وجهه مسحة أسى، وبادرني. جئت في الوقت المناسب. إنهم ينتظرونني، لقد جاؤا مفاجأة إلى المدرسة وطالبوا المدير بانزعاج! أحضره حالاً، وبلهجة تهديد. أنت تتستر عليه، أما تعرف من هو؟ كنا نبحث عنه، ولا نعلم أن إنسانا محترما مثلك يحميه. لولا أن يبلغنا عنه شخصية محترمة كبيرة!. ثم عقب ولدي، من هي الشخصية؟ ألا يمكن أن يكون هو صاحبك؟

كانت هذه المفاجئة صدمة عنيفة لي. وشمرت عن ساعدي للعمل. أبلغت الشيخ "محمد رضا الشبيبي". فوعدني خيراً، وحفزت همة مدير مدرسته، والعون من الله ... للشيخ محمد رضا الشبيبي على الدكتور عبد الرزاق محي الدين فضل كبير فهو الذي دبر له أمر البعثة. ولكنه سياسيا انحاز إلى صالح جبر بأمل أن يصبح وزيراً. ولما جاء حزب البعث دنا من عبد السلام ليحقق أمنيته تلك. وأنا أعرف لو بقي شاعرا لكفاه ذلك الشهرة التي يبغيها، لكنه طمس قابليته الشعرية.

حاولت الوصول إليه في المعتقل فطردت. وفي اليوم التالي زرته بواسطة مدير المدرسة. ومن كربلاء زَوّدت خالته بتذكرة أحثه على الصبر. وضمنت كلمتي آية (إن مع العسر يسرا) وزرته بعد أسبوع ثانية مع المدير أيضا. فلمحت على عنقه لونا أزرق. فهمس في أذني: هذا بسبب تذكرتك، إن الآية التي ضمنتها فيها لتهدئتي اعتبروها تهديداً منك ووعيداً؟ لقد لقيت الويل، وذا أثر الحبل في عنقي مع الضرب الموجع. وحضر شاب جميل منهم، يتمايل بغطرسة وقد فتح أزرار قميصه، والتفت إليّ يقول: لولا أنك في سن شيخوخة لأعطيتك درساً لن تنساه! ماذا تقصد بالآية (إن مع العسر يسرا) أعتبر هذا الحرسي مع أنه طالب في كلية التربية أني أقصد بهذه الآية بأن الحكم سينهار. مع أن القصد الحقيقي واضح فاستشهادي يعني انه الآن في عسر وقد يبدل الله حاله إلى يسر فيفرج عنه.

قلت، على مهلك يا ولدي ... وقبل أن أكمل كلامي، صاح بي إخرس ... يا ولدي!؟ أنا أشرف من أن أكون ابناً لمثلك. خونة! هنا تكلم مدير المدرسة، وهو من أصدقائهم وصهر لرجل دين مؤازر. لا تنسى يا توفيق أن عميدهم الشيخ الشبيبي، وأخوته من رجال ثورة العشرين، ووزير معارف العراق. طيلة العهد الملكي عرف في خدماته في هذه الوزارة وتوسيع مؤسساتها التعليمية، فلا يصح أن نتنكر لهذا البيت!؟

ومرّ شهر ونحن في ألم وحزن ممض، وتردنا برقية منه في الثاني من أيلول (أطلق سراحي) يا فرحتي. وعدت إلى رئيس الجامعة لييسر لي أمر عودته إلى الجامعة، رغم ما ضننا آنفا وما بدا منه من إعراض وعدم اهتمام، إنها الحاجة!؟

ولكن مآسي أخرى كانت تنتظر عودتي ... دعيت إلى دائرة الأمن، المفوض الشرس عبد الجبار السيد علي، أنذرني بإسقاط كفالتي التي تمت من قبل الحرس القومي، وعقب متباهيا: راحت ويّ الحرس القومي، اعمل كفالة غيرها جديدة، كفيلك لازم منتسب لغرفة التجارة، وصدقها بالمحكمة، وإلا أنيمك بالتوقيف!؟ هذا المفوض ككثير من أمثاله في العهد الملكي، كان لا يتحرج من شتمي وبعد أن تقاعد صار يسلم علي ويجاملني بالسؤال عن صحتي!؟.

مالك البيت هو الآخر جاء يطالب بالإيجار في وقت منعني -الأمن- من السفر لاستلام نصف الراتب. وابنتي قبلت في دار المعلمات بحاجة لتزويدها وبقية أخواتها بما يلزم ؟ أنا لا أملك فلسا واحدا. لا مفر من بيع بعض ما لدينا. أمهن باعت خمارها وخاتم ذهبي. وابني البكر منحنا سبعة دنانير. نصيب العائلة من هذه كلها ربع دينار لأكلةٍ من خبز وجبن وشاي. والباقي لمالك البيت الذي وقف يصيح بملء فمه: أدفعوا أجور هذا الشهر وفرغوا البيت، تريدون تعصون بي. بيتكم السجن!؟ لم أجبه بأكثر من: سل أبنك عنا، فنجاته من الويل الذي ذقناه كان بفضل شرف نفوسنا!؟ ابنه كان شيوعيا ومسؤول ابني الأكبر فلم يذكره عند التحقيق معه. وهذا شرف ومنّة لو كان هذا الرجل يعلم حقيقة ابنه.

أعود للحديث عن الكفالة. التاجر الذي كفلني، أستغل طلب الأمن هذا فاعتذر انه لا يستطيع أن يظل كفيلا. الصديق "....." قصدته، وعلى بعد أمتار صاح: منذ ثلاثة أيام أنا مشتاق لصديق أسمه علي الشبيبي. وقفت عند حد هذه المسافة، وقلت: جاءك الصديق ولكن لأمر! فهل تنقذه بكفالتك؟ أنا وأبناي مهددون بالتوقيف إن لم نجدد الكفالة!

وجم صاحبي. وكأن قدميه قد ثبتا إلى الأرض بمسامير، وكأن فمه قد الجم بلجام. نهض الدكتور جليل أبو الحب وكان جالساً معه وبانزعاج صاح: أمر غريب، اشتقت إليه، ولا تضحي لإنقاذه بكفالة!؟ يبدو أنه غريب حقا. ومساعدة الغريب أمر يتنافى مع كرم النفس؟ يبدو هكذا؟ وغادرتهم ......؟

ليس في أرض الله بلد لا تحتوي طيبين. اتصلت تلفونيا برئيس غرفة تجارة كربلاء السيد هاشم نصر الله. وقد دفعه نبله، فقال: عجل توجه إليّ. وتم بواسطته عمل الكفالة لنا نحن الثلاثة. آل نصر الله علويون، نسبهم معروف ومن أجدادهم من عرف بالشهيد الثاني هو نصر الله. والليالي من الزمان حبالى والليالي يلدن كل عجيب.


السويد ‏19/07‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter