| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الخميس 23/6/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(7)

وانتهت الإقامة الجبرية

أتصل بي أهلي تلفونيا وأنبأوني بأن الجهات المسؤولة أنهت الإقامة الجبرية عنك وعن زميليك، ولكن مع نقلكم إلى مديرية تربية ديالى. فتوجهت بعد إعلام معاون شرطة القضاء إلى بعقوبة لمواجهة مدير المعارف ".....". فأشار عليّ معاون الشرطة، لو حاول المتصرف عرقلة إصدار أمر تعيينك، بحجة وجوب الاستفسار عن سيرتك خلال مدة الإقامة، قل له أستفسر من شرطة القضاء، وأنا عند هذا أزكيك.

حينما دخلت على مدير المعارف قابلني الرجل بكل طيبة، ثم أتصل بالمتصرف، بعد أن أعلمني، أنه حتم عليَّ أن لا أصدر كتاب تعيينكم دون أخذ رأيه!؟. فقلت: أنا أختار المدرسة الابتدائية في الخالص. وأرفض سواها حتى لو توقف تعييني. جرت المكالمة وأنا واقف قرب التلفون. فسمعته يقول: إنفيه إلى جلولاء!؟. قال المدير: إنه اختار الخالص وأنا أشهد أنه رجل مهذب، وأتعهد حسن سلوكه. فأجاب: إذن أرسله إليّ.

هذا المتصرف يدعى "حميد الحصونة" من أهالي الشطرة ولي به معرفة تامة. فهو ممن يراجع بأموره آل الشبيبي شأن الكثيرين من وجهاء تلك الجهات للروابط الدينية والمذهبية ولتبني الشيخ الشبيبي أمورهم لدى المراجع الحكومية.

دخلت عليه سلمت فرد علي السلام، وصبحني بالخير وأشار إليّ بالجلوس. وعاود الحديث مع زائرين عنده. اثنان منهما كانا على أعتاب الشيخوخة، وشابان يبدو أنهما ابناهما. وفجأة قطع حديثه، وتوجه إليّ بغضب. وصاح: قم. من قال لك أجلس!؟ وانهال علي بالسب والشتم، والتهم!؟. وقفت قرب الباب، وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر. إنه مستمر بسبابه واتهامه. شيوعي، أنا رأيت ملفتك. أكسر رأسك. قلت: أسمعني أولا وأفعل بعد هذا ما شئت. لكنه مستمر بصياحه، وشتائمه. قال أحد الرجلين: سيادة المتصرف، اسمح له يتكلم، وأسمع منه أولا.

حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية: أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟. ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز (حتى قدور بيتنا شيوعية!؟). أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.

هذه الكلمات فاه بها فعلاً عند مهرجان أنصار السلام وسمعتها بأذني إذ كنت حاضرا في المهرجان، وألقى هو كلمة موجزة. وتناقل في الديوانية هذه الكلمات الناس الذين احتكوا به أيام شغل منصب آمر الفرقة الأولى في أوائل الثورة. كما نقل عن بعضهم إنه كان يتحدث عن فهد كثيرا باعتباره من أهالي الناصرية. ربما كان يعتقد إن الشيوعيين سيحتلون المكان الأول في مناصب ومؤسسات الدولة!

واستحسن الرجلان كلمتي. وتدخلا لتهدئته. وغادرت غرفته عائدا إلى المدير. وجدته يضحك وعلق "عسكري" كلهم مثله. ورن جرس التلفون. وكان هو. قال للمدير: ضبيته خوش ضبة!؟ أجاب المدير: حكى لي كل شيء!

أما زميلنا عبد الله مهدي الخطيب المدرس الذي كان قد أبعد قبلنا فقد بُتّ برفعها عنه بعد أمد قصير، وأعيد إلى حيث كان. هو مدرس أمر نقله يعود إلى الوزارة. أما نحن فامرنا يعود إلى مديرية معارف اللواء، معنى هذا أن ذوي النيات الحسنة في المديرية، بل المدير "كاظم القزويني" نفسه أيضا يرفض إعادتنا إلى حيث كنا لنعيش مع أهالينا. فنحن ما يخشاه على سلطانه وحاشيته.

وبعد طول انتظار، ومراجعات تسلمت كتاب شرطة بعقوبة بموجب كتاب الحاكم العسكري، بإنهاء الإقامة الجبرية. بقي أن تصدر مديرية المعارف، إذ كان أمرها موقوفا على صدور الكتاب المذكور. وصدر أمر تعييني بتاريخ 14/9/1961 كما اخترت في مدرسة الفتوة الابتدائية في الخالص. واعتقد أن الأمر متفق عليه من الأعلى، لأن زميلي صدر أمر تعينهم كل حيث كانت إقامته دون أن يواجهاه.

ولا غرابة في منطق هذا العسكري، لا لأنه عسكري. فالكلية العسكرية اليوم قطعت شأوا بعيدا، وخريجوها متفتحو الذهنية، السياسة والقضية القومية والوطنية تلقى اهتماما كبيرا. خصوصا بعد حركة نيسان، والهفوات الشعبية بعدها، في انتفاضات الفلاحين، وانتفاضة الشعب في وثبة كانون، وانتفاضة تشرين. والذي أعرفه مذ كنت في الناصرية، في لقاءاتي في بعض دواوين وجهائها، وفي مكتب المحامي "غالب فليح"، فقد علمت من أحاديث الكثيرين من الشباب حين يطرأ ذكره، يوم رشح نفسه للنيابة، وكان حينذاك مدير منطقة تجنيد لواء الناصرية. بأنه دخل الكلية العسكرية أيام كانت تقبل أبناء العشائر من الصف السادس الابتدائي. ثم إني أعرف أن إبعادنا تم بسعيه هو، يوم صار أيام ثورة تموز آمر للفرقة الأولى في الديوانية. كان عدد من الحاقدين من كربلاء يستقبلونه حين يأتي، ويحيطون به وكأنه مفجر الثورة. وقد ملأوا سمعه باتهامنا، أنا وزملائي، بكل نقيصة وكل باطل وكل شغب، وصار عند حسن تقديرهم فنفذ رغبتهم.

كل منطقه يدل على سطحية تفكيره. فقد زار الخالص، يتفقد دوائرها ومؤسساتها. وفي المدرسة الثانوية، قال لمديرها متبجحا، وهو شاب محترم : أي مدرس من ذوله أدبسز، قل لي باسمه حتى أكسر رأسه!؟ فرد المدير: العفو لا يوجد بين المدرسين غير الشباب النير المثقف المحترم!

ويشاع أن أسباب نقله من آمرية الفرقة الأولى إلى متصرف في لواء ديالى، إن "قاسم" عهد إليه بتنفيذ قراراته، بعد إعلانه عن تبعية الكويت للعراق، مما أحدث ضجة في الأوساط العربية والعالمية. وعدم موافقة الأحزاب الوطنية عن هذا أيضا. وقد أبدت كل الأحزاب رأيها في هذه المسألة. أشيع أن قاسم عهد إليه غزو الكويت بمفاجأة حدد هو موعدها. وإن "الحصونة" أستطاع أن يفشي السر إلى حكام الكويت. وإنه لقي المكافأة المناسبة!؟ ليس كل ما يشاع ثابتا وصحيحا، ولكن هذا ما أشيع بالمناسبة. وينفي بعضهم الإشاعة، أنه لو كانت حقيقة لأنزل به قاسم شر عقوبة.

العودة

كيفما يكن من أمر، وكيفما كان أثر الإبعاد الظالم، وكيفما يكن هذا كله سببا لحرماني من عائلتي وأطفالي، وحرمانهم من الراعي الوحيد، والموجه الأفضل. أجل كيفما يكن كل هذا فإني أجد للصبر حلاوة لا مرارة، وللصمود أمام المحن فخرا. أمام حكم ارتقبناه بفارغ الصبر، وتحملنا من أجل شروقه علينا ما سبب لنا الأمراض وحتى الجوع، وكل لون من ألوان الحرمان والأذى.

قبل إنهاء إقامتي تعرف علي فتى يدعى هاتف محمد علي الحمال، قدم لي نفسه وقال: مبعد سياسي لأني من جماعة "الخالصي". وقد رفعت عنه الإقامة الجبرية. والخالصي لم ينسه، فقد وفر له ما يلزم لمعيشته علاوة على مخصصات الدولة، إنها مثلما خصص لي تماما، ربع دينار لليوم الواحد. وقص علي بلا حرج ما كان يقوم به من اعتداء حسب الأوامر!؟ قلت: وضد من؟ أجاب -وهو لبق: منو غير الشيوعيين. قلت: حسنا. هل ترى الآن أنك قمت بعمل مشرف؟ ولو أنك عشت بكسب قوتك من تكسب -حتى بالحمالة- كما هو أسمك. أليس خيرا من تحمل وزر التعدي والاعتداء، على أي مواطن. أجاب: هذا صحيح ما عرفته إلا عندما صرت مبعد، وسمعت أحاديث الناس.

والشيخ الخالصي ابن الشيخ مهدي. الشيخ مهدي رجل دين معروف، شارك في الجهاد بثورة العشرين. ونفي أو هرب إلى إيران وعاد وفي لسانه لكنة أعجمية. أما أبنه هذا فمتهم بخدمة الاستعمار ولذا أثار -مسألة الشهادة في الآذان- هذا في وقت نحن بأمس الحاجة إلى الإتحاد. وهذه الشهادة ليست في الواقع من جملة الآذان في الأصل أما إثارتها في مثل هذا الوقت لا تؤدي إلا إلى تفتيت وحدة الصف. والمستعمر بحاجة إلى هذا التفتيت.

في مراجعاتي لمديرية معارف ديالى كنت أستعين بمدير ذاتية التعليم الابتدائي ناجي شوكت. قال: إن محاسب التعليم الثانوي سيد عباس يرغب بالتعرف عليك فهل توافق، أن أبلغه بوجودك الآن؟ حين حضر، وتم التعارف، جابهني بسؤال فج: (أصحيح أنك ملحد، وتتحدث دائما بهذا وبدون وازع؟ إن أحد الكربلائيين، وأسمه حسين فهمي ألخزرجي نشر في جريدة الحرية وباسمه الصريح هذا عنك). والمقال عن مدير المعارف السابق محمد السماوي وهو ليس مقالا واحدا وإنما سلسلة مقالات. وحسين ألخزرجي، شاب ذكي مطالع لكنه انتهازي. كان في ثانوية النجف طالبا وملتحق بمنظمات "التحرر" وعلم أبوه بأمره -كما أدعى هو أمام منظمه- فأخذه بيده إلى الشرطة واستتابه. وأصبح بعد هذا معاديا فألف كتابه "نحن والشيوعية" وبدأه مستشهدا بالآية الكريمة 27 من سورة الواقعة (فأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين).

قلت: حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق قل لا عقل له. وأنت طبعا لم تعرف اسمي قبل أن تقرأ مقال ألخزرجي هذا. مع إني قد نشرت سلسلة مواضيع في بعض الجرائد. معنى هذا أن جاذبية معينة تربط بينك وبين ألخزرجي. ومن يقرأ لأجل الحقيقة يجب أن لا يقصر في المتابعة، عليه أن يقرأ عن كل اتجاه، ويتعرف على كل فكر. هذا ما أفهمه أنا، مثلما أفهم أن من يدعو للإلحاد أنه مشعوذ يريد أن يصرف أذهان الناس عن البلاء الكبير، الاستعمار وأذنابه الذين صاروا يتامى، ولكنهم كما يبدو غير يائسين فهم يعملون بجد ونشاط وبمثل هذا التهويش وهذه التهم.

وبعد أن باشرت واستوفيت رواتبي، أخذت إجازة لمدة ثلاثة أيام، توجهت فيها إلى أهلي في كربلاء، لأسدد الديون التي تراكمت عليّ خلال مدة الإبعاد. لا بأس هذا من بركات الجمهورية التي انتظرناها بفارغ الصبر، والزفرات والدموع وسيول الدماء من الشباب في انتفاضاتهم ضد العهد الملكي.

أثناء ما كنت أمشي -في كربلاء- لإنجاز بعض الأمور التي يجب أن أسارع في إنجازها قبل أن تنتهي إجازتي. في هذه الأثناء تبعني شرطيان. قالا: إن مفوض الأمن ثابت أمر بإحضارك. لكني أصررت على متابعة إنجاز مهماتي، كان آخرها فك رهينة لدى مصرف الرهون.

حين وصلت دائرة الأمن. قال ثابت: هل لديك كتاب بإنهاء الإقامة الجبرية؟. قلت: لا ولكني باشرت في مدرسة الخالص بناء على كتاب وجه إليها يشير إلى إنهاء الإقامة الجبرية. أجاب: لكني في هذه الحال ملزم بتوقيفك، إلى حين وصول إعلام بإنهاء الإقامة!؟

قلت: لماذا أنت ناقم إن عدت إلى حريتي؟ كيف تفكر إني أجتاز ذلك الطريق وأنت تعرف جيدا إن عيون أمثالك ترصدني. ولكي تتأكد أتصل تلفونيا بالجهة المعنية، إني مستعد لدفع أجور المكالمة. ولكنه لم يقتنع إلا بعد تدخل أحد المعاونين.

لست أدري أية أمة كأمتي لا يعنيها الاستقرار. فكأن الواحد منا عليه أن يكون حجرا صلدا، لا تهمه ماجريات حياته، ولا لعب الحكام بمقدراته، فللحاكم وحده أن يخطط ويطبق ما شاء له الخيال؟ وعلينا أن نكون أراجوزا، يحركنا فنرقص ونغني. ونسبح بحمده وأفضاله. ونعدد له الأسماء. فهو المنقذ، وابن الشعب البار. وتتعدد الأسماء والألقاب حتى تتجاوز عدد أسماء الله الحسنى!؟

حتى إذا قضى عليه غروره وغفلته، وحل محله آخر، انحدر وهو لا يعلم إلى نفس المنحدر. وشياطين الأمة الذين رقصوا له هم أنفسهم الذين رقصوا للسابقين منهم. يعبر بعض الظرفاء عن هذا الأسلوب بـ "الدقلة" والدقلة مصطلح عامي. هي أن يضع المرء رأسه على الأرض ويقلب نفسه من وضع إلى وضع آخر. وضرب مثلا لأستاذ انحدر من الوسط الروحاني إلى الطراز الحديث بعد أن تخرج من كليات مصر وحصل على شهادة الدكتوراه في الآداب. فتحول من نصير للملكية، وكم تباهى فألقى قصيدة بمناسبة ميلاد الملك أو تنصيبه على العرش، وإذا به اشتراكيا متحمسا وقد أنضم في تموز إلى أحد الأحزاب مبدعة الاشتراكية العربية. لا باس فقد سبق أن أنضم إلى حزب اشتراكي وموال للملك بنفس الوقت. لا عجب إن المسألة "دقلة"!

أنا لم أعتنق هذا المبدأ "الدقلة" تجنبت كل السبل والمبادئ السياسية، ورضيت لنفسي أن أكتفي بالانفرادية، حتى يأذن الله لهذا الشعب أن لا يعطي قياده إلا لمن يؤمن به وإنه صاحب الحق ويكون الأمر شورى وليس زعامة!

باشرت في المدرسة وكانت حصتي دروس العربية في صفي السادس والخامس والثاني. ولست بمدعي إن قلت أحب العربية. إنها لغة الآباء والأجداد، وفي الأمثال الشعبية مثلا يقول -الينكر أصله نغل-. لغة أمتي لغة أمة العرب، على مر العصور والدهور لم تقو عاديات الزمن أن تضعفها، أو تدهور مكانتها. إنها وفي هذا العصر تبدو بين لغات أمم العالم شامخة. وما تزال آدابها وعلومها وتاريخها منهلا ينهل منه أهل العلم والأدب والمعرفة، مع ما أصاب أبناءها من تشتت وفرقة وردة. فسادتهم فترة عرفت بـ "الفترة المظلمة" أي والحق إنها مظلمة، ولشدة ظلامها، صار الفارق بيننا وبين الأجداد، كالبعد بين الأرض والسماء. وما كان سبب كل هذا، إلا لتنافس رجال منها على ناصية الحكم. فانهارت وحدتها، وتعددت دولها، شتت شمل أبنائها النزاع والخصام. بينما انتبهت أمم الغرب، إلى ما لدى أمتنا من كنوز المعرفة، فملكت ناصية العلم، وطورت كل ذلك، فأصبحت وبيدها مفاتيح كل شيء. ولكن طبقاتها العليا غزتنا لا كما غزوناهم، غزوناهم فنشرنا العلم في أوساطهم، وأعلنا لهم طريق السلام بالإسلام (ومن قال لا إله إلا الله. فقد حقن دمه وعرضه وماله، وحقه في الحياة كحق الآخرين) و (الناس سواسية كأسنان المشط) و (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على اسود إلا بالتقوى) و (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

وكانت آلتهم إلى التسلط علينا، ظلم حكامنا، واهتمامهم بإطماعهم وشهواتهم، فكانت لهم التيجان، وللأجنبي سياسة الأمور يسنها ويشرعها، وحكامنا المنفذون. هم يستغلون كنوز أراضينا وخيراتها، ولحكامنا منها ما يمكنهم من فرض سلطانهم علينا، فإذا ما استيقظت بقعة، ونبهت الآخرين إلى سر البلاء والمحنة، أثاروا الفتن وأشعلوا نيرانها بين أبنائها، فتؤدي تلك الفتن بأرواح المئات بل الألوف من أجل أن تبقى التيجان والعروش المعارة لهم. فمتى يا ترى تشرق الأرض، بنورها، وتعم أرجاءنا شمس الحرية، وتنهار دول العملاء. إنه ليوم آتي لا محالة، فالمستعمرون لم يستعمرونا إلا حين تسلط أرباب المال على رقاب الأغلبية من شعوبهم، وقد أدرك المستَغَلون حقيقة ومصدر البلاء، والشعوب إن أدركت الطريق اللاحب إلى الفردوس المفقود، وثارت، يغدُ الأسياد عندئذ جرذانا يغوصون في الوحل وفي جحور الأرض، فلا يجدون النجاة. البشرية كلها تنتظر يوما لابد آت. وإن غدا لنظاره قريب.



السويد ‏23/06‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter