| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الأثنين 13/6/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(5)

كيد الآفك وغباء المسؤول

(... إني أعتقد إن المكان بالمكين، وإني أيضا أعتقد إني أنا الذي يمكن أن أجعل الكرسي والمنضدة كبيرين، وليسا هما الذين يجعلان مني كبيرا/ علي الشبيبي) رحمك الله يا والدي ليتك ترى اليوم كيف يفكر ساسة العراق المتسلطين على الحكم!؟

حين انتهت مؤامرة الشواف، والتي حملت الشعب خسائر في الأرواح والأموال، في الموصل من ساكنيها ومن الذين قصدوها من أجل مهرجان حركة السلام الذي تقرر إقامته في الموصل.

يقول الكثيرون: إن الشواف إنسان طيب، ولكنه تسرع، وقام بحركته قبل الوقت المناسب، وعلى الأكثر كان مدفوعا بالسخط والغضب على -قاسم- فهو "الشواف" ولا شك عسكري معدود ومعروف ببطولته، وقدمه في الحركة الوطنية بين العسكريين. لكن الغضب دفعه إلى العجلة -والغضب ريح تهب فتطفئ سراج العقل- وقد وجد رجعيو الموصل والموتورون والحاقدون من موالي العهد الملكي الفرصة مواتية فكانت نتيجة تصرفاته سيئة وضاعت الحقيقة، فكل فئة صارت تتهم الفئة الأخرى مسندة إليهم ما حدث وما هو إشاعة من صنع الخيال.

وجه لي صديق دعوة أن أشارك في هذا المهرجان باعتباري من أنصار السلام، لكني رفضت. فانا أعرف أن في الموصل بعض أقطاب من رجال العهد الملكي، وأن بعض الذين يؤيدون تموز وانهيار العهد الملكي، ولكنهم يبغضون عبد الكريم قاسم واستبداده بالحكم. لم يفكروا أن انغماس الرجعيين المذكورين في صفوفهم لأنهم ضد "قاسم" والشيوعيين. أجل إن انغماس أولئك يسبب كارثة لأن أولئك يهدفون إلى إفشال ثورة تموز. لذا كنت أخشى سوء العاقبة.

وفي أعقابها ذات ليلة صادفني أحد معارفي، وقال لي وهو يبتسم: اهنيك. والله آنه أشوف هذا حق، وأنت أكبر منه، أنت تستحق أكثر من هذا! قلت متسائلا لم أفهم ما تعني؟ أجاب : صدر كتاب تعيينك مديرا لمدرسة الحسين!

- يا صاحبي هذا أمر لم أسبق بعلم عنه، ولو كنت أعلم لرفضت.

ولقد وجدت أكثر معلمي المدرسة -مدرسة الحسين- مرتاحين. ودخلت على مدير المدرسة "محمد حسين الأديب"، واعتذرت له: أني لم يسبق لي علم بهذا أبدا، ومستعد لرفض الأمر. أجاب: الأمر يخص مدير المعارف لا أنا ولا أنت. قلت: هذا مصداق الحكمة التي علقتها خلفك (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك).

على أية حال إني أؤكد لك يا صاحبي إني أعتقد أن المكان بالمكين، وإني أيضا أعتقد إني أنا الذي يمكن أن أجعل الكرسي والمنضدة كبيرين، وليسا هما الذين يجعلان مني كبيرا.

وجرى الدور والتسليم بيننا. كان "الأديب" يتصرف تصرفات لا أهمية لها وتكلف مالاً لو صرف في وجوه أنفع من هذه لجاء بالثناء عليه. بينما كانت منزلته التي أحتلها ليست من نوع خدمة وظيفته، وإنما خدمة الناس في أبنائهم -التلاميذ-. فمثلا عمل وبدون رأي المعلمين، فقام بطبع كراس عن تأريخ فتح هذه المدرسة "مدرسة الحسين"، وإنها أول مدرسة تأسست منذ ثورة العشرين وصدرها بصور الملك، وعبد الإله، ومدير المعارف، ثم رجال الدولة الذين زاروا المدرسة، والطلاب الذين تخرجوا وواصلوا فأصبحوا محامين أو موظفين كبار أو نوابا في المجلس. ثم صور المعلمين، وصور الطلاب وهم يؤدون الصلاة في حال الركوع. وطبع الكراس بمطابع النجف، وفرض بيعها على الطلاب حتى الصف الأول، وثمن النسخة مئة فلس. كان كثير من الطلبة الفقراء يرفضون شراءها لعدم تمكنهم. وفعلا وجدت عجوز معها طفلان. استوقفتني أثناء دخولي المدرسة، وقالت: يمه أنت المدير؟

- لا يا خالة ماذا تريدين؟

قالت وأشارت إلى طفلين صغيرين معها: هذوله يتامه، آنه عاجزه، زين أدبر عيشهم. منين أجيب لكل واحد قيمة كتاب، مدير المدرسة يبعها عليهم بمية فلس، ميتين فلس أشتري بيهه إلهم خبز!؟

ولما صرت بديلا عنه، عرض عليّ أمر تسديد ما بقي عليه للمطبعة 25 دينار. قلت: من أين وكيف؟ ليس لدينا غير الحانوت، ورأسماله من الطلبة، وأرباحه نهاية السنة توزع بنسبة معينة للمدرسة والتلاميذ حسبما دفع من أسهم. قيمة السهم مئة فلس؟ فكيف إذن أتصرف؟

وأمر آخر، إنه عمل لوحة عنوان دائرة. إحداها لغرفته -المدير- والثانية للمعاون. وعملت بالزنكوغراف في إيران، كلفتا ثمانية عشر دينار!؟ قلت ألم تبع من الكراس شيئا. أجاب إن الطبع كلفني 30 دينار ويمكنك أن تبيع وتسدد. صارحته أني أكره أن أجبر الطلبة على هذا. وربما اضطررت لبيعها بالوزن على البقالين أو توزيعها مجاناً.

وبتوسط مدير المعارف، وشهادة المعلمين، دبرت ما بذمته علاوة على النقص الذي وجدته في القرطاسية التي تزود بها المدرسة التلاميذ. انتهى التسليم وودعناه معاونا لإدارة مدرسة العباس. والتف المعلمون حولي، حتى أن أكثرهم هجر الغرفة الخاصة بهم إلا عندما ينشغل بالتحضير ولتصليح وظائف التلاميذ أو الامتحانات. وقام المعلمون يساندوني، ولأني لا أحب التحيز، كتبت كلمة انطوت على اقتراح أراه ذا أهمية في ترصين وحدة المعلمين، وتوجههم لبذر الجهود في رفع مستوى المدرسة.

كان أهم ما فيها منع التحدث والنقاش في أمور السياسة، وسيرة الأحزاب. وعرض الآراء في تلك الاتجاهات داخل المدرسة، وأنتم أحرار حينما تخرجون من المدرسة. وأخذت تواقيعهم جميعا على هذا. وما مرت أيام حتى جاء أحد المعلمين الذين يوالون الشيوعيين ثائرا غاضبا، وطلب مني أن أسارع لأستمع حديث المعلم جواد باقر -وهو إيراني الأصل- لثلة من المعلمين هم في الواقع لا ينتمون إلى فئة سياسية ولكنهم لا يميلون مطلقا إلى اليسار.

وسارعت، فوجدته يتحدث بحماس، ناقدا شاتما وطاعنا بأخلاق مؤيدي اليسار! قلت ولم يكن قد أحس إني خلفه: ألم توقع على ما عرضته عليكم من وجوب تجنب الخوض بمثل هذا؟ ولا أخفي إني همزته بكلمة عن أيام طفولته!

هذا المعلم نفسه ارتكب حماقة أخرى، وكنت مجاز لأمر يخصني وفي بغداد. لقد كاد بعض الطلبة أن يسببوا له شرا مستطيرا، وبلاء عظيما. ففي الوقت الذي كان عبد الكريم قاسم ما يزال يتمتع بشعبية واسعة، والناس يرددون -يا حبيب الملايين- و -ديمقراطية وسلام وعيني كريم للأمام- يعثر هذا المعلم أثناء ما كان في الصف على تلميذ -أصغر أبناء السيد كاظم النقيب ويدعى علي- يحمل بيده صورة قاسم فأخذها منه وبصق عليها وشتمه (أنعل أبوك لا أبو الزنيم) ورماها في سلة المهملات، ثم انهال على ثلاثة طلاب، كانوا شركاء في حمل الصورة واللهو بها، ضربا ولكما وسيلا من الشتائم ...

حين انتهى الدرس، عمد هؤلاء التلاميذ الصغار إلى جمع الصور الممزقة وخرجوا يهتفون بأصوات عالية، محفزين بقية طلاب المدرسة بأخذ الثأر وانتصارا لكرامة صورة "الزعيم". إنهم يصيحون أحضروا حبلا لنسحل هذا العجمي المـﮕـطم! ولم يهدئهم المعلمون إلا بشق الأنفس. حين حضرت، استدعيت التلاميذ لاستجوابهم، نجحت مع أثنين. واقسم بأقدس مقدس عندي إني حرفت إفاداتهم لصالح المعلم. أما الثالث وكان أبن شخصية من شخصيات كربلاء. فأصر إنه هو الذي يكتب الجواب، وما عليّ إلا السؤال.

على إي حال، دبرت الأمر لصالح هذا المعلم، واستدعيته أيضا. أنبته على موقفه، وقلت له: أنا لا أرضى أن تكون ضحية لمثل ما حدث، ما الصورة؟ إن ورقة من القرآن قد تسقط على الأرض، فلا يلتفت إليها الكثيرون، فكيف نضحي بك من أجل صورة إنسان؟ ولكن عتبي عليك أن تثير سخط هؤلاء الصغار الجهلة.

أجاب بالحرف الواحد: يا أخي آني أتخبل يوم بالسنة، شمدريني تجي المناسبة ويَّ ها الكلب أبن الكلب!؟

أنا قمت بالتحقيق حماية لنفسي وللمعلم فأنا مسؤوله. وما أكثر عديمي الذمة، أن يشيعوا الحادث ويضيفون إليه من تلفيقهم. وجاء دور التربية التي أرسلت المفتشين "حسين الداقوق" و "كاظم الزعيري". الأول معروف بالحياد والانعزالية، والثاني محمول على القوميين ولكنه رجل متزن ومستقيم. وأكدت عليهم أن لا يأخذوا بأقوال الصغار، فأكدوا لي إنهم مرتاحون لتحقيقاتي. وانتهى الأمر بتوجيه التربية إلى هذا المعلم تنبيها لضربه أولئك التلاميذ ضربا مبرحا، وركلا بقدميه -حسب إدعائهم- وشهادة بعض زملائهم.

حين أتضح انحراف "قاسم" وأدرك ذلك منه، صار بعض الأفراد ممن يُحسن دروب التحول السريع، لا يتحرجون من التحرش بمن هم محسوبون على هذه الفئة أو تلك، ولا رادٍ لهم. واشتد التخبط، ودار بعض المعلمين ممن كان يساندني وجهه عني، والمعاون "حمزة عمران" أيضا لأنه كان يطمح أن يكون هو المدير، مع العلم رجحت لمدير المعارف أن نشطر المدرسة شطرين صباحي والثاني عصرا وبأشراف المعاون هذا. مدير التربية "محمد السماوي" أكد لي بأن هذا رأيه، وإن بناية توشك على الانتهاء ستخصص له.

لكنهم بدون رادع من ضمير، قاموا بعمل إجرامي، وبواسطة من يؤثر على "عبود الشوك" متصرف اللواء بعد انتقال "فؤاد عارف" وقبل تلك النميمة رغم إنها غير معقولة تماما. وهو بدوره طالب أن توعز الجهات المختصة إلى مدققي المالية ورفعهم التقرير اللازم. وجرى هذا وأنا على رسلي، لم يصلني أي تلميح لا من مدير المعارف الذي كان يثق بي ولا من أحد آخر.

فراش المدرسة جاءني إلى البيت إثر عودتي من مديرية المعارف، والمدرسة كانت قد انتهت كل أعمالها، لكنا ملتزمون بالدوام. حتى تبدأ العطلة الصيفية بدايتها المقررة رسميا. أخبرني الفراش عن وصول أثنين من المدققين صحبة محاسب المديرية، لم يصرحوا بالغرض مباشرة. تدرجوا من إلقاء نظرة على ملفة الأثاث ثم الأثاث الذي يحتاج إلى ترميم، ثم ما لم يعد غير أخشاب محطمة! ثم وهنا المضحك. توجهوا إلى حِباب الماء. كان اثنان منها جديدة، أما حنفياتها فغير موجودة. استجوبوا الفراش الذي جلبها من بغداد.

- لماذا من بغداد؟

- لأنه لا يوجد مثلها هنا.

- من أعطاك الثمن وأجور السفر وكم كان ذلك؟

- مدير المدرسة، وثمن الواحد 800 فلس ومعي وصل كتبه المدير وترك فراغا لأسم البائع والثمن.

وكان هذا البائع قد وقع بحبر يختلف عن حبر قلمي، أما الخط فواضح الاختلاف. سألوا عن الحنفيات، فجلب لهم كبير الفراشين، زنبيلا، قال: إن فيه حنفيات قبل 18 عاما. فضحكوا ثم سلمهم اثنين منها، قال: إنها حنفيات الحِباب الجديدة، إن الطلبة بحكم عبثهم يضعون أرجلهم ليستخرجوا الماء من داخل الحب فتحطم موضعها وسقطت.

وعاد المدققان والمحاسب إلى المديرية يسخرون بامتعاض، كيف يُستدعون لأمور تافهة ومجيئهم طبعا يقتضي مخصصات. وعلق السيد المدير "محمد السماوي" ساخرا: أضف إلى هذا، إن في هذه المدرسة طابعتان عربي وإنكليزي وثالثة رونيو وراديو، وطباخات كولمن وقدور وأواني. ولم يسرق من هذه ويسرق حنفية ماء حباب!؟ أجاب أحدهم: إنها عثرة المخبرين لأنهم مبطلون؟

عبود الشوك أتصل قبل مجيء المدققين، بمدير المعارف يخبره أن فلان -يعنيني- الذي ألتزمته، سأثبت لك إنه -حرامي- وسأكسر ظهره! رد المدير: مازلت على وثوقي واستغرب إنك تصدق المخبر الآفك!

وقصدت مدير المعارف بطلب إعفائي من الإدارة، وكان هذا للمرة الثانية. فهدأني مستغربا، ألم يكن خصومك ذاقوا مرارة فشلهم المزري!؟ قلت: إني أوثر أن أعيش مع زملائي على المحبة والاحترام المتبادل. قال: إذن أرجئ هذا لبداية السنة الدراسية القادمة. فوافقت. وجاء دور آخَر.

مدير المعارف محمد السماوي نقل، وعاد إلى المديرية السيد كاظم القزويني. لي معه صلة قديمة، قبل أن أكون معلما، بواسطة الصحفي المعروف أستاذي جعفر الخليلي، إذ تعارفت وإياه بالتزامي الكثير في صحيفة "الراعي" ثم "الهاتف". وزرته وحدي حين عين مدير لمعارف المنتفك "الناصرية"، وفي المناسبات التي احتجت فيها مناصرته قدمت له بضعة أبيات شعر لمحت إلى علاقته بآل الشبيبي بأجداده القزوينيين، وخاطبته بالبيت الأخير منها:

ما ضـاع حق خلفه طـالب فاطلبه لي يا حسن السيرة

وعلق: يا علي، أنت مبتلى بثلاث شينات -شبيبي، شيعي وشيوعي!؟- ومساعدتك لهذا صعبة ومع ذلك سأبذل جهدي. وقبل تموز كانت علاقتي به وثيقة، حتى إذا تقدمت على رأس القائمة المهنية، قلب لي ظهر المجن.

وحين عاد ثانية بعد السماوي، قصد النقابة يحوطه ثلة من الرجعيين مكشدين ومعقلين. في نادي النقابة سأل عني مباشرة، فقيل له لا يأتي دائما. أجاب: يبدو أنه علم بمقدمي فولى الأدبار! وقصدته في اليوم التالي. قلت: إني دائما أعتز بنفسي يا أستاذ. أنا أكره الاعتداء، والضغينة والغيبة. وقد نقل لي ما تجل عنه ومع مثلي، وعلاقتي القديمة بك وأنا أزهد من يكون بمنصب إدارة أو نقابة، إني أفضل عليها ود زملائي. ولأبرهن لك على هذا راجع ملفتي ستجد قدمت استقالتين، أيام وجود سلفك "السماوي". الأولى خلال عطلة نصف السنة، والثانية بعد انتهاء السنة، وكان تعييني للإدارة بعد حركة الشواف مفاجئا، وقد صادفت عطلة نصف السنة.

ونقلت في السنة الجديدة -4/10/1960- إلى مدرستي السابقة "العزة". وأرسَل إلى إدارة المدرسة بِعَدَم تكليفي بتدريس اللغة العربية، لأن المومى إليه لا يوالي الفكر القومي العربي!؟ ضحكت ساخرا: كيف أتنكر لعروبتي وقوميتي وأنا عربي. ومن لا يعرف آل الشبيبي وجهودهم من أجل الحرية والاستقلال وجهادهم المدون والمشهود لهم في تأريخ العراق وثورة العشرين. وعهد المدير إليّ بتدريس الصف الثالث ودرس "المدنية" في صفي الخامس والسادس.

شكرا وألف شكر. في هذه الكراريس الجديدة، كل ما يكرهه الرجعيون والمعادون للتجديد. عن الدستور، عن حقوق الطبقة العاملة، الحريات في كافة المجالات. حقا إن الحاقدين جهلة، يعميهم جهلهم، وطبعهم اللئيم لا يدركون الحقائق، ولا دروب الخير، وكثيرا ما يخطئون في نصب الشراك، فقد أعماهم الحقد. هم لا يفهموا إن المجال للحديث والتوجيه السياسي في تدريس "المدنية" وليس في كتاب القواعد والقراءة!؟ والغريب إن مدير المعارف ساندهم على هذا!

 
يتبــــع


السويد ‏13/06‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter