| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

الثلاثاء 17/1/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

مقدمة ألناشر
"الدرب الطويل" هذا عنوان القسم الثاني من "ذكريات معلم". ففي القسم الأول "معلم في القرية" تناول والدي حياته التعليمية في قرى الفرات الأوسط منذ أواسط ثلاثينات القرن الماضي، وكان حينها غير مرتبط بأي حزب أو تنظيم سياسي، وإنما كان يحمل فكراً وطنياً تحررياً متأثراً بما يحمله من تربية دينية متحررة.
كتب والدي في القسم السابق "معلم في القرية/السياسة والأدب" كيف كان يفكر قبل أن يتفتح فكره بانتمائه السياسي. فكتب (هكذا كنا نخوض السياسة بفهم خليط بين الطائفية والوطنية بل وحتى الإقليمية أحياناً. ونتعصب للملك وهو آلة أختارها الإنكليز، ووطنيته ليست أكثر من لافتة، يحافظ بواسطتها على تاجه، بين الذين جاؤا به لينفذ مطامعهم، وبين مطامح رعيته. هكذا كنا نعتقد إن مهدي المنتفكي ورستم حيدر شيعيان ووطنيان في آن واحد، ولا نفهم مركزهما الطبقي. ولم نفكر ما عوامل مجيئهما إلى الحكم وذهابهما عنه).
وفي "الدرب الطويل" يتناول والدي ذكرياته التعليمية بعد أن أرتبط تنظيمياً بالحزب الشيوعي العراقي، وأحدث هذا الارتباط في حياته وتفكيره تغييراً جذرياً. نعم أنه "الدرب الطويل"، فالطريق الذي سار عليه الوالد بعد ارتباطه التنظيمي طويل وشاق. كله أشواك، وتجوب فيه ضواري بشرية نهمة، لا تعرف حدودا للاكتفاء ولا أي معنى للإنسانية، وكل ما يهمها الدفاع عن مصالحها الطبقية الأنانية وزيادة أرباحها بمزيد من الاستغلال للطبقات الكادحة. ومن يختار هذا الطريق عليه أن يكون صبورا وشجاعاً، وأن تكون طاقته على التحمل ومقارعة الظلم والإصرار خيالية مع علم بالمصير - كما يقول -. ويشير والدي بكل تواضع إلى إمكانياته وقدرته، ويقارن ذلك بإمكانيات وقدرة شقيقه الشهيد حسين "صارم*" وفي موضوعة "أحلام اليقظة مع ذكريات عن بلدي" يكتب: (الحق إني غير أخي "صارم" ذلك الصلب العنود، الذي وضع رقبته على راحة يده. وهو يؤكد لي دائماً، إن الطريق طويـــل جداً يا علي إنه أطــول من "وادي الأحلام"!؟ ربما لا أستطيع تحديده لك مطلقاً. ربما لا يرى الفجر الذي ننتظره إلا أحفادك، أو بنوهم. أما نحن فمهمتنا أن نعبد الطريق - ما استطعنا - من أجلهم!. هي منه دعابة معي، فـ "وادي الأحلام" إحدى قصصي التي كنت أنحو بها منحى كتابات جبران الرمزية وقد نشرت في مجلة العرفان العدد .... صحيح إني أملك طاقة من الصبر ليست بالعادية، ولكن الذي أختلف فيه عن أخي الشهيد حسين "صارم" هو ليس الصبر وحده، انه الصبر والإصرار مع علم بالمصير!؟)
جذور الوالد الاجتماعية وتربيته العائلية وتأثره بالمواقف الوطنية لرجال العائلة من آل الشبيبي كالشيخ الكبير جواد الشبيبي وأبنائه العلامة الجليل محمد رضا الشبيبي وشاعر ثورة العشرين محمد باقر الشبيبي. إضافة إلى دور بعض الأساتذة في مدارس النجف من كان لهم دورا في نشر الوعي الوطني، أمثال: ذو النون أيوب، كامل القزانجي، وجعفر الخليلي وآخرون، تركت تأثيرها عليه، فكان يحمل في ذاته خامة أصيلة من الإخلاص والوطنية وخدمة شعبه بعيدا عن المنافع الذاتية والأنانية. ولهذا رفض مقترح عميد الأسرة "محمد رضا الشبيبي" للعمل كقاضي وفضل العمل في التعليم. فكتب: (كنت أنزع إلى أن أزج بنفسي في معترك الخدمة الأساسية، ضد الجهل الآفة المدمرة، التي تسبب العقم، وتحد من قابلية الأمة في مضمار التطور واللحاق بركب الأمم المتحررة من الجهل والمرض والفقر. وما أجد في وظيفة القضاء؟ غير أن أتورط في حكم باطل، في أمر طلاق! أو مسألة ميراث، أو مشاكل المتزوجين في حياتهم التي هي عمومها لم تبن على أساس الخيار، بل الاضطرار وأحياناً كثيرة الجبر والإكراه. /معلم في القرية/ مع المعلم).
لهذا كله كان المربي الراحل ينظر إلى التعليم باعتباره رسالة إنسانية سامية لمكافحة الأمية ونشر الوعي الوطني، فيكتب: (... معلم يحمل رسالة، يعرف أن أمامه العقبات الصعاب، والمخاطر التي قد تؤدي به إلى الهلاك. إنه يدرك إن الجهل عدو، له حلفاء يسندونه، هما المرض والفقر. فلا مناص إذن لهذا المعلم من التنبيه خلال عملية التعليم إلى هذين العدوين في حلفهم البغيض. المعلم الذي ينشئ أحراراً، لا ليصيروا له عبيداً، المعلم الذي يجعل الحرف مضيئاً ينير السبيل للسارين، لا ليؤلف كلمة ميتة، أو جملة خاوية لا معنى لها..... هذا هو المعلم الذي أعجبني أن أكونه، لا في المدرسة وعلى أسماع الصغار، بل في كل مجال تسمح به المناسبة./ معلم في القرية/ مع المعلم)
في هذا القسم "الدرب الطويل" يتحدث المربي الراحل عن بداية اكتشافه الطريق الصائب في تحقيق الاستقلال الوطني والتحرر الاقتصادي والقضاء على الاستغلال بكل أنواعه، ولماذا سار في هذا الدرب الوعر. فيكتب: (إني أكره الاستغلال. أحب أن أتحرر فكرياً. كم تمردت على بعض العادات. كم أطلقت لنفسي العنان في مجال اللهو. وتهربت من كثير من الالتزامات. كم شاركت بالحركات الوطنية، وأحببت أفكاراً خلتها هي السبيل الصائب إلى تحرير نفسي، وتحرير بلدي وأمتي. ولكن ما هي القاعدة الأساسية والعلمية إلى تلك المنطلقات؟/الدرب الطويل/ بداية الطريق). ويواصل الكتابة ليؤكد اهتدائه - عبر شقيقه الشهيد حسين "صارم"
(*) - للإجابة على تساؤلاته لمعرفة الأسس والمنطلقات العلمية لتحرير البشرية من العبودية والاستغلال. فقد حدث تطور هام وحاسم في حياة شقيقه الشهيد حسين. أنعكس هذا التطور إيجابيا أيضا على فكر ومنهج والدي في الحياة التعليمية والاجتماعية.
في أيار/حزيران
(1) من عام 1941 نشر الشهيد مجموعة من المقالات السياسية والاجتماعية في مجلة "المجلة" لصاحبها ذو النون أيوب. وقد أعجبت هذه المقالات هيأة تحرير مجلة "المجلة" ووجدت في الشهيد حسين وكتاباته وعياً طبقياً فطرياً، وقدرة جيدة على التحليل، إضافة لتمتعه بصلابة واستعداد للتضحية. وبناء على هذا التشخيص استدعته هيأة تحرير مجلة "المجلة" لمقابلتها. واعتقد أن هذا الاستدعاء حدث في تموز/آب (1) 1941. وسافر الشهيد لمقابلة هيأة تحرير "المجلة"، وهناك ولأول مرة قابل الشهيد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي "فهد " (*) . فيكتب والدي واصفا مشاعر شقيقه حسين بعد عودته من أول لقاء بالشهيد الخالد "فهد": (عاد بعدها وعلى وجهه شعاع مبهج، وبين جوانحه عزم يكاد يطير به. أسرّ إليّ أمراً. علمت أن "المجلة" لسان فئة نذرت نفسها لتحرير الفكر، وتحرير الوطن. إنها تنهج في سلوكها منهجاً علمياً. وفق أحدث نظرية أثبتت علمياً إنها هي ولا غيرها الطريق إلى تحرير الإنسانية من العبودية بكل أشكالها./ الدرب الطويل/ بداية الطريق)
وهكذا بدأ والدي، في بداية النصف الثاني
(1) من عام 1941، عبر شقيقه الشهيد حسين العمل التنظيمي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي. وقد صادف بداية انتظامه فترة الحرب العالمية الثانية وتأثيراتها على الطبقات الفقيرة والمسحوقة وما سببته من ارتفاع الأسعار وانتشار الفساد الإداري والمالي وانعكاسه على الشعب. وكان من باكورة نضالهم في مدينة النجف المبادرة لكشف الفساد، والمفسدين من المسؤولين الإداريين. مما سبب نقمة السلطات السياسية عليهم ومحاربتهم من خلال النقل الإداري والفصل والاعتقال.
كان لانتمائه للحزب الشيوعي تأثيره الايجابي في طريقة تفكير الوالد في إداء رسالته التعليمية، فيكتب : (الواقع إني غيرت كثيراً من نظراتي في مواد دروس العربية، في الأمثلة، ومواضيع النحو، في الإنشاء، والمحفوظات. سخرتها جميعاً لبث الوعي، ولكن بحكمة، وأسلوب لا يثير./الدرب الطويل/ مدرستي)
وبحكم جذور الوالد الدينية، حيث كانت دراسته ذات أساس ديني، كما خطط له والده، نجده دائم الاستشهاد والمقارنة بآيات قرآنية أو أحاديث شريفة. فهو ينتقد بشدة المفاهيم الخاطئة لدى بعض المتشددين الروحانيين، ويفضح التناقضات الصارخة في سلوكيات البعض. كما يفضح أساليب التضليل وتخدير المجتمع من قبل المسيطرين على المؤسسة الدينية من رجعيين ومتخلفين، من خلال نشرهم المفاهيم والمقولات المخدرة فيكتب (كان الوعاظ يعينون الطبقات المتنفذة، بما يبثونه من فكرة بين أوساط الكادحين والمستغَلين، كقولهم: "الفقراء عيالي والأغنياء وكلائي. وخير وكلائي أبرّهم بعيالي!"/الدرب الطويل/ بداية الطريق)
خلال تنقله بين مختلف المدارس المنتشرة في مناطق الفرات الأوسط، واحتكاكه بمعلمين بمختلف المستويات والانحدارات الاجتماعية والقومية والمذهبية، تعرف من خلال ذلك على الأفكار الطائفية والقومية المتطرفة وتأثيرها على الوحدة الوطنية والوعي الوطني، فاكتشف في الفكر الاشتراكي العلمي العلاج الوحيد والأنجع لمرض الطائفية والتطرف القومي. لذلك لم يكن تبنيه للفكر الثوري عبثياً أو مزاجيا وإنما عن قناعة مطلقة بصواب هذا الفكر، فكتب: (وإذا اختَرتُ طريق الاشتراكية العلمية، فذلك لأني أدرك أن رجال المال من أية قومية، عرباً أو فرساً أو أكراداً إلى آخره، هم الذين عملوا ويعملون لإثارة النعرات القومية والطائفية ليلهوا الجماهير عن معرفة أسباب بؤسهم وشقائهم. ليبقوهم عبيداً يشيدون الجنان ويوفرون بكدحهم كل أسباب الرفاه لأولئك الأسياد./ الدرب الطويل/ المعلم النطاح)
ويتحدث الراحل باختصار عن نشاطه الحزبي الذي استمر فقط لست سنوات تقريبا (1941- 1947). ساهم خلالها مع بعض رفاقه وبأشراف شقيقه "حسين" على وضع الأساس المتين في بناء وتطوير تنظيم الحزب في النجف. فبعد أن تخلى بهدوء عن قيادة المحلية المعلم إسماعيل الجواهري، أصبح الراحل مسؤولا عن محلية النجف منذ أواخر عام 1943. كما ساهم بحضور الكونفرنس الحزبي الأول ومؤتمر الحزب الأول. للأسف يتجنب الوالد الحديث عن هذه الأحداث المهمة بالتفصيل، وذلك خوفا من وقوع مخطوطته بيد أجهزة الأمن في العهد الملكي والعهود التي تلته، إضافة إلى ضياع الكثير من مدوناته المهمة بسبب سوء الأوضاع السياسية، كما هو يشير إلى ذلك.
ولا يتهرب الوالد من الحديث عن الصراع الذاتي الذي عاشه قبل أن يتخلى عن العمل الحزبي المنظم. ففي موضوعة "أتق شر من أحسنت إليه" يكتب بشجاعة وصراحة نادرة: (أحس في نفسي صراعاً حاداً، هل أستمر، أم أضع للأمر حداً؟ .... إني في صراع عنيف مع نفسي، أشعر بضعف ينتابني، بل يسيطر عليّ. ومن الخير أن أتنحى كيلا أخسر شرف الكلمة، وأجني على سواي، بلطمة من شرطي، أو تعذيب في ضربات خيزرانته فينهار بناء، وأكون مثلا ولطخة عار). ويواصل الكتابة ليثبت تأريخ أعتزاله العمل الحزبي، ورفضه طلب مرجعه الحزبي "مالك سيف" للانتقال إلى جانبه للعمل الحزبي في بغداد وإصراره على قرار التنحي من المسؤولية والحزب، فيكتب (وأجبت، أصر على ذلك . كان ذلك في 12/10/1947، ولم ألتحق بعد هذا بأي جماعة).
ويؤكد الراحل بألم من خلال كتاباته عما أصابه من إجحاف وتشويه من قبل أحد أصدقائه بعد أن ترك المسؤولية الحزبية لهذا الصديق. لذلك يكتب عن هذا ببعض التفصيل والألم. وهي قصص كنت أسمعها من الوالد والوالدة عن موقف هذا الصديق. فكتب ما يلي: (لم أكن مطلقاً أفكر بأي احتمال، فقد ألقيت عن عاتقي عبئ كل مسؤولية، وطلقت العمل الحزبي، وخرجت من العهدة، دون أن أكون آثماً بحق أحد، وعلى علم من صديقي "م" والذي ألتزم المسؤولية بعدي! أليس هو رفيق الشباب، وأيام جامع الهندي، وأندية النجف الأدبية. ومنه تعرفت على المجلات التي تعني بالفكر التقدمي!؟/ الدرب الطويل/ ليد القدر).
ويؤكد المربي الراحل دائما أن السبب الذي دفعه لاعتزال العمل الحزبي شعوره وتقديره بأنه غير قادر على تحمل تبعات ومسؤوليات العمل الحزبي، والتوفيق بين مسؤولياته الحزبية وواجباته العائلية. لكنه يشير في أكثر من مرة في مذكراته، أن تركه للعمل الحزبي لم يعفيه من هذه التبعات والمسؤوليات ولم يبعده عن النضال بصلابة من أجل القضية الوطنية. واستمرت الأجهزة الأمنية دائما بالتعامل معه وكأنه أحد قادة المنظمات الحزبية، وأحياناً يرون في سلوكه وعلاقاته الاجتماعية أكثر خطورة من أي مسؤول حزبي!؟
وبالرغم من اعتزاله العمل الحزبي منذ أواخر تشرن أول 1947، لكنه يصر على مواصلة النضال والإخلاص لرسالته التعليمية السامية كما آمن بها. فيكتب رسالة لصديقه ورفيقه السابق "جواد كاظم شبيل" جاء فيها: (... ولكني أفهم إني واحد من ملايين في بلادي تكرع كؤوس الشقاء. وعلينا أن نواصل المسير في توعية الذين يبنون الحياة بسواعدهم./ الدرب الطويل/ رسالة إلى الكبائش). وبقي الراحل مخلصا لمفاهيمه التربوية والوطنية إلى آخر أيامه. لذلك فإن الأجهزة الأمنية في كل العهود كانت تضايقه وتضعه في رأس قوائمها وتنشر حوله هالة من المسؤولية الحزبية لتبرر ملاحقاتها ومضايقاتها له!.
في بعض الأحداث تطرق الراحل لبعض الشخصيات فتجنب ذكر أسمائهم الصريحة، وأحيانا كان يشير إليها بالحرف الأول، ومرات أخرى يشير إلى الاسم بنقاط -فراغ- لكنه يذكر الاسم كاملا في هوامشه. فكتب في أحد هوامشه تحت عنوان "مدرستي": (لم أصرح بأسماء بعض الذين أذكر عنهم شيئاً، خصوصاً إذا كان ما فعلوه غير مستساغ، فقد انتهت حياة أكثرهم. المهم ذكر ما فعلوه، ولهم الرحمة). لذلك وجدت أن التزم بما انتهجه الوالد في تجنب ذكر بعض الأسماء.

* * * *
(1)
لابد من التأكيد من أن ارتباط الشهيد حسين "صارم" بالحزب وبالتحديد بسكرتير الحزب "فهد" كان في أواسط عام 1941. وللأسف لم يشر والدي في ذكرياته مباشرة في أي شهر بدأت هذه العلاقة. ولكن من خلال ربط وتسلسل تأريخ بعض الأحداث التي ذكرها الوالد يمكنني أن أجزم، أن الأشهر المثبتة هي الأقرب إلى الصواب والدقة.
(*) "صارم" الاسم الحزبي للشهيد الخالد عضو المكتب السياسي حسين الشيخ محمد الشبيبي. و"فهد" الاسم الحزبي لمؤسس وسكرتير الحزب الشيوعي العراقي الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف. و "حازم" الاسم الحزبي للشهيد الخالد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي زكي محمد بسيم.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏06‏/11‏/2010
alshibiby45@hotmail.com 
 

2 - الدرب الطويل
(17)

يدُك في الكتاب ورجلك في الركاب

منذ فصلنا ونحن لم نهمل محاولة العودة. أكثرنا لازَم بغداد، يراجع ويتشبث بتوسطات الوجهاء. ولكني أعرف سلفاً إن الجهة المختصة إذا تسامحت مع من فصل من النجفيين، فإنها لم تفعل هذا بالنسبة لي. ليس لديهم أي مبرر، ولا أية مادة تثبت التهمة ضدي وتدينني. التهمة الوحيدة هي إنني أخو حسين. لذا وجدت من الحكمة أن أوجل المراجعة، حتى يعود بعضهم، خصوصاً إن كتاب وزارة المعارف قد حدد مدة الفصل ستة أشهر، وها قد مرّ علينا ما يقارب السنة!.

الصديق أبو عاصم "أحمد رضا السوداني"، بعث إليّ رسالة مستعجلة من بغداد، بعد أن أشرفت قضية عودته على الانتهاء، جعل عنوانها "أيدك في الكتاب ورجلك في الركاب"! ولكني ارتأيت أن أنتظر نتيجة مساعي شريكي وصديقي أبو غالب "جواد كاظم شبيل". بعد أسبوع جاء صديقي على وجهه أمارات الحبور، فقد حصل على كتاب التعيين، وأنجز كل ما يلزم ليغادر النجف بأسرع ما يمكن إلى مديرية معارف المنتفك، علّه يحصل على مكان مريح.

بدأت العمل، بثمن دزينة سجاير لكاتب مركز شرطة النجف. تم أنجاز موافقة الجهة المسؤولة على إعادتي "انه روقب خلال مدة فصله، فقد كان منصرفاً إلى إعاشة عائلته، ودائب الدوام في حانوته دون الاختلاط بأية جهة مشبوهة". أطلعوني عليه وزودت برقمه وتأريخه. وتوجهت إلى كربلاء بعده بأربعة أيام، لتعقبه عند شرطة كربلاء. صديق في معارف كربلاء، دلني على الكاتب عبد الرزاق، وشجعني إن المسألة بسيطة، ثمن الكتاب لا يقل عن مئة فلس ولا يزيد عن ربع دينار، وسلم لي عليه، انه رفيق السهرات على الورق وفي بيته!

هكذا إذن، وضعت نصف دينار في ظرف، قدمته للكاتب بعد السلام، وقلت: إنها تذكرة من صديقك "أبو أياد". لم يفت الرجل أن يلحظ ما في داخل الظرف، ومعه رقم وتأريخ كتاب شرطة النجف. أجاب ممنون، عد إلي بعد ساعة. ولكني عدت إليه بعد نصف ساعة، وأخذت رقم الكتاب وتأريخه بعد قراءته.

وعدت إلى النجف، حررت رسالة مختصرة إلى مدير التحقيقات الجنائية. قلت: إنك رجل يؤمن بيوم الحساب، فلا أعتقد أنك تجيز لنفسك أن تحرم –بجرة قلم- عائلة من رزقها، بفضل معيلها. لذا أرجو الموافقة على إعادتي إلى وظيفتي أسوة بأخوتي المعلمين الذين فصلوا معي وأعيدوا، وشكراً.

لا يستغرب من يقرأ رسالتي هذه ممن عايش ذلك العهد، الذي يجمع بين التناقضات ولو لم يكن كذلك لهلكنا نحن صغار الموظفين، أو أنهار العهد قبل أن يبلغ عقده الحالي؟! كان في ناس ذلك الزمن من يعتبر الوساطة، والسعي لإنجاز معاملة مفصول، أو موقوف، أو تعيين بطال، عملاً خيرياً يثاب عليه، ولا ننكر إن بعضهم قد يأخذ أجراً. إن ثمن دزينة سجاير لا يزيد على 750 فلساً ليس بالأجر الباهض.

كذلك كان أكثر رجال ذلك العهد، تؤثر فيه الكلمة الطيبة، ربما لأنه يرى نفسه أسداً، والمراجع ليس أكثر من فأرة ضعيفة. ولكن يرد على نفسه بذات الجواب الذي روته الحكاية عن الفأرة المسكينة، وهي في قبضة يده "لا تحتقر ضعيفاً".

بعد أسبوع توجهت إلى بغداد، والى التحقيقات الجنائية. آه، المراجعة للدخول على المدير، من قبل نايل عيسى، ما العمل لو تذكر نايل، لقاءه المشؤوم معي يوم 3/3/1947 وقد مرّ على ذلك أكثر من سبعة أشهر، حيث أن كتاب المديرية إلى الوزارة برقم 2522 في 30/9/1947!

على أية حال لابد من الدخول، ولكنه لم يعلق أكثر من قوله: أنتظر برّه!

لا بأس. سلامات، تلك الليلة التي شتمني وأهانني فيها، لم يَدِّني بشيئ وأعتذر لي بعد. أو لعله كما قال لي بعض زملائي دِخو "غبي".

ونوديت من قبل مفوض: أتبعني. فأدخلني على مدير التحقيقات الجنائية "بهجت العطية"، حياني مبتهجاً كأسمه. من يصدق هذا ممن عانى محاولة مواجهة أقل منه رتبة، بعد عهود تلت؟!

قال وهو يصافحني "ها أنا شخص يؤمن بيوم الحساب! أي حساب تقصد؟". وضحك بهدوء، وأشار إلى كرسي بجهته عن يمينه، ونادى بالشاي لي "جئتَ من النجف، طريق بعيد، الشاي أصلح من البارد". وفتح أضبارة كانت أمامه، كتب عليها أسمي. كنت أعتقد إنها ثقيلة كيوم الحساب، ليس فيها إلا ورقة واحدة. هذا محيّر!. [المؤسف والمضحك أن ملفتي انتفخت ولم تعد يكفي لضبطها خيط واحد. تم هذا في عهد تموز وما تلته من عهود استبدادية لا يهمها غير اضطهاد مواطنيها، في حين إني لم ألتحق منذ تخليت عن العمل الحزبي في العهد الملكي بأية كتلة أو حزب!]

قال: بسيط، سأعيدك. ولكن أرجو أن تلتزم الهدوء رفقاً بعائلتك. ملفتك لا يوجد فيها ما يدينك. لكنك أخو "حسين"!

لم أتوقف عن الدفاع عن –حسين-، قلت "أنا أخوه الأكبر، أسكن النجف وهو يقيم في بغداد .... وأنا متزوج ولي أطفال، وأسكن في بيت مستقل. أما ما أعرفه عن أخي، فانه سياسي علني وقد قدم طلباً لأجازة حزب، ولا أعلم عنه غير هذا".

لا أواخذ نفسي بالكذب. الكذب مع الظالم الأقوى منك جائز.

وجاء جورج ملاحظ المدير في النهاية يحمل مسودة الكتاب، أطلعني عليها وأوصاه أن يزودني بالرقم والتأريخ لمراجعة وزارة المعارف. وأسرّ إليّ "إني أضفت عبارات في صالحك بعد أن وقع المدير المسودة". شكراً يا جورج.

شنشة أعرفها من أخزم!!

كنت أعتقد إني اجتزت أصعب عقبة في طريقي للعودة، بعد أن حصلت على تزكية التحقيقات، من النجف، وكربلاء وحتى بغداد، إذ بالوزارة، والوزير "توفيق وهبي" أشدَ وأعتى.

كلما دخلت عليه ، ردّني بكلمة، صرت أسمعها في كل مواجهاتي له. في مرة وجدت عنده "صدر الدين شرف الدين" الذي أنتقل من العمامة إلى التدريس في المدارس الرسمية، ثم إلى الصحافة، وقد أنضم إلى ركب صالح جبر. لا أعلم إن كان يعلم إن صالح جبر كما عبر بعضهم ونوري من ضمنهم –صونه ونفشگت- ولكن يبدو أن الرجل أدرك هذا عندما برز جبر ليكون بطل تحقيق معاهدة بورتسموث فتحول عنه، وأصدر كتابه "سحابة بورتسموث".

كان صالح جبر مع نوري السعيد في حزب واحد. وأنفرد في حزب سماه "حزب الأمة الاشتراكي" وكان معظم أقطابه ومنتسبيه من الإقطاعيين. وكان كما يبدو من عِلم "المغنية سليمة باشا مراد" عضواً هاماً في ركب نوري فقد شاعت أغنية سليمة "نوري السعيد شدة ورد صالح جبر ريحانه!" وحرفتها الجماهير فيما بعد "نوري السعيد قندرة صالح جبر قيطانه".

معرفتي بالرجل منذ كنت معمماً مثله. وأذكر انه أول من ناقش في مجالس النجف الأدبية، مسألة أهمية النثر، وإنها أكبر من الشعر، واقتراحه أيضاً أن يلقي الشاعر قصيدته بنفسه. وكانت العادة أن يتلوها على المنبر قارئ ممن يحسن تلاوة الشعر بلحن وصوت جميل، طبعاً كان هذا من اختصاص قراء التعزية الحسينية. وحول رأيه في أهمية النثر، أستمر نقاش وجدال، شغل المجالس الأدبية. فوقف ضد رأيه هذا عدد من الأدباء منهم صالح بحر العلوم. ولكن رأيه وجد مكانه في نفوس الأكثرين.

لم يتجاهلني الرجل، فرحب بي وصافحني، وكلم الوزير بقوله "إن علي من شبابنا الوطني المرموقين، وإنجاز قضيته ضرورة". فردد الوزير كلمته التي يسمعنيها كلما دخلت عليه "هذي أيدي على الملف، لن أرفعها حتى أنهي المسألة!؟". ولكن مدير المعارف العام السيد "هاشم الآلوسي" كان صريحاً، فقد قال لي "قضيتك اجلت، هكذا ارتأت بعض الجهات؟!"

لم أسكن، بذلت كل جهد، واتصلت بشخصيات لها وزن في وزارة المعارف منهم "محي الدين يوسف"، الرجل الفاضل حقاً، وقد أشار عليّ أن أوسط من يؤثر على رئيس الوزراء، فهو أهم من يقدر على تحقيق مطلبك.

حصلت على كتاب من رجل فقيه يحترمه الرئيس، جعل لي الحق أن أكتب صورته كما أريد، وهو ينسخه بخطه ويوقعه، وذلك منه منة، واهتمام بأمري. أوصلت الكتاب إلى سكرتير الرئاسة. وفي اليوم التالي، راجعت عن النتيجة، كان عنده شاب شديد السمرة، بادرني قبله قائلاً "راجع المعارف، الرئيس وافق على أعادتك". وعلمت أن هذا الشاب من مرتبات الشرطة السرية.

في غرفة الملفات، وبناء على طلب المدير العام، أبلغت موظف الملفات، فأستحضر ملفتي ليلخص المطلوب! اختلست بنظرة في الملفة، فوجدت كتاب الفقيه، وقد كتب الرئيس على هامشه بقلم أحمر –يعاد إلى الوظيفة-.

حسناً لكن توفيق وهبي يبدو أن له رأياً مستقلاً، فقد أستمر يماطل.

لم أشأ منذ بدأت متابعة معاملة العودة أن أكلف الشيخ محمد رضا الشبيبي. بعد هذا الذي بدا من تزمت "وهبي" اضطررت لمراجعته في دار المجلس النيابي، وأتصل بالمدير العام. دهشت إذ سمعته يعاتب بعبارات نقد "ولماذا هو –يعنيني- بالذات ودون سواه ممن فصلوا، يستثنى؟! أم إنها شنشة أعرفها من اخزم؟" واستمرت مكالمته عدة دقائق.

وضع سماعة التلفون، وقال: اذهب إلى السيد هاشم، الوزير وافق.

على باب المدير السيد هاشم قبل أن أدخل، جاء شاعر العراق الأكبر محمد مهدي ألجواهري، تصافحنا وكان له علم بقضيتي، فدخل وهو يمسك بيدي.

الكوليرا الحمراء؟!

هذا المصطلح ليس طبياً، انه من أبداع الوزير "توفيق وهبي". حين دخلت مع ألجواهري غرفة المدير، وجدت عدداً من المصريين الذين وفدوا على العراق بطلب من الحكومة، ليعينوا في المدارس الثانوية. هم هنا على موعد، للقاء السيد الوزير. وفتحت الباب التي توصل غرفة المدير بغرفة الوزير، لكنه أقبل يرحب أولاً وباهتمام بالجواهري "أهلاً بزميلنا في مجلس النواب، أهلاً، أهلاً " وتعانقا. رشح ألجواهري وبمساعدة الحكومة للمجلس، وقد أشيع أنها دفعت التأمينات عنه. وقد أشار بقصيدته التي خاطب بها هاشم الوتري بعد أحداث هياج الشعب ضد معاهدة بورتسموث إلى هذا بقوله:

وبأن أروح ضُحى وزيرا مثلما      أصبحت عن أمــر بليــل نائبــا

وبادره ألجواهري، فقدمني بكلمة طيبة. فإذا به كممثل يخطب بحماس على المسرح: يا علي لو قلت الصراحة، أقول، أنا لا أحب أن أعيدك!. وأجبت بشجاعة لوجود الجواهري "لماذا هل أنا الكوليرا التي انتشرت في مصر هذا العام وفرّ منها هؤلاء الأخوان المصريين؟!" أرتفع صوته أكثر "كوليرا مصر أهون بكثير، أنت كوليرا حمراء!؟ ولو لم يتكفل أمرك الشيخ الشبيبي، ومخافة أن يزعل، وإلا فلن أعيدك". فعلق الجواهري "أنا أيضاً أتكفل رغم علمي بأنه لا ذنب له". فقلت "كفالتي لنفسي أجدر، فانا واثق منها إني لا ذنب لي مطلقاً".

أخيراً تحول إلى المدير، أعده ولكن أنفيه؟! قرى الموصل، قرى الشمال!؟

ثم تحول إلى المدرسين، عفواً، أنا جئت للترحيب بكم، الكوليرا التي عندكم أهون من الكوليرا التي يحملها علي الشبيبي، تفضلوا، أنظروا ألم يشغلني عنكم؟!

الواقع أخذني زهو، وأرتياح نفسي، ورضا عنها. إن كل رفاقي أعيدوا بيسر وسرعة، ولم يلتقوا لا برئيس الوزراء، ولا بالوزير، بالمدير فقط، وتم أمر أعادتهم بسهولة.

أشار إلي المدير، عُدْ بعد ربع ساعة إلي. وكذلك فعلت. قال: سمعت رأي الوزير، ومع ذلك فأني أخيرك، البصرة، الناصرية، الرمادي؟. واخترت الناصرية.

من أجل بورتسموث

بدا صالح جبر ليس أكثر وأحسن حظا من أرشد العمري، هو الحصان الثاني بدا مطهماً، ولكنه سرعان ما اندحر يسحب أذيال العار والفشل.

لدى نوري السعيد خيول كثيرة، هناك من يستعملها للنزهة، حين يريد أن يستجم فقط، وبعض يريد لها المظهر المحترم، والاستقرار، أمثال السويدي، والمدفعي، وأمثالهم ممن يأتي لتهدئة الأوضاع، وأجراء بعض الإصلاحات، ولكن أمثال أرشد، جبر، مزاحم، هؤلاء يدخرهم للصولات والجولات، ليجرب بهم إن كانوا يستطيعون أن يمرروا مخططاً مرسوماً، أو وهذا أيضاً أمر نافع له، يقومون بكنس كل ما قد حصلت عليه القوى الوطنية من وسائل الكفاح، جمعيات، أحزاب، صحافة، وبهذا يكسر شوكة الرجال الذين يخوضون غمار المعارك.

صالح جبر، ابن نجار بسيط، عصامي النشأة. تنكر لطبقته، وصار من أبرز أعوان السعيد. صار متصرف لواء، صار وزيراً ونائباً، واليوم رئيس وزارة. شيء غير مستغرب أبداً، جاء لينظف الساحة أمام الباشا ويجرب إن كان في المستطاع أن يمرر مشروعاً هاماً لدى الأسياد. ريثما يستريح الوكيل العام. وفي خلال أمد قصير، قصير جداً، أغلق الصحف الحزبية، وصحف وطنية أخرى، وأعتقل شخصيات سياسية بارزة، ثم أعلن ما سُميّ معاهدة بورتسموث لتحل محل معاهدة 1930 وهي أقسى وأمر.

وهب الشعب يصرخ في وجهه لا لن تمر! فسالت دماء وأزهقت أرواح شباب خضراء، تتألق بهجة وسناء. وامتلأت المواقف والسجون، وما أستطاع أحد منهم أن يرد الجموع الزاحفة، أو يسكت هديرها، أو يطفئ جذوة الوطنية التي اتسعت فكان توهجها قد أحال الفضاء كيوم صيف مشمس. وفرّ الحصان من الميدان يسحب السرج اللامع، واندحرت فلول الشيطان. وحل محله، ولأول مرة أيضاً، حمامة سلام ماذا يفعل هذا وما دوره؟!

في 29/3/1947 وأعلن الأحكام العرفية بحجة حماية مؤخرة الجيش العراقي الذي يقاتل في فلسطين. ولما أضطر الوصي على العرش إلى إسقاط حكومة صالح جبر جيء بالسيد محمد الصدر لتهدئة الأوضاع.

قلت لبعض السياسيين التقدميين، ألم يكن "جبر" مع "نوري" في حزبه عضداً وساعداً قوياً؟ قال: أجل. وأنفصل لأمر. فـ "صالح" كشيعي يمكن أن يجذب إلى صفه كثيراً من الشيعة الذين لا يثقون بنوري، ليس بكونه سنياً، إنما لكونه الوكيل المفضوح، عند الشعب العراقي أجمع، بأنه الممثل الحقيقي لمصالح الإنكليز. وليقع في مصيدة نوري، الشيعة والسنة. إذ لا فرق حقيقي بين ولاء الآخرين.

لقد عدت للوظيفة في عهد جبر وفي عهده أيضاً أشرفت على الهاوية مرة ثانية، لو لم ينتصر الشعب، ويدحر الظالمين.

ولكنا أيضاً واثقون، بأنا نظل في مهب الرياح طالما ظلت روابط الاستعمار على حالها لم يقض عليها، النظام الملكي قائم، الذين يتداولون تشكيل الوزارات، هم الذين خط لهم الاستعمار البريطاني نهجاً لم ينحرفوا عنه، فهل لهذا الليل آخر؟

يتبع


السويد ‏17‏/01‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter