| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     السبت 18/6/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(6)

هذا الاهتمام بالفوز، ومكسب المعلمين زيادة الحصص؟

لقد أنظم للجبهة التعليمية بعض الذين كانوا ذيولا لرجال العهد الملكي أمثال حسين الخزرجي، صالح المانع، صاحب الوكيل، وبعض المعلمين الذين هم من أصل فارسي مثل جواد باقر، مهدي باقر أبو غراش، وأمثالهم. أما المدرس فاضل زيني فقد كان نبيلا وأشبه ما يكون بين أعضاء وممثلي تلك الجبهة بزهرة لكنها منكمشة. حسين الخزرجي موظف في ذاتية المعارف، حين كان طالبا كان شيوعيا. أعطى التوبة بواسطة والده. كان ذكيا فخدم بقلمه ذلك العهد. وهو أحد الأقطاب الذين استغلوا جمعية المعلمين. وخلال خوضهم الانتخابات كان يتجول في مدارس البنات، يهدد المعلمات ويأخذ تواقيعهن على الولاء للجبهة التعليمية. ومسؤول القوميين العرب يقول بزهو (المعلمون ورق كارتون، وسنفوز حتما لأن السلطة معنا). ولكن المفاوضات كانت مستمرة بين الجهات المتنافسة لتوحيد العمل في قائمة مهنية، فسلطة "قاسم" لا أمان لها. وهم يعلمون ذلك. الوزير منع الدعاية، ولكن الجبهة التعليمية مستمرة باجتماعاتها. مدير مدرستي "مهدي علي" رجل بسيط شعاره الذي يعظني به -الياخذ أمنه يصير عمنه!-. أخذ يبدي لي النصح، حذار من ترشيح نفسك لهذه الانتخابات. قلت: ولماذا ترشح نفسك وأنت تلعنهم؟ قال: أرادوا هذا مني واستجيب دفعا للضرر!

واشتدت الاستفزازات يوم الانتخابات -10/2/1961-، إلى حد التعدي بالضرب، ورمي الرصاص بالهواء، وجر أحد مؤيدينا على الأرض. رأيت عراك "الشمرتي" متقلدا وشاحا، ودافعا صدره، فاشمأزت نفسي، إذ تذكرت أسباب فصله من التعليم حين وشى الفراش به وبمدير المدرسة وابن رئيس القرية، ولما رأى مدير المعارف الحال بعينه أصدر فصله (
ذكرت الحادث في - الدرب الطويل/ وما نصيبي أنا -). لكنه أعيد بعد عام. القضايا الخلقية لا تهتم بها دوائر العهد المباد، إذا كانت من فرد ينتمي للطبقة الموالية.

وبعد تآلف أربع فئات فاز القوميون العرب، مثلهم "عبد الأمير الوكيل". والبعث مثله "شاكر أمين"، والعربي الاشتراكي مثلهم "فاضل زيني". أعضاء النقابة في القطر واحد وثلاثون ألف. صوت منهم واحد وعشرون ألف وتغيب عشرة آلاف، فنسبة الغائبين 33% بينما هم في انتخابات العام الماضي 7%. وبدا لنا مكتسب عاجل بفضل الأعضاء الجدد، فقد بُلغت المدارس اليوم -12/3/1961- عن حصص الدروس 32 حصة لمعلمي الابتدائية، و24 حصة للمدرس في المتوسطة والإعدادية، فكانت فاتحة عهد الجبهة ومن مكتسبات جهودها. بعد أن كنا نتمتع بحصص مريحة فقد تكون حصة الواحد 23 أو 24. بجهود النقابة صارت استراحتنا ساعتين أسبوعيا. وحضرنا المؤتمر في 19/2/1961، وألقى الزعيم كلمته. بدأ كلمته بالآية (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) وبدت حركة التفاتات وابتسامات من المؤتمرين. ترى من هم الذين كفروا يا حضرة الزعيم؟ تلاه وزير المعارف ثم النقيب السابق. وقد أستعرض ما لقي المعلمون من أجل التنظيم النقابي، وما حققته النقابة. وضحكنا من الزعيم حين مد يده إلى كأس الماء، وسأل المؤتمرين، من منكم صائم؟ فرفع الأكثرون أيديهم. لم يشرب لكنه بلّ فمه. وحضر مساء وألقى كلمة استمرت أكثر من ساعة، وطال مكوثه، وجرى بينه وبين المؤتمرين نقاش، طالب بعضهم بـ "الوحدة العربية". وحين ألقى السكرتير السابق تقريره، كانت وجوه بعض المؤتمرين تضحك هازئة. وعندما أعترض أحدهم عبر عن الهيأة السابقة بـ "المندثرة" إنه تعبير غير مهذب.


23/2/1960 مؤتمر نقابة المعلمين. من يمين الناظر المربي الراحل علي الشبيبي،
حسين زيني، عبد الأمير خراسان، محمد الحلو وبينه وبين الخراسان في الخلف
كاظم الحسين من الرفاعي، ومحمد حسون الخياط



مؤتمر نقابة المعلمين 23/2/1960 المربي الراحل علي الشبيبي أمام لوحة
لوحة وفد كربلاء وعلى يمينه مصطفى شعيب

إلى ديالى
صباح يوم الخميس 15/6/1961 حضر إلى باب داري ثلة من شرطة الأمن وبسيارة مسلحة أخذت إلى الموقف. هناك وجدت الزميلين جليل السهروردي وعلي عبد الحسين عجام، ونحن الثلاثة لم تكن لنا أبدا عضوية أو انتماء للحزب الشيوعي أو غيره. وقد اعتقل قبل أيام المدرس عبد الله الخطيب، وبعد يومين علمنا -نحن الثلاثة- انه أُمر بأبعادنا!

يوم السبت الذي وصلنا به إلى مركز شرطة السراي وجه إلينا كاتب الشرطة سؤال: أنتم من أي فئة؟ أجبنا معلمين. تململ ضاحكا وقال: من الجبهة التعليمية، أو المهنية؟ قلنا المهنية. فصاح: خلص يعني شيوعيين، قولوها من أول، حتى نعرف ويامن نخليكم.

ومكثنا حتى العصر، استقبلنا عدد كبير من الموقوفين، بعضهم لأنه شيوعي، حدثني عما لقي وكشف لي ما لقي من عذاب حتى إنهم كانوا يشدون آلته بخيط قوي أكثر من ساعتين، فإذا أصابه حصر البول زادت آلامه، وبالنتيجة صار "...." كخيط بال. وأصيب بالالتهاب المجاري البولية! أما أكثر الموقوفين فإنهم من المحسوبين على القائمة المهنية.

صحبنا شرطي واحد ومعاون الشرطة "صالح أحمد السامرائي". قبل أن تتحرك السيارة قال: أحب أن أتعرف على أسمائكم. فأجبناه، مشفوعة بنكات. وحين تجاوزت السيارة حدود بغداد، أوقف السيارة. أمر الشرطي الذي كان قد ركب معنا وقابضا على بندقيته بيده أن يتحول إلى مكان بصدر السيارة، وتحول هو إلى جانبنا. قال: أنتم ظرفاء. يا أخوان الشيوعية لا يمكن أن تنمو في بلادنا. فالتقاليد السائدة تحاربها، والاستعمار أيضا، ومفاهيمها عسيرة على مجتمعنا.

قلت: ولكن الغريب أنكم تعتبرون كل من لا ينضم إلى الفئات المناوئة للشيوعية -شيوعي- نحن الثلاثة الآن حين نقول لك لسنا شيوعيين، فإننا لا نقولها خوفا، أبداً. ونحن نقولها بصراحة إننا نؤمن بحرية الفكر. وعليك أن تستغرب -بدلا من استنكارك لوجود شيوعيين- كيف تكونت جبهة الاتحاد الوطني من أحزاب لا تؤمن بالشيوعية في هذه الجبهة مع "الحزب الشيوعي". وإن انفراط عقد الجبهة أفسح المجال أكثر لاستبداد عبد الكريم قاسم.

وتطرق إلى توقيف الشاعر "محمد مهدي ألجواهري" وهو يضحك من مجريات الأمور: إن توقيفه لأنه قال عنه الرجل في قصيدته يوم تصدوا له:

لك الحيــاة رفاهـا أيهـا الرجـــل وللأكف استساغت لحمك الشلل

قال الشاعر هذه يوم تصدى نفر من الأحزاب القومية، في مقدمتهم حزب البعث، لاغتيال "قاسم" فأصيب بيده، بينما قتل أحد المتآمرين "عبد الوهاب الغريري" وفرّ الباقون. وقد حدثت هذه المحاولة في 7/10/1959. وعقب، انكى من التوقيف أن يأمر بإطلاق سراحه بكفالة قدرها خمسون فلسا. وتنشر هذا الجرائد تنكيلا وهزءاً بالشاعر.

وصلنا مركز شرطة بعقوبة غروبا، لم نجد غير شرطيين. طلب المعاون أن يبلغوا المعاون الخفر والمفوض. حين حضر قال صاحبنا: قبل كل شيء ناد لي شرطيا يجلب العشاء "كباب ولبن" على حسابي. فأصر المفوض: كلا على حسابي أنا. وطلب أن يهيأ لنا فراش النوم، وفي ساحة المركز! وهو يثني علينا: إنهم أدباء فضلاء. أنا مطمئن إلى حد لو قلنا لهم كل يذهب إلى البلد الذي تقرر أن يقضي فيه مدة الإبعاد لذهب بدون صحبة شرطي!

قلت له: بصراحة، أنا لم أصادف في حياتي مثلك في سلك الشرطة. من هواة الشعر وحفاظه، وربما تنظم. قال: أنا كذلك. قلت: متابعتك للأوضاع السياسية، ورأيك فيها رائع أيضا. ولكني أقول: حرية الفكر لا يصح لأي إنسان أن يستنكرها. إنها شرط إنساني في تطور الأمة والوصول إلى الحياة الأفضل. وفي الصباح افترقنا كل إلى حيث سيقيم ويقضي المدة التي لا نعلم ما مداها. بينما عاد هو إلى بغداد في نفس الليلة. وكم تمنيت أن ألتقي به ثانية!

البلد الطيب
في الخالص، بعد الإجراءات الخاصة بالشرطة، توجه بي شرطي بأمر المعاون إلى فندق "جواد الحداد" يديره رجل حداد أيضا يدعى "حسن الحداد"، وأختار لي الرجل غرفة، وأبدل شراشف الفراش والمخدة. يدعى هذا الشرطي "صاحب" بمرور الأيام تأكدت من تصرفاته معي، وتنبيهي إلى أراذل من ناس البلد، إنه طيب للغاية معي.

أجرة الغرفة زهيدة جدا إنها لم تزد على 600 فلس، سقفها من الخشب وحصر القصب "بواري". كلما قفز قط من الشرفة إلى أرض السطح، نزل الغبار الناعم على وجهي منها، فغلفت السقف على حسابي بالورق.

اليوم الأول قضيت النهار كله في الغرفة. وعند الغداء كلفت "محمد بن حسن الحداد" أن يجلب لي تكة وطماطة مشوية مع الخبز. بعد الغروب نزلت إلى المقهى، تحت الفندق من جانب الشارع العام، حين دخلت سلمت على جلاس المقهى، ردّوا عليّ التحية بوجوه متهللة باسمين. وبدأوا على العادة الجارية عند أمثالهم -مساكم الله بالخير-. في اليوم الثاني طرق عليّ الباب مأمور البريد، وقد أعتدت أن أتركها شبه مغلقة. دخل وصافحني وكأنه مسبوق بمعرفتي. كان ظريفا لطيفا، قدم لي نفسه "حاج عبد الرحمن مجيد" من الأعظمية، أدعى هنا "حاج بريد"ومنذ عينت أنا هنا. ثم دعاني إلى الغداء عنده لليوم التالي.

يدعي بعض أهل الخالص من الشباب إنه جاسوس، لذا هم يبتعدون عن أي حديث سياسي أمامه. ويبالغ بعضهم أنه جاسوس للانكليز. تأكدت من عدم صحة هذه التهمة، ولكنه بسببها مرهوب الجانب ومحترم، وقد وجدته سمحا كريما لا يتأخر عن مساعدة من يرجوه المساعدة.

أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم. بعد الغداء حدثني الرجل كثيرا عن البلد وسكانه، تماما كما فهمتهم من أحاديثهم ومظاهرهم، وتحياتهم لي، ونظراتهم التي كانت بريئة تماما.

صحيح أنه لا يوجد بلد يخلو من خبثاء وأنذال يفوقون العقارب. وبمقدار ما أهلها بسطاء وطيبون، فأن البلدة وهي قضاء، وفيها ذوو ثروة أيضا، إلا أنها عموما عادية في المباني، وقذرة جدا، خاصة ما نصطلح عليه بـ "الدرابين". ونبهني الحاج بريد إلى بعض العقارب، بل هم أفاعي. العلوَجي الأعور مقابل الفندق، كان ينظر إلي بعين حاقد. بجانبه علوَجي آخر، لكنه طيب للغاية، فلقد عرض علي الجلوس في علوته حين سلمت عليه وأجبته، ولم يتحرج أن يبدي عن جاره نفس الملاحظة. وعلل السبب، أن له ولدا برتبة ضابط من العسكريين، وابنه الذي يساعده شديد العداء لأمثالك. فأوضحت لهذا الرجل، إن أشد الناس غباء، من يعادي من لا يعرف. أنا يا حاج مالي أية علاقة بما يظنون بي. ولا ينبغي للمسلم أن يبني أفكاره عن الآخرين دون إطلاع، فبين الحق والباطل كما يقول الإمام علي أربع أصابع، أي أن عليه يرى ويسمع ويفهم ما سمع ثم يحكم ما لا ينافي الواقع الذي سمعه أو رآه.

وعن يسار الصاعد إلى الفندق بزاز يدعى "إبراهيم" من منتسبي الحزب الوطني الديمقراطي. استقبلني هاشا باشا، وطلب أن أجلس قليلا عنده. لم تمل نفسي إليه، لكني جاملته، لم أرتح له، لأنه حياني شافعا تحيته بنكتة تنم عن ذوق ألغلماني، كما سماني "النجفي" ذلك منه جهل وسوء ذوق.

بعد أيام دنا مني كثير من الشباب، هم طيبون لم يكشفوا عن أنفسهم، وكان حديثهم عن العلم والتعليم، وما يعانيه المعلم من متاعب. وحذرني أحدهم من شاب يدعى "عدنان عناد" كان ينظر إليّ شزرا. وعلق آخر وقال: سل عنه أبا شاكر -يقصد جار باب الفندق-! كان هذا السافل إذا لقيني وحدي يسمعني كلمات نابية ويتوعدني!؟

واقترب ذات يوم مني معلم في سني. وعلمت من حديثه إنه أيضا من الحزب الوطني الديمقراطي. كان رجلا طيبا، وقد عرض عليّ أن يساعدني، فيأخذ ملابسي التي هي بحاجة للغسل. وجاء إلى الفندق فعذلته، وفي اليوم الثاني استدعاه الحاكم علي المتولي. هذا المتولي شديد الحنق ضد كل من يقال عنه انه سياسي وليس بقومي! حتى أنه جيء إليه بمعلم لمحاسبته من أهل المدينة، يدعى عبد العظيم ومتهم بالشيوعية، أو أنه حقيقة كذلك، ولا غرابة فإن انكشاف ميول كثير من الشباب أسبابه انخداعهم بثورة تموز، التي أخذ زمامها عبد الكريم قاسم لينتقم من ذوي الأفكار الديمقراطية والتقدمية، بزعامته الزائفة.

مرة لاح لي شيء أسود معلق على واجهة مطعم كباب، ولما اقتربت منه وجدته معلاك -مصطلح شعبي، أي الكبد والرئتين والقلب من الذبائح- وقد غطاه جيش عرمرم من الذباب. تألمت كثيرا لأني كنت أعيش على الكباب والتكة، لاعتقادي أن هؤلاء لا يحسنون الطبخات الأخرى "الامراق". وحين رجعت أدراجي لحظت أن أحد باعة الخبز من صبيان وصبايا، يركض خلف بقرة قد خطفت من سلته رغيف خبز. وإثناء ركضه خلف البقرة، نهش حمار من رغيف آخر لقمة، إذ زبره زميل لصاحب تلك السلة. كثير من الأبقار والحمير تجوب الشوارع والأسواق، أما الكلاب فحدث ولا حرج.

فهم مضحك
كنت في الأيام الأولى لإقامتي أحصل على وجبات الغذاء بواسطة صاحب الفندق "حسن الحداد". كان إنسانا بسيطا وطيبا. وحين رأيت "المعلاق" والذباب، وباعة الخبز، أضربت عن شراء أي شيء من تلك المطاعم، وأبرقت إلى أبني أن يجلب أواني الطبخ وعدتها بأسمائها. وقصدت إحدى الخبازات، واشتريت منها بعض الأرغفة - من بيتها مباشرة -، وعشت خلال يومين على الخبز والجبن والشاي. ومنذ ذلك الحين صرت أهيئ طعامي في أحسن حال.

في اليوم الثاني استدعاني صديقي الحاج بريد، هناك قص عليّ، أن أمن بعقوبة أتصل بشرطة الخالص، طالبا التحقيق معي، ومعرفة المعنى المقصود في كلمة "راديوك الترانزيستور وترمسك"!؟ ولما كانت دائرة البريد على علم -مأمور البريد- وشرطة الخالص معا، فقد ردهم صاحبي بسخريته المعروفة.

الواقع إن تعبيري كان مغلوطا، وان لم يستعصِ هذا الغلط، على أي إنسان يدقق فيه. كان يجب أن أكتب الراديو الصغير، لكن أذهان الأمن حفظهم الله لأمن الشعب، حَسِبتها شفرة خطرة، وربما تأهبوا لإنزال الضربة القاضية بي. فسلمت والحمد الله.

لم أترك قضية أبعادي مستسلما للأهواء. فكنت أكثر من إرسال العرائض مباشرة، وبواسطة البريد المسجل، إلى الزعيم. لا بصيغة الاسترحام، بل بالتساؤل عما أوجب هذا الإجراء تارة، وبالتلميح إلى أنه شغب من جهة دأبها النفاق والشقاق، وابتكار التهم لمن يعرف حقيقة أصحابها، وليعيدونا تحت رحمة الرجعية التي أطاحت ثورة تموز بكيانها. وأكاتب كبير أسرتنا العلامة الجليل الشيخ محمد رضا الشبيبي عن هذا أيضا.

مفوض الشرطة أيضا فكر أن يبرز، على حساب هذا المبعد "أنا"، فيشكر المسؤولون له يقظته وحزمه. استدعاني، وبلهجة فجة حذرني أن لا أمشي مع أحد، وأن أخرج منفردا!؟. وسألني بغضب: أين تريد في خروجك إلى نهاية البلد؟

حقا، كنت أتنفس الصعداء، واشعر بالراحة من كابوس الغربة، حيث الفضاء الواسع من جهة الغرب، ومنظر الشمس وهي تغيب وتختفي وراء الأفق، ويرتسم شعاعها الأصفر الرائع على النخيل والأشجار، في جهة الشرق، ولكن متوحدا منفردا وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة.

قلت: أعتقد أن هذا من حقي وغير محرم عليّ.

أجاب: إن لم تكف أتخذ إجراء بحقك، إجراءاً صارما!

قلت: جرب!؟ فصاح: المعلم شر، لو أن الله يخلصنا من المعلم، نخلص من كل شر!؟

قلت: وهل وصلت إلى هذه الوظيفة عن غير طريق المعلم؟ وحين التقيت بالمعاون، شكوت إليه سوء معاملة ذلك المفوض.

كان المعاون "حسين علي العمر" موظفا مدركا لمسؤوليته، وقد أعفاني من التوقيع اليومي ثلاث مرات، واكتفى بمرة واحدة. وكنت تعرفت عليه خلال وقت أقضيه في مخزن بيع، بواسطة حاج بريد، وعلمت أن صاحبه "محمد غني" من جماعة حركة أنصار السلام، وقد صارحني، إنه مسبوق بمعرفتي حين كان يحضر بعض الاجتماعات.



السويد ‏18/06‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter