| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الأحد 3/7/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(9)

 

عبود الشوك

عبود الشوك هذا كان معاونا أو نائبا أيام كان فؤاد عارف متصرفا للواء كربلاء. عرفنا فيه السذاجة والبساطة، وكان بعض الانتهازيين قد استفادوا من سذاجته. وقد مرّ ذكره في موضوعة (كيد الآفك وغباء المسؤول )، حيث حاول أن يوقع بي من ضرر حين كنت مديرا لمدرسة الحسين.

حين نقل فؤاد عارف حل محله عبود الشوك. كنت إذا حضرت مع بعض زملائي أنصار السلام في كربلاء، ينهض من مقعده مهللا مرحبا باسمي، وكأني أنا الأول بين الشخصيات المحترمة الذين أنا واحد منهم، أحدهم محسن النقيب، المسؤول الأول عن حركة السلام في كربلاء وهو محام معروف من بيت وعائلة عريقة ، ولكن حضرة المتصرف لم يرحب إلا باسمي، لست أدري، ربما كان يعتبرني الأول في هذه الحركة، وربما هو نفاق خالص.

بدأ حديثه مرة بما لا علاقة له في زيارتنا له. قال: والله والله، لو لم تكن أم عصام امرأة محافظة لجعلتها في مقدمة أعضاء رابطة الدفاع عن حقوق المرأة!؟. وعن نفسه، قال: لولا أني مؤمن بالله، لانتميت إلى الحزب الشيوعي، وجعلت قبولي يأتي مباشرة من موسكو!؟. كدنا نضحك من هذا الهراء الفج. فأجابه مسؤول حركة السلام: أبا عصام نحن نمثل حركة السلام ولأمور تخصها جئنا لزيارتكم فما معنى حديثكم هذا؟

عجبت كثيرا من منطقه هذا، وكأن مسألة المنظمات تحت سلطته! امرأته محجبة! هذا عجب آخر، فما كانت المعلمات في كربلاء إلا محجبات، ومعظمهن انتمين إلى رابطة الدفاع عن حقوق المرأة. وصحيح إن هذه المنظمة هي من المنظمات التي عمل على تأسيسها الحزب الشيوعي، لكن هذا لا يعني أن كل رابطية هي شيوعية! ثم ما معنى أن انتماءه يأتي من موسكو!؟ هذا غباء أم سذاجة أم هو الخبث بعينه.

لقد نقل إلى لواء ديالى، وزار مدرستي في 3/9/ 1962 في الخالص. وحين رآني هش وبش وحياني، وعلى فمه ابتسامة ماكرة.

مع إتحاد الأدباء

كنت قد قدمت طلب انتماء لإتحاد الأدباء، وحيث انه لا يقبل إلا من كان أديبا وان عليه أن يقدم شيئا من إنتاجه المنشور ، أو الجريدة التي نشرت إنتاجه. وقدمت مجموعة نشرت في جرائد شتى من جرائد العراق -البلاد، الثورة العربية، صوت الأحرار، الرأي العام، 14 تموز، الحوزة- كل هذا الإنتاج ليس هو باكورة إنتاجي -بالرغم من أن لي إنتاج ليس بالقليل لكني قليل النشر-، لقد سبق أن زاولت الكتابة والنشر في بداية الثلاثينات، في مجلة "العرفان" ومجلة "الأقلام" لحليم دموس، ومجلة "ابولو" المصرية الشعرية، وفي جرائد عراقية، في جريدة "الهاتف" ومجلة "الاعتدال" وجريدة "الطريق".

كانت مجموعتي التي قدمتها تحتوي العناوين التالية: "أمس واليوم" و "حق وباطل" و "صولون" و "المؤذن" و "دور الأذناب في المؤامرات" و "تجفيف البحيرة" و "عصافير النبقة" و "الليل والظلام".

ثم كررت الزيارة والتقيت بالأدباء الشباب، الشاعر سلمان الجبوري، والشاعر محمد الريفي، والشاعر عبد الستار الدليمي وقد أهدى لي الشاعران الجبوري والدليمي ديوانهما. وشاركت في الانتخاب الذي جرى في 22/11/1962 وكنت قد أصبحت عضوا وتسلمت الهوية.

وقد خسرت المجموعة التي قدمتها لإتحاد الأدباء وقبلت على أساسها. حيث إني طلبت من الاتحاد أن يطبعها لي. وتمت الموافقة، شرط أن أكون أنا أو اهيئ من يقوم مقامي للنظر في الخطأ عند كل ما ينجز طبعه. واعتذرت إني مرتبط بالدوام. وضاعت هذه المجموعة بسبب المصير الذي انتهى إليه أمر اتحاد الأدباء في 8 شباط 1963.

لم أكن مهملا فيما يخص إنتاجي. فقد احتفظت بنسخة لما نشر في عهد تموز وبمناسبة عطلة نصف السنة الدراسية أودعت بعض حاجاتي منها كراس باسم "ليالي" وكراس باسم "تلميذ في العاصمة" كان قصة عن حياة أخي الشهيد حسين. أودعتها عند شاب مساح من أهل الكوفة، هو الذي سبقني للتعرف عليّ، إذ كان من تلاميذي أيام كنت معلما في مدرسة الكوفة الابتدائية من عام 1938 حتى عام 1941. المساح هذا ادعى أن المجموعتين قد أودعها عند ابن عمه ليوصلها إليّ فأضاعها هذا؟ ولم يتيسر لي حتى الآن مراجعة المكتبات لاستنساخها من تلك الجرائد.

بسم الله الرحمن الرحيم

عفوا يا قارئي الكريم. لا تشتبه بهذا العنوان، ولا تتسرع فتقول: انه لم يبدأ أي موضوع بالبسملة، فما معنى أن يبدأها هنا؟ جداتنا يا سيدي القديمات، كن يسمين "الجن" بهذا، فيقلن إذا افتقدن شيئا أو وجدن عبثا بحاجة لهن، قابل أجه بسم الرحمن الرحيم، أخذهه وطار، أو تعالوا وشوفوا شصاير من لعب بغراضي، وياهو الأسئله يقول مو آنه، استغفر الله يا ربي، لازم -بسم الله الرحمن الرحيم- أشتهى يلعب بيهن.

أما الجن الذي أقصده أنا هنا فانه "الاستعمار" والأمريكي بوجه خاص، هذا المرابي الكبير، الذي أستطاع باشتراكه مع دول أوربا "اللواتي" وقفن ضد مساعي المانية بزعامة هتلر لغزو العالم كله، فهو وريث فلسفة "نيتشه" الذي كاد يؤكد أن المانية هي الأمة الوحيدة التي تحمل الدم النقي الأزرق. وعليها وحدها أن تسود العالم. مع ذلك أصاب معظم سكانها خلط من دماء غير نقية، فيجب، حجز هؤلاء خاصة "العمال" ولعله يقصد الفقراء فلا يحق لهم أن ينسلوا، أنقياء الدم خاصة الفلاسفة هم الذين يحق لهم الزواج من -نقيات الدم- والانسال. وكان يكره "بريطانيا" مدعية الديمقراطية فيقول: ألا من يخلص بريطانيا من الديمقراطية، ويا من يخلص الديمقراطية من بريطانيا.

لكن تلميذه هتلر لم ير رأيه في روسيا، مثل قوله: أن روسيا هي وحش أوربا الضاري فلو اتفقتا سادتا العالم "أي ألمانيا وروسيا". وحين فجر هتلر الحرب العالمية الثانية، وضع نصب عينيه روسيا، وقد هاجم بولونيا ليعبر إليها. فانه حسب الحساب لها سلفا في كتابه الشهير "كفاحي" فقال: أن روسيا لقمة عسيرة الابتلاع، لكن لابد من ذلك. لأن العبور إلى الشرق يتم عن طريقها. وغزوه لروسيا حطمه لأن روسيا أصبحت -الاتحاد السوفيتي الاشتراكي- وليس روسيا القيصرية. وانتهى هتلر إلى مصير لا يحسد عليه، مثلما انتهى فيلسوفه نيتشه، إذ جن وأُدع "المارستان" وحين جاءت أخته تتعهد مداراته وتمريضه، لتخرجه من المارستان إلى بيتها رفض قائلا: لقد كنت أؤيد حجز المجانين والضعاف!. وفقا لنظريته "القوة" التي ضمنها كتاب "هكذا قال زرادشت".

كان يكره المرأة. إنها رمز الضعف. ويكره كلمة الرحمة، إنها من إبداع الضعاف أيضا، أي الفقراء. والحقيقة إنها من بدع الأغنياء ليظهروا بمظهر المحسن وهم أيضا مبتدعو الحديث والمنسوب إلى الرسول الكريم (الأغنياء وكلائي والفقراء عيالي، وأبر الوكلاء أبرهم بعيالي). بينما ذم القرآن الكريم الذين يكنزون الذهب والفضة، والذي جمع مالا وعدده، إلى كثير من هذه المعاني في كثير من هذه السور.

أمريكة عام 1939 ليست هي أمريكة أبراهام لنكولن ولا أمريكة ولسن إنها أمريكا التي هي تحت سلطان -بريطانيا- فشاركت ودخلت الحرب، لتخليص العالم من أطماع هتلر. وساعدت كل الدول بالمال والسلاح لتستمر هذه الدول بالمقاومة. وانتهت الحرب، بعد خسارة ألمانيا وانتصار الحلفاء.

كانت أمريكة وحلفاؤها في بداية غزو هتلر لبلاد السوفيت لا يفكرون بمساعدة الاتحاد السوفيتي، كانوا ينتظرون أن يقضي هتلر عليه وطبعا ستنهكه الحرب عندئذ يجهزون عليه. مواطنو الاتحاد السوفيتي أدهشوا العالم في مقاومتهم، مما أضطر الحلفاء أن يقتربوا ويمدوه بالمساعدة. وفي اجتماع طهران أصر ستالين على فتح الجبهة الثانية، وتم ذلك وقضت معارك ستالينغراد على جيوش هتلر، واستسلم قائدها "باولس" وزحفت جيوش الاتحاد السوفيتي وعبرت نهر الاودر واحتلت برلين، وقد كتب على واجهات دباباته -من موسكو إلى برلين-. وانتهت الحرب وكل من الدول الكبرى، بريطانيا، فرنسا فقدتا أكثر مستعمراتها، وهن يرزحن تحت ثقل ديون أمريكة عليهما، أصبحت أوربة كلها مدينة لأمريكة، لا تقدر أية واحدة منهن على معارضتها، وتحولت دول صغيرة من الغرب والشرق -العربي خاصة- من أحباب أمريكة.

وفكر "شيطان الانس" أن يحتل هو ويرث مستعمرات بريطانيا وفرنسا وايطاليا وغيرها. كيف؟ وبأي أسلوب؟ وقد نشرت مجلة "المختار" مقالا بقلم أحد كتاب الغرب: عن نظرة أمريكة وخطتها وبرامجها لوضع اليد على كل ما فقدته الدول الكبرى "بريطانيا، فرنسا، ايطاليا"

وجدت أن الحزب الشيوعي الفرنسي الذي قام بجهد عظيم في المقاومة السرية وتنظيمها داخل فرنسا المحتلة من قبل جيوش النازية، قد حصل على شعبية واسعة وسمعة طيبة بين صفوف شعبه والعالم. حيث سلم حكام فرنسا الكبار باريس لقمة سائغة للجيوش النازية، بحجة واهية، هي جمالها وآثارها، فلو قاوم جيش فرنسا لهدمتها جيوش هتلر. هكذا ارتأى "لافال". ولما قرر مؤتمر طهران فتح الجبهة الثانية حسب إصرار ستالين، أوكل الأمر إلى العسكري الفرنسي المعروف "ديغول" أن يقوم هو بفتح الجبهة الثانية، وتم الاتصال أيضا بين قادة المقاومة السرية بقيادة الشيوعيين وديغول من خارج فرنسا، وهذا مما خفف ضغط الجيوش النازية على الاتحاد السوفيتي. وفي ايطاليا عمال ميلانوا هم الذين القوا القبض على موسليني، وهبوا لاكتساح الجيوش النازية المحتلة.

وكانت خطة أمريكة إذن العمل على إضعاف مكانة الحزب الشيوعي الفرنسي بمساعدة حكام فرنسا البرجوازيين والرأسمالية الفرنسية. النقطة الثانية أضعاف حركة الشيوعيين الايطاليين. كل هذا سهل يسير، مادامت الطبقة الرأسمالية والبرجوازية ما تزال حية في هذه الأقطار.

بقي أمر ثالث، اعتبرته أمريكة صمام الأمان هو "إيران". إيران جار الاتحاد السوفيتي الذي كان خطرا يهدد كل الدول الرأسمالية. كانوا يعتقدون أن هتلر سيقضي عليه، لكن الاتحاد السوفيتي أنتصر وأصبح عملاقا مخيفا. انه جار إيران فلو زحفت الاشتراكية منه إلى إيران ولديها حزب شيوعي، ولديها الأكراد، الذين يسعون للحصول على تأسيس وإقامة دولة، وإيران جار العراق الذي شعبه يبغض الاستعمار، وأية حركة تنجح للتحرر فيه تسري نارها إلى كل البلدان العربية، بالأخص سورية ولبنان الذي ركزت فيه فرنسا الحكم الطائفي فجعلت -طبعا بعد أن فرض عليها التخلي عن سورية ولبنان- رئاسة الجمهورية للمسيحيين المارونيين، ورئاسة الوزراء للمسلمين السنة، ورئاسة مجلس النواب للمسلمين الشيعة. إن هذا التقسيم ضمان لموت فكرة وحدة الوطن العربي الموحد.

وتعاقب الرؤساء الأمريكيون من روزفلت إلى أيزنهاور ثم ترومان وجونسون وكندي ...، وفيهم من كان أكثر حماسا وحرصا على صداقة واحتضان إسرائيل، في قلب البلاد العربية. وحدثت في البلاد العربية تبدلات من حكم ملكي إلى جمهوري، وتأسست حكومات عربية "مستقلة" في المغرب العربي. فما هو المحصل!؟ المثل العامي الشعبي يقول -ذاك الطاس وذاك الحمام-.

وراحت الأحزاب داخل الوطن العربي، لا شاغل لها إلا أن تتنافس فيما بينها، وأشدها من التزم أفكارا هي نازية في حقيقتها وظاهرها قومي، أتضح هذا فيما قامت به عند استلامها الحكم من سفك دماء، وتعذيب وحشي.

ليتهم جميعا يصيرون يدا واحدة ولو مؤقتا، أي إلى حين تمكنهم إجماعا على طرد اللقيطة "إسرائيل" وإعادة أشقائهم الفلسطينيين إلى موطنهم. إن حكامنا العرب لا يكترثون بهيأة الأمم ومجلس الأمن، لقد أداروا عنها ظهورهم وتوجهوا إلى أمريكة، ولو إنهم قاطعوها لانتصروا، ولو أجمعوا على الوحدة في الرأي والعمل ضد إسرائيل لنجحوا. ولكن ..... هيأة الأمم صارت -لعبة الأمم- ومجلس الأمن كل ما ضويق أهم أعضائه، أمريكة، بريطانيا، فرنسا صاح: فيتو.

ويل لواضع الـ "فيتو" ويا بؤس الشعوب من الـ "فيتو".

محكمتان!؟

حضرت اجتماعا لحركة السلام في مقرها الخاص. وكان عدد الحاضرين قليلا بالنسبة لاجتماعات سبقت. أحد الخطباء كان "فاضل عباس المهداوي" رئيس محكمة الشعب. لم أكن أعرف الرجل ولا سمعت عنه قبل ثورة تموز، ولم ألتق به أيام وسِني الثورة إلا مرتين فقط.

سمعته وهو يدير محاكمة رجال العهد الملكي فكان أحيانا يخرج عن الاعتدال وبلهجة وتعابير لا تتناسب مع وزنه خصوصا حين يطري "عبد الكريم". ولكني في لقائي الأول -مصادفة- والثاني قد تغير تماما في نظرته إلى عبد الكريم قاسم وسياسته الهوجاء! في لقائي الأول كنت قاصدا "ماجد محمد أمين". فلِماجد معرفة بي تعود إلى أعوام الثلاثين، حين كان طالبا في ثانوية النجف، عن طريق أخي حسين، الذي كلفه بذلك مدير ثانوية النجف "عبد الرسول نجم" وهو من أصدقائنا وتعود علاقته بنا عن طريق أبينا الذي تربطه بوالده صداقة لتردد أبي على البصرة في موسمي عاشوراء وصفر.

وكان ماجد حين التقيت به في محكمة الشعب، ألتمس منه أن يتوسط أمر ولدي "محمد" تحدث لي بذكرياته في تعرفه على أخي، وقال: كان يحبك كثيرا، عرفت هذا حين تركنا مستعجلا على خلاف عادته، واعتذر: أخي "علي" اليوم جاء من مقر وظيفته وأنا مشتاق إليه، لو تعلم كم أحبه. وفي اليوم الثاني أخذ يحدثنا عن أحاديثك ونكاتك، ثم قال انك أنت الذي عنى بتوجيهه.

وجاء المهداوي، كان يبدو عليه الضجر والسأم بسبب مؤامرة الشرطة التي فشلت. وسأله ماجد عما قرره الزعيم عن إحالة المتآمرين. فأجاب المهداوي، من المؤكد إنها ستحال إلى محكمة شمس الدين عبد الله، لتجنب صدور حكم على القائمين نهائيا أو على صغارهم بأحكام خفيفة.

قلت هكذا!؟

- نعم هكذا. محكمتان، واحدة ضد أعداء تموز حسب سياسة الزعيم الحاضرة والثانية ضد من يحسب على الشيوعيين أو مجرد بعده عن -القوميين-. ثم تأوه آهة عميقة وقال أشوف النهاية كارثة عظمى لانحراف سياسته الخرقاء، وسنكون أول من يحترق بنارها.

أما في هذا الاجتماع حين ألقى كلمته، فقد ندد في خطابه هذا بعبارة صريحة في الذم والنقد المر. قال: إن الذي ينحرف عن طريق مصلحة الشعب، يفقد كل المقاييس الصحيحة ولن يعود قادرا حتى على الكلام المتزن. وساد الحاضرين وجوم.

لقد صدق الرجل. فلقد أصدر عفوا عن الذين اعتدوا على حياته. بعضهم كان محكوما بالإعدام فخفف الأحكام إلى 15 عاما، ثم مراحم بنسبة 50% وإخراج الموقوفين والمبعدين -في 3/12/1962- وبمناسبة عيد رأس السنة أطلق سراح الجنود الانكليز الذين قبض عليهم بين الكويت والعراق.

وخطب متبجحا فقال: إن الإنكليز والأمريكيين أرسلوا إلى حكومة الثورة مذكرتين حول انقطاع المفاوضات مع شركة النفط. وعقب ، إن التهديدات لا ترعبنا لأننا لن نقف لوحدنا.

لكنه ندد بمن يصدرون نشرات سرية. وتلا هذا أن نادى الأحزاب السرية والعلنية لمساندة الحكومة!؟ وان تتصافى فيما بينها! واغتنم فرصة الانقلاب في سورية ضد الإتحاد مع مصر بزعامة جمال عبد الناصر وتم بينه وبين الرئيس السوري الجديد اجتماع، قيل أنه شبه محاولة للاتحاد واشترط أن يكون الدخول فيه اختياريا وللدول المتحررة فقط وفي 16/3/1962 صدر البيان المشترك.

يا قادة العرب ويا زعماءها، ليست المشكلة اختياري أو غير اختياري، ومتحرر وغير متحرر. المشكلة عندنا إن الذين يتزعمون انقلابا أو ثورة لا يطلقون الحريات للأحزاب التقدمية ولا للصحافة، ويغضون النظر عن سن دستور دائم، ويشغلون أنفسهم بإزاحة الشخصيات الذين يخشون منافستهم، بل حتى الذين هم شاركوهم في الانقلاب أو الثورة، وحتى الذين يؤيدون أولئك، وان كان السبب، إنهم عرفوهم عن طريق التنظيم الحزبي.

ما أحوجنا إلى الاستقرار السياسي بدلا من هذا التخبط، والعالم كله في غليان. ففي إيران مظاهرات بقيادة الجبهة الوطنية، ورئيس الوزراء علي أميني يهدد بسجن أعضائها.

وأعلن في 20/10/62 عن نجاح الطيار الأمريكي الكوني الذي دار حول الأرض 3 مرات في 4 ساعات و 50 دقيقة. وقد تحدث حال نزوله أن الكبسولة حارة جدا تكاد تحترق! وهنأه الطياران السوفيتيان. وكذا أعلن في 22/2/62 نبأ موافقة مجلس الوزراء الفرنسي على الاتفاق الجزائري بشأن وقف إطلاق النار، وتقرير المصير. مرحى لهذا الانتصار للجزائر التي حققت التحرر بمليون شهيد. وحدث اصطدام بين قوات الهند والقوات الصينية على الحدود. وتقهقر الصينيون أول الأمر. وصرح الرئيس الهندي انه لن يتراجع. بينما هب العالم الاستعماري يشجع الهند واستغلت أمريكة هذه الأزمة فطوقت كوبا بأسطولها. وحذرت أية باخرة إن قدمت حاملة معدات، ولكن الاتحاد السوفيتي ردّ الإنذار بإنذار. وهذا ما يدعو لانفراج الأزمة وفعلا انفرجت. ولكن مشكلة الصين ما تزال.

وفي 2/11/62 أعلن الاتحاد السوفيتي أنه أجل تفكيك قاعدة الصواريخ في كوبا إلى شهر. وأعلن كاسترو أنه سيقيم مناورات عسكرية في البحر.

بمناسبة عودة شيخنا "محمد رضا الشبيبي" من القاهرة، قصدت زيارته. كان مجلسه مكتظا بأناس شتى. منهم أهل علم ومنهم سياسيون. ولأول مرة رأيت صالح بحر العلوم الكربلائي النائب السعيدي. كان يتحدث عن إيران والحركة الوطنية. وصفها بأنها أعمال صبيان مستهترين. هذا الرجل من سكان كربلاء وهو من نفس عائلة بحر العلوم في النجف. وهم في الأصل من سكان إيران، وعلويون وبالرغم من أن العلويين يعتبرون عرباً إلا أن إقامتهم هناك واندماجهم بالفرس طبعهم بطباع الفرس. وعلى الرغم من إنهم يقيمون في النجف منذ تزعم الشيعة في العراق جدهم الأكبر -السيد مهدي- الذي عرف بهذا الاسم –بحر العلوم-، ما يزال بعض رجال هذه الأسرة في ألسنتهم لكنة أعجمية. لاحظت هذا في لسان السيد محمد علي الذي كان –عينا- أيام العهد الملكي، والسيد هاشم وأبيه جعفر. أما طراز حياتهم ففارسي بحت. ويعجبني منهم السيد صادق الذي عين قاضياً في العمارة. أما صاحبنا صالح بحر العلوم الشاعر الذي كان بداية أمره من الروحانيين في بزته ودراسته، فقد ثار عليها ودرس إلى المتوسطة ثم -تأفند- وقضى ردحاً من الزمن من ذوي الطرب والهوى ثم أتجه سياسياً، لكنه يجبن في كثير من المواقف، ويتجرأ في بعض الهزات الجماهيرية.

كان بعض الحاضرين يستوضح من الشيخ عن حقيقة الأوضاع في مصر، ومدى تجاوب الشعب مع الحكم القائم اليوم؟ أعتذر الشيخ بأنه كان في دوامة المؤتمر. ولكنه لخص جوابه: أن الذين استفادوا من ثورة مصر، هم الفلاحون. وان الوضع حقيقة لم يتبدل في كثير من مظاهره.

وزار قاسم في 16/7/1962 معمل تعليب كربلاء ومعمل الأحذية في الكوفة، دون أن يدخل البلد. وبهذه المناسبة اعتقلت السلطات الأمنية بعض الشباب التقدمي!؟.


السويد ‏3/07‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter