| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الخميس 4/8/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(16)

عام جديد
هو ذا عام 1965. أطل عليّ وعلى ابني محمد وهو يقبع في سجن نقرة السلمان المشؤومة، وأنا في سجن الحلة، بالقلعة المسماة "الجديدة". أما هو فقد خسر من عمره الدراسي خمس سنين يقضيها في سجنه، إذا لم يمنن عليه ربه فينقذه ليعود إلى الدرس والتحصيل.
وأما أنا -إن كنت لا أعلم عن صحة الاتهام لأبني- فإني أنا نفسي بريء حقاً، ولا علاقة لي مطلقاً بأية منظمة سياسية، وأنا أكرر، أن تنصلي لم يكن بدافع الجبن والخوف، أبداً. فالنضال من أجل القضية الوطنية ، وضد الاستعمار والاستغلال، إن لم يكن له أمثالي فمن يكن إذن؟ وقد ذكرت مراراً أسباب تجنبي ومشاركتي أبناء وطني في الانخراط في أية منظمة أختارها للمفاهيم التي أستوعبها، وانكمشت عن نفسي بعيدا عن كل ممارسة لأي نهج سياسي وفي أي خط. ولذا أشجب هذه التهمة التي أصر الحكام أني واحد من رجالها أو المنتمين إليها، لا خوفاً، إنما لأنه إدعاء باطل.
وفي مطلع هذا العام أذيع : أن رئيس الجمهورية أمر الحاكم العسكري بإطلاق سراح جميع من أنهوا محكومياتهم بدون قيد أو شرط*. وضحى اليوم 13/01/1965 بدأت معاملة إطلاق سراح 104 سجناء من القلعة الجديدة، منهم من كان قد أعطى البراءة، والأكثرون من رفض البراءة. ومن القلعة الوسطى 282 سجينا. وبعد يومين جاء بعض رجال الأمن من بغداد يحملون استمارات -براءة- مطبوعة، ونودي بأسماء عدد من السجناء فتقدم لهم بعض ورفض الأكثر. وكرر رجال الأمن عرضهم فلم يتقدم إلا عدد قليل كان قد قدم البراءة من قبل هذا. وأعلن أيضا أن 133 سجينا قد خفضت أحكامهم وأطلق سراحهم من النقرة، وكان من ضمنهم عبد الحميد سعود. وكنا قد أبرقنا بتأريخ 19/01/1965 إلى اتحاد الأدباء في المؤتمر الذي أعلن عن انعقاده هذه البرقية:
مؤتمر إتحاد الأدباء العرب المحترمين - بغداد!
تحية. وبعد فأن شرف الكلمة ومجد الحرف يضعانكم أمام مسؤولياتكم الفكرية، فارفعوا أصواتكم من أجل الحرية للأدباء العراقيين زملائكم في حمل رسالة القلم. أنتم تدركون أن الأدب والحرية صنوان. ولقد زج بنا في السجون أبان انقلاب 8 شباط وبعد ردة تشرين وإثر محاكمات صورية، قامت بها المجالس العرفية. فنأمل أن لا تألوا جهداً في أداء واجبكم تجاه الأدب، وان تعملوا من أجل أطلاق سراحنا لتتاح لنا فرصة العمل من أجل أن نعود إلى رحاب الفكر، لنسهم في خدمة شعبنا وشكراً.

عن سجن الحلة المركزي
علي الشبيبي، هاشم الطعان، عبد الجبار الأعظمي

وأبرقنا برقية أخرى في 6/2/1965 إلى مؤتمر نقابة المعلمين:
بغداد – قاعة الخلد- المؤتمر الخامس لنقابة المعلمين
نحن أعضاء النقابة من مدرسين ومعلمين والبالغ عددنا -72- عضوا سجينا سياسياً في سجن الحلة المركزي. نحيي المؤتمر ونطالبكم بتنفيذ واجباتكم النقابية تجاهنا للتوسط لدى الجهات المسؤولة، وتبني قضيتنا والعمل لإطلاق سراحنا، وإعادتنا إلى مدارسنا لنساهم مع شعبنا في بناء الاشتراكية، وتحقيق الوحدة العربية.

عن سجن الحلة المركزي
اعتذر لفقداني أسماء الموقعين، وكنت أحدهم.

فاقدوا الحرية من السجناء، مختلفون في مدى تحملهم حرمانهم من حريتهم، ومن العيش مع عوائلهم وذويهم. لذا انكسرت نفسيات بعضهم، فأدوا المطلوب الكريه -البراءة- الذي يتنافى مع كرامة المواطن، وأكثر فهو أيضا عار وسبة في تأريخ أي حكم يطالب به المواطن السياسي.
وأصبنا بالفجيعة لإصابة أثنين من زملائنا السجناء، وهم من أسرة التعليم. إذ أصيب الشاب هادي الدباغ باضطراب عقلي بتأريخ 13/2، وبعده في 15/2 أصيب عبد الصمد العاني. وأحيلوا بعد مقابلات متعددة مع مدير السجن إلى بغداد، فأعيدوا بتقرير مضحك، خلاصته "انهيار عصبي!؟"
بينما يشغل آخرون أنفسهم بترهات إن دلت فإنما تدل على الخطل، وانعدام التفكير في حيّز الإنسانية، ومطامحها. جدل بين شاب "شيوعي" قد أعطى البراءة وآخر من الحزب الفاطمي! الفاطمي شتم وطعن الشيوعية. تأثر المتبرئ، وتطور الأمر، انحاز للفاطمي اثنان كربلائيان متبرءان وثالث غير متبرئ ناصرهما. هذا الثالث يعد نفسه شيوعياً وأنا أعرف انه لا يناصر الشيوعية إلا لأن له أخاً عسكرياً، أعدم في انقلاب 8 شباط، قيل أنه شيوعي.


سجن الحلة/ القلعة الجديدة في 30/11/1964. وقد توزع السجناء في الساحة ليتمتعوا بأشعة الشمس
ويفسحوا المجال لتنظيف قاعتهم. المربي الراحل علي الشبيبي يمارس هوايته في المطالعة وعلى
يساره إسماعيل عرب، وعلى يمينه عبد الخالق وحمزة عبود.

* * * *
واشتدت أزمات السياسة بين العربية المتحدة وألمانية الغربية. الواقع إن المسألة ليست ألمانية ولا إسرائيلية أيضاً. إن تآمر واسع تتزعمه أمريكة ضد البلاد العربية جمعاء. وألمانية الغربية أداتها وإسرائيل قاعدتها. والرجعية في البلاد العربية سندها، وضرب القوى الوطنية سبيلها في تصدع الداخل ليسهل تسديد ضربة من الخارج. وعرف عن الاستعمار أنه شجع ضرب الشيوعيين وعن هذا الطريق بضرب كل وطني لا يمشي في ركب الاستعمار.
الأنباء تشير إلى بشائر إطلاق سراح السجناء متواصلة. يبدو أن وزير الداخلية رجل له شخصيته المتميزة. وعليه أن نتذكر انه الوحيد الذي لم ير أخذ البراءة صفة طيبة للحكام. الحكام كغيرهم من الناس يأتون ويذهبون، ولكن أغلبهم لا يهمه أن يكون حديثاً حسنا - لمن روى -.
فقد أصدر وزير الداخلية صبحي عبد الحميد بياناً في 23/03/1965 أعلن فيه: أن على كافة المعلمين والمعلمات الذين انتهت مدة فصلهم أو لم تنتهي، المبادرة إلى تقديم طلباتهم إلى مديريات التربية في الألوية فوراً بشأن إعادتهم إلى الخدمة. وذلك للإسراع في النظر في أمر أعادتهم للوظيفة في ضوء الخطة التي وضحتها الوزارة في منشورها الصادر في 30/1/1965 -عن جريدة الثورة العربية 211-.
وأذيع مرسوم جمهوري بإطلاق سراح بعض السجناء، وتخفيض محكومية بعض، عددهم خمسون سجيناً. لكن المضحك أن عدد من أطلق سراحه من النابذين لم يزد على أكثر من ستة.
وحين زارنا الأهل كانوا يحملون إليّ رسالة من الدكتور مصطفى جواد، جواباً على استفسارات مني، ضمنها أجوبة مشكوراً. ولست أعرف كيف عرف عنوان بيتي، ولماذا أرسلها إلى بيتي؟ وهو يعتذر عن معنى كلمات وردت في -نشيد الإنشاد- المذكور في التوراة عن النبي سليمان. فيقول: انه لا يفسرها إلا المختصون بالتفاسير الإسرائيلية، وعن بيتين من الشعر اعتذر بعدم العلم عنهما. الكلمات كانت مثل -عُفر الأبائل- القواميس اللغوية التي بين أيدينا، العُفر الغزلان أو الأيائل ذات اللون المشابه لرمال الصحراء، والعفراء الشقراء شقرة تشبه شقرة الرمل. لقد ذكرت بضع كلمات من نشيد الإنشاد فاعتذر كما ذكرت. وعن الأبيات الشعرية منها هذا البيت:

فكنت كمن خــــاف الندى أن يبلّه فعاذ لدى الميزاب والقطر بالبحر

فكان جوابه لا أتذكر قائله، ولكن هذا المعنى جاء في شعر كثير لشعراء كثيرين.
ونشرت جريدة الثورة في عددها الصادر الجمعة 14/5 على صفحة 5 كلمة بعنوان "أدباء السجون" منها هذه العبارة (وليمة شهية بأطباق قذرة) إنها شتيمة قذرة، لا تليق أن تصدر عن ناقد أديب. أما المؤلف فهو عبد العزيز الحلفي. كتابه أدباء السجون، ضم تراجم عدد من أدباء السجون، باختصار شديد. أنه ينفع كفهرست لأسماء أولئك الشعراء، والكتب التي ذكروا فيها. هو مجهول على أية حال لا يستحق تلك الشتيمة، كما لم يكن واضحا من يقصد وماذا يعني، شهية، بأطباق!؟ المؤلف أم المترجمون؟ إذ جاء في هذه الكلمة قوله (بدأ بطرفة بن العبد، وانتهى بـ علي الشبيبي في العصر الحديث) والكتاب في جزئين. لابأس، الكاتب والناقد، لكل منهما شكرنا نحن القراء!؟
خير ما استفدته في حياتي السجنية المطالعة. طالعت عن حياة عمر الخيام، الشاعر الفارسي الشهير برباعياته، مؤلفه الكاتب الأمريكي هارولد لام، وترجمة محمد توفيق مصطفى. الخيام كأمثاله من العباقرة، يقدمون إلى البشرية ما ينير حياتهم أو يرفه عن نفوسهم، ويدلهم على الطريق اللاحب فيجزون المر والآلام، إنهم يزرعون الخير، فلا يحصدون إلا الشقاء؟ فإذا ما غادروا هذه الحياة أستغل إنتاجهم، وعبقريتهم. فيمجدون، ويفاخر بهم، ويُتخذ ما خلفوه من أثر، وسيلة يستدر تجار الحياة ضروع المنافع والجاه، وبنفس الوقت، يُرهق عباقرة زمانهم، الذين يواصلون المسيرة في الكشف بواسطة ما يبدعون، كلَّ غامض ليمهدوا السبيل لكل من هو بحاجة إلى من يهديه.
وطالعت قصة -عمال البحر- للكاتب الفرنسي الكبير، فيكتور هيجو. سئمت منها أول الأمر، حتى إذا وصلت منتصف الكتاب لم أستطيع تركها ساعة للاستراحة. يعجبني من هذا الكاتب دقة تصويره للأمكنة التاريخية، والأحداث، لكنه مولع كعادة أمثاله الكلاسيكيين، بتصوير أحداث مذهلة إلى حد المبالغة، والمحرجات التي لا يجد منها المرء مخرجاً إلا بمعجزة، ثم ينهي حياة بطله بكارثة. ولكنه يثبت تحدي بطل قصته للقدر ويصور كفاح الإنسانية العنيف من أجل الحياة.
اُعلن من الإذاعات أن انقلابا حدث في الجزائر، قاده بومدين و بوتفليقه. ونحوا بن بله الذي ينتظر مصيره. واعترفت بالحكومة الجديدة أمريكة وفرنسا. وسحبت بريطانيا اعترافها، وسارعت الصين واندنوسيا بالاعتراف، لأن بن بله كان يريد أن يحضر المؤتمر الأسيوي في الاتحاد السوفيتي خلافا لرغبتها.

البشرى
ليس أغلى عند كل مخلوق من حريته. من أدنى حيوان إلى أرقاه. والسجن حبس للحريات، ودكٍ للنفس البشرية، لا يقاومه إلا من أوتي خطاً وإيمانا بعدالة وشرف نضاله، واستناد عقله، فهو يدرك أن الموت نهاية كل حي، فليمت إذن ميتة شريفة، ميتة الشجاع الشهم. شاعرنا المتنبي يقول:

وإذا لم يكن من الموت بدٌ فمن العار أن تكون جبانا

ويقول:

فحب الجبـــان النفس أورده البقـــا وحب الشجاع النفس أورده الحربا
ويختلف الفعــلان والذنب واحــــد إلى أن يُرى إحســان هذا لذا ذبنــا

وتلاحقت البشائر. لقد نشرت جريدة الثورة في عددها 305 في 21/7/1965 مراسيم جمهورية، بتخفيض أحكام وإلغاء أحكام. وكان من بين من أعفي عما تبقى له من مدة سجنه ، أسمي واسم ولدي محمد. أي أني قضيت مدة محكوميتي، توقيفا وسجنا وما شملني من هذه المكرمة السخية غير 12 يوم فقط!. ولكن ولدي محمد ناله خير كثير، إذ ربح ثلاث سنين. وجاء من الناصرية شاب جالبا معه صور المراسيم إلى مركز مديرية شرطة الحلة، من أجل أخيه المشمول بها. وسفرنا إلى بغداد، إلى الأمن العامة. كانوا يدخلون كل واحد منا لوحده لأخذ صحيفة أعمالنا وكأننا جدد. فقد أخذوا يستوضحون عن التهمة المسندة لكل منا. اثنان كانا قد أعطيا براءة، فطالبهما بإعطاء البراءة مجددا، فامتنعا لهذا السبب، لم التكرار؟! فكان نصيبهما الضرب، وتوقيفهما.
انتظرت في الفندق ثلاثة أيام على أمل وصول محمد بلا جدوى، وتوجهت إلى أهلي عندها. كانت لهم فرحة. لكنها صماء بكماء. إنها فرحة ناقصة، إن لم أعد إلى وظيفتي. فلقد لقي أهلي الشقاء وأصيبوا بأمراض، خصوصا أمهم التي تحملت أعباءهم، كانت توفر ما تستلزمه الدراسة وكل بناتي طالبات، بينما لم تنس أن لها في السجن زوج وأبن.
وبعد أيام، جاء البشير أن محمد وصل في سيارة أمن!؟ ما معنى هذا؟ واجهت المتصرف سلطان أمين فلم يجدني نفعاً، رغم ما بيننا من معرفة. هذا طبيعي فهو صهر بهجت عطية، وعلى تلك المصاهرة تحول من الجيش إلى الأمن! سلطان أمين كرماشة نجفي من محلة العمارة. زميل شقيقي حسين في الدراسة الثانوية. أختار كل طريقه. سلطان إلى الكلية العسكرية والاسكافي إلى الطب وهديب إلى الحقوق، وكانت أيضا مطمح حسين. وتدور الدنيا وبسبب الطريق الذي سلكها حسين، وإذا بسلطان أحد أركان بهجت العطية ويُحكم حسين بالإعدام.
أني حريص على حياة ولدي. من أجله سافرت إلى بغداد. وزرت الشيخ الشبيبي، فاتصل بـمحمد الحديثي، وهذا اتصل بمدير الأمن العام، الذي أجاب: من جهتنا لم نأمر بتعطيله، فلينتظر أبوه، ثم ليقدم لنا عريضة عن ذلك!؟
طبعاً هم لا يعارضون إجراءات موظفيهم، مادامت مع أمثالنا وإن لم تكن قانونية. واجهت مدير أمن كربلاء، بواسطة مدير منطقة تجنيد كربلاء صفاء القيسي. كان مفوض الأمن لطيف الجبوري يحاول إرغامه على تقديم البراءة، وأخيرا بعد إضراب ولدي عن الطعام أطلق سراحه نقي الضمير.

*- كانت السلطات في كل العهود تحتجز السياسيين أحيانا بعد إنتهاء محكوميتهم ولأشعار غير محدد، وتجاوزت فترة الحجز للبعض أضعاف مدة الحكم!؟/ الناشر


السويد ‏04/08‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter