| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد علي الشبيبي

Alshibiby45@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الأثنين 22/8/ 2011

 

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1996)

محمد علي الشبيبي

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف

مقدمة
القسم الرابع والأخير من (ذكريات معلم) عنوانه (ثورة 14 تموز والسنوات العجاف). يتناول فيه المربي الراحل كيف كان تأثير تلقي نبأ ثورة 14 تموز على والده. وتأثير منجزاتها على الحياة العامة. ومن ثم تذبذب نهج الزعيم سياسيا، وتأليب القوى السياسية على بعضها، وتردده في الوقوف بحزم ضد المؤامرات والمتآمرين بينما كان متشدداً مع القوى الوطنية ذات المصلحة الحقيقية في الحفاظ على مكاسب الثورة.

في تموز 1958 تدهورت صحة الشيخ الجليل - والد الشهيد -، ويأس الأطباء من إمكانية شفائه أو تحسن صحته، حتى أنهم لم ينصحوا بنقله إلى المستشفى. وكان الشيخ في جميع صلواته يدعو من الله أن يشهد نهاية الطغاة. وفي صباح 14 تموز هتف أخي الأكبر "كفاح" بعد أن أستمع لإذاعة بغداد "إنها الثورة!". وبشر جده المستلقي في الفراش وهو في نصف غيبوبة بهذا الخبر السعيد. تفاجأ الجميع بردة فعل الشيخ، ومحاولته الجلوس هاتفا بفرح "الحمد لله ، شكراً لك يا رب فقد استجبت لدعائي!". فكان نبأ الثورة الدواء الشافي للشيخ.

عانى الشيخ الجليل رغم تقدمه بالعمر في ظل الحكم الملكي من الاضطهاد والمضايقات حتى في معيشته، وللأسف تحالفت القوى الدينية الرجعية مع سلطات الحكم الملكي في محاربته في كسب رزقه، وذلك للضغط عليه وحرفه عن توجهه المنبري التنويري في كشف الفساد والظلم الاجتماعي وتوعية مستمعيه. وتمادت سلطات النظام الملكي في اضطهادها للشيخ الجليل باعتقاله وإرساله إلى كربلاء، ومن ثم تقديمه إلى محكمة في الرمادي -وقد قارب الثمانين عاما- بعيدا عن محل إقامته خوفا من غضبة أنصاره. وبالرغم من هذه المضايقات وما أصابه من نكبات بدءا بإعدام ابنه "حسين" وسجن ابنه الأصغر "محمد علي" وفصل واعتقال ابنه الأكبر"علي"، فان الشيخ بقى صامدا صلبا في مقارعة الظلم وفضح عملاء النظام ومرتزقته.

أن الثورة بمنجزاتها السياسية والاقتصادية وما حققته في المجال الاجتماعي قد غيرت حياة الشعب العراقي كثيراً وكادت أن تنقل العراق نقلة نوعية متقدمة، لولا تلكؤ قاسم وشراسة المؤامرات التي اشتركت فيها جميع القوى المستفيدة من العهد الملكي والتي تضررت بمنجزات الثورة أو أنها اختلفت مع مسيرة الثورة بسبب مواقفها الأنانية الضيقة.

ويتحدث الوالد عن نجاح ثورة تموز وبداية عهد جديد. ودوره في إحياء جمعية المعلمين والعمل من أجل توحيد المعلمين في قائمة وطنية موحدة، بعيدا عن التحزب والحزبية الضيقة. ويوضح موقفه في العمل المهني، فيكتب "الواقع إني لم أكن قط متحيزا في نظرتي إلى كيفية خدمة المعلم عن طريق الجمعية أو النقابة في المستقبل. أنا أكره التمييز بين المعلمين من ناحية انتمائهم". ويصف أسلوب بعض القوى السياسية في تفاهمها من أجل وحدة قيادة جمعية المعلمين والسيطرة عليها، وكأنه يكتب ليومنا هذا بعد سقوط الصنم، فيكتب "... ولكن الغريب في الأمر إنهم تعاونوا مع الذين كانوا بالأمس مسيطرين على الجمعية -وفي خدمة العهد المباد- كما جرى التعبير".

وبعد مسيرة قصيرة للثورة برزت التناقضات بين قياداتها العسكرية، وبين قوى الجبهة الوطنية التي انفرطت عمليا حال إنجاز الثورة، وتخبط الزعيم في سياسته. يستخلص الوالد ملاحظاته وتوقعاته لمصير العهد الجمهوري الجديد، فيكتب تحت عنوان -من هو- "أنا أعتقد إن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد وداخل أحزاب لها قوانينها وأنظمتها، وإن الحكم يجب أن يكون بيد الحزب الذي يتم له الفوز بأغلبية في الانتخابات الحرة بدون تدخل السلطة المؤقته. وأن لم يتم هذا فإن انهيار الثورة محقق". لذلك هو يؤكد على أهمية الحياة الديمقراطية من خلال انتخابات حرة، وضرورة سن قانون للأحزاب ينظم نشاطاتها، فإن هذا هو صمام الأمان لمواصلة الثورة وإلا فإن انهيار الثورة محقق!؟

وانعكست آثار انتكاسة ثورة 14 تموز مجددا على الوالد مثلما على معظم فئات الشعب. فتعرض بسبب نشاطه في حركة السلم، واشتراكه مع بعض زملائه الذين بادروا لقيادة عمل "جمعية المعلمين" بعد سقوط النظام الملكي إلى الاعتقال والإقامة الجبرية في لواء ديالى بعيدا عن عائلاتهم. وبعد رفع الإقامة الجبرية تم نقل الوالد وزملائه إلى الأقضية التي أبعدوا إليها بقرار من مدير معارف كربلاء كاظم القزويني، وبضغوط من القوى الرجعية من المدينة وخارجها.

ويروي الوالد محاولة المتصرف (المحافظ) حميد الحصونة الخبيثة والحقودة لعرقلة إعادته للتعليم -بعد إنهاء الإبعاد- في نفس الخالص. وقد عُرف الحصونة بمواقفه الرجعية والانتهازية وحقده على القوى التقدمية وأشتهر بشعاره الذي رفعه بعد انتكاسة ثورة 14 تموز "أمي مخلص خير من مثقف هدام" وهذا يدل على مدى جهله وعدائه للثقافة والمثقف! وأثناء مقابلة الوالد له بوجود بعض الضيوف هاج وماج بدون مقدمات على الوالد بأسلوب بعيدا عن الأدب والذوق، مكيلا له السباب وإتهامه (شيوعي ..... أكسر راسك ...) وغيره من كلام لا يليق بمكانته كمتصرف! وهنا يكون موقف الوالد واضحا وجريئا في رده فيكتب الوالد: (... وقررت أن لا أغض النظر، وأن أرده مهما كلف الأمر ..... حين سكت قلت: الملفة ليست دليلا أبدا. وحتى لو تكلم الإنسان وادعى في وقت وظرف معين، فليس ذلك بكاف. ألم تعلن أيام تموز الأولى في الديوانية "أني نشأت أنا وفهد على رحلة واحدة في المدرسة؟". ألم تقل أثناء كلمة ألقيتها على تظاهرة شيوعيين في الديوانية لتأييد ثورة تموز "حتى قدور بيتنا شيوعية!؟". أنا مؤمن إنك لست شيوعيا، رغم ما صرحت به، وأنا أيضا ليس لي انتساب فعلا لأي حزب سياسي سري أو علني.). إن رد الوالد ومجابهته الصريحة بمواقفه الانتهازية الغبية أيام تموز الأولى كانت كالصاعقة عليه أمام ضيوفه، مما أضطره أن يتراجع عما أضمره للوالد من حقد، ولم يكن الوالد يبالي بما ستكون ردة فعل هذا الجاهل.

ربما لاحظ القارئ والمتتبع لجميع أقسام (ذكريات معلم) أن الوالد طيب الله ثراه كان يهتم ويتأثر كثيرا بطبيعة علاقات المجتمع الذي يعيش في وسطه. فهو ينتقد بمرارة وأسى بعض الطباع السيئة -في محيطه الاجتماعي القريب- كالنفاق والجبن والخبث وفقدان روح التضامن وعدم الوفاء والتردد، وكلها صفات يمقتها الجميع ظاهرياً، لكن البعض يرى أنها أو بعضها ضرورية في حياته اليومية!؟. بينما يشيد بكل ما هو إيجابي في أي مجتمع عاش في وسطه خلال رحلته التعليمية وتنقله. فيكتب عن مجتمع مدينة الخالص ( ... وأهل البلد على طيبتهم التي تتجلى لي في ابتساماتهم حين أمر عليهم مُسلِّما أو حين أشتري من بعضهم حاجة. يتجنبون الحديث معي ولكنهم يرحبون بي حين أدنو منهم لشراء حاجة). ويتحدث تحت عنوان "البلد الطيب" عن أسلوبه في علاقاته مع الآخرين، وهو أسلوب يعتمد على الثقة العالية بالنفس والقدرة في الإقناع فيكتب ( أنا لا أتخوف من الناس مهما كانت سمتهم، وقد جربت نفسي كثيرا. إني أستطيع أن أبدل ما في أذهان بعضهم عني، وأكسب محبتهم). ومن يقرأ ذكريات الوالد سيطلع كم من الأشخاص الذين كانوا يتخذون موقفا سلبيا منه ونجح في تغيير قناعاتهم عنه.

لم تمضي سوى أشهر على إلغاء الأبعاد ورفع الإقامة الجبرية على الوالد في الخالص حتى نجحت القوى السوداء في إسقاط ثورة تموز بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 بتحالف القوى القومية والإقطاع والرجعية وبمباركة من الدول الاستعمارية في الخارج والقوى الدينة الرجعية الممثلة ببعض مراجعها. حيث بدأت مرحلة من السنين العجاف تخيم على حياة العائلة والشعب العراقي أجمع. وخيم على العراق جو مكفهر يعيث فيه الذئاب من أفراد الحرس القومي -وهي مليشيات من البعثيين والقوميين- دمارا. أنتهك فيه الحرس القومي الأعراض، وزج بخيرة الوطنيين في السجون، وتعرض ألاف -نساء، وأطفال، ورجال- إلى التعذيب والتصفية الجسدية. وتحولت الملاعب الرياضية والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب والتحقيق.

ويتحدث الراحل عن هذه الفترة المظلمة من حياة الشعب، وعن التعذيب الهمجي الذي تعرض له شباب كربلاء في مركز التعذيب "المكتبة العامة" التي تحولت إلى "مسلخ بشري". فكان يعاني ويحس بآلام المعذبين خلال فترات وجوده للتحقيق في "المكتبة"، فكتب قصيدته - قولي لأمك -، ومن أبياتها:

أســــفاً لـــدار العلم بعــد العـــلم تغــــدو للعــــذاب
غرفاتها تحوي السلاسل لا الـمطــــالع والــكتــاب
والسوط قد خلف اليراع وعـنه في الـتعبيــــر ناب

ولم تنتهي معاناة الوالد والعائلة مع سقوط نظام البعث في 18 تشرين الثاني 1963، وإنما استمرت بإحالتنا جميعا - الوالد، وأخي كفاح، وأنا - إلى المجلس العرفي الأول. وأصدر المجلس قراره بسجن الوالد لسنتين وأنا –كاتب هذه السطور- خمس سنوات وشقيقي الأكبر بستة أشهر مع وقف التنفيذ.

وفي سجن الحلة يقضي والدي فترة سجنه بالمطالعة وتسجيل ملاحظاته ومتابعة ما يجري في العالم. فيجمع ملاحظاته في مخطوطة سماها - كشكول سجين - متنوعة المواضيع والمصادر. وفي السجن يعيش ويراقب المحيطين به وقد جاءوا من منحدرات اجتماعية مختلفة ويحملون أفكاراً وعادات متنوعة وحتى متناقضة. ويشبه السجن بالخمرة التي تكشف حقيقة شاربها وتفضح مدى مصداقيته بما كان يؤمن. فيسجل انطباعاته عن السجن ومجتمعه في موضعة -مآسي ومشاكل- فيكتب: (... السجن محك، كالخمرة، تكشف حقيقة شاربها، إن كان غليظ الطبع، خالي الوطاب من أدب أو علم، أو إذا كان ذا نفسية معقدة أو مشاكل لا يعرف عن أسبابها شيئا. ولا يدرك للتخلص منها سبيلا. والاتهامات والمحاكم العرفية دفعت بأناس لا يعرفون من السياسة حرفا...)

وبعد تحررنا من السجن، تستمر رحلة الوالد والعائلة في بحر تتلاطمه الأمواج، إنها السنين العجاف التي سادت العراق وغيبته عن العالم. حيث يستمر الفصل السياسي وتبوء كل محاولات الوالد للعودة للوظيفة. وتصطدم محاولاته بحقد ولؤم مدير الأمن والمتصرف في ديالى، وتوضع أمامه مختلف العقبات والأعذار التافهة لعرقلة عودته. وتبقى العائلة تعاني من ضعف المورد المالي الوحيد وشظف العيش، بينما الوالد في سفر دائم متنقلاً بين كربلاء وبعقوبة لمقابلة المسؤولين لعله ينجح في العودة للوظيفة أسوة بالآخرين من أمثاله. فيكتب عن معاناته هذه:
(لو كان سهما واحداً لاتقيته ولكنه ســــهم وثـانٍ وثالث
أجل والله، بالنسبة لي، هي أكثر من ثلاثة، إنها سهام متواصلة، حياتي غير مريحة، ولكني أوبخ نفسي. إني أحبها، فأخاطبها: إن الصبر طيب، تحقيق المطالب الحياتية بالسعي مع الصبر مفخرة، ويجعل الحياة لذيذة). نعم كانت هذه هي مبادئ الوالد في الحياة -الصبر والمفخرة-، فكان دائما يقول لنا: فكروا بمصائب غيركم تهون عليكم مصيبتكم، فهناك في هذا العالم من مصيبته أعظم من مصيبتكم!.

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، وشمل القرار عودة الوالد. وأيضا لم تخلُ عودته من خبث المسؤولين القدماء الجدد، فكانت عودته في مدينة الرمادي بعيداً عن عائلته، متجاهلين طول خدمته في التعليم وكبر سنه، وما يسببه هذا البعد من متاعب له. وحتى بعد نجاحه للتبادل -بجايش- مع أحد المعلمين في الحلة، فأن مدير تربية الحلة "جابر الدوري" أصر خلافا للعادة الجارية والتي تقضي مباشرته في نفس مدرسة المعلم البديل، على إبعاد الوالد عن مركز المدينة للعمل في أحدى قرى الحلة البعيدة!

ويختم الوالد حياته التعليمية التي أخلص لها وعمل خلالها بتفان، بتقاعده أواسط عام 1971 حيث كان معلما في مدرسة -أبو سِفن- التابعة لقضاء طوريج التابع للواء الحلة في وقتها. ومع إحالته على التقاعد ينهي والدي (ذكريات معلم). لكنه يبقى كما كان معلما ومرشدا حريصا على سمعة المعلم، فهو لا يبخل بتقديم النصح والملاحظات لطلبته القدامى وأصدقائه. وبحسرة وأسى متجاوزا كل ما أصابه من حيف واضطهاد بسبب ما يحمله من مبادئ سامية، فيكتب: " فليت لي حولا وقوة لأواصل رسالتي في أداء خدمة بلدي. ولست آسفا أبدا إنا نحن المعلمين كالجسر يعبر عليه الألوف ثم تبلى أخشابه، فلا تعود تذكر على لسان"

لقد نشرت (ذكريات معلم) للوالد وقبلها مجموعة قصائده (أنا والعذاب) وبعض كتاباته المتفرقة. إن ما قمت به من عمل متواضع بنشر بعض مخطوطات الوالد جزء من واجبي كابن، وتلميذ وفيٌ كنت ومازلت استعين به، وكزميل زاملته في المعتقلات والسجون، وكمربي أصابه الغبن والحيف في حياته من قبل أنظمة استبدادية. أرجو أن أكون قد وفقت بنشر وطبع كتاباته، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه وفاءاً لذكراه الطاهرة.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏‏12‏/05‏/2011
 

4- ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف
(19)

في مهب الريح
لدينا من أمثال العرب قولهم (الناس على دين ملوكهم) وحديث عن النبي العربي (ص) (كيفما تكونوا يولَ عليكم). لا أريد أن أناقش المثل والحديث ففي رأيي أنهما غير متناقضين. نحن العرب بدءاً من ساستنا، نناقض ما تستوجبه مصلحتنا الحقيقية، في مجالي الإصلاح الاجتماعي في الداخل وفي المجال السياسي عموماً.
ما من قائد من قادتنا، إلا وتجده بعد أن يحوز حماس الجماهير فيما يعلنه بخطبه الرنانة، التي يحمل بها على الاستعمار ومن ساعده من الحكام السابقين، ملوكا ورؤساء جمهوريات. هو يعتقد إن تصفيق الجماهير وهتافاتهم وحدها كافية، في حين يعرض عن الساسة الآخرين في أحزابهم الخاصة أو التابعين له في حزبه.
الحكومات السابقة كانت لا تسمح للعسكريين الانخراط في الأحزاب السياسية، لأن معظمها كانت ملكية. وتأويل ذلك في حسابها وتعليلها إن دخول الجيش في السياسة، يفتت القوة ويضعفها، فالجيش سياج الوطن. ونسوا إن كثير من حكوماتنا معروفة بولائها للدول الاستعمارية الكبرى. ولكن الجيوش في البلدان العربية، لم تعدم من الشعور الوطني فقد برزت انتفاضات من الجيوش بقيادة أفراد منها عرفوا بوطنيتهم، أو أفكارهم القومية -لا الشعبية- فهذا أندر من الكبريت الأحمر -كما يقول المثل- الجيش في الغالب يميل للفكر القومي، لأن هذه النعرة لا تقاومها الحكومات، بل ولا الاستعمار. إذ أن بعض الرجال في كل الحكومات العربية ينادي بهذا، ولكنه لا يتظاهر بأنه يستند إلى عسكريين. فالرئيس المهيمن، خصوصاً إذا كان من نوع نوري السعيد لا يتغاضى عن وجود من يعمل ضد حكمه في الجيش، ولن ننسى أحداث عام 1941.
هذه المقدمة الطويلة سقتها بمناسبة اجتماع القادة العرب. مصر بزعامة جمال عبد الناصر، وسورية، والأردن. ثم سرعان ما انتهى إليه أمر الدفاع المشترك، الذي عرفت بـ "نكسة حزيران" ولم تخف أسباب هذه النكسة. فأهم دول الاستعمار - أمريكة وبريطانية وفرنسا- متمسكة بالتزامها لإسرائيل، وقد ساندنها فعلاً. والحر تكفيه الإشارة، إذا قلنا أن كل واحد منا يعلم، كيف يعرض في كل قضاياهم عن هيأة الأمم ومجلس الأمن، ويتجهون إلى تلك بصفتها الشخصية. ذلك لأنهم لو توجهوا إلى الأمم المتحدة بصدق لوجدوا من يساندهم من رجال الشعوب المتحررة الشرقية. ولكنهم يحذرون ذلك، كما عبر شاعرنا الجواهري:

فخـوفـــــوهــا بدب ســـوف يأكلهــا    في حين سبعون عاما تألف السباعا

حين حدثت نكسة حزيران، ضاق صدري وخرجت للتمشي صباحا، وجدت البلد وكأن ظلاماً هندسا يلفها، فالشوارع خالية إلا من أفراد قلائل يمشون وكأنهم ينتظرون حدثاً مخيفاً. لقيني معمم يدعى الشيخ عبد علي الساعدي يعرفني ولم اعرف اسمه. لكني أعرف عنه تبع الحزب الشيوعي فترة من حياته ثم انظم إلى حزب قومي أيام ثورة 14 تموز. بادرني بلهجة جافة بقوله: أرأيت موقف جماعتك؟ وخيانتهم لمن اعتمد عليهم؟. بدهشة، قلت: من تعني جماعتك؟
- الحمر!
- أمرك عجيب يا أخي. أنا مالي في سياسة بلدي رأي. فكيف عن الآخرين!؟. وبضجر أفلت لساني فذكرت له حكاية شابين عرفا بالفجاجة، أو ما يعبر عنها العامة بقولهم -فطر-. احدهم تزوج بمساعدة الثاني وهو يبدو أنضج من العريس. لم يتمكن العريس من الزوجة، إنها ترفض، كلما دنا منها ركلته برجلها، استغاث بأخيه. الذي كان ينتظره بضجر على باب غرفته. فلم يجد بداً من إخراجه وتقدم هو إليها، وبعنجهية لفها لفاً، ولما انتهى كل شيء، هتف زوجها من خارج الباب، عبالج آني؟ هذا أخويَ حسن!؟ وأنهيت كلمتي، يا أخي إذا لم تكونوا ذوي قدرة فلا تنتظروا "حسن" ذلك خزي وعار.
ومع ذلك فقد بادر الاتحاد السوفيتي وبعض الدول الاشتراكية وبواسطة مجلس الأمن، فوجه إنذارا للدول التي شاركت إسرائيل بوقف القتال والعودة إلى خط الهدنة. وقطع الاتحاد السوفيتي علاقته بإسرائيل؟
واستقال جمال عبد الناصر. وخرجت مصر كلها متظاهرة، رافضة استقالته. الحق إن جمال مع كونه قضى فترة حكمه بالتجارب في تسمية واتجاه مسيرته السياسية، فانه بين حكام وزعماء العرب خيرهم، وان هو أيضا احتكر الحكم. وكانت النكسة له صدمة. فهو وزن متفوق على بقية زعماء الحكومات العربية المتحررة، إذا صح إنها كذلك. فمع العلاقة بالدول الاستعمارية العملاقة وفي مقدمتها أمريكة، لا يمكن أن يتمكن أي زعيم على تحرير بلاده كما يجب. من توخى التحرر التام، فليبعد هؤلاء حتى لو أضطر شعبه أن يعيش عيش الزاهدين.

رجال أحببتهم
ويلذ لي أن لا أنسى وأنا أدون ذكرياتي هذه أن أسجل شذرات عمن الفتهم والفوني في السجن وخارجه.
هاشم الطعان هذا زميلي وصديقي -هنا- هاشم الطعان المثقف، المطالع الدؤوب، والشاعر المبدع، ذو المعشر الرائع، آية في ذكائه، وهو راوية شعر حاضر البديهة، لولا حدة في مزاجه، بحيث يلتزم الجفاء لأي زميل لزلة خفيفة. فلا يعود لممازجته، بل مجالسته. أذكر أنه قد أعد قصيدة بمناسبة ليلقيها باحتفال أقمناه لكنه فاجأنا بعدوله عن ذلك، لأن المسؤول عن إدارة الحفل، وهو فنان كردي، عصبي المزاج وفيه شوفينية حتى أنه أحتج ذات مرة، كيف خصص لتمثيلية عربية يومان، ولتمثيلية كردية يوم واحد!؟ وعبثا حاولوا إقناعه، بأن السجناء العرب هنا أكثر عدداً، مضافاً إليهم من حضر من رؤساء الدوائر ومديرية السجن وشرطتهم.
يحيى ق. (يقول الكلمة وميخاف!) حقاً انه لا يخاف، وانه ليقول بجرأةٍ وشجاعة، بلهجة كأنها جمار متقدة. أعرفه منذ كان مديراً لمدرسة الغري الأهلية في النجف. وكان أخي -حسين- إذ ذاك تلميذا في هذه المدرسة. لم التق به إذ ذاك مطلقاً. لكني كنت اسمع من يتحدث عن سيرته واهتماماته الوطنية. وكانت هذه المدرسة أصلاً نبتة طيبةً، سعى لتأسيسها نخبة من الذين عرفوا بوطنيتهم، أمثال سعد جريو، والسيد حسين كمال الدين، وآخرين لا تحضرني أسماؤهم. كانوا ينتخبون لها معلمين مخلصين ووطنيين وان لم يكونوا من أعلى درجة في المعرفة. مع إني عرفت كثرين منهم، كانوا غير قاصرين في المادة العلمية التي يُسند إليهم تدريسها. أحيانا يجلبون أساتذة مصريين لإدارتها والتدريس. أتذكر منهم أن أحد مدرائها، حين باشرت أنا في القسم الليلي تلميذا، يدعى محمد علي ناصر ويدرس الانكليزية.
يحيى ق كان احد المحجوزين في سجن الحلة عام 1963 التقى به الصديق الأستاذ هاشم الطعان. دنا منه متهيباً، وكأنه يدنو من قديس. عرفه بنفسه. فهش الرجل وبش، وبحسرة وألم، وهو يمسك بيد هاشم، وقال: إننا نأسف يا ولدي إننا لم نحقق لكم كل ما طمحنا إليه من استقلال وحرية في هذا الوطن، ولكنا مع الأسف تركنا لكم وطناً متعباً!؟
كلمة رائعة، وصراحة شجاعة. غيره لم يستح أن يقول كلمات التبجح، فيدعي ما لم يكن. بعضهم يذكر متاعبه وجهاده -وهو مجاهد- لكنه يعزو الفشل إلى ناس هذا الوطن فقط وكأنه يجهل إن سماسرة الاستعمار الذين امسكوا بالزمام هم وراء كل فشل لخدمات المخلصين.
أحب أن أسجل موقفاً له في سجن الحلة ردهة 2. معاون شرطة موصلي كان يأتي إلى هذه الردهة ويصيح: كل موصلي منكم فليقف ويكون حاضراً وسأعود!؟ لكنه لا يعود ويبقى الموصليون واقفين إلا يحيى، فانه يستمر يلعب الشطرنج. تكررت لعبة هذا المعاون أياما. فنهض يحيى وصاح بصوت عالٍ: تعال منعول الوالدين، ما تريد من الموصليين، العن أبوك لا أبو الذي أرسلك، كلب حقير!؟ وجمد المعاون بمكانه وذهب من حيث أتى بصمت ولم يعد مرة أخرى.
هبة الدين الشهرستاني رجل أحببته وكنت أحترمه. وحين أجلس إليه، أو أجده في ديوان أتردد عليه، الزم الصمت متوجها لسماع حديثه بكل جوارحي. دعاه أبي مرة إلى بيته بعد أن زاره. وسألته: هل لما قيل أن السيد جمال الدين الأفغاني أقام في النجف مدة للدراسة، عند احد العلماء الذين عرف عنهم، إنهم متخصصون بعلم المصطلح عنه "العرفاني" أي عن الحقيقة المطلقة، أو - واجب الوجود -؟
فأجاب: هذا سمعناه بعد أن اشتهر اسم الأفغاني لا في حينه. قلت: وما رأيك فيه؟ أجاب: أولاء نفر وضعوا هذه -وأشار إلى عنقه- على هذه - وأشار إلى راحة يده -.
ثم لما انخرطت في سلك التعليم عام 1935 والتحقت بدورة للدراسة حيث عُهد تدريس منهاج خاص لعدد كبير من المعلمين - خريجين وغير خريجين - نخبة من الأساتذة المشهورين أمثال الدكتور فريد زين الدين. عيّن هبة الدين أيضا لتدريس وإلقاء محاضرات عن الدين الإسلامي، وقد استشهد في بعض محاضراته بقصيدة له عن واجب الوجود، ورصد جائزة لمن يحفظها عن ظهر غيب، وحفظتها (ذكرت هذا في "معلم في القرية" تحت موضوعة "الدرس الأول").
لن أتحدث عنه أكثر فالرجل أكبر من أن أكون أنا المتحدث عنه، وهو من عرف بجهاده من ناحية التأليف، والصحافة، وفضله مشهود له.
الشاعر صالح الجعفري إنا من محبيه والمعجبين به، رغم إني لم أتتلمذ عليه، ولكني أحد أفراد الشلة التي لم ينفصل أعضاءها بعضهم عن بعض إلا نادراً. لن انسَ تلك المجالس التي كانت تضمنا والاجتماعات الخاصة في بيتنا أو بيت أحدنا. وكأنّا لم نكن ندري إذ ذاك إنا نمهد الطريق للأجيال الجديدة. صالح الجعفري شاعر -العصفورة- والقصائد الغرر ومن أبيات "العصفورة":

عصفورتي لا تعجبي واحتسي من خمــرة الآلام صهبــاءهـا
حُــرِمت الــدنيــا على كل من لم يحتمل بالصبــر ارزاءهــا

حين أعلن المرحوم الأستاذ جعفر الخليلي انه يهيئ كراساً باسم "حبوب الاستقلال" للدكتور "روس" ويدعو الأدباء للمساهمة. أرسل إليه الجعفري هذين البيتين:

أكذا يقـــــــــال وربمــــــــا كان الثقــــاة مخبـــرينــــــا
شــــلت يـمينـــــــــــــك إن رفعت على المعاهدة اليمينا

وكان حينذاك يتوقع العراقيون تصديق المعاهدة التي جاء بها الملك فيصل عام 1930. ومن شعره الوطني "تحية لغاندي" ومنها هذه الأبيات:

قف في منى واهتـــــف بمجتمع القبائل والوفــود
حجوا فلســتم بالغيــــن بحجكم شــــرف الهنــود
حجــوا إلى اسـتقـلالهم وحججتموا خوف الوعيد
وإطاعة الأحـــــــــرار أفضل من طاعات العبيد

واغرب خاطرة ، كنت على وشك غفوة والساعة ميعاد نوم. وبدا لي وكأني في حفل تأبين أستاذي العزيز -الجعفري- وفعلا نظمت هذه الأبيات:

رزئتُ به وكم أتت الليــــــــالي برزءٍ لا يقـــاوم بالنضـــــــــال
بذي الـرأي المثقف - جعفــريٍ - عَــلا فأنــــار قمة كل عـــــــال
له النظـــر البعيــــد بكل أمــــرٍ يُمحصــه فيمنحــــك اللئــــــالي
مجـــالســـــه رياض مولقــــات أزهـارهـا أحـــاديث غــــــوالي
أبا النطق الفصيح عراك صمت ولا عجب فذا شــــأن الليـــــالي
فقد غنى الذليـــل بصـــوت نُكرٍ يمجـــد في غنــاه أبا رغـــــــالِ

الحديث عنه يطول. كان يرفض الأباطيل التي ساند بعضها رجال دين لهم شهرة ، منها موقفه من مواكب -التطبير والسلاسل- وقد أفتى أبرز شخصيات آل كاشف الغطاء الشيخ محمد حسين فتواه بحليتها. فتقدم الجعفري، وبكل جرأة ترجم فتوى لقريبه -الحُجة- فتوى سبقت هذه بسنين مطبوعة باللغة الفارسية ونشرها في كراسٍ لأحد المعارضين لتلك البدع، الكراس أصدره الشيخ محمد كنجي باسم "التنزيه". كذلك حين أفتى المرجع المعروف بـ "النائي" بحليتها. عمد الجعفري لترجمة كتاب لهذا المرجع باسم "هداية الأمم" كان يدعو فيه للتحرر الفكري وضد الحاكم الدكتاتوري. وكان هذا المرجع قد حرص أن لا يعلم أحد بهذا المؤلف، فقد غير رأيه، بعد أن أصبح مرجعا شهيراً. ولما نشر قسم منه في مجلة العرفان. طالب النائي الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء أن يتوسط الأمر لدى الجعفري فلا يستمر بالنشر ... مع هدية نقدية لا بأس بها. أما الجعفري فقد أخذ الهدية، ونشر قسماً آخر، اعتذر عن هذا حين وصل عدد العرفان، إن هذا كان لدى المجلة مع القسم الذي نشر قبل ذلك.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد ‏22‏/08‏/2011
 


السويد ‏22/08‏/2011


من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - ثورة 14 تموز 1958 والسنوات العجاف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (2)

من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - عودة ومصائب وعواصف (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (21)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (20)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (19)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (18)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (17)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (5)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (4)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (3)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (2)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - الدرب الطويل (1)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (22)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (16)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (15)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (14)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (13)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (12)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (11)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (10)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (9)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (8)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (7)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (6)
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (5)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (4)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (3)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (2)
من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية (1)



 

free web counter