|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  5  / 11 / 2014                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

من أعماق السجون
نقرة السلمان ... قيود تحطمت

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.co.uk


حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ..
لا يجوز طبع أو تصوير أو اقتباس أي مادة من الكتاب أو تسجيله صوتيا أو على الحاسوب أو في أقراص مدمجة إلا بموافقة المؤلف

موبايل: 07703136884
البريد الإلكتروني:
alidanykhader@yahoo.co.uk

واذ نباشر في موقع الناس نشر الكتاب على حلقات ، نتقدم من المؤلف الاخ العزيز عبدالقادر أحمد العيداني بجزيل الشكر والتقدير لاختياره الموقع لعرض هذا الكتاب القيم ، وتقديم حلقاته بنسخة الكترونية ، أملين التوفيق في ايصالها الى اوسع مدىً وجعلها في متناول كل من تعز عليهم مصالح الشعب والوطن ....

حكايات تروي الكفاح الملحمي للشيوعيين العراقيين
حيث الصمود والبسالة والإصرار على التضحية
للفترة (1963 – 1968م)
مع ملف عن معتقل قصر النهاية

تصميم الغلاف الأول والأخير: الفنان صالح جادري
تصميم المتن والإخراج الطباعي: قاسم محمد علي

تنويه للقارئ الكريم:
إن الصور المنشورة في الكتاب هي حصراً من إرشيف المؤلف الذي يحتفظ به منذ خمسة عقود، ونشر البعض منها في الصحف والمجلات العراقية وبعض مواقع الانترنيت، لذا اقتضى التنويه.

[25]

الشيء بالشيء يُذكر



جواد كاظم عواد (أبو تحسين) يعلن سقوط نظام الطاغية صدام بنعاله

بعد سقوط الطاغية الذي تحكّم بالحديد والنار على رقاب أبناء شعبنا لأكثر من ثلاثة عقود، وامتلأت معتقلاته وسجونه ودوائر أمنه واستخباراته بخيرة شباب العراق ورجاله الميامين، ولم تستثن حتى الشيوخ والأطفال في مقابره الجماعية وحروبه التي أحرقت الأخضر واليابس، بعد سقوطه المريع واختفائه في جحره العفن، الذي تمثل فيه أكثر درجات الجُبن والخذلان، بعد سقوطه هو وزمرته الحقيرة التي أذاقت الشعب المر والهوان، حيث وقف بوجههم هذا الشعب البطل المتمثل بأحزابه المناضلة بكل عزة وشمم لدحر هذا الطاغية وأعوانه.

نقلت لنا شاشات التلفزيون والفضائيات العربية والأجنبية صورة السيد (جواد كاظم عواد) (أبو تحسين) وهو يُعلن سقوط النظام البعثي الفاشي بضربات (نعاله) ويردد الكلمات التي انفجرت من أعماق قلبه، ومن روحه العراقية الأبية (هذا اللي ظلمنا، هذا اللي قتلنا)، ويضرب بـ(نعاله) على صورة الطاغية.

كان (أبو تحسين) يعمل بائعاً للشاي بالقرب من قناة الجيش، مقابل اللجنة الاولمبية، ليسدّ رمق أطفاله من خلال كدحه وعمله الشريف، عندما رأى البعض من الناس يقوم بسرقة كل ما يقع في يده من المنشآت والدوائر الحكومية وبرعاية جنود الاحتلال، فما كان منه إلا أن التقط صورة الطاغية صدام حسين، ليُعلن حكم الشعب بالقضاء على النظام البعثي الفاسد.

هذا الموقف لأبي تحسين أعادني إلى عدة عقود من السنين خلت، حيث تحققت التنبؤات القائلة بأن التاريخ يعيد نفسه، إلى المواقف البطولية للشيوعيين والوطنيين العراقيين، الذين كانت تبتلعهم السجون والمنافي والمحاكم البوليسية.

ففي تموز عام 1964م شهد المجلس العرفي العسكري الأول في معسكر الرشيد برئاسة المقبور العميد (نافع بطي) وممثل الادعاء العام العقيد (راغب فخري) مهزلة من مهازل التاريخ تطرقنا لها في فصل سابق، هذه المهزلة المسخ نقلت وقائعها في حينه إذاعة الحزب الشيوعي العراقي (إذاعة صوت الشعب العراقي) حين تم تقديم (14) مواطناً كنتُ أحدهم، إلى المحكمة وبجرّة قلم تم الحكم علينا بـ(الأشغال الشاقة المؤبدة لمدة عشرين عاماً) لكل مناضل منا، في الوقت الذي لا يجمعنا أي رابط تنظيمي أو حزبي غير التضحية وحب الوطن.

ومن مهازل هذه المحكمة أن صيغة الحكم كانت (10 سنوات) وفق المادة 43 من قانون الأحزاب والجمعيات، و(10) سنوات أخرى وفق الفقرة أ – ب من ذيل قانون العقوبات البغدادي. إنها مهزلة من مهازل القدر التي ابتلى بها شعبنا من هذه الزمر العفنة وحكمها الإجرامي.

ويدور الزمن دورته ونحن ننتقل ما بين سجون نقرة السلمان والبصرة والحلة والعمارة، إلى أن حطّ بنا الرحال في معتقل (قصر النهاية) سيء الصيت وذلك بعد انقلاب 17 تموز 1968م، وفي عام 1969م عندما كنتُ في معتقل (قصر النهاية) قذف علينا المجرم صباح ميرزا الذي كان من ضمن مجاميع تعذيب السجناء لدى المقبور (ناظم كزار)، قبل أن يتحول إلى حماية سيده الطاغية صدام حسين، رمى إلى داخل غرفتنا في المعتقل، بالمجرم (نافع بطي) رئيس المجلس العرفي العسكري الأول، الذي كنتُ معتقلاً فيه، وكانت تهمته التآمر على حكم البعث الفاسد، هنا دارت دورة الأيام العصيبة من جديد، وأصبح (الحاكم) و(المناضل) وجهاً لوجه، بعدما انقلبت المقاييس على (الحاكم).

فطلبتُ من رفاقي وبعض المعتقلين منهم الكادر العمالي الحاج شراد شريف وشهاب كزار سالم أخ الشاعر الشهيد أبو سرحان ومحمد ورش واسماعيل مولود وسجناء آخرين، طلبتُ منهم السماح بالتصرف الذي سأقوم به.. فناديتُ على نافع (بطه)، هكذا كان يُلقَّب من قبل السجناء، بسبب شكله القذر الذي يشبه (البطه)، قلت له : هل تعرفني..؟، فلاذ بالصمت، فشرحتُ له واقعة محاكمتي مع رفاقي في عام 1964م، وأنا واقف فوق رأسه، وقلتُ له بالحرف الواحد: (اليوم أنا الحاكم وأنت المجرم المحكوم)، لتذكيره بما دار بيني وبينه من خلال وقائع المحكمة، وأعلمته أن العشرين سنة التي حكمني بها ظلماً سوف أسترجع حقي فيها، وعند ذلك انهلتُ على رأسه القذر بـ(20) ضربة بالنعال، قائلاً له إن كل سنة حكمتني بها حقها (نعال) على رأسك القذر ورؤوس سادتك الحكام.

هذا هو حكم التاريخ، يسحق بالأقدام والأحذية كل مجرم ونظام حكم يتصوّر أنه خالد لا يُقهر إلى الأبد، لأن مصيره حتماً إلى مزبلة التأريخ، وانتصار إرادة الشعب حتميّ عليه.


 

[24]  من أعماق السجون - نقرة السلمان ... قيود تحطمت - عودة البعث مرة ً ثانية ومجازرهم في قصر النهاية
[23]  من أعماق السجون - نقرة السلمان ... قيود تحطمت - وداعاً نقرة السلمان
[22]  من أعماق السجون - نقرة السلمان ... قيود تحطمت - حبل المشنقة
[21]  صور من مواقف رجولية وتحدٍّ للطغاة لسجناء نقرة السلمان - (4) حكاية خرساء
[20]  صور من مواقف رجولية وتحدٍّ للطغاة لسجناء نقرة السلمان - (3) قدوري .... العظيم ونبله الإنساني
[19]  صور من مواقف رجولية وتحدٍّ للطغاة لسجناء نقرة السلمان - (1) عبدالكريم علي الشذر - (2)  جوهر صديق شاويس
[18]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان) -  (9) سامي احمد العامري السجين المثالي والقائد المتميز

[17]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان) -  (8) الرجل الأممي عبدالقادر إسماعيل البستاني
[16]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان) -  (7) طعمه مرداس ابن الناصرية الأسطوري
[15]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (6) القائد العمالي (صادق جعفر الفلاحي)
[14]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (5) أبو سرحان... المناضل والشاعر الشهيد

[13]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (4) أبطال الموانئ في محافظة البصرة يتحدّون المشانق...
[12]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (3) المعلم والمربي يحيى (ق) رجلٌ لا يخاف
[11]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (2) الشهيد هندال جادر - ابن الطبقة العاملة العراقية
[10]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (1) الملازم صلاح الدين أحمد - استشهاد يفوق التصوّر
[9] محاكمات لا مثيل لها في التاريخ
[8] عمليات الهروب من سجن نقرة السلمان
[7] بعض مفاصل النشاطات اليومية
[6] الاحتفالات بالأعياد الوطنية والأممية في سجن نقرة السلمان

[5] تفاصيل الحياة اليومية لسجناء نقرة السلمان

[4] سجن نقرة السلمان

[3] البادية الجنوبية

[2] إنتفاضة معسكر الرشيد... وقافلة الموت
[1] التقديم .. الاهداء .. توطئة

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter