|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة  17  / 10 / 2014                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

من أعماق السجون
نقرة السلمان ... قيود تحطمت

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.co.uk


حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ..
لا يجوز طبع أو تصوير أو اقتباس أي مادة من الكتاب أو تسجيله صوتيا أو على الحاسوب أو في أقراص مدمجة إلا بموافقة المؤلف

موبايل: 07703136884
البريد الإلكتروني:
alidanykhader@yahoo.co.uk

واذ نباشر في موقع الناس نشر الكتاب على حلقات ، نتقدم من المؤلف الاخ العزيز عبدالقادر أحمد العيداني بجزيل الشكر والتقدير لاختياره الموقع لعرض هذا الكتاب القيم ، وتقديم حلقاته بنسخة الكترونية ، أملين التوفيق في ايصالها الى اوسع مدىً وجعلها في متناول كل من تعز عليهم مصالح الشعب والوطن ....

حكايات تروي الكفاح الملحمي للشيوعيين العراقيين
حيث الصمود والبسالة والإصرار على التضحية
للفترة (1963 – 1968م)
مع ملف عن معتقل قصر النهاية

تصميم الغلاف الأول والأخير: الفنان صالح جادري
تصميم المتن والإخراج الطباعي: قاسم محمد علي

تنويه للقارئ الكريم:
إن الصور المنشورة في الكتاب هي حصراً من إرشيف المؤلف الذي يحتفظ به منذ خمسة عقود، ونشر البعض منها في الصحف والمجلات العراقية وبعض مواقع الانترنيت، لذا اقتضى التنويه.

[24]

عودة البعث مرة ً ثانية
ومجازرهم في قصر النهاية

لم يمضِ على إطلاق سراحي من سجن (نقرة السلمان)، ومن دائرة أمن البصرة إلا خمسة أشهر حتى عاد البعثيون من جديد بوجههم الكالح، أشدّ مكراً وحيلةً وأحابيل، بالادعاء أنهم اتعظوا من تجربتهم الأولى، وذلك لغرض خداع بعض القوى الوطنية بشعاراتهم لزائفة التي ظنها البعض أنها تنصب لمصلحة الشعب العراقي، وهذا محض هراء لأن البعثيين استفادوا من تسلطهم السابق، ليتفننوا بأساليب وطرق مخادعة، وبدهاء ومكر وخسّة، وما أن ترسخت أقدامهم نوعاً ما، إلا وبدأت مطحنتهم القذرة تسحق أبناء الشعب العراقي.

في كانون الأول 1969م تم اعتقالي من قبل زمر البعث بالتنسيق مع منظومة استخبارات المنطقة الجنوبية، بعد أن نصبوا كميناً لي في منطقة المعقل على إثر وشاية. كانت هذه العصابة بإمرة المجرم أسعد مجيد العايد، وكان نائب ضابط ثم أصبح عضو قيادة فرع البصرة لحزب البعث، وما إن أدخلوني منظومة استخبارات المنطقة الجنوبية الواقعة بمحلة الطويسة، بجانب مقر حزب البعث (المهدم حالياً)، حتى بدأت فنونهم الإجرامية في التعذيب الوحشي والربط على جذع النخيل، لتنهال سياط الجلادين على جسمي، فلم يستطيعوا الحصول على ضالتهم أو على أي موقف ضعف يعتريني من جراء أساليبهم الإجرامية، وبعد مرور أكثر من شهر على ذلك، أرسلوني إلى دائرة أمن البصرة باعتباري مدنياً، ولم تكن عصابات الأمن أقل وطأةً من أساليب الاستخبارات العسكرية، وبعد علمهم وتشخيصي بأني سجين سابق في سجن (نقرة السلمان)، زادوا من تعذيبهم لغرض الحصول على أية معلومة، فكان كلامي لهم بأني دخلت إلى السجون بريئاً، وتحملت مرارة السجون بدون وازع من ضمير الحكام، وخرجت كذلك بأنه لم يثبت عليّ أي دليل بأن لديّ ارتباط حزبي. بعدها وضعوني في معتقل مديرية أمن البصرة التي انتقل مقرها على طريق (البصرة – عشار) في محلة التحسينية، ومضى عليَّ أكثر من شهرين وأنا في زنزانات أمن البصرة، وبعد ذلك أرسلوني مرةً ثانية إلى استخبارات المنطقة الجنوبية، مكثت فيها حوالي ثلاثة أشهر بدون استجواب أو العمل لإطلاق سراحي.

بعد مضي هذه المدة حشرونا في باصات كبيرة، لا نعلم إلى أي جهة سيرسلونا إليها، إلى أن وصلنا إلى بغداد ليلاً، وأدخلونا مقر وزارة الدفاع العراقية، حيث مديرية الاستخبارات العسكرية العامة التي مقرها في وزارة الدفاع، ومنها نقلونا في نفس الليلة إلى معتقل لم نعرف اسمه، إلا بعد أن وصلنا إليه، فأخبرنا من سبقونا أننا في معتقل (قصر النهاية) سيء الصّيت، هذا المعتقل القذر الذي شهد استشهاد خيرة قادة الحزب الشيوعي العراقي في عام 1963م، الرفاق سلام عادل السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، ومحمد حسين أبو العيس عضو المكتب السياسي، والشهيد حسن عوينه مسؤول التنظيم المركزي للحزب، تلاها بعد أشهر قليلة استشهاد جمال الحيدري ومحمد صالح العبلي وعبدالجبار وهبي (أبو سعيد)، والمئات من الشيوعيين الآخرين.

هاهم نفس المجرمين وعصابات القتل تعود من جديد وبصورة أكثر إجراماً وأكثر تفنناً بأساليب أبشع من سابقتها، بعد أن استفادوا من تجاربهم الماضية في الإيغال بدماء أبناء الشعب العراقي عسفاً وإجراماً.

كانت اللجنة التحقيقية الثانية تمارس عملها في معتقل (قصر النهاية) بإمرة المجرم (ناظم كزار)، وهي وليدة لمنظمة (حُنين) الإرهابية (جهاز الاستخبارات البعثي الإجرامي)، ومعهم مجموعة من المجرمين أمثال صباح مرزا محمود ومحسن الشيخ راضي وجبار الكردي وجبار ابن العوره كما كانوا يلقبونه وعدد آخر من المجرمين.

وكانت زمر البعث الإجرامية في قيادات الحزب ومنها القيادة القطرية على اتصال دائم وزيارات متكررة إلى المعتقل من ضمنهم المجرم صدام حسين وعزة الدوري وطه ياسين رمضان وسعدون شاكر وآخرين، يأتون أغلب الأوقات ليلاً مخمورين ويتلذذون بتعذيب من يكون ضحية تحت أياديهم القذرة.

كان (قصر النهاية) بإمرة المجرم (ناظم كزار) الذي كان يلقّب بـ(المقدم أبو حرب)، وكان يتعامل مع عصابته الإجرامية من خلال الإشارات المتفق عليها بينهم، فكان إذا وضع يديه على نظاراته الطبية التي كان يرتديها إشارة لاستعمال الأسلوب الفلاني لتعذيب المعتقل السياسي، وحينما يضع يده على رأسه، فهي إشارة أخرى إلى أسلوب آخر من التعذيب. وبهذه الأساليب والألاعيب يأخذ ناظم كزار موقف المحقق الذي يعتقده عادلاً ومتعقلاً، ويأخذ بتهديد عصابته بالادعاء (إننا هنا ليس دائرة أمن، بل إننا حزب، وأسلوبنا يجب أن يكون عقائدياً مع خصومنا السياسيين). إلا أن أساليبه الخسيسة والمخادعة لم تنطل على الكثير من المناضلين الذين صمدوا بشكل بطولي أمام الطغاة، فاستشهد الكثير من المناضلين أمثال الشهيدين (أحمد محمود الحلاق) و(متي هندو) وكذلك العديد من الشهداء البواسل.

لم يكن معتقل (قصر النهاية) في تلك الفترة (1970 /1971م) يضم الشيوعيين فقط، بل ضمّ البعض من حكام النظام السابق لحركة تموز 1968م اعتقلوهم بحجة التآمر على الحزب والثورة أمثال (عبدالرحمن البزاز) نائب رئيس الجمهورية زمن حكم عبدالرحمن عارف، و(طاهر يحيى) رئيس وزراء، وعبدالعزيز العقيلي وزير دفاع، وعبدالكريم فرحان أحد الضباط الأحرار والمشارك في ثورة 14 تموز 1958م، وإبراهيم فيصل الأنصاري رئيس أركان الجيش وكانوا يلقبونه بـ(إبراهيم عفيفة) بإدعاء أن له علاقة مع المطربة عفيفة اسكندر، ونافع بطي رئيس المجلس العرفي العسكري الأول، والكثير من الحكام السابقين، فكان المجرمون في قصر النهاية والعصابات المتوحشة تستعمل معهم أخسّ وأقذر الأساليب التي تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان ولائحته الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة.

كانوا يستغلون هؤلاء المعتقلين بأن يأمروهم بسحب القاذورات من المجاري أو كنس الغرف والقاعات وهم يلوحون لهم بالسياط والعصي لضربهم غير عابئين لكبر سن أغلبهم. وفي أوقات عديدة عندما يأتون ليلاً مخمورين يطلبون من (طاهر يحيى) أن يرقص أمام المعتقلين.

إن الأعمال التي يؤديها هؤلاء المعتقلون بأمر من زبانية (قصر النهاية) يقف الإنسان أمامها مذهولاً مما يقوم به هؤلاء الأقزام الذين تسلطوا على الشعب العراقي لسنين طويلة وحكموه بالحديد والنار، وتراهم هنا في (قصر النهاية) أقزاماً راقصين.

بعد عدة أشهر من مكوثنا معتقلين في غياهب معتقل (قصر النهاية)، ومع ازدياد أحابيل البعثيين من أجل تدمير الحركة الوطنية وطليعتها الحزب الشيوعي، قاموا بإعلان العفو العام عن الشيوعيين العراقيين في شهر نيسان 1971م، فأطلق سراحنا على شكل وجبات ومجموعات. ولم تنته أساليبهم الإجرامية، ولم يكتفوا بعذابات الشعب العراقي، فقد كنتُ زائراً دائمياً لدوائر الأمن والاستخبارات بحجة أو بدونها إلى أن سقط حكم البعث الإجرامي في 9 /4 م 2003م، تلحقه لعنات الشعب العراقي على أيدي الغزاة المحتلين.


 

[23]  من أعماق السجون - نقرة السلمان ... قيود تحطمت - وداعاً نقرة السلمان
[22]  من أعماق السجون - نقرة السلمان ... قيود تحطمت - حبل المشنقة
[21]  صور من مواقف رجولية وتحدٍّ للطغاة لسجناء نقرة السلمان - (4) حكاية خرساء
[20]  صور من مواقف رجولية وتحدٍّ للطغاة لسجناء نقرة السلمان - (3) قدوري .... العظيم ونبله الإنساني
[19]  صور من مواقف رجولية وتحدٍّ للطغاة لسجناء نقرة السلمان - (1) عبدالكريم علي الشذر - (2)  جوهر صديق شاويس
[18]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان) -  (9) سامي احمد العامري السجين المثالي والقائد المتميز

[17]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان) -  (8) الرجل الأممي عبدالقادر إسماعيل البستاني
[16]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان) -  (7) طعمه مرداس ابن الناصرية الأسطوري
[15]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (6) القائد العمالي (صادق جعفر الفلاحي)
[14]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (5) أبو سرحان... المناضل والشاعر الشهيد

[13]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (4) أبطال الموانئ في محافظة البصرة يتحدّون المشانق...
[12]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (3) المعلم والمربي يحيى (ق) رجلٌ لا يخاف
[11]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (2) الشهيد هندال جادر - ابن الطبقة العاملة العراقية
[10]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (1) الملازم صلاح الدين أحمد - استشهاد يفوق التصوّر
[9] محاكمات لا مثيل لها في التاريخ
[8] عمليات الهروب من سجن نقرة السلمان
[7] بعض مفاصل النشاطات اليومية
[6] الاحتفالات بالأعياد الوطنية والأممية في سجن نقرة السلمان

[5] تفاصيل الحياة اليومية لسجناء نقرة السلمان

[4] سجن نقرة السلمان

[3] البادية الجنوبية

[2] إنتفاضة معسكر الرشيد... وقافلة الموت
[1] التقديم .. الاهداء .. توطئة

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter