|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  2  / 4 / 2014                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

من أعماق السجون
نقرة السلمان ... قيود تحطمت

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.co.uk


حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ..
لا يجوز طبع أو تصوير أو اقتباس أي مادة من الكتاب أو تسجيله صوتيا أو على الحاسوب أو في أقراص مدمجة إلا بموافقة المؤلف

موبايل: 07703136884
البريد الإلكتروني:
alidanykhader@yahoo.co.uk

واذ نباشر في موقع الناس نشر الكتاب على حلقات ، نتقدم من المؤلف الاخ العزيز عبدالقادر أحمد العيداني بجزيل الشكر والتقدير لاختياره الموقع لعرض هذا الكتاب القيم ، وتقديم حلقاته بنسخة الكترونية ، أملين التوفيق في ايصالها الى اوسع مدىً وجعلها في متناول كل من تعز عليهم مصالح الشعب والوطن ....

حكايات تروي الكفاح الملحمي للشيوعيين العراقيين
حيث الصمود والبسالة والإصرار على التضحية
للفترة (1963 – 1968م)
مع ملف عن معتقل قصر النهاية

تصميم الغلاف الأول والأخير: الفنان صالح جادري
تصميم المتن والإخراج الطباعي: قاسم محمد علي

تنويه للقارئ الكريم:
إن الصور المنشورة في الكتاب هي حصراً من إرشيف المؤلف الذي يحتفظ به منذ خمسة عقود، ونشر البعض منها في الصحف والمجلات العراقية وبعض مواقع الانترنيت، لذا اقتضى التنويه.

[13]

شهداء ومناضلون
من سجن (نقرة السلمان)

(4)

أبطال الموانئ في محافظة البصرة
يتحدّون المشانق...
 


الشهيد كريم حسين

يوم (24 / 12/ 1963م) كان يوماً حزيناً، مرَّ على أبناء البصرة والعراقيين أجمعين. حيث اعتلى أرجوحة الموت بطلان من أبناء الحزب الشيوعي العراقي، نحو الشهادة بكل شمم وإباء وهما يهتفان بالمجد للشعب العراقي، وبالعلا لحزب الشهداء (فهد وحازم وصارم وسلام عادل)والمئات بل الآلاف من الشهداء.

نعم، كان يوماً حزيناً وكئيباً على وجوه البصريين، هذا اليوم الذي عشته عن قرب حيث حطَّ بي الرحال في صباح ذلك اليوم المشؤوم في محطة قطار المعقل بالبصرة التي لا تبعد عن ساحة ميناء المعقل سوى عشرات الأمتار، وأنا مكبّل اليدين بأصفاد الطغاة، بسبب استدعائي من قبل مديرية أمن البصرة، وأنا معتقل في سجن (نقرة السلمان) حينها.

علمت من الناس المتواجدين في محطة القطار بإعدام الرفيقين (عبدالله رشيد) و(كريم حسين)، اللذان كانا معي قبل عدة أيام في سجن (نقرة السلمان)، فتجمدت العروق وجحظت العيون وشُلَّ اللسان، لهول الخبر، باستشهادهم قبل ساعة من وصولي محطة قطار المعقل. فتذكرت لحظات التوديع في سجن (نقرة السلمان)، وقد اتسمت بأنهار الدموع ونحن نودّع الأبطال إلى طريق الشهادة، الذي أصبح واقعاً في ذلك اليوم المشؤوم، حيث لا زالت كلمات الشهيد (عبدالله رشيد) ترنّ في أذني بالرغم من مرور هذه السنين الطويلة قائلاً لي: (ياعبدالقادر لا تبكي نحن إلى أين ذاهبون... إننا ذاهبون إلى الإعدام).

هكذا كانت معنويات البطلين الشهيدين (كريم حسين) و(عبدالله رشيد) وهما يودعان رفاقهم.

(الشهيد عبدالله رشيد كما مؤشر عليه بالسهم، ويظهر خلفه البطل الاولمبي العراقي عبدالواحد عزيز)

ووفاء للشهيدين اللذين أعدمتهما السلطات المجرمة، التي لم تكتف بما نفذته من جرائم بحق الشعب العراقي بعد انقلاب (شباط 63)، حيث سحقت الهمجية البربرية الآلاف من العراقيين في السجون والمعتقلات وأقبية التعذيب التي راح ضحيتها المئات من الشيوعيين العراقيين، شهداء ليسقوا شجرة الحزب التي امتدت عروقها في هذه التربة العراقية منذ ثلاثينات القرن المنصرم، فلم تستطع الريح السوداء العاتية من القضاء عليها، فظلّ الحزب الشيوعي طوداً شامخاً بوجه الأعداء والحكام الفاسدين، وكانت بداية استهدافهم بالرفاق فهد وحازم وصارم، واستمرت هذه المطحنة إلى روح وفكر الشهداء (سلام عادل وجمال الحيدري ومحمد حسين أبو العيس وحسن عوينه وعبدالجبار وهبي (أبو سعيد) ومحمد صالح العبلي)، والمئات بل الآلاف من الشهداء الشيوعيين منذ فترة انقلاب البعثيين وتآمرهم على جمهورية العراق وذلك بعد مؤامرة (شباط 1963م)، ومن ثم لتستمر وتتواصل هذه الهجمة البربرية، وهذه المجازر لحين سقوط الطاغية صدام حسين، بعد أن ترك للعوائل العراقية الآهات والدموع والفجيعة من خلال إجرامه وحروبه غير العادلة أو مقابره الجماعية التي لم تستطع إنقاذهم من هاوية السقوط، فاحتضنتهم مزابل التاريخ غير مأسوف عليهم، تلاحقهم لعنات الشعب العراقي مدى السنين والأجيال.

كان الشهيدان (كريم حسين) و(عبدالله رشيد) من خيرة شباب البصرة، ومن الرياضيين البارزين حيث مارسا لعبة رفع الأثقال وبأدوات بسيطة في ثلاثينات القرن الماضي في حدائق ساحة أم البروم بالعشار (البصرة)، بسبب عدم وجود الأندية الرياضية حينذاك، ومن خلال التدريب والنشاط الرياضي، أصبح الشهيد (عبدالله رشيد) بطلاً في مجال لعبة رفع الأثقال، ومن ثم مدرباً، وبجهوده المتفانية، وأخلاقه والتزامه الرياضي، استطاع أن يكتشف من المواهب الواعدة في مجال رفع الأثقال الكثير من الرياضيين.
يعود الفضل في انتشار لعبة رفع الأثقال في البصرة إلى الشهيد (عبدالله رشيد)، حيث انتشرت في المدينة، واستطاع أن يكتشف ويرعى البطلين العراقيين (جميل بطرس) و(عبدالواحد عزيز)، والعشرات من الأبطال الرياضيين. وقد أحرز المرحوم (عبدالواحد عزيز) على المركز الأول في بطولة آسيا عام (1957م)، وكذلك أحرز الوسام الاولمبي الوحيد الذي يمتلكه العراق على مدى أكثر من خمسين عاماً في دورة روما الاولمبية.

ومن الجدير بالذكر أن الراحل (عبدالواحد عزيز) ساهم كعنصر فعال في مهرجان الطلبة والشباب في موسكو عام (1957م)، مما أدّى إلى أن تحاربه سلطات النظام الملكي وتلقيه في لسجن، إلا أن ثورة 14 تموز 1958م كانت المنقذ الوحيد للبطل الراحل عبدالواحد عزيز، وقد رأيته بأمّ عيني صبيحة ثورة 14 تموز يسير في مقدمة التظاهرة التي كانت تؤيد ثورة 14 تموز وهي تسير في أسواق البصرة.

إنّ الشهيدين (عبدالله رشيد) و(كريم حسين) تربيا في صفوف لحزب الشيوعي العراقي، حيث كانا يعملان في رصيف ميناء المعقل في البصرة، وأصبحا من الكوادر العمالية النقابية وبسبب نشاطهما الحزبي والنقابي، لم يهدأ بال للطغاة من المسؤولين في مديرية ميناء البصرة، إلا وان لفقت ضدهما تهم باطلة بالادعاء بأنهما من المساهمين في قتل المقبور (أنس طه)، الذي انتقم منه عمال رصيف الموانئ، بسبب نشاطه المعادي للجمهورية العراقية، حيث أُعتقلا في عام (1959م) بسبب نشاطهما الحزبي والنقابي، وتم الحكم عليهما بالإعدام شنقاً حتى الموت، وأُلقيا في غياهب سجون البصرة ونقرة السلمان.

وعندما حان موعد تنفيذ الحكم عليهما بالإعدام شنقاً حتى الموت، بفترة قصيرة بعد سقوط زبانية البعث والحرس القومي في تشرين (1963م)، كأن آلاف الشهداء الذين سقطوا على مصرع الحرية والدفاع عن المبادئ الشيوعية، لم تشف ِ غليلاً للطغاة، وعندما حان موعد الرحيل لاعتلاء صهوة المجد، كان وداعهما حزيناً وباكياً من قبل رفاقهم السجناء الذين أحبوهما وأصبحوا إخوة لهما، فكانت كلمات وداعهما لسجناء نقرة السلمان، بالقول إن هذا الطريق اخترناه بمحض إرادتنا، وسنواصل المسير عليه بوجوه بيضاء وقلوب عامرة بحب الحزب والوطن.

وفي يوم شتائيّ بارد هو يوم (24 / 12/ 1963م)، أعدمت السلطات المجرمة أمام مديرية موانئ البصرة، الشهيدين (عبدالله رشيد) و(كريم حسين)، وكان غرضها من ذلك هو تخويف وإرهاب العمال، ومحاولة لكسر شوكتهم والتأثير على حسّهم الطبقي، كي لا يدافعوا عن مصالحهم الطبقية. وقد اعتليا أرجوحة المجد ليعانقا رفاقهما (فهد وحازم وصارم وسلام عادل)، والمئات من الشهداء. ونفـّذ بهما الطغاة حكم الإعدام شنقاً حتى الموت، فما كان من الشهيدين إلا ان يهتفا أمام مرأى الجماهير المحتشدة ومسمع إخوتهم عمال الموانئ وأبناء البصرة إلى ساحة الإعدام يعتريها الغضب والاستنكار لهذه الجريمة النكراء بالنصر للشعب العراقي وطبقته العاملة المجيدة، وردّد الشهيد (عبدالله رشيد) بصوته الجهوري الهتاف التالي :

(السجن لي مرتبه..
والقيد لي خلخال
والجنبه
(1) يا فهد
أرجوحة الأبطال
)

وقد رثا شاعر العرب الأكبر الجواهري الشهيدين بقصيدة هي من غُرر قصائده نقتطف منها :

أيا الرابع والعشــرين تكـــــلم
إن يوم النصـــــر قريب فتبسّم
في ساح الميناء رهط من ضحايا شنقت
وهي تصــبوا لآمـــال ٍ تتجسّم
لســـت شـــــؤماً لا.. وأنت
يــومٌ فيــك للأحـــرار بلسم

من خلال هذه التضحية الجسيمة بالأرواح، ومن اجل أن يكون الوطن حراً والشعب سعيداً، ويُرمى الطغاة في مزبلة التاريخ، ولكون الشهيدين هما أول شهيدين رياضيين في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ينفذ بهما حكم الإعدام يوم (24 / 12/ 1963م)، حبذا لو قامت الجهات المعنية بجعل هذا اليوم هو يوم الشهيد الشيوعي الرياضي.

المجد والخلود للشهيدين (عبدالله رشيد) و(كريم حسين).

 

(1) الجنبه : حبل المشنقة.

 

[12]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (3) المعلم والمربي يحيى (ق) رجلٌ لا يخاف
[11]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (2) الشهيد هندال جادر - ابن الطبقة العاملة العراقية
[10]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (1) الملازم صلاح الدين أحمد - استشهاد يفوق التصوّر
[9] محاكمات لا مثيل لها في التاريخ
[8] عمليات الهروب من سجن نقرة السلمان
[7] بعض مفاصل النشاطات اليومية
[6] الاحتفالات بالأعياد الوطنية والأممية في سجن نقرة السلمان

[5] تفاصيل الحياة اليومية لسجناء نقرة السلمان

[4] سجن نقرة السلمان

[3] البادية الجنوبية

[2] إنتفاضة معسكر الرشيد... وقافلة الموت
[1] التقديم .. الاهداء .. توطئة

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter