|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة 13 / 12 / 2013                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

من أعماق السجون
نقرة السلمان ... قيود تحطمت

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.co.uk


حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ..
لا يجوز طبع أو تصوير أو اقتباس أي مادة من الكتاب أو تسجيله صوتيا أو على الحاسوب أو في أقراص مدمجة إلا بموافقة المؤلف

موبايل: 07703136884
البريد الإلكتروني:
alidanykhader@yahoo.co.uk

واذ نباشر في موقع الناس نشر الكتاب على حلقات ، نتقدم من المؤلف الاخ العزيز عبدالقادر أحمد العيداني بجزيل الشكر والتقدير لاختياره الموقع لعرض هذا الكتاب القيم ، وتقديم حلقاته بنسخة الكترونية ، أملين التوفيق في ايصالها الى اوسع مدىً وجعلها في متناول كل من تعز عليهم مصالح الشعب والوطن ....

حكايات تروي الكفاح الملحمي للشيوعيين العراقيين
حيث الصمود والبسالة والإصرار على التضحية
للفترة (1963 – 1968م)
مع ملف عن معتقل قصر النهاية

تصميم الغلاف الأول والأخير: الفنان صالح جادري
تصميم المتن والإخراج الطباعي: قاسم محمد علي

تنويه للقارئ الكريم:
إن الصور المنشورة في الكتاب هي حصراً من إرشيف المؤلف الذي يحتفظ به منذ خمسة عقود، ونشر البعض منها في الصحف والمجلات العراقية وبعض مواقع الانترنيت، لذا اقتضى التنويه.

[9]

محاكمات
لا مثيل لها في التاريخ


خلال حكم وتسلط الطغاة على رقاب الشعب العراقي، رأينا العجب العجاب من الأحكام والقرارات الجائرة لهؤلاء العتاة المستبدين.
فمع ازدياد وعي الشعب العراقي ضد الحكام العملاء المستبدين الذي اقترن بالانتفاضات والوثبات الجماهيرية، كانت ردود فعل الحكام الانتقام من المناضلين وذلك بإقامة المحاكم العرفية العسكرية لتقتص من أبناء الشعب بالمئات إن لم نقل بالآلاف من السنين ضد خيرة أبناء الشعب العراقي.

من مهازل هذه المجالس العرفية العسكرية وصورها الإجرامية بحق المناضلين الشيوعيين في خمسينيات القرن الماضي، برئاسة الحاكم (عبدالله النعساني)، وفي إحدى جلساته عرضوا عليه مجموعة من المناضلين لغرض محاكمتهم، وكان من بينهم المرحوم (جنجون حسين)، فأخذ الحاكم يسبّ المناضلين بأقذع الألفاظ والشتائم ، ثم التفت إلى (جنجون) ولسانه السليط تتقاذف منه كلمات السباب قائلا له : هل سمعت يوماً بوزير إسمه (جنجون) حتى تريد أن تكون وزيراً..؟؟

فما كان من القائد العمالي الباسل وبحسّه الطبقي إلا أن يتحدى المجلس بقوله لهم : (هل سمعتم برئيس وزراء إسمه تشرشل..؟؟)، ويقصد به رئيس الوزراء البريطاني حينذاك ، مما أدى برئيس المجلس العرفي العسكري إلى إصدار الأحكام الجائرة بحق هؤلاء المناضلين الأشاوس.

هذا بالإضافة إلى أحكام قرقوشية أخرى ضد أبناء الشعب العراقي، ففي أحد الأيام اكتظّ قفص الاتهام بمجموعة من المناضلين الشيوعيين والوطنيين، فوقف البعض منهم خارج قفص الاتهام لعدم استيعابه، وبدأت المحكمة، فانبرى المجرم (عبدالله النعساني) بإصدار الأحكام الكيفية قائلاً في قرارات حكمه...((يُحكم كذا سنة من أبو العقال إلى الأفندي... ويُحكم من أبو السروال إلى أبو الدشداشة بكذا سنة... ويحكم على البقية من جهة اليسار كذا سنة))..، بهذه الصورة كانت تصدر الأحكام البربرية.

عند سقوط النظام الملكي ومجيء السلطة الوطنية على إثر ثورة (14 تموز 1958م)، استبشرنا خيراً بالمنجزات التي حققتها، وبالإجراءات التي اتخذتها بحق مؤسسات النظام الملكي، ومن ضمنها إلغاء قرارات المحاكم الصورية والعرفية، واعترفت السلطة بكون (الرفاق يوسف سلمان يوسف وحسين محمد الشبيبي وزكي بسيم) شهداء ضحوا بحياتهم من اجل انتصار الشعب العراقي.

لكن بعد انتكاسة الثورة وتسلط القوى الرجعية على العديد من مفاصل الدولة عادت المحاكم العسكرية المتمثلة بـ(المجلس العرفي العسكري الأول والثاني)، الأول برئاسة شمس الدين عبدالله والثاني برئاسة مدحت السعود، وأخذت تحكم وترسل أبناء الشعب إلى السجون والمعتقلات وبدون أسباب مبررة، واستمرت أحكامها بعد مجيء البعثيين إلى السلطة في انقلاب أمريكي في الثامن من شباط 1963م وما بعده إلى حين سقوط الحكام البعثيين في عام (2003م).

في (29/ 7 / 1964م) سيقت مجموعة من المناضلين الشيوعيين والوطنيين من سجن (نقرة السلمان)، وكنت أحدهم ، إلى المجلس العرفي العسكري الأول برئاسة الزعيم (العميد) نافع بطي وممثل الادعاء العام العقيد راغب فخري، وكان مقر المجلس في معسكر الرشيد ببغداد وكان عددنا (14) مناضلاً.

عند وصولنا إلى أبواب المعسكر بدأت تنهال علينا العصي والصوندات والضرب على الرؤوس وبقية أجزاء الجسم لحين إدخالنا في قفص الاتهام، وأغلبنا لم يثبت عليه أي مستمسك لغرض الإدانة، وملفاته خالية من المعلومات التي تفيد الحكام.وبعد أن نودي على المناضلين وهم في قفص الاتهام، قال المجرم رئيس المجلس نافع بطي (أمامكم طريقان أما العودة إلى سجن نقرة السلمان، أو الذهاب إلى أهاليكم بعد أن تعلنوا البراءة من الحزب الشيوعي..!!)، ثم اخذ ينطق بالأسماء واحداً واحداً، ومدعيه العام بدلاً من أن يقف مع المظلومين من المعتقلين، أخذ يطالب رئيس المجلس العرفي العسكري الأول، بإصدار أقسى العقوبات بحق هؤلاء المناضلين، وعندما نادى رئيس المجلس العرفي على اسمي (عبدالقادر احمد) قائلا: (ما رأيك في الحزب الشيوعي العراقي...؟!)، فكانت الفرصة الذهبية لي بأن أنبري قائلاً بأعلى صوتي: (إني مؤمن الإيمان العميق بحتمية انتصار الشيوعية في العراق)، فردَّ عليّ رئيس المجلس: (ومتى هذا الانتصار..؟)، فكان جوابي أمام رفاقي الموجودين معي في قفص الاتهام ومنهم (حسن علي حسين وجبار مصيخ وعبد علي السواد وآخرين، وجميعهم على قيد الحياة، أتمنى لهم السلامة وطول العمر) : (عندما تكون أنت في قفص الاتهام والشعب العراقي على منصة الحكم)، عندها بدأ جلاوزة المحكمة من الحرس بالضرب والركل بالأيدي وبما يجدونه أمامهم من عصي وأسواط ، وسحبوني من قفص الاتهام إلى الحديقة داخل المعسكر، والضرب يأتي عليّ من كل حدب وصوب بأعقاب البنادق، بعدها أرجعوني إلى قفص الاتهام ليصدر المجرم (نافع بطي) الحكم عليّ بالحبس لمدة عشر سنوات وفق المادة (43 من قانون الجمعيات والأحزاب)، وعشر سنوات أخرى وفق الفقرة (أ،ب من ذيل المادة الأولى من قانون العقوبات البغدادي) على أن تنفذ بالتعاقب ويصبح الحكم المؤبد لمدة عشرين عاماً.

لم تستمر محاكمتنا جميعا إلا (30 دقيقة) فقط. حيث لا يوجد محامي يدافع عن المتهمين.

أرسلونا بعدها إلى قلم المحكمة، فتم حلق رؤوسنا (زيان صفر) كعقوبة ومن ثم وضعوا أصابعنا الملطخة بالحبر الأسود، بسبب طبع الأصابع على الرؤوس الحليقة وعلى الوجوه بصورة بشعة، انتقاما من صمودنا بوجوههم. وقد نقلت إذاعة صوت الشعب العراقي (الإذاعة السرية للحزب الشيوعي العراقي) وقائع هذه المحاكمة التعسفية بكل تفاصيلها، ضد مجموعة خيرة من أبناء الشعب العراقي طيلة أكثر من شهرين، وخاصة بعد ترديد أقوالي أمام المجلس العرفي العسكري الأول.

وعند وصولنا إلى سجن (نقرة السلمان)، سألت الرفيق (عبدالوهاب القيسي) الذي كان نقيباً للمحامين العراقيين عن مدلول الفقرة (أ،ب) من المادة الأولى من قانون العقوبات البغدادي ، فقال لي تنصّ هذه الفقرة على أن هناك تنظيم حزبي داخل قفص الاتهام.

هكذا كان يحكم الجبناء أبناء الشعب العراقي بدون وازع من ضمير وبدون التزام أخلاقي.

وبالمناسبة كانت لي حادثة أخرى مع رئيس المجلس العرفي الأول المجرم (نافع بطي) سأتناولها في الفصول القادمة من الكتاب.

 

[8] عمليات الهروب من سجن نقرة السلمان
[7] بعض مفاصل النشاطات اليومية
[6] الاحتفالات بالأعياد الوطنية والأممية في سجن نقرة السلمان

[5] تفاصيل الحياة اليومية لسجناء نقرة السلمان

[4] سجن نقرة السلمان

[3] البادية الجنوبية

[2] إنتفاضة معسكر الرشيد... وقافلة الموت
[1] التقديم .. الاهداء .. توطئة

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter