|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء  19 / 11 / 2013                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

من أعماق السجون
نقرة السلمان ... قيود تحطمت

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.co.uk


حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ..
لا يجوز طبع أو تصوير أو اقتباس أي مادة من الكتاب أو تسجيله صوتيا أو على الحاسوب أو في أقراص مدمجة إلا بموافقة المؤلف

موبايل: 07703136884
البريد الإلكتروني:
alidanykhader@yahoo.co.uk

واذ نباشر في موقع الناس نشر الكتاب على حلقات ، نتقدم من المؤلف الاخ العزيز عبدالقادر أحمد العيداني بجزيل الشكر والتقدير لاختياره الموقع لعرض هذا الكتاب القيم ، وتقديم حلقاته بنسخة الكترونية ، أملين التوفيق في ايصالها الى اوسع مدىً وجعلها في متناول كل من تعز عليهم مصالح الشعب والوطن ....

حكايات تروي الكفاح الملحمي للشيوعيين العراقيين
حيث الصمود والبسالة والإصرار على التضحية
للفترة (1963 – 1968م)
مع ملف عن معتقل قصر النهاية

تصميم الغلاف الأول والأخير: الفنان صالح جادري
تصميم المتن والإخراج الطباعي: قاسم محمد علي

تنويه للقارئ الكريم:
إن الصور المنشورة في الكتاب هي حصراً من إرشيف المؤلف الذي يحتفظ به منذ خمسة عقود، ونشر البعض منها في الصحف والمجلات العراقية وبعض مواقع الانترنيت، لذا اقتضى التنويه.

ورد خطأ مطبعي بالحلقة السابقة ، في مساحة قضاء السلمان حيث ان مساحته 35كلم مربع بدلا من 350كلم مربع لذا اقتضى التنويه ..
مع الاعتذار

[4]

سجن نقرة السلمان



السياج الذي يحيط بالسجن، ارتفاعه حوالي عشرة أمتار بالإضافة إلى الأسلاك الشائكة


وداعاً نقرة السلمان
وداعاً نقرة السلمان
إلى أن نلتقي ، ولربما
ولربما يا نقرة السلمان
يكون أمام سورك بستان    ...
سعدي يوسف (شاعر عراقي كان معتقلاً في سجن نقرة السلمان عام 1963م)


تم بناء سجن نقرة السلمان في عام (1928م) من قبل الضابط البريطاني (كلوب باشا) الملقب بـ(أبو حنيج)(1)، لوجود امتداد في فكّه الأسفل تحت الفم.

يتكون السجن من قلعتين، إحداهما شمالية والأخرى جنوبية، يحيطهما جدار عالي مرتفع يشكل ساحة بين القلعتين، وكان الغرض من بناء هذه القلاع هو صدّ هجمات الوهابيين وغزوات النجديين من السعودية على العتبات المقدسة في النجف وكربلاء.

تتصف هذه القلاع بعدم وجود أبواب لها، واستعيض عن الأبواب بفتحات على ارتفاع خمسة أمتار تغلق بواسطة مشبك حديدي، ويتم إدخال السجين إلى فتحة الشباك بواسطة درج خشبي يُرفع من مكانه بعد إدخال السجين إلى عمق القلعة، ومن ثم ينحني السجين ويلوي جسمه بصعوبة بالغة لغرض النزول إلى قاع القلعة بواسطة حبل مربوط على مشبك الفتحة.

وتتكون كل قلعة من طابق لمنام السجناء وسرداب يستعمل للطبخ والاستحمام، وفي حالة الازدحام وتكاثر السجناء يستعمل السرداب لمنام بعض السجناء أيضاً.

يوجد بين القلعتين ساحة مساحتها حوالي (30×10م) تحتوي على بئر لغرض التزود بالماء المالح الذي لا يصلح للشرب أو الاستحمام أو غسل الملابس، وتكون فائدته لرش الأرض فقط.

في عام (1942م) أستُغلت هذه القلاع كسجون للمعارضين والمشاركين في الانتفاضات من الوطنيين ضد الاستعمار وعملائه، فاستقبل سجن نقرة السلمان أول وجبة من أبناء الشعب العراقي وبعض شيوخ العشائر من الوطنيين أمثال السيد علوان الياسري، الشيخ عجه الدلي، الشيخ فتيخان أبو ريشه، الشيخ صكبان العبادي، الشيخ سوادي الحسون، خليل كنه، فائق السامرائي، العقيد سعيد يحيى، اكرم أحمد الربيعي، شناوه كرد وآخرين. وقد أُطلق سراحهم من سجن نقرة السلمان بعد ان قضوا فيه سنة واحدة.

وفي عام (1949م) استقبل السجن أول مجموعة من السجناء الشيوعيين وكان عددهم حوالي (200) سجين، جاءوا نقلا من سجون الكوت وبعقوبة وبغداد، كان من ضمنهم : زكي خيري ، عزيز الحاج ، نافع يونس ، عزيز محمد (السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي)، آرا خاجادور، جمال الحيدري ، حسين أحمد الرضي (سلام عادل - السكرتير الأسبق للحزب الشيوعي) ، رجب عبدالكريم ، عبدالسلام الناصري ، جاسم حمودي ، كامل قزانجي ، عبدالحسين جواد الغالب ، حميد حمدي ، محمد حسين أبو العيس، أحمد غفور، عمر علي الشيخ ، عزيز عبدالهادي ، عبدالوهاب الرحبي ، حميد عثمان ، كاظم فرهود ، عبد الحميد فرج , زاهد محمد, شهاب التميمي. وكذلك عدداً من أبناء الطائفة اليهودية التي كانت تسكن العراق بينهم : إبراهيم ناجي شميل ، يعقوب اسحق، إبراهيم شاؤول ، يعقوب منشي ، حسقيل قوجمان. وكان المسؤول الحزبي لتنظيم السجناء المحامي سالم عبيد النعمان ، ومعه لجنة للتنظيم مشكلة من : محمد حسين أبو العيس ، علي شكر ، يوسف زلخا ، رشيد عارف ، وكان الأخير ممثل السجناء أمام إدارة السجن. وكان مدير السجن المجرم عبدالجبار أيوب الذي قضت عليه محكمة الشعب بعد ثورة 14 تموز بالإعدام شنقا حتى الموت.

بعد ازدياد عدد السجناء الشيوعيين نتيجة ازدياد الوعي السياسي للشعب العراقي واستمرار نضاله ضد الحكومات العميلة، ولعدم استطاعة القلعتين استيعاب السجناء، قامت إدارة السجن في خمسينات القرن الماضي ببناء السجن الجديد بتوجيه من (حلف بغداد) الذي كان يضم بريطانيا والعراق وإيران وباكستان وتركيا مستهدفا القضاء على الحركات الوطنية في هذه البلدان.

بُني السجن الجديد ملاصقاً للقلاع وجدار السجن القديم ، وأصبحت هذه السجون تتوسط متاهات الصحراء ، تضمّ سياسيين ومثقفين وأدباء وأحرار رفضوا الظلم والامتهان ، فكان السجناء يعيشون الحياة المرة بكل قساوتها في ظل إرهاب مخيّم على السجن ، فلا ماء يصلح للشرب ولا كهرباء تنير الليل الدامس في هذا السجن الرهيب الذي يكتنفه العذاب والحرمان وقسوة المعاملة من قبل السجّانين.

السجن الجديد يتكون من عشر ردهات (قواويش) كل خمسة على جهة جنوبية وشمالية ، يبلغ طول الردهة الواحدة حوالي (120 مترا) وعرضها (7 أمتار) ، وفي كل قاووش بابان أحدهما خلفي يطل على السياج الخارجي للسجن، يبعد 7 أمتار عن السياج، والباب الأمامي يطل على ساحة واسعة تفصل بين مجموعة الردهات ، تستخدم لأغراض التمشي وممارسة الألعاب الرياضية مثل كرة القدم والسلة والطائرة والنشاطات الرياضية الأخرى.

ومن ملحقات السجن أيضاً المطبخ والمخزن والطبابة مع الصيدلية وورشة السمكرة والخياطة والنجارة، وكذلك الحمامات والمرافق الصحية، وتوجد حديقتان على شكل مزرعة يديرها بعض السجناء الأكراد تعطي البامياء والباذنجان وخضروات أخرى محصولها يذهب إلى مطبخ السجن.

يتزود السجناء بالماء من آبار ارتوازية، وهو ماء مالح بلا مناقشة ، كما يتزودون من المياه التي تنقلها السيارات الحوضية، وهي واحدة في اغلب الأوقات من منطقة خضر الماء، وهي سيارات قديمة معرّضة للعطل في أكثر الأوقات، حيث يتم الاستنجاد بالسجناء لتصليحها من ذوي الاختصاص، وبعطلها يدخل السجن في حالة إنذار لتقنين المياه أكثر من فترة زمنية، هذه السيارات القديمة عندما تصل إلى السجن تتوقف خلف السياج من الخارج وتمدّ أنبوب الماء من خلال ثقب صغير جداً فيقوم السجناء بملء الخزانات داخل السجن بالماء لغرض الطبخ والاستحمام وغسل الملابس، حيث لا يرغو الصابون بسبب كثرة الأملاح في الماء؛ إضافة باستعماله للشرب. ويشرف على توزيع الماء بشكل حصص عادلة السجين (محمد عزو) من أهالي الموصل، الذي كنا نلقبه بـ(وزير الماء). ولم يتزود السجن بالكهرباء إلا في عام (1965م)، وكانت قدرتها واطئة جداً، فتم وضع ثلاث مراوح وثلاثة مصابيح في كل ردهة. أما الساحة الكبيرة والساحات الجانبية فقد ظلت على وضعها في ظلام دامس، إلا من ضوء القمر.

 

[3] البادية الجنوبية
[2] إنتفاضة معسكر الرشيد... وقافلة الموت
[1] التقديم .. الاهداء .. توطئة

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter