|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة  16  / 5 / 2014                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

من أعماق السجون
نقرة السلمان ... قيود تحطمت

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.co.uk


حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ..
لا يجوز طبع أو تصوير أو اقتباس أي مادة من الكتاب أو تسجيله صوتيا أو على الحاسوب أو في أقراص مدمجة إلا بموافقة المؤلف

موبايل: 07703136884
البريد الإلكتروني:
alidanykhader@yahoo.co.uk

واذ نباشر في موقع الناس نشر الكتاب على حلقات ، نتقدم من المؤلف الاخ العزيز عبدالقادر أحمد العيداني بجزيل الشكر والتقدير لاختياره الموقع لعرض هذا الكتاب القيم ، وتقديم حلقاته بنسخة الكترونية ، أملين التوفيق في ايصالها الى اوسع مدىً وجعلها في متناول كل من تعز عليهم مصالح الشعب والوطن ....

حكايات تروي الكفاح الملحمي للشيوعيين العراقيين
حيث الصمود والبسالة والإصرار على التضحية
للفترة (1963 – 1968م)
مع ملف عن معتقل قصر النهاية

تصميم الغلاف الأول والأخير: الفنان صالح جادري
تصميم المتن والإخراج الطباعي: قاسم محمد علي

تنويه للقارئ الكريم:
إن الصور المنشورة في الكتاب هي حصراً من إرشيف المؤلف الذي يحتفظ به منذ خمسة عقود، ونشر البعض منها في الصحف والمجلات العراقية وبعض مواقع الانترنيت، لذا اقتضى التنويه.

[16]

شهداء ومناضلون
من سجن (نقرة السلمان)

(7)

طعمه مرداس
ابن الناصرية الأسطوري


طعمة مرداس في شبابه

لم تستطع سجون الطغاة والإرهاب البربري في كل الأزمنة والعهود الاستبدادية أن تفلّ من عزيمته ووعيه الوطني، وتضحيته في سبيل حزبه وشعبه، بدءاً من النظام الملكي العميل، إلى زبانية وعصابات زمر البعث الفاشي.

إن الحكايات عن تاريخ ونضال هذا البطل يقف القلم أمامها مذهولاً ليسطرها إلى شباب العراق وللسياسيين العراقيين، ليأخذوا منها العبر والدروس، وليعرفوا من أيّ طينةٍ جُبِلَ هؤلاء الرجال، الذين لا ترهبهم سياط السلطان الجائر ولا تهديده لهم بالسجن والإعدام والموت، رافعين رؤوسهم وحافظين الأسرار التي أودعها عندهم الحزب أمانةً لأهدافه النبيلة من أجل (وطن حر وشعب سعيد).

هناك الكثير بل والعديد من الروايات والحكايات تروى عن هذا الرجل، منها..، ان طعمه مرداس كان يعمل في إحدى مقاهي قضاء سوق الشيوخ في الناصرية، خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، ونظراً لنشاطه الوطني، وعمله في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، كانت السلطات الغاشمة تحاربه بشتى الأساليب الإرهابية ومنها مراقبته، إذ وضعت السلطات الحاكمة ودوائر أمن الناصرية أحد عملائها من الجواسيس (السريّة) لغرض مراقبته ومعرفة من يتصل به من الناس خلال عمله في المقهى، حيث يجلس هذا الصعلوك في المقهى، من الصباح الباكر إلى ساعات الليل بعد أن تغلق المقهى أبوابها.

في أحد الأيام بعد أن غادر رواد المقهى ليلاً عائدين إلى بيوتهم، أكمل طعمه مرداس عملية تنظيف المقهى وغادرها إلى بيته، فتبعه رجل الأمن بين البساتين والمزارع، وعندما لم يهتد إلى ضالته أو المطلوب منه أن يكتب تقريره اليومي عن نشاطات طعمه مرداس، كتب هذا الصعلوك من رجال الأمن ما يلي:[عند وصول طعمه مرداس ليلا إلى احد البساتين، التقى بشخص شيوعي يُدعى (ستالين)]

وبسبب من جهل وغباء هذا الجاسوس الأمي الذي لا يعرف من هو (ستالين)، حيث كان كل ظنه واعتقاده أن (ستالين) رجل عراقي وليس قائدا سوفياتياً في تلك الفترة الزمنية، وفي اليوم التالي رفع هذا المرتزق تقريره إلى دائرة أمن الناصرية (الشعبة الخاصة في المتصرفية)، أصبحت هذه الواقعة مجالاً للتندّر والنكات على لسان أبناء الناصرية.

وفي حادثة طريفة أخرى وفي سنوات الحكم الملكي أيضا، سيق مجموعة من شباب الناصرية، محكومين من قبل المجلس العرفي العسكري، لقضاء مُدد محكوميتهم في سجن الكوت. سأل أحد أهالي الكوت عن هذه المجموعة من السجناء من أي لواء (محافظة) أنتم..؟؟ فأجابوه إننا من الناصرية. فردّ عليهم هذا المواطن : من غير المعقول أنكم من الناصرية ولا يوجد بينكم طعمه مرداس – حيث لم يره للوهلة الأولى، فأشار السجناء إلى طعمه، الذي كان جالساً القرفصاء في إحدى الزوايا من المكان الذي كانوا متواجدين فيه، فردّ عليهم : حقاً إنكم من الناصرية...!!

ومن الحكايات التي تُروى عن (أبو مرداس)، أنه كان في أحد الأيام مع أحد رفاقه المعتقلين في القطار الصاعد إلى بغداد من الناصرية لغرض محاكمته، فاقترح عليه رفيقه أن يخفف شيئا من شواربه التي امتدت طويلا، فردّ على رفيقه بعنف إنه لن يتعرض إلى شواربه، وذلك لكي لا يُعتبر هذا موقف ضعف منه أمام الحاكم.

في عام (1963م) وبعد انقلاب 8 شباط الدموي الأسود، تم اعتقال الرفيق أبو مرداس في محافظة الناصرية في معتقل معسكر الخيالة، وتعرض إلى تعذيب بربري وإجرامي، وبالرغم من كبر سنه، وظلّ أبياً محافظاً على أسرار حزبه، وعندما سأله زبانية البعث عن رفاقه في الحزب، قال لهم بالحرف الواحد :
إن منظمي في الحزب هو الرفيق (فهد)..
إن إسمي الحزبي (أسد)...
إن موقعي في الحزب عضو لجنة محلية ولا اعرف غير ذلك..

وبعد تعرضه إلى أشد أنواع التعذيب القاسي يئس منه أقزام الحرس القومي، فأرسلوه مخفوراً إلى مقر الحرس القومي في البصرة، حيث شاءت الصدف أن تجمعني مع الرفيق طعمه مرداس في أحد أقبية التعذيب بمقر الحرس القومي في البصرة. وكنت شاهداً على مواقفه البطولية، وتحديه الرجولي لعصابات البعث.

ومن مواقفه التي لا زلت أتذكرها لحد هذه اللحظة كلماته بنصها، حين انبرى أحد كلاب الحرس القومي بالقول...(ولك طعمه مرداس عميل الاستعمار.. كذا وكذا من أُمك وأبيك)، كلمات لا استطيع إعادتها استحياءً، فما كان من أبو مرداس وهو الشيخ الكبير، إلا أن يهتف بأعلى صوته...( أنا طعمه مرداس تلميذ الرفيق فهد، كنت عضواً في أول خليّة شيوعية بالعراق في معمل ثلج الناصرية بقيادة الرفيق فهد... فكيف أكون عميلاً للاستعمار..؟!). فانهال عليه المجرمون الأوباش بالتعذيب، ولم يحصلوا على مبتغاهم، وألقوا به في السجون ومعتقلات التعذيب إلى أن حلّ في غياهب سجن (نقرة السلمان) مع العديد من الرفاق، وكنت أحدهم بسبب التحدي الرجولي أمام الطغاة، فكان مثالاً للشيوعي المقدام والمضحي من أجل مبادئه، إلى أن وافته المنية في منتصف تسعينيات القرن الماضي.



[15]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (6)  القائد العمالي (صادق جعفر الفلاحي)
[14]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (5) أبو سرحان... المناضل والشاعر الشهيد

[13]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (4) أبطال الموانئ في محافظة البصرة يتحدّون المشانق...
[12]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (3) المعلم والمربي يحيى (ق) رجلٌ لا يخاف
[11]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (2) الشهيد هندال جادر - ابن الطبقة العاملة العراقية
[10]  شهداء ومناضلون من سجن (نقرة السلمان)  - (1) الملازم صلاح الدين أحمد - استشهاد يفوق التصوّر
[9] محاكمات لا مثيل لها في التاريخ
[8] عمليات الهروب من سجن نقرة السلمان
[7] بعض مفاصل النشاطات اليومية
[6] الاحتفالات بالأعياد الوطنية والأممية في سجن نقرة السلمان

[5] تفاصيل الحياة اليومية لسجناء نقرة السلمان

[4] سجن نقرة السلمان

[3] البادية الجنوبية

[2] إنتفاضة معسكر الرشيد... وقافلة الموت
[1] التقديم .. الاهداء .. توطئة

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter