| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلمى بغدادي

 

 

 

 

الأربعاء 28 /2/ 2007

 

 

يوميات فتاة عراقية تنتحر ببطء

( 17 )

 

سلمى بغدادي

كلما حاولت أن أجد َ تفسيرا لما واجهني في حياتي الماضية والآن ، أرى نفسي تائهة في دائرة ( الحظ والبخت ) مثلما تفكر نساءنا العجائز ، حتى وداد عندما أتناقش معها في هكذا أمر تبررهُ أحياناً بالحظ أو الصدفة ، فعندما رويت لها اليوم صباحا ونحن في دائرة العمل ، عن ما صادفته يوم أمس وأنا أعبر الشارع ، قالت مباشرة ( شفتي هسه أنتي كلتي صادفتني وحده ، وهذا يعني الصدفة ) ،وإلا منْ الذي رماها في طريقك ، وجعلك تشعرين بان هناك تحولا قد حدث في مزاجك ونفسيتك ، ثم طلبت مني وداد أن أروى لهم قصة رسمية علوان، قلت لها ببساطة أنت تعرفين في السنة الأولى للكلية تقام حفلة تعارف للطلبة ، وقد كانت رسمية هذه تأتي إلى الكلية وهي ترتدي العباءة ولكنها تخلعها عندما تدخل إلى الكلية ، فتاة سمراء لها جديلة سوداء تصل إلى أسفل ظهرها ، ملامحها جنوبية ، منذ الأيام الأولى للدراسة ، حاولت التقرب منها ، لما تتمتع به من حلاوة اللسان ، وسلاسة الكلمات والأمثال الجنوبية التي تقولها ، والذي جعلني أتقرب منها أكثر هو هذه الحفلة حيث إنها شاركت في قصيدة شعبية من أشعارها ، وكانت قصيدة غزلية ، وبما إنني كنت كأي فتاة تحبُ في تلك الفترة ، فقد كنت أحفظ بعض تلك القصائد ، وكنت أدون كل ما تقع عليه يدي في دفتر خاص ، فطلبت منها القصيدة ودونتها في دفتري ، وتوطدت علاقتنا ، وأفضت لي بأسرارها ، مثلما أفضيتُ لها بأسراري ،وعرفت إنها تحبُ شابا من مدينتهم ، وهو معلم ،ولكن في السنة الثانية للدراسة وفي الشهر الأول منها ، تفاجئنا بانقطاع رسمية عن الحضور إلى الكلية ، سمعنا بعد فترة من إنها تزوجت أبن عمها ، ثم نسيت القصة كاملة ، ونسيت رسمية فقد مرّ على هذا الحدث أكثر من عشرين عاما ، لهذا عندما صادفتها في الأمس لم أتعرف عليها لولا إنها تذكرني باسمها ، الغريب في الأمر ، كيف هي تعرفت عليَّ رغم أن ملامحي أيضا ًقد تبدلت بعض الشئ ، وقبل أن أسألها عن هذه السنوات ، قالت لي من أهلها أجبروها على الزواج من أبن عمها ، وكان ضابطا في الجيش وبعد مرور أربع سنوات على زواجهم ،تزوج إمرأة أخرى ، ظنا ً منه أنني عاقر ، وشاءت الصدف أن أرزق ببنت بعد سنتين من زواجه من المرأة الثانية ، وعندها إنتقلنا للعيش في بغداد ، وبما إن زوجته الثانية من عائلة ميسورة فقد سكن مع عائلتها ،أما أنا وإبنتي فقد إستأجر لنا بيتا في مدينة الثورة ، أمي وأبي توفاهم الله ، أما هو فقد قتل في البصرة العام الماضي ، وليس لنا من يساعدنا على العيش ، إبنتي ألان في الخامس إعدادي ، لهذا اضطر للخروج صباحا عندما تذهب إبنتي إلى المدرسة ، وأستجدي الناس كي أوفر لقمة عيشنا . وقبل أن أنتهي من قصة رسميه رايت وداد تخرج منديلا ً ورقيا ً وتمسح دموعها وهي تقول ( يا الله هاي الدنيا أشكد بيهه مصايب ) ثم سألتني إن كنت قد عرفت أين تسكن في الثورة ، قلت لها نعم هي أخبرتني أين ولكنني على موعد معا اليوم ، فقالت هل ممكن أن أأتي معك ، أجبتها بالنفي ، عندها أخرجت مبلغا من المال من حقيبتها وقالت أعطي هذا لها ، حاولت أن أمتنع عن أخذه ، ولكنني أعرف وداد سوف لن تقبل .

يتبع

¤ يوميات - 16

¤ يوميات - 15

¤ يوميات - 14

¤ يوميات - 13

¤ يوميات - 12

¤ يوميات - 11

¤ يوميات - 10

¤ يوميات - 9

¤ يوميات - 8

¤ يوميات - 7

¤ يوميات - 6

¤ يوميات - 5

¤ يوميات - 4

¤ يوميات - 3

¤ يوميات - 2

¤ يوميات - 1