| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلمى بغدادي

 

 

 

 

الثلاثاء 14 /11/ 2006

 

 

يوميات فتاة عراقية تنتحر ببطء

( 4 )

 

سلمى بغدادي

أنتهيت قبل قليل من أعداد الفانوس والفنار ( أعتقد هكذا يسمون ال لاله في العربية ) لهذا المساء ، فما عاد غيرهما يضئ حياتنا في زمن الظلام هذا ، ثم أعددت حساء العدس لأمي ، وأطعمتها صحناً منه ، كانت نظرات أمي دافئةً مثلما عهدتها دائما ، ولكن اليوم مع هذا الدفء أحسست بحزن شفيف في نظراتها ، حاولت أن أجدَ تفسيراً له ، فلم أصل إلا الى حقيقة واحدة ، هي إنها ترثيني ، وأيقنت من ذلك عندما سالت دمعةً يتيمةً من طرف عينها اليسرى ، شعرتٌ بأنها ترثي حياتي كاملةً ، فقد تجاوزتٌ الاربعين من عمري ، ولما أزلْ عانساً ، ربما كانت كأي أم ٍ، تحلم ٌبأن ترى أبناء إبنتها الوحيدة يملؤون البيت صخباً ، هي لا تدري أن حٌلمي وضعته في كيس وختمته
بالشمع الاحمر ودفنته مع مهند ، ماعادت بي رغبة برجلٍ بعد مهند ، للان ما أبدلت
ملابسي السوداء ، وما وضعتٌ مكياجا على وجهي ، ماذا تعني الملابس الملونة والمكياج إن لم تكن لمهند ؟ بعد خمسة أعوام من مقتل مهند أراد أحد زملاء العمل أن يطلب يدي وكان حينها أخي سعد على قيد الحياة ، ولكنني رفضته بشكل مؤدب ، قائلة له من أن هناك شخص لا زال يعيش في داخلي ، وحين ألحَ كثيراً بطلبه مبرراً ذلك بمثل ساذج من أن الحي أولى من الميت ، أجبته نعم هذا صحيح ، ومهند حيٌ في روحي أكثر من كل أحياء الارض . حتى لمياء أخت مهند ، والتي تزوجت بعد مقتل أخي سعد بأقل من عام ، نصحتني أن أتزوج ، ضحكت وأجبتها من إنني متزوجة مهند ، فكيف لي أن أتزوج رجلاً أخر ، في البدء بدى الاستغراب على وجهها ، بعد ذلك قالت كلمتها التي لا احملها على محمل الجد ، وهي من أنني أبقى مجنونة أبداً ، أم مهند لا زالت تعاملني على إنني كنتها ، هو كان دائما يفشي أسراره لأمه ، وكنت أحس بأهتمامها بي ، يوم جاءوا بجثته كنت أشعرٌ إنها تبكيني أيضا ، لازالت تعاملني على إنني عروسة إبنها المدللة ، يوم قٌتل َ زوجها قبل إسبوعين ، لم أرى دمعة واحدة في عينيها ، هل جف بحر الدمع في عينيها ، أم إنها خصصته فقط لمهند .
لقد ارتكبتٌ خطاً حين ذهبت البارحة الى الدائرة ، لم أرى من الموظفات غير أم حسين وهي ترتدي ملابس الحجاب الاسلامي كاملة ، إبتسمت لها ، وسلمت عليها بحرارة ولكنها ردت على سلامي ببرود تام ، ذهبت الى منضدتي رأيت شابا يجلس خلفها ويتصفحٌ بعض الاجنده الموضوعة أمامهٌ ، وقبل ان أسأل عن أي شئ ، طلب مني أن اجلس الى المنضدة المقابله له ، وما أن جلست حتى غادر الغرفة ، عاد بعد خمسة دقائق وخلفة أم حسين التي دعتني الى زيارة المدير. حين دخلت الى غرفة المدير الذي لم أراه من قبلْ ، بادرني بالحديث وهو غاضاً طرفه ( أخت سلمى من باجر لازم تلبسين الحجاب أثناء الدوام لأن دائرتنا دائرة أسلامية ) أجبته حسناً ، ولكنني في الحقيقة قررت أن يكون البيت هو ملجأي وهو حصني وهو ملاذي وهو جنوني الذي يجعلني بمنأى عن كل هذا الجنون .


يتبع

¤ يوميات - 3

¤ يوميات - 2

¤ يوميات - 1