سلمى بغدادي
الأحد 5/11/ 2006
يوميات فتاة عراقية تنتحر ببطء
( 2 )
سلمى بغدادي
جهدت كثيرا في تحديد اليوم الذي أنا فيه ، هل هو الثلاثاء أم الاربعاء أم الخميس لاأدري بالضبط كما أنني لا أملك تقويما في البيت ، وحتى لوكان عندي هذا التقويم كيف لي أن أعرف اليوم الذي أنا فيه ، سيما وأنا لا أعرف ماهو تاريخ اليوم ، لقد ضعتُ في دائرة الزمن اللامحدد ، وأعتقد ليس وحدي ، بل أغلب العراقيين . قبل يومين ذهبت الى الدائرة التي أعمل بها وهي دائرة أمانة العاصمة لم أرى أحدا من الموظفين سوى الحارس أبو حسين واقفا بالباب وهو يحمل بندقية كلاشنكوف وقد قال لي بأن الموظفين لم يباشروا بالدوام ، وعندما سألته عن سبب وجوده هو ، أجابني وبلهجته الجنوبية ( والله عمي سلمى أنه أنطر الدايرة حته أولاد الحرام مايحوسمونهه ) . نسيت أن أسأله عن اليوم الذي نحن فيه ، ربما رتل المدرعات الامريكية الذي مرّ هو الذي أنساني السؤال .
مشيت مسافة كي أصل الى موقف سيارات النقل . يبدو أن أرتفاع درجات الحرارة في بغداد هذا العام بدأت مبكرة ، لاشئ في بغداد غير الدمار والاوساخ ، في الطريق شاهدت لاول مرة جنودا أمريكيين ، كانوا شاهرين بنادقهم وأصابعهم على الزناد يوحون للناظر إليهم بأنهم سوف يطلقون الرصاص في كل لحظه ، لقد تملكني الخوف ، لهذا أسرعتُ خطاي . كان موقف السيارات مزدحما ، بالكاد حصلت على مقعد في ال (كيا ) التي تمر قرب بيتنا ، كان حديث الركاب يدور على ( الحواسم ) وقد سمعت قصصا كاد الدمع أن يطفر من عينيَ بسببها ، لقد تعبت كثيرا اليوم .
البارحة زارتني صديقتي سعاد ، حدثتني عن خطيبها ، قالت هو شاب ومعلم ولكنه متعصب دينيا ، لهذا طلب منها أن تتحجب ثم ضحكت بخجل قائلة ( شويه أسمه محلو ) وعندما سألتها عن أسمه ، قالت أسمه (صفوك ) لم أسمع بحياتي بهذا الاسم ولا أعرف معناه ، بالمناسبة سعاد هذه كانت لها قصة حب مع أبن محلتنا علي وهي كأي قصة حب لأبنة الجيران تنكشف وتشيع بسهولة ، وهذا ماحدى بأهلها أن يفرضوا عليها التخلي عن هذا الحب وألا القتل أولى . ويوم سألتها لماذا هذا الموقف قالت لانه من دين أخر ، ضحكت في داخلي وفهمت ما تعنيه .
حاولت من جديد أن أحدد اليوم ، فلم أستطع ، أخيرأ أقتنعت بفكرة لاءات الحياة المتعددة ، لاحياة ، لا نوم ، لاماء ، لاكهرباء ، لا غاز ، لاأمان ، لا طعام ، لا صدق ،لا نظام ،لا حكومة ، لا دولة ،لا.لا. لا .لا .... الخ أذن لأسمي اليوم ..لا يوم .
يتبع