| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلمى بغدادي

 

 

 

 

الأحد 11 /2/ 2007

 

 

يوميات فتاة عراقية تنتحر ببطء

( 16 )

 

سلمى بغدادي

أحيانا تصادف إنسانا وأنت تسير في الشارع فيبدو إنك قد رايته من قبل ، وقد يفاجئك بسلامه عليك ، وبفعل حالة عدم التذكر يكون سلامك عليه باردا ً ، فيعرف إنك لم تتعرف عليه ، وربما تحاول ذلك ولكن سعة التذكر حدودها تتطلب الكثير من الشواهد والأدله ، وهذا ما حدث معي اليوم وأنا عائدة من الدائرة التي أعمل بها بعد انتهاء وقت العمل كنت أسير وأنا مشغولة البال بأمور عديدة ، ذاهبة إلى موقف ( الكيات ) كي أعود إلى بيتنا سيما وأن وداد منذ فترة ليست بالقصيرة لا تعود معي تذهب مشيا إلى مقر حزبهم في ساحة الأندلس . وقد أعتدت ككل أهل بغداد على رؤية المتسولين من كلا الجنسين في الشارع وفي مفترق إشارات المرور وخاصة من الغجريات ، وكل واحدة منهن تحمل طفلها بيدها وربما ليس طفلها فقد سمعنا قصصاً عديدة عن تأجير الأطفال واستخدامهم في التسول . عبرت الشارع المؤدي إلى موقف الكيات وإذا بإمراة ترتدي السواد وتضع نقابا على وجهها لا يظهر منه سوى عينيها ، تستوقفني وتطلب مني أن أساعدها وأنا كعادتي لا أرد أي سائل ، فتحت حقيبتي كي أعطيها ورقة نقدية من فئة الخمسين دينار ، فقد تصورتها من الغجريات اللواتي يستجدين ، رغم إنها تضع النقاب على وجهها ، مددت يدي إليها بالمبلغ وأنا أنظر إليها ، إلا إنها لم تمد يدها لتأخذ الورقة النقدية وتسمعني جمل المديح التي تعودت على سماعها من المتسولين ، فقد وقفت هذه المرأة أمامي جامدة مثل صخرة ، لا تبدي أي حراك ، وبدأت دموعها تسيل من عينيها السوداويين ، أنا في البدء تصورت إنها تريد مبلغا اكبر من الذي أقدمه لها ، فهممت في فتح حقيبتي من جديد ، إلا إنها أمسكت يدي قائلة وبصوت تخنقه الدموع ( لا سلمى لا تفتحين جنطتج ) أدهشني معرفتها باسمي ، وقبل أن أسألها في أن ترفع النقاب عن وجهها ، بادرت هي إلى رفعه وسألتني بنبرة حزينة ( هـــا سلمى عرفتيني ) حاولت أن أشحذ ذاكرتي وأستعرض كل الوجوه التي عرفتها في حياتي ، ولكنني لم أفلحْ ، وكعادة الجميع حينما لم تسعفهم الذاكرة في إستذكار أحد ما ، يلجئون إلى دبلوماسية تبدو للوهلة الأولى جيدة ، لأنها تخلصك من الإحراج ولكنها في الحقيقة تكشف عن عدم التذكر بشكل جلي ، وتقول بكذب مفضوح ( والله الوجه والصوت مو غريبات عليه ، بس ولا زغرن بيج ماجاي اتذكرج ) عندها قالت لي انها رسمية علوان .
في هذه اللحظة سمعت طرقا متسرعاً على الباب ، فتركت أوراقي وذهب مسرعة لفتح باب بيتنا ومعرفة الأمر ، وإذا بها سعاد ،عانقتني وقبلتني على وجهي وهي غارقة في فرح طفولي ، وأخبرتني بكلمات متقطعة من أن خطيبها سيتم أطلاق سراحه غدا ، باركت لها وتمنيت السعادة لها ، ودعيتها للدخول ولكنها قالت ( لا بس اجيت ابشرج )
عدت إلى أوراقي ثانية ، وقررت أن أكتب عن رسمية علوان لأنني لا أريد أن افسد حزن هذه المرأة بفرحة سعاد.
 

يتبع

¤ يوميات - 15

¤ يوميات - 14

¤ يوميات - 13

¤ يوميات - 12

¤ يوميات - 11

¤ يوميات - 10

¤ يوميات - 9

¤ يوميات - 8

¤ يوميات - 7

¤ يوميات - 6

¤ يوميات - 5

¤ يوميات - 4

¤ يوميات - 3

¤ يوميات - 2

¤ يوميات - 1