| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلمى بغدادي

 

 

 

 

الأثنين 25 /12/ 2006

 

 

يوميات فتاة عراقية تنتحر ببطء

( 12 )

 

سلمى بغدادي

اليوم مرت سبعة ايام على وفاة ماري ، كان الحزن يخيم على غرفتنا ، ننظر الى مكانها ونتصورها تتحدث معنا ، كانت وداد تبكيها بمرارة وحرقة ، كنتُ أٌخفف عن وداد هذا الحزن ، لا اعرف السر الذي يجعل وداد تحزن كل هذا الحزن عليها ، الى أن أخبرتني عنها وعن عائلتها ، ولاول مرة أعرف أن اخت واخو ماري وهما طالبان في الجامعة ، اعتقلهما النظام وأعدمهما في عام 1979 ، ثم قالت وداد ، ماري وعائلتها ( من جماعتنه ) ، ... حتى أم حسين عندما دخلت غرفتنا في اليوم الثاني لوفاة ماري بكت ، في البدء تصورتها مجاراة لنا هذا البكاء ، ولكن عندما أرتفع نشيجها وبدأت تعدد كم مرة ساعدتها ماري ، حتى إنها كانت تعطيها من راتبها مبلغا معينا كل شهر ،أيقنت انها تبكيها بصدق ، في اليوم الاول لوفاتها ذهبنا الى الكنيسة انا ووداد وصباح كي نلقي النظرة الاخيرة عليها ، كانت ممددة في تابوتها ، وتبدو انها تبتسم لنا ، كانت افئدتنا تتقطع حزنا ، في باب الكنيسة ونحن نعزي اقربائها كان من ضمنهم ابنها بنيامين ، تكلمت معه وداد لتشد من عزمه ، ولكنها لم تتماسك اكثر فأنخرطت بموجة من البكاء وهي تحتضن بنيامين حتى بدأ الجميع يبكي لبكائها ، الى أن جاء اليها أحد الموجودين وخاطبها بصوت بدا مسموعاً للقريبين ( رفيقة أم صباح عرفناج قوية وانت شايفة اكثر من هذا رجاءا أهدئي ) حاولت وداد أن تكفكف دموعها ، ومن خلال نشيجها خاطبت بنيامين قائلة ( خالة أنا بمكان أمك شتريد مني أنا حاضرة ) لقد بدت حالة اليتم واضحة على بنيامين وانا انظر الية أدركت معنى المثل الذي يقال عندنا ( اليتيم يتيم الام مو يتيم الاب ) .
في اليوم الخامس لوفاة ماري ، كنا كالعادة جالستين في الغرفة انا ووداد ، وكان حديثنا يدور بين ذكرياتنا عن ماري وعن ما يجري في البلد من حالة السوء يوماً بعد يوم ، وإذ قاربت الساعة الثانية عشر أخرجت البرياني الذي جلبته معي ، بالطبع نحن لم يكن لنا أي مزاج لتناول الطعام وخاصة وداد ، تقول انها لا تستطيع ان تأكل (وماري جوه التراب ) أقنعتها ان تأتي وتتذوق هذا البرياني لأنني أعددته ، وعندما بدأنا بتناول طعامنا وكنت أتحدث عن سعاد جارتنا الى وداد ، ارتفع في الجو صوت شديد لاطلاقات نارية ومن ثم بدأ هذا الاطلاق من دائرتنا وتبدّى أن بغداد تشتعل لشدة الاطلاق ، أرادت وداد أن تذهب الى النافذة وتنظر لما يجري سحبتها من يدها ، خوفا عليها من طلقة طائشة ، لم تمر أكثر من دقيقة حتى جاءتنا أم حسين مسرعة وهي تصيح بأعلى صوتها ( كمشوه مثل الجريدي ) وعندما سألتها وداد (هو منو اللي كمشوه ) أجابت (أكو غيره .... صدام ) وأكملت جملتها ( تعالن شوفنّه بالتلفزيون مطلعينه ) ذهبنا خلفها الى غرفة الادارة حيث مكان التلفزيون هناك فقط ، كان هناك عددا ً من الموظفين يتابعون العسكري الامريكي وهو يطلب من صدام ان يفتح فمه ، المدير والموظفون يضحكون على المشهد ويعلقون عليه فترتفع قهقهة المدير ، سمعت البعض منهم قال انه سيصلي ثلاث ركعات لوجه الله والثاني قال خمسة وأكثر ما أثار استغرابي أن ضابط ألامن قال انه سيصوم ثلاثة أيام لوجه الله على هذا الحدث الذي تم بأرادة الله سبحانه وتعالى ، أما وداد فقد همست بأذني ( همه جابوه وهمه أخذوه ).

يتبع

¤ يوميات - 11

¤ يوميات - 10

¤ يوميات - 9

¤ يوميات - 8

¤ يوميات - 7

¤ يوميات - 6

¤ يوميات - 5

¤ يوميات - 4

¤ يوميات - 3

¤ يوميات - 2

¤ يوميات - 1