| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

الأحد 14/6/ 2009

 

تجارب دنماركية *

التجربة (27)
مدرسة الجانحين الصغار
(2)

ضياء حميو

(إنهم يكرهون الكبار)
" مصطفى شاكر حسون " شاب عراقي أحبه كل من عرفه ،ولكن في يوم 27/2/2009 يتم اغتياله في إحدى ضواحي العاصمة كوبنهاكن ،من قبل عصابة ،كل التحقيقات الرسمية أشارت إلى إن المرحوم ليس له أدنى علاقة بهم آو بغيرهم ،ولكنه قُتل بالخطأ ،بعدها تخرج مسيرة سلمية شارك فيها الآلاف من الدنماركيين والأجانب ، سياسيون ورجال دين من ديانات مختلفة حملت نعش المغدور ولأول مرة في الدنمارك يُجاز قانونيا حَملُ نعش متوفى في مسيرة ،حمل معه المتظاهرون رسالة سلام ورفض للعنف.
بالنسبة لمصطفى وعائلته وأصدقائه ومحبيه كانت نهاية محزنه لشاب مهذب طموح محب للحياة،ولكنها كانت نهاية حياته..!
أين البداية؟..البداية في العنف والجريمة، والسلوك الشاذ، وعلاجه، والمراكز المتخصصة بذلك؟!
في البحث عن البداية ،كان اللقاء في الحلقة السابقة مع الصديق التربوي " مارتن ليبدال " ،والذي سهل لي مشكورا اللقاء بإحدى السيدات التربويات " سوزانا مارسليو " ،معلمة وتربوية في إحدى مدارس تأهيل الجانحين ،في إحدى مناطق شمال غرب العاصمة كوبنهاكن المعروفة بازدياد معدل الجريمة فيها بالإضافة إلى كثافة سكانية لمهاجرين أجانب ، هذه المدرسة متخصصة بفئة الأطفال الشباب 14-16 سنة ،ممن لديهم مشاكل لم تسمح لهم بالالتحاق بالمدارس العادية مثل أقرانهم الباقين .
قبل اللقاء لابد من أن أشير إلى إن" سوزانا " سيدة بسيطة وتلقائية جدا وصريحة، كانت تسمي طلاب مدرستها ب" الأطفال الشباب " وأنا سأكتفي بتسميتهم بالشباب ، وكانت تستخدم دوما مصطلح " مشاكل " حتى في تسميتها للجرائم ، وأطفال " صعبوا المراس " أيضا في وصفها لمن ارتكب جرائم منهم ، ،بالإضافة إلى إنها لا تفضل مصطلح " أجانب " بل " من أصول مهاجرة ، أو الجيل الثاني من المهاجرين،وأنا سأسميهم " أجانب " لسهولة الدلالة لاغير.


سوزانا مارسليو Susanne Marslev

سيدة " سوزانا" ..!انتِ مدرسّة وتربوية في مدرسة متخصصة بالشباب الجانحين ،امضيتي قبل هذا عشر سنوات في تدريس اللغة الدنماركية ،للأجانب ،كما إنني علمت انك ملمة بالثقافة الإسلامية ،اعلم إن موضوع علاقة الأجانب بعصابات المخدرات ،وماسمي في الإعلام حرب العصابات ،موضوع حساس ،اغضب الكثير من الأجانب ،لإحساسهم إن الإعلام يستهدفهم ،ولااريد هنا أكثر من حقيقة وضع ومشاكل الشباب الجانحين من أصول مهاجرة " أجانب " في مدرستكم!
- حسنا لدينا شباب أجانب كثيرين في مدرستنا ، و في كل الأحوال لايتجاوزون نصف العدد ،أما الباقين فهم من الدنماركيين وأحيانا أكثر ،وربما من المشوق أن أقول إن الاثنين لديهم نفس المشاكل أحيانا ،وهو في عدم استطاعة أهاليهم من مساعدتهم في حل مشاكلهم،ولكن لأسباب مختلفة ،فعلى سبيل المثال : أحدى الأسباب في عدم استطاعة والدي الشاب الأجنبي من مساعدته في حل مشاكله في المجتمع الدنماركي هو عدم إجادتهما للغة الدنماركية ،وسبب آخر هو أن يكون الوالدان قد عانوا من صدمة حرب في أوطانهم الأم وهذه الصدمة أورثوها لأبنائهم.

هل لنا أن نعرف أهم الأسباب التي دعت الشباب الأجانب إلى الالتحاق بمدرستكم، وهل هم مدمنون على الكحول أو الحشيش على سبيل المثال ؟!
- مشكلة تعاطي الكحول والحشيش ،قليلة جدا في أوساط طلابي الأجانب وهي أكثر عند نظرائهم الدنماركيين ،ولكن مشكلتهم الأساسية هي في اللغة الدنماركية ،فهي سيئة كتابة وكلاما ،وبشكل خاص كتابة وقراءة..!

عذرا ألا يبدو هذا غريبا جدا ،خصوصا إنهم ولدوا في الدنمارك ،وذهبوا إلى المدرسة ويتحدثوا فيما بينهم دنماركي..!!
- نعم ، في بعض الأحيان يبدو غريبا ،وهذه المشكلة التي لايفهمها أهاليهم أيضا لأنهم يسمعونهم يتحدثون دنماركي ،ولذا يظنون إنهم يفهمون دنماركي بما يكفي للمدرسة ،ولكن الحقيقة إنهم لايتحدثون دنماركي بل يتحدثون لغة هم يسمونها " بيركه دانسك " ،حتى أصدقائهم من الدنماركيين صاروا يقلدونهم ويتحدثوا بهذه اللغة ،وفي هذه اللغة يستخدمون كلمات قليلة ،ولا يستطيعون أن يصيغوا من خلالها جملا طويلة ، أو يتحدثوا بها طويلا ،حين لايجدوا كلمة ما أو جملة فإنهم يكرروا ذات الكلمات أو يستخدموا اصواتا اعتباطية أو همهمات وهذه مشكلة حقيقية ،لأنهم من خلالها لايستطيعوا أن يتواصلوا في التعليم المدرسي ، كما إنهم إجمالا غير عنيفين ،الأغلبية لديهم مشاكل " ذهنية " في الدماغ ،وهذا يتوضح جليا حين نجري لهم اختبارات اللغة ،هنالك تلف مخي، استيعابهم بطيء إلى أقصى الحالات.,!

- تقصدين إن التلف المخي حصل نتيجة تعرضهم للضرب أو عنف ما؟
- مهلا .. أنا لا اقصد إن التلف المخي كان نتيجة الضرب ،بل اقصد بطء ذهني في التعلم ،وهذا الأمر مسؤولة عنه خلايا غير نشطة ،هم ليسوا أغبياء بل هم بحاجة إلى مساعدة كبيرة تقوم بتحفيزهم ذهنيا للتعلم.
الكثير من الشباب الأجانب يبتعدون عن المدرسة ،بل يكرهون المدرسة ، ولهذا كما أخبرتك سابقا هنالك مدارس تقدم لهم 50 كرونة يوميا لكي يحضروا إلى المدرسة.

سيبدو الأمر مضحكا للقارئ العربي أن يقرأ: بعض مدارس الدنمارك تدفع للطلاب نقود كي لا يتغيبوا..!!
- أنا أظن انه أمر مهم كي لا يلجأوا إلى السرقة ،لاتنس إنهم أطفال ،كما إن هذه المدارس التي تدفع لا تشبه المدارس بأي شكل ،هي اقرب إلى المراكز الشبابية ،طرق التدريس فيها هي " الورش العملية " ،وهنالك مدارس أخرى تسمى " مدارس الإنتاج " ،الامتحانات فيها قليلة جدا ، وهي عملية أكثر منها نظرية ،ويلتحق بها الكثير من الأجانب.

لم التركيز وكل هذه المدارس المتخصصة ومراكز الشباب على هذه الفئة العمرية 14-16 سنة؟
- لسبين أساسيين : الأول هي مرحلة قلقة بين الطفولة والنضوج ،وفيها بحث دائم عن الذات وعلاقتها بالأشياء المحيطة ،ولذا تحتاج مساعدة كبيرة ومتفهمة من الكبار ،لاعقوبات فقط على أخطائهم وجرائمهم، يجب تفهم لـِمَ هم غاضبون ولا يطيقون أية تربية مدرسية..! والثاني :إنها الفرصة الأخيرة لنظام التعليم الدنماركي الإلزامي ليقوم بدورة ،لأنه بعد سن 16 سنه أو في نهاية الصف التاسع يكونون خارج نظام التعليم الإلزامي الذي لايعد ملزما للبلدية ،وهذه مشكلة المجتمع معهم ،إذا لم يؤهلوا لغاية الصف التاسع ،سيكونون خارج النظام ،ولدينا في كوبنهاكن عدد كبير جدا من الأجانب خارج هذا النظام.

حسنا هل لنا أن نتحدث عن دور الأهالي والثقافة الإسلامية على الأقل فيما يخص طلاب مدرستك من أبوين مسلمين ؟
- لا انكر إن هنالك أمر ساعدني ويساعدني كثيرا في عملي ،وهو تدريسي اللغة الدنماركية لأجانب اغلبهم مسلمين ولمدة عشر سنوات الأمر الذي سهل لي امتلاك معرفة جيدة بالإسلام والمسلمين ،وهذا أمر رائع بالنسبة لي ،بعض زملائي ممن لايعرفون المسلمين بشكل جيد يعتقدون إن سلوك الشباب المسلمين غريب ، وأنا أرى إنهم لايفهمون دائما سلوك المسلمين الشباب،وطلاب صفي فرحين جدا بي لتفهمي لخصوصية ثقافتهم ،ومن المهم لهم أن أكون ايجابية اتجاهها ،ليس مشوقا لأي شخص أن تكون سلبيا اتجاه ثقافته.
بالتأكيد هنالك أشياء لااستطيع فهمها وتفهمها في الثقافة الإسلامية على سبيل المثال : أن يقتل احدهم بنت عمه لأنها أحبت شخصا يعتقد انه غير مناسب لها ، أرى إن هذا خطأ ولا استطيع تقبله ، وعلى الرغم من هذا أنا احترمك ،حيث الكثير من الدنماركيين لايستطيعون فعل ذلك في هذا الموقف.

ماذا عن أهالي الأجانب " الجانحين "، هل هم متعاونون معكم؟
- نعم من خلال عملي تلمست إن الكثير من الأهالي لديهم الرغبة الصادقة ،ولكنهم لايفهمون ،اقصد لايفهمون اللغة ، الكثير منهم لايتحدثون الدنماركية ،على سبيل المثال يأتي احدهم ويقول انه يريد أن يكون ابنه " طبيب أسنان في المستقبل ،ولكنه لايفهم إن ابنه لديه مشاكل ذهنية كثيرة ،منها بطيء تعلمه الحساب ،كيف إذن يصبح طبيب أسنان من لايتعلم الرياضيات بشكل اعتيادي! ، وهذا الأمر صعب، أتفهم إن الآباء لديهم أحلام كبيرة لأبنائهم في أن يصبحوا شيئا كبيرا ومهما في المستقبل ،ولكننا نقول لهذا الأب : ابنك يعاني صعوبات جمة في التعلم ، هل لنا أن نعمل معا لنجد له دراسة أخرى تلاؤمه غير ماترغب به أنت ،ومن الصعب عليهم تفهم ذلك.
اعتقد انه يتوجب مساعدة العائلة أيضا، اعني في حالة كانت العائلة عراقية عانت الكثير من ويلات الحرب والعنف، بهذه الحالة يجب مساعدة العائلة ولا نتوقف فقط في إعادة تأهيل الطفل الشاب من هذه العائلة.


يتبع

¤  مدرسة الجانحين الصغار (1)
 


* لماذا الدنمارك ؟ وما علاقتها بشأننا العراقي ؟!

اخترت أن تكون الدنمارك ... وأنا اقصد الناس والمجتمع بشكل خاص.
أولا: اعرفها أكثر من أي بلاد أخرى عدا عن حبي واحترامي لها..!
ثانيا: هو تميز مجتمع هذه البلاد بميزة إحدى أقدم الديمقراطيات في العالم، ومجتمع رفاهية " والمقصود بالرفاهية بشكل موجز هو: حق وحصول الجميع على نفس الفرص المتكافئة في السكن والتعليم، والصحة، والضمان الاجتماعي...الخ
تجربتها في بناء الإنسان ، هي ماتعنينا للاستفادة منها ، وهي صلة العلاقة بديمقراطيتنا " العراقية الناشئة".
أريد لهذه التجارب التي سأذكرها على حلقات، أن يستفيد مجتمعنا في بناء الخراب الذي لحق بالإنسان أولا..!
ولكي تكون تجارب الدنمارك مفهومة ، وبالتالي يمكن الاستفادة منها ، لابد من ذكر موجز مبسط عن هذه البلاد الصغيرة:
الدنمارك بلدٌ صغيرٌ وهو احد بلدان أوربا الاسكندينافية، أرضهُ منبسطة لا توجد فيها جبال، ويقعُ ـ محاطاً بالمياه بشكلٍ كاملٍ تقريباً ـ ما بين بحر الشرق والمُسمَّى بالبلطيق وبحر الشمال. تتكون الدنمارك من شبه جزيرة يولاند و 406 جزيرةً أخرى.

النظام الملكي الأقدم في العالم
المملكة الدنمركية هي الأقدم في العالم. لفترةٍ تتجاوز الـ 1000 عام.
لا تتمتع العائلة المالكة بسلطةٍ سياسية، ولكنها تضطلع بالعديد من المهام التمثيلية في الدنمارك وخارجها.

شكل الحكم
الدنمارك ديمقراطيةٌ تمثيلية. مما يعني أن من يقوم باتخاذ أهم القرارات هم السياسيون المنتخبون من قِبَلِ الشعبِ والمتواجدون في البرلمان الدنمركي، وفي مجالس المحافظات وفي المجالس البلدية.

تدرج بناء الديمقراطية منذ العام 1849
إدخالُ الديمقراطية الدنمركية، بحكم الشعب يعود إلى عام 1849. وقد حلَّت محلَّ النظام الاستبدادي في الحكم، والذي كان قد منح الملك منذ عام 1660 سلطةً ونفوذاً غير عاديين.
حصلت النساء على حقِّ الإدلاء بأصواتهن في التغيير الذي طرأ على الدستور في عام 1915 .
التعديل الحاصل في الدستور في عام 1953 نجم عنه أنه ليس من الضروري أن يكون الحاكم رجلاً، بل بإمكانه أن يكون امرأة.

عدد السكان : 5,397,640
المساحة:
43,094 كم مربع

الاقتصاد :
الناتج القومي :
170 مليار دولار أمريكي
لدى البلاد اكتفاء ذاتي من النفط، والغاز الطبيعي، وطاقة الرياح
75% من أراضي البلاد مستغلة زراعيا، الثروة الحيوانية والألبان، هي أهم منتج هذا القطاع
تصدر الدنمارك : الكيمياويات ، الآلات ،الأثاث ، الأدوية ، ومختلف المواد الغذائية . من الصناعات الرئيسية في البلاد : بناء السفن ، والكهربائيات .

 

  1. تجارب دانماركية (27) - مدرسة الجانحين الصغار (1)
  2. تجارب دانماركية (26)  - الأطفال المجرمون
  3. تجارب دانماركية (25)  - تقدر أن تسرق
  4. تجارب دانماركية (24)  - رسائل من الجيران
  5. تجارب دانماركية (23) 5 - طرق تدريس الدين (الفلسفة وأخرى)
  6. تجارب دانماركية (23) 4 - طرق تدريس الدين ( الإسلام )
  7. تجارب دانماركية (23) 3 - طرق تدريس الدين (الديانة المسيحية)
  8. تجارب دانماركية (23) 2 - طرق تدريس الدين (الديانة اليهودية )
  9. تجارب دانماركية (23) 1 - طرق تدريس الدين ( المُثل والأخلاق )
  10. تجارب دانماركية (22) - راتب ملكة الدنمارك وأخرى
  11. تجارب دانماركية (21) - 4 مليون دراجة هوائية
  12. تجارب دانماركية (20) - قرى الأطفال (2)
  13. تجارب دانماركية (20) - قرى الأطفال (1)
  14. تجارب دانماركية (19) - الملائكة الحمر
  15. تجارب دانماركية (18) - طفلة أيسلندية في بيتنا
  16. تجارب دانماركية (17) - المسرح
  17. تجارب دانماركية (16) - سينما وموسيقى
  18. تجارب دانماركية (15) - تضامن طلابي وقُبلة بدولارين
  19. تجارب دانماركية (14) - كارل ماركس في المدرسة الابتدائية
  20. تجارب دانماركية (13) - فساد وزير
  21. تجارب دانماركية (12) - عيادات الأسنان في المدارس
  22. تجارب دانماركية (11) - عنف ومراكز أزمات
  23. تجارب دانماركية (10) - البقرة المدللة
  24. تجارب دانماركية (9) - أمهات وحيدات
  25. تجارب دانماركية (8) - متشرد و " صالة دافئة "
  26. تجارب دانماركية (7) - أسلحة الدمار الشامل العراقية في الدنمارك
  27. تجارب دانماركية (6) - معوّق في الدنمارك
  28. تجارب دانماركية (5) - استبداد ديمقراطي
  29. تجارب دانماركية (4) - حين صار جيبي منفضة سجائر
  30. تجارب دانماركية (3) - مكتبات الشعب
  31. تجارب دانماركية (2) - 1,5 مليون جندي دنماركي
  32. تجارب دانماركية (1) - زلزال في مدرسة دنماركية

 

free web counter