| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 27/5/ 2009

 

تجارب دنماركية *

التجربة (25)
تقدر أن تسرق

ضياء حميو

الأمان، هذه الكلمة يعرف دلالة معناها بشكل دقيق مَنْ افتقدها.
ليس عن الشذوذ هو الحديث، بل عن القاعدة في المجتمع..!!

صورة أولى:

سيدة دنماركية في زيارة إلى أمريكا تدخل إلى إحدى المقاهي ،تختار طاولة بجانب الشباك ،كي يسهل عليها ملاحظة صغيرها فيما لو استيقظ من نومه في عربته خارج المقهى ، تطلب قهوتها وهي تراقب دهشة الأميركيين التي لا تفهمها ،وفضولهم بوجود طفل نائم في عربته .!!
بعد دقائق تصل سيارة الشرطة ،ويتوجه شرطيان منها إلى عربة الطفل ، تبتسم لهم ، وتومئ لهم " انه طفلي " ،ينظران باستنكار اتجاهها ، ويهمان بحمل العربة والطفل إلى سيارتهم ، تخرج لهم مسرعة ،تخبرهم بإنكليزية واضحة " انه صغيري .. ماذا تفعلان "..؟
- إن كان صغيرك حقا، فأنت أم غير مؤهلة لرعايته..وإلا كيف تتركينه في الشارع ،سنأخذه إلى مركز رعاية الأطفال ،وبإمكانك أن تعترضي قانونيا من خلال المحكمة .
- محكمة..؟ أي محكمة..ولماذا ...انه ليس في الشارع انه قبالة الشباك وأنا أراقبه...تنخرط المسكينة في البكاء بعد أن ترى إصرار الشرطيين على سلبها صغيرها : أنا دنماركية ...أنا دنماركية..!
- هل لنا أن نرى جواز سفرك ؟
تخرج لهم جواز سفرها ،ولكن رغم ذلك يصران على أخذ الطفل لاعتقادهما ،إن من تترك رضيعها في عربته ،خارج الشباك ، لابد من أن تكون معتوهة، تصر على مرافقتهم إلى مركز الشرطة ،وأثناء التحقيق معها ، تخبرهم ،إن هذا الأمر عادي جدا في كل بلدان اسكندنافيا ،وكذلك في الدنمارك ،يترك الصغار نائمين " بأمان " في عرباتهم خارج المقاهي ،كي يستنشقوا هواءً نقيا ،ولكي يعتادوا على برودة الجو منذ الصغر..!
يجيب المحقق بسخرية غير مصدق ما تقوله عن الأمان في اسكندنافيا : نعم ينامون بأمان..!
- حسنا اتصلوا بأي جهة من أي بلد من البلدان الاسكندينافية ، واسألوا لتتأكدوا من صدق ما اقول ..!
بعد الاتصال والتأكد من صحة ما قالته ،يعيدان الصغير لها ،مع توصية حازمة ، بان لا تعيدها مرة ثانية ،وتخرج عن " المألوف "..!
تخرج المسكينة فرحة باستعادتها لصغيرها، وهي تفكر بآخر كلمة قالها المحقق " المألوف "..!
ماهو المألوف ؟هل من المألوف أن لا يشعر الإنسان بالأمان .!!

صورة ثانية :

الكثير من الدنماركيين ممن يمتلكون حديقة أو مساحة للزراعة محدودة ،يزرعون فيها منتصف الربيع بعض الخضروات ( بطاطا ، بصل ، فراولة ، بزاليا ، طماطم ، خيار) ،ولخصوبة الأرض وعنايتهم الشديدة ،يكون المحصول عند حلول الصيف أكثر مما تستهلكه العائلة الدنماركية الصغيرة عادة .
يقوم احد أفراد العائلة بوضع الفائض من الخضروات أو الفواكه بعد أن يضعه بأكياس ،على طاولة صغيرة خارج البيت بموازاة الشارع ،يكتب على ورقة سميكة السعر الذي يرغبه ،مع علبة للنقود ،يضع بها بعض العملات النقدية للمتبقي من المبلغ.
يتوقف الراغبون مشاة ، راكبي سيارات ، أو دراجات يشترون ما يرغبونه ،يضعون النقود في علبة النقود ، ويمضون ، بطريقهم ، ليس هنالك من يبيعهم أو يستلم النقود منهم من أفراد العائلة ،هذه العوائل تثق بالآخرين ،ليس في حسابها ،سوء الظن من أن يسرق احدهم البضاعة أو النقود أو كلتيهما معا..!
أنها الثقة بالسلوك الجمعي، وبالنفس معا.

هل تتولد ثقة بالنفس من دون ثقة بالمجتمع؟!
تتولد الثقة بالمجتمع ، حين يوفر هذا الأخير الشعور بالأمان لأفراده،والأمان هنا لا ينفصل مطلقا عن داعمين مستقرين له ، هما " الاقتصادي ، والسياسي " !
السياسي من خلال نظام ديمقراطي شفاف على الأقل بأدنى حالات الفساد ،والاقتصادي من خلال نموه الذي يخدم جميع الأفراد بغض النظر عن " انتماءهم الطبقي " ،هذه الخدمة شرعها " السياسي " بقوانين دستورية ملزمة تحفظ كرامة الأفراد في كل الحالات بما فيها حالات عوزهم المادي لأي سبب كان بلا أدنى تمييز ، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الماهية الشخصية .
قوانين النظام الاجتماعي العريقة والمنظمة في الدنمارك ،أفرزت ما يقارب خمسة أجيال ،تشعر بالأمان من الغد ،في حالة المرض ،الوفاة ، العوق ،فقدان العمل ،مختصرة بجملة بسيطة أيا كانت الظروف ( حفظ كرامة الإنسان بحق الحصول على سكن وغذاء ودواء).

 


* لماذا الدنمارك ؟ وما علاقتها بشأننا العراقي ؟!

اخترت أن تكون الدنمارك ... وأنا اقصد الناس والمجتمع بشكل خاص.
أولا: اعرفها أكثر من أي بلاد أخرى عدا عن حبي واحترامي لها..!
ثانيا: هو تميز مجتمع هذه البلاد بميزة إحدى أقدم الديمقراطيات في العالم، ومجتمع رفاهية " والمقصود بالرفاهية بشكل موجز هو: حق وحصول الجميع على نفس الفرص المتكافئة في السكن والتعليم، والصحة، والضمان الاجتماعي...الخ
تجربتها في بناء الإنسان ، هي ماتعنينا للاستفادة منها ، وهي صلة العلاقة بديمقراطيتنا " العراقية الناشئة".
أريد لهذه التجارب التي سأذكرها على حلقات، أن يستفيد مجتمعنا في بناء الخراب الذي لحق بالإنسان أولا..!
ولكي تكون تجارب الدنمارك مفهومة ، وبالتالي يمكن الاستفادة منها ، لابد من ذكر موجز مبسط عن هذه البلاد الصغيرة:
الدنمارك بلدٌ صغيرٌ وهو احد بلدان أوربا الاسكندينافية، أرضهُ منبسطة لا توجد فيها جبال، ويقعُ ـ محاطاً بالمياه بشكلٍ كاملٍ تقريباً ـ ما بين بحر الشرق والمُسمَّى بالبلطيق وبحر الشمال. تتكون الدنمارك من شبه جزيرة يولاند و 406 جزيرةً أخرى.

النظام الملكي الأقدم في العالم
المملكة الدنمركية هي الأقدم في العالم. لفترةٍ تتجاوز الـ 1000 عام.
لا تتمتع العائلة المالكة بسلطةٍ سياسية، ولكنها تضطلع بالعديد من المهام التمثيلية في الدنمارك وخارجها.

شكل الحكم
الدنمارك ديمقراطيةٌ تمثيلية. مما يعني أن من يقوم باتخاذ أهم القرارات هم السياسيون المنتخبون من قِبَلِ الشعبِ والمتواجدون في البرلمان الدنمركي، وفي مجالس المحافظات وفي المجالس البلدية.

تدرج بناء الديمقراطية منذ العام 1849
إدخالُ الديمقراطية الدنمركية، بحكم الشعب يعود إلى عام 1849. وقد حلَّت محلَّ النظام الاستبدادي في الحكم، والذي كان قد منح الملك منذ عام 1660 سلطةً ونفوذاً غير عاديين.
حصلت النساء على حقِّ الإدلاء بأصواتهن في التغيير الذي طرأ على الدستور في عام 1915 .
التعديل الحاصل في الدستور في عام 1953 نجم عنه أنه ليس من الضروري أن يكون الحاكم رجلاً، بل بإمكانه أن يكون امرأة.

عدد السكان : 5,397,640
المساحة:
43,094 كم مربع

الاقتصاد :
الناتج القومي :
170 مليار دولار أمريكي
لدى البلاد اكتفاء ذاتي من النفط، والغاز الطبيعي، وطاقة الرياح
75% من أراضي البلاد مستغلة زراعيا، الثروة الحيوانية والألبان، هي أهم منتج هذا القطاع
تصدر الدنمارك : الكيمياويات ، الآلات ،الأثاث ، الأدوية ، ومختلف المواد الغذائية . من الصناعات الرئيسية في البلاد : بناء السفن ، والكهربائيات .

 

  1. تجارب دانماركية (24)  - رسائل من الجيران
  2. تجارب دانماركية (23) 5 - طرق تدريس الدين (الفلسفة وأخرى)
  3. تجارب دانماركية (23) 4 - طرق تدريس الدين ( الإسلام )
  4. تجارب دانماركية (23) 3 - طرق تدريس الدين (الديانة المسيحية)
  5. تجارب دانماركية (23) 2 - طرق تدريس الدين (الديانة اليهودية )
  6. تجارب دانماركية (23) 1 - طرق تدريس الدين ( المُثل والأخلاق )
  7. تجارب دانماركية (22) - راتب ملكة الدنمارك وأخرى
  8. تجارب دانماركية (21) - 4 مليون دراجة هوائية
  9. تجارب دانماركية (20) - قرى الأطفال (2)
  10. تجارب دانماركية (20) - قرى الأطفال (1)
  11. تجارب دانماركية (19) - الملائكة الحمر
  12. تجارب دانماركية (18) - طفلة أيسلندية في بيتنا
  13. تجارب دانماركية (17) - المسرح
  14. تجارب دانماركية (16) - سينما وموسيقى
  15. تجارب دانماركية (15) - تضامن طلابي وقُبلة بدولارين
  16. تجارب دانماركية (14) - كارل ماركس في المدرسة الابتدائية
  17. تجارب دانماركية (13) - فساد وزير
  18. تجارب دانماركية (12) - عيادات الأسنان في المدارس
  19. تجارب دانماركية (11) - عنف ومراكز أزمات
  20. تجارب دانماركية (10) - البقرة المدللة
  21. تجارب دانماركية (9) - أمهات وحيدات
  22. تجارب دانماركية (8) - متشرد و " صالة دافئة "
  23. تجارب دانماركية (7) - أسلحة الدمار الشامل العراقية في الدنمارك
  24. تجارب دانماركية (6) - معوّق في الدنمارك
  25. تجارب دانماركية (5) - استبداد ديمقراطي
  26. تجارب دانماركية (4) - حين صار جيبي منفضة سجائر
  27. تجارب دانماركية (3) - مكتبات الشعب
  28. تجارب دانماركية (2) - 1,5 مليون جندي دنماركي
  29. تجارب دانماركية (1) - زلزال في مدرسة دنماركية

 

free web counter