| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

السبت 27/12/ 2008

 

تجارب دنماركية *

التجربة الخامسة
استبداد ديمقراطي

ضياء حميو

هذه ليست مزحة ، ولكن هذا ما حصل في الدنمارك في إحدى فترات التاريخ ، والسبب في ذلك ، هو نقص في التشريع الانتخابي ،وبالتالي التمثيل النيابي..!
كان مرأى مقصلة الثورة الفرنسية في العام 1793 يطيح برأس الملك والملكة الفرنسيين، من قبل جموع الشعب، وكما تم تسميتهم في فترتها بالرعاع، الأثر المرعب الذي حدا بالكثير من الممالك الأوربية بقبول مشاركة الآخر في الحكم..
في الدنمارك حدث هذا القبول عام 1849،وهو تاريخ بداية الديمقراطية ،وأقول بناء ،لأنها تطورت ،وظلت تجري عليها التعديلات ،الدستورية بين فترة وأخرى بما يتلاءم وواقع العصر وخدمة الإنسان في البلاد.
الأشخاص الذين ترأسوا مطالبة الملك حينها في المشاركة في الحكم كانوا من الارستقراطيين ، لنفوذهم وتعلمهم ،وهم بالتالي كأمناء لطبقتهم كان لابد لهم من يضعوا قانونا انتخابيا يخدمهم ، وهذا ما تم ووافق علية الملك ، كرأس شكلي لهذه الطبقة .
تم إقرار إن من يحق له الانتخاب:هو الرجل فقط ، ممن يبلغ من العمر ثلاثين عاما فما فوق ، وان يمتلك بيتا ، وان لا يكون مدينا لأحد بأي مبلغ من المال ..!
في تلك الحقبة كانت هذه الشروط تعني، أن لا أحد غير الأثرياء يحق لهم المشاركة في الانتخابات.
أن تمتلك بيتا، ولا تكن مدينا لأحد بأي مبلغ من المال في فقر تلك الفترة، واستثناء النساء، يعني إن أكثر من 95% من أفراد الشعب لن يكونوا ممثلين.
كان هنالك حزبان الأول هو اليمين الذي يمثل الارستقراطية التقليدية المحافظة ،والثاني اليسار الذي كان متأثرا بالأفكار الاقتصادية الفلسفية ، في البلدان المجاورة خصوصا ألمانيا ، وفلاسفتها المعروفين ، إذ كانت شعبيته في صفوف عامة الشعب التي لا يحق لها الانتخاب وفق الدستور ،ولذا لم يكن له أي حظ في الفوز ،مما مكن اليمين من الحكم ،مايقارب الخمسين عاما متتالية.
حدث الاستبداد الديمقراطي ، في العام 1885 ،إذ كان على رأس السلطة السياسية ،كرئيسا للوزراء ، زعيما من حزب اليمين أسمة " ياكوب أستروب " تولى رئاسة الوزراء ابتدءا من عام 1875 ولمدة 19 سنة متتالية .
في سنة الاستبداد تلك ،تعرض "استروب" لمحاولة اغتيال فاشلة من قبل "عامل مطبعة صف حروف" ،على أثرها تولى بالإضافة إلى منصبه كرئيس وزراء منصبي وزارة الداخلية ،والاقتصاد معا مما مكنه من منح الشرطة سلطات قمعية ،واستبدادية غير مسبوقة.
ولسنين استمر القمع واستمر اضطراب الأوضاع الداخلية ،مظاهرات عمالية ،ومطالبات ،من متنورين ارستقراط ،وجهود يساريين آخرين ، كل هذه الأمور دعت البلاد أن تسن قانون التشريعات البرلمانية في لعام 1901 ،والذي في أهم بنوده أن يتم انتخاب رئيس الوزراء من قبل المقترعين مباشرة وليس من قبل أعضاء البرلمان كما في السابق،وبعد أن جرت انتخابات في ذلك العام ونتيجة للتشريعات البرلمانية الجديدة ،فاز في الانتخابات حزب اليسار.
جدير بالذكر إن حزب اليمين لم يفز بأي انتخابات بعد ذلك أبدا، رغم انشقاقه إلى أكثر من حزب.
في العام 1915، تم إقرار تشريعات جديدة وتعديل بعضها من أهمها حق المرأة في التصويت، وتعديل عمر المقترع من 30 الى 25.
في العام 1953 تم إقرار إمكانية أن تترأس الحكومة امرأة.
في العام 1978 أصبح عمر المقترع 18 فما فوق.
عدد أعضاء البرلمان اليوم 179 نائب .
كل نائب لديه هاتف موبايل خاص ، يستلم فيه مكالمات أفراد الشعب ،ويرد عليها ،أرقام الهواتف هذه معلنة ،هنالك أوقات محددة في أيام اجتماعات البرلمان يتمكن فيها أفراد الشعب من الحضور وطرح أسئلتهم واستفساراتهم على الأعضاء.

في كل جلسة برلمان يحضر بالإضافة إلى النواب ال179 المئات من مواطنين آخرين يحق لهم حضور جلسات البرلمان ، والصحافة في مقدمتهم ، التي هي رقيب الشعب ،الأساس في مراقبة ما يجري ونقله بكل حرية.
ختاما ما اردت قوله من خلال هذه التجربة : هو انه وجود نقص في تشريعات برلمانية ما… قد يشكل ثغرة لاستبداد في الحكم كما حدث مع " استروب" ،والشيء الآخر هو ملاحظة التدرج في بناء الديمقراطية الذي ما زال يتطور في خدمة الإنسان في هذه البلاد .
الديمقراطية، مران، طويل ومدرسة يتعلم فيها ومنها الجميع، وصولا إلى المبتغى النبيل.
 


* لماذا الدنمارك ؟ وما علاقتها بشأننا العراقي ؟!

اخترت أن تكون الدنمارك ... وأنا اقصد الناس والمجتمع بشكل خاص.
أولا: اعرفها أكثر من أي بلاد أخرى عدا عن حبي واحترامي لها..!
ثانيا: هو تميز مجتمع هذه البلاد بميزة إحدى أقدم الديمقراطيات في العالم، ومجتمع رفاهية " والمقصود بالرفاهية بشكل موجز هو: حق وحصول الجميع على نفس الفرص المتكافئة في السكن والتعليم، والصحة، والضمان الاجتماعي...الخ
تجربتها في بناء الإنسان ، هي ماتعنينا للاستفادة منها ، وهي صلة العلاقة بديمقراطيتنا " العراقية الناشئة".
أريد لهذه التجارب التي سأذكرها على حلقات، أن يستفيد مجتمعنا في بناء الخراب الذي لحق بالإنسان أولا..!
ولكي تكون تجارب الدنمارك مفهومة ، وبالتالي يمكن الاستفادة منها ، لابد من ذكر موجز مبسط عن هذه البلاد الصغيرة:
الدنمارك بلدٌ صغيرٌ وهو احد بلدان أوربا الاسكندينافية، أرضهُ منبسطة لا توجد فيها جبال، ويقعُ ـ محاطاً بالمياه بشكلٍ كاملٍ تقريباً ـ ما بين بحر الشرق والمُسمَّى بالبلطيق وبحر الشمال. تتكون الدنمارك من شبه جزيرة يولاند و 406 جزيرةً أخرى.

النظام الملكي الأقدم في العالم
المملكة الدنمركية هي الأقدم في العالم. لفترةٍ تتجاوز الـ 1000 عام.
لا تتمتع العائلة المالكة بسلطةٍ سياسية، ولكنها تضطلع بالعديد من المهام التمثيلية في الدنمارك وخارجها.

شكل الحكم
الدنمارك ديمقراطيةٌ تمثيلية. مما يعني أن من يقوم باتخاذ أهم القرارات هم السياسيون المنتخبون من قِبَلِ الشعبِ والمتواجدون في البرلمان الدنمركي، وفي مجالس المحافظات وفي المجالس البلدية.

تدرج بناء الديمقراطية منذ العام 1849
إدخالُ الديمقراطية الدنمركية، بحكم الشعب يعود إلى عام 1849. وقد حلَّت محلَّ النظام الاستبدادي في الحكم، والذي كان قد منح الملك منذ عام 1660 سلطةً ونفوذاً غير عاديين.
حصلت النساء على حقِّ الإدلاء بأصواتهن في التغيير الذي طرأ على الدستور في عام 1915 .
التعديل الحاصل في الدستور في عام 1953 نجم عنه أنه ليس من الضروري أن يكون الحاكم رجلاً، بل بإمكانه أن يكون امرأة.

عدد السكان : 5,397,640
المساحة:
43,094 كم مربع

الاقتصاد :
الناتج القومي :
170 مليار دولار أمريكي
لدى البلاد اكتفاء ذاتي من النفط، والغاز الطبيعي، وطاقة الرياح
75% من أراضي البلاد مستغلة زراعيا، الثروة الحيوانية والألبان، هي أهم منتج هذا القطاع
تصدر الدنمارك : الكيمياويات ، الآلات ،الأثاث ، الأدوية ، ومختلف المواد الغذائية . من الصناعات الرئيسية في البلاد : بناء السفن ، والكهربائيات .

 

  1. تجارب دانماركية (4) - حين صار جيبي منفضة سجائر
  2. تجارب دانماركية (3) - مكتبات الشعب
  3. تجارب دانماركية (2) - 1,5 مليون جندي دنماركي
  4. تجارب دانماركية (1) - زلزال في مدرسة دنماركية

 

free web counter