| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

الثلاثاء 23/12/ 2008

 

تجارب دنماركية *

التجربة الرابعة
حين صار جيبي منفضة سجائر

ضياء حميو

عادت طفلتي البالغة من العمر ثمان سنوات من المدرسة اليوم ، متعبة جدا على غير المعتاد ،ولكنها تتوقد فرحا !
سألتها كما المعتاد، عن يومها المدرسي، وإذا ما كان ممتعا ! أجابت: بأنه رائع ، مستدركة بلهجة عراقية " بس آني كلش تعبانه "..!

عرفتُ بعد ذلك ، إن يومها خُصص لنشاط مدرسي خارج المدرسة ، هدفه ، جمع القمامة ، من بعض الحدائق القريبة ، هذه القمامة لم يلقها أصحابها في الأماكن المخصصة لها لسبب أو آخر ، عدم الشعور بالمسؤولية أو العادة السيئة..! .
افترض المسئولون، أن الأطفال لهم حصة ، شأنهم شأن الكبار في هذا الإهمال..!
وهاهو فصل الربيع الدافئ ، بنشاطاته المختلفة ، فكان ذلك اليوم مخصصا لنشاط كبير، من قبل " منظمة حماية الطبيعة " و "خدمات المدارس" تتم بموجبه كل عام دعوة كل صفوف المدارس، الروضات ، الحضانات ،ومعاهد ومراكز رعاية أطفال، للقيام بما أسموه العمل الربيعي المشترك لتنظيف الطبيعة ، أي جمع القمامة ، على شكل مسابقة يشترك ، بها جميع التلاميذ ، حُدد لهم المقصود بالأشياء التي تصنف كقمامة ،" كل ماهو مضر بالطبيعة "، وفي حالت شكّهم إن كان هذا الشيء مضر أم لا فبإمكانهم سؤال المعلمين المرافقين لهم في ( اللعبة، السباق )، إذ إن بعض الأشياء لا تعتبر نفايات ، كأوراق الأشجار ،والأغصان!

تم تقسيم التلاميذ إلى مجموعات عمل صغيرة، أ ُعطيت كل مجموعة، عددا من أكياس جمع القمامة، تفوز في المسابقة المجموعة التي تجمع، أكثر، هنالك جائزة للفائز ألأول، والثاني، والثالث.
كان هذا في ربيع عام 2008 واشترك في هذه الفعالية 31 الف و 558 طفل في عموم البلاد ، أزالوا من الطبيعة نفايات ضارة ،كان وزنها 189 طن و 345 كيلو.
على سبيل المثال : جمع الأطفال 154 الف و 389 علبة معدنية..! .
على الرغم من إن البلاد تتمتع بنظام تصنيف وإعادة تصنيع نفايات متطور جدا في العالم ، ووعي مواطن يضاهيه تطورا ، كانت هذه الأرقام من النفايات..!

قالت طفلتي ، بأسى : إن مجموعتها لم تفز ، كان هنالك من هو أسرع ولكنها حصلت على أية حال على هدية لمشاركتها في هذه الفعالية ،الأمر الذي جعلها وجميع التلاميذ فرحون .
وهكذا أرتني طفلتي الهدية التي أعطيت لكل مشارك ..!
كانت الهدية عبارة عن أوراق لعب كارتونية "كارتات " ، بطباعة أنيقة ،عليها شرح بكيفية اللعب بها مع الأطفال الآخرين أو مع العائلة، ، ما لفت انتباهي وإعجابي في هذه "الكارتات " ، شيئان ، الأول هو المعلومات المفيدة للكبار والصغار عن البيئة والنفايات ،والتي سأذكر بعضا منها، والثاني : هي الجهة الداعمة لهذا النشاط التي تكفلت بالهدايا وطبع أوراق اللعب ،بطريقة فنية أنيقة ،تمكّن الطفل من الاحتفاظ بها زمنا طويلا ، بل حتى لو فُقد هذا الكارت ووجده شخصا آخر فانه سيحصل منه على معلومات مفيدة !
كانت الجهة الداعمة هي " مؤسسة اليانصيب الدنماركي " التي خصصت جزءا من ريعها لهكذا نشاطات ، والتي تمتلك الدولة 80% من أسهمها .

شيء من معلومات " كارتات اللعب "

كل " كارت " يحتوي على صورة لإحدى النفايات الشائعة التي وجدها الأطفال في العام الماضي، ألأرقام هي من إعداد " مؤسسة حماية البيئة لعام 2003.
أسفل الصورة خمسة جداول صغيرة، وكالآتي:
1 ـ عدد السنوات التي تستغرقها النفاية صاحبة الصورة للتحلل في الطبيعة.
2 ـ مدى خطرها على الحيوانات.
3 ـ عددها المرمي في الطبيعة " كميتها "
4 ـ عفونة رائحتها.
5 ـ إمكانية إعادة تصنيعها، واستخدامها ثانية.
مع ملاحظة أخيرة في نهاية " الكارت ".

واخترتُ مثالا من كل هذه الصور، صورة واحدة شائعة في كل بلدان العالم وهي " علبة المشروبات الغازية والروحية ”.
1 ـ تستغرق 500 سنة للتحلل في الطبيعة.
2 ـ نسبة خطورتها على الحيوانات هي 80 %.
3 ـ كميتها 60 %.
4 ـ عفونة رائحتها 15 %.
5 ـ إمكانية إعادة تصنيعها واستخدامها ثانية 100 % .

ملاحظة الكارت لهذه الصورة: هل تعلم إن 15% من هذه العلب ترمى وتلوث الطبيعة..!؟

في الختام سأروي لكم قصة حدثت لي مع طفلتي " دانه " وهذا اسمها، وبعد فعالية جمع النفايات بأيام قليلة : كنت أتمشى معها ، نتحدث معا وكنت أدخن سيجارتي وما إن انتهيت منها وكعادتي التي اعتدتها قبل "آلاف السنين" ، في العراق وفي البلاد العربية التي مررت بها ، رميتُ ، عقب السيجارة في الشارع ، فما كان من " دانه " إلا أن تنزع يدها عن يدي بغضب ، ترفض التحرك ، قائلة وبلغة دنماركية هذه المرة: ماذا فعلت ؟ هل تعلم إن سيجارتك تستغرق أربع سنوات لتتحلل في الطبيعة وإنها خطرة جدا على الحيوانات و.. و.. قلتُ: حسنا توقفي!.. توقفتْ عن الكلام، لكنها ما زالت ترقبني، باستنكار، وفي محاولة للدفاع عن نفسي، وكعادة الكبار في تبرير أخطائهم، تعللتُ بعدم وجود سلة نفايات قريبة، !!
أجابتني ببرود وإصرار ، أذعنتُ له : (هذه ليست مشكلة الطبيعة ،تستطيع أن تضعها في جيبكَ )..!
وضعتها قي جيبي، فيما قالت باللهجة العراقية هذه المرة، وهي تمسك بيدي مواسية:( لا تضوج ..الكبار ينسون مرات)..!.
 


* لماذا الدنمارك ؟ وما علاقتها بشأننا العراقي ؟!

اخترت أن تكون الدنمارك ... وأنا اقصد الناس والمجتمع بشكل خاص.
أولا: اعرفها أكثر من أي بلاد أخرى عدا عن حبي واحترامي لها..!
ثانيا: هو تميز مجتمع هذه البلاد بميزة إحدى أقدم الديمقراطيات في العالم، ومجتمع رفاهية " والمقصود بالرفاهية بشكل موجز هو: حق وحصول الجميع على نفس الفرص المتكافئة في السكن والتعليم، والصحة، والضمان الاجتماعي...الخ
تجربتها في بناء الإنسان ، هي ماتعنينا للاستفادة منها ، وهي صلة العلاقة بديمقراطيتنا " العراقية الناشئة".
أريد لهذه التجارب التي سأذكرها على حلقات، أن يستفيد مجتمعنا في بناء الخراب الذي لحق بالإنسان أولا..!
ولكي تكون تجارب الدنمارك مفهومة ، وبالتالي يمكن الاستفادة منها ، لابد من ذكر موجز مبسط عن هذه البلاد الصغيرة:
الدنمارك بلدٌ صغيرٌ وهو احد بلدان أوربا الاسكندينافية، أرضهُ منبسطة لا توجد فيها جبال، ويقعُ ـ محاطاً بالمياه بشكلٍ كاملٍ تقريباً ـ ما بين بحر الشرق والمُسمَّى بالبلطيق وبحر الشمال. تتكون الدنمارك من شبه جزيرة يولاند و 406 جزيرةً أخرى.

النظام الملكي الأقدم في العالم
المملكة الدنمركية هي الأقدم في العالم. لفترةٍ تتجاوز الـ 1000 عام.
لا تتمتع العائلة المالكة بسلطةٍ سياسية، ولكنها تضطلع بالعديد من المهام التمثيلية في الدنمارك وخارجها.

شكل الحكم
الدنمارك ديمقراطيةٌ تمثيلية. مما يعني أن من يقوم باتخاذ أهم القرارات هم السياسيون المنتخبون من قِبَلِ الشعبِ والمتواجدون في البرلمان الدنمركي، وفي مجالس المحافظات وفي المجالس البلدية.

تدرج بناء الديمقراطية منذ العام 1849
إدخالُ الديمقراطية الدنمركية، بحكم الشعب يعود إلى عام 1849. وقد حلَّت محلَّ النظام الاستبدادي في الحكم، والذي كان قد منح الملك منذ عام 1660 سلطةً ونفوذاً غير عاديين.
حصلت النساء على حقِّ الإدلاء بأصواتهن في التغيير الذي طرأ على الدستور في عام 1915 .
التعديل الحاصل في الدستور في عام 1953 نجم عنه أنه ليس من الضروري أن يكون الحاكم رجلاً، بل بإمكانه أن يكون امرأة.

عدد السكان : 5,397,640
المساحة:
43,094 كم مربع

الاقتصاد :
الناتج القومي :
170 مليار دولار أمريكي
لدى البلاد اكتفاء ذاتي من النفط، والغاز الطبيعي، وطاقة الرياح
75% من أراضي البلاد مستغلة زراعيا، الثروة الحيوانية والألبان، هي أهم منتج هذا القطاع
تصدر الدنمارك : الكيمياويات ، الآلات ،الأثاث ، الأدوية ، ومختلف المواد الغذائية . من الصناعات الرئيسية في البلاد : بناء السفن ، والكهربائيات .

 

  1. تجارب دانماركية (3) - مكتبات الشعب
  2. تجارب دانماركية (2) - 1,5 مليون جندي دنماركي
  3. تجارب دانماركية (1) - زلزال في مدرسة دنماركية

 

free web counter