| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

 

 

 

الأثنين 16/2/ 2009

 

تجارب دنماركية *

التجربة (15)
تضامن طلابي وقُبلة بدولارين

ضياء حميو

حدثُ هزّ العالم في 18 سبتمبر 1961، حين انفجرت طائرة ثاني أمين عام للأمم المتحدة، فوق إحدى غابات " الكونغو الديمقراطية " بفعل فاعل لم يعرف لغاية الآن..!

قـُتل رجل السلام ،السياسي السويدي البارز " همر شولد " ،قبل هذا كان " همر شولد " متخصصا في التجارة والاقتصاد ،عضوا في حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين في السويد 1949 ـ 1953 ،ثم أمينا عاما للأمم المتحدة 1953 ـ 1961،أُختير في أجواء الحرب الباردة المستعرة ،لحياديته وحيادية بلده ،وكان شخصا مقبولا من طرفي عملاقي الحرب الباردة على مضض ، صادقا ولا يخشى في الحق لوم لائم .
كان مقتله خسارة كبيرة للشعب السويدي الذي حزن كثيرا لما حدث ، بل خسارة لبلدان العالم الثالث ، وخصوصا العرب الذين لا ادري إن كانوا يتذكروا موقفه المناهض للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956في الأمم المتحدة حين طلب من الأعضاء جميعا أن يعلنوا موقفا واضحا بهذا ضمن مواثيق الأمم المتحدة ،مهددا ضمنيا بالاستقالة ،إن لم تتفق مواقفهم مع مواثيق الأمم المتحدة، وهو ما كان وجعل البلدان المعتدية بلا غطاء أممي ، من ضمن الأسباب التي أنهت الأزمة لصالح مصر.
في السويد لم يكتف الشباب بالحزن ،بل أصروا على مواصلة مسيرة " همرشولد " في السلام ، ولهذا وفي عام 1961 خصص يوم محدد من كل عام لطلبة الإعدادية ،يقومون به بالعمل يعود ريعه لطلاب البلدان الفقيرة .

O D -  Operation Dagsværk
" او دي " مختصر الاسم لمنظمة الطلبة لهذا اليوم في الدنمارك ،يتوزع طلاب الإعدادية بمجاميع عمل صغيرة ، للإعداد ليوم محدد من الأسبوع الأول في شهر نوفمبر من كل عام ،تقوم هذه المجاميع بالإعداد لإيجاد عمل لمن تعذر عليهم إيجاد عمل في هذا اليوم ،من خلال الاتصال بالشركات والمنظمات ،والمحلات الصغيرة ،وشرح الهدف من عملهم وطلب الدعم من خلال منح فرصة او أكثر للعمل لهؤلاء الطلبة.

في الدنمارك طبق النشاط عمليا في العام 1985 ،رافقته أزمات كثيرة وضجة إعلامية أحيانا بسبب البلدان التي يتم مساعدة الطلبة فيها ،كانت أولى هذه الأزمات حين خصص المبلغ لـ" نيكاراغوا " وكانت الحكومة فيها يسارية ،مما حدا باليمين الدنماركي والكثير من وسائل الإعلام بالتهجم على " او دي " مشككين بشفافية انفاق المبلغ الذي جمع ،بل ومن قسم آخر بيسارية ميولها ،على الرغم من هذا جمع الطلبة مبلغا قارب المليون دولار ،الأزمة الثانية حدثت عام 1998 حين حدد بلد المساعدة " بالمدارس في فلسطين " وكان عذر الهجوم هو إن إحدى المنظمات الدنماركية الداعمة تلك السنة لـ "او دي " كان اسمها " قاطعوا إسرائيل " ،المقصود البضائع الاسرائيلية ،واتهمت منظمة الطلبة بعدم حياديتها وتسيُسها ،وعلى الرغم من هذا جمعوا مبلغا قارب المليون دولار.
اكبر مبلغ استطاع طلبة المدارس الإعدادية في الدنمارك جمعة كان لصالح " الصومال " عام 1992،وقارب المبلغ مليون و750 الف دولار.
في العام 2008 شارك 30 الف طالب إعدادية بالعمل في " او دي " من عدد إجمالي لطلاب الإعدادية في الدنمارك الذي يقارب 40 الف طالب وكان الدعم " للنيجر " ، أما العام 2009 فسيكون " زمبابوي ".
يلاحظ وعلى مدى أكثر من عشرين عاما على عمل " او دي "إن وزارة التعليم المختصة تدعمها حين تكون الحكومة من الاشتراكيين الديمقراطيين ،وحين يكون العكس ،تضع الوزارة العراقيل أمامها ،ولكن على الرغم من هذا ما زالت " او دي " تقوم بعملها التضامني الإنساني بنفس الكفاءة ،وصارت جزءا من التقاليد الدراسية في الدنمارك ،اليوم التضامني هذا مع طلبة العالم الفقير،على شرف ذكرى " همرشولد " هو تقليد الآن ليس في السويد والدنمارك وحسب بل والنرويج ايضا.

قـُبلة بدولارين
ذكرتُ سابقا إن الكثير من المؤسسات ،الشركات ،والمحلات تدعم عمل " او دي " من خلال توظيف الطلبة ليوم واحد ،ولكن القسم الأكبر من الطلبة يقومون في هذا اليوم بالعمل في منازلهم ،تنظيف المنازل او الشبابيك ..الخ من الأعمال المنزلية ويقوم الأهالي بدفع المبلغ المطلوب ،كدعم منهم لأبنائهم وللمنظمة بالتالي ،أي إن الداعم الأساسي لعمل " او دي " التضامني مع طلبة ومدارس البلدان الفقيرة هي العوائل الدنماركية.
حدثتني إحدى الصديقات الدنماركيات ،إنها حين كانت في الإعدادية قبل أكثر من خمسة عشر عام ،لم تجد عملا في هذا اليوم ،ولم تكن عائلتها تمتلك دخلا جيدا يمكنها أن تساعدها فيه بمهمتها ،فكان منها واثنتين من زميلاتها واجهن نفس المشكلة أن يبادرن بالذهاب إلى وسط المدينة وفي أكثر الشوارع ازدحاما في العاصمة " كوبنهاكن " ،يكتبن على قطعة ( قبلة بعشر كرونات ، أي دولارين حينها) ،نحن من "او دي" ،ثم تضحك متذكرة : لقد جمعنا أكثر مما كنا نتوقع ،خلال ساعتين ، للأسف لم نحصل على قبلات من الشباب ،بل حصلنا عليها من الرجال المسنين والسيدات المسنات ،كانوا يقبلوننا ،ويشدون على أيدينا تضامنا .
 


* لماذا الدنمارك ؟ وما علاقتها بشأننا العراقي ؟!

اخترت أن تكون الدنمارك ... وأنا اقصد الناس والمجتمع بشكل خاص.
أولا: اعرفها أكثر من أي بلاد أخرى عدا عن حبي واحترامي لها..!
ثانيا: هو تميز مجتمع هذه البلاد بميزة إحدى أقدم الديمقراطيات في العالم، ومجتمع رفاهية " والمقصود بالرفاهية بشكل موجز هو: حق وحصول الجميع على نفس الفرص المتكافئة في السكن والتعليم، والصحة، والضمان الاجتماعي...الخ
تجربتها في بناء الإنسان ، هي ماتعنينا للاستفادة منها ، وهي صلة العلاقة بديمقراطيتنا " العراقية الناشئة".
أريد لهذه التجارب التي سأذكرها على حلقات، أن يستفيد مجتمعنا في بناء الخراب الذي لحق بالإنسان أولا..!
ولكي تكون تجارب الدنمارك مفهومة ، وبالتالي يمكن الاستفادة منها ، لابد من ذكر موجز مبسط عن هذه البلاد الصغيرة:
الدنمارك بلدٌ صغيرٌ وهو احد بلدان أوربا الاسكندينافية، أرضهُ منبسطة لا توجد فيها جبال، ويقعُ ـ محاطاً بالمياه بشكلٍ كاملٍ تقريباً ـ ما بين بحر الشرق والمُسمَّى بالبلطيق وبحر الشمال. تتكون الدنمارك من شبه جزيرة يولاند و 406 جزيرةً أخرى.

النظام الملكي الأقدم في العالم
المملكة الدنمركية هي الأقدم في العالم. لفترةٍ تتجاوز الـ 1000 عام.
لا تتمتع العائلة المالكة بسلطةٍ سياسية، ولكنها تضطلع بالعديد من المهام التمثيلية في الدنمارك وخارجها.

شكل الحكم
الدنمارك ديمقراطيةٌ تمثيلية. مما يعني أن من يقوم باتخاذ أهم القرارات هم السياسيون المنتخبون من قِبَلِ الشعبِ والمتواجدون في البرلمان الدنمركي، وفي مجالس المحافظات وفي المجالس البلدية.

تدرج بناء الديمقراطية منذ العام 1849
إدخالُ الديمقراطية الدنمركية، بحكم الشعب يعود إلى عام 1849. وقد حلَّت محلَّ النظام الاستبدادي في الحكم، والذي كان قد منح الملك منذ عام 1660 سلطةً ونفوذاً غير عاديين.
حصلت النساء على حقِّ الإدلاء بأصواتهن في التغيير الذي طرأ على الدستور في عام 1915 .
التعديل الحاصل في الدستور في عام 1953 نجم عنه أنه ليس من الضروري أن يكون الحاكم رجلاً، بل بإمكانه أن يكون امرأة.

عدد السكان : 5,397,640
المساحة:
43,094 كم مربع

الاقتصاد :
الناتج القومي :
170 مليار دولار أمريكي
لدى البلاد اكتفاء ذاتي من النفط، والغاز الطبيعي، وطاقة الرياح
75% من أراضي البلاد مستغلة زراعيا، الثروة الحيوانية والألبان، هي أهم منتج هذا القطاع
تصدر الدنمارك : الكيمياويات ، الآلات ،الأثاث ، الأدوية ، ومختلف المواد الغذائية . من الصناعات الرئيسية في البلاد : بناء السفن ، والكهربائيات .

 

  1. تجارب دانماركية (14) - كارل ماركس في المدرسة الابتدائية
  2. تجارب دانماركية (13) - فساد وزير
  3. تجارب دانماركية (12) - عيادات الأسنان في المدارس
  4. تجارب دانماركية (11) - عنف ومراكز أزمات
  5. تجارب دانماركية (10) - البقرة المدللة
  6. تجارب دانماركية (9) - أمهات وحيدات
  7. تجارب دانماركية (8) - متشرد و " صالة دافئة "
  8. تجارب دانماركية (7) - أسلحة الدمار الشامل العراقية في الدنمارك
  9. تجارب دانماركية (6) - معوّق في الدنمارك
  10. تجارب دانماركية (5) - استبداد ديمقراطي
  11. تجارب دانماركية (4) - حين صار جيبي منفضة سجائر
  12. تجارب دانماركية (3) - مكتبات الشعب
  13. تجارب دانماركية (2) - 1,5 مليون جندي دنماركي
  14. تجارب دانماركية (1) - زلزال في مدرسة دنماركية

 

free web counter