| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الثلاثاء 11/9/ 2012

     

ذاكرة القصب (12)

وليفريد ثيسيغر صديق الاهوار الحميم

جمال الخرسان   

من اديس ابابا التي ولد فيها عام 1910 الى السودان، افغانستان، باكستان، الى الربع الخالي الذي قطعه كثالث رحالة اوروبي بعد برترام ثوماس، وجون فيلبي، تنقل الرحالة البريطاني وليفريد ثيسيغر "Wilfred Thesiger"، قبل ان يزور العراق عام 1948، قاصدا بغداد وشمال العراق، لكنه ما ان زار الاهوار العراقية لاول مرة في نهاية عام 1951 حتى تعلق بها وحرص على زيارتها سنويا منذ ذلك التاريخ حتى عام 1958، كان يقيم هناك في بعض الاحيان لسبعة اشهر متواصلة، العام الوحيد الذي لم يزر فيه الاهوار هو العام 1957.

حرص ثيسيغر على ان يكون وفيا لتلك الرقعة الجغرافية، واهلها، كان يحث اصدقائه ويرشدهم ويساعدهم من اجل زيارة الاهوار، في العام 1956 زار الاهوار برفقة عالم البيئة الاستكلندي كافن ماكسويل، وقبل ذلك رافق كافن يونغ الى الاهوار ليمهد الطريق امامه من اجل القيام بسلسلة زيارات لاحقة.

استثمر ثيسيغر خبرته المتواضعة في الطب ومع غياب الاطباء هناك تكفل بعلاج سكان الاهوار قدر المستطاع، كان يختن الاطفال، يعالج الجروح البسيطة والمتوسطة، ويعطيهم المسكنات، استثمر ذلك كي يتحرك بسهولة فيما بينهم، وكي يوجد له مبررا منطقيا للبقاء هناك. لم تظهر من الرجل دوافع سيئة لذلك احبه سكان الاهوار.

لقد تحدث عن الاهوار في جزء من كتابه "رمال عربية" الصادر في الخمسينات من القرن الماضي، لكنه خصص لسكان الاهوار كتابا تحت عنوان " عرب الاهوار" الصادر عام 1964، كان ثيسيغر يجيد التصوير وقد وثق بكامرته عشرات اللقطات الجميلة التي صادفته حينما كان في الاهوار، يوصف خطأءا بانه اول من كتب عن الاهوار، فقد سبقه في ذلك بعض الرحالة والباحثين، لكن ذلك التوصيف ربما ينطلق من كون ثيسيغر اكثر من زار الاهوار واهتم بها وعاش فيها، لقد ذكر في جملة من مؤلفاته وصفا مفصلا لطبيعة الحياة هناك.

قضى معظم فترة بقائه هناك في اهوار ميسان، في الاهوار الوسطى رغم انه تجول في الاهوار الشرقية وهور الحمار، حرص على توصيف كل شيء، وباسترخاء تام يكتب ثيسيغر حينما يود توصيف أيّ ملمح من ملامح تلك الطبيعة. يقول في كتابه عرب الهور:" قُدِّرَ لي أن أعرف الأهوار الوسطية معرفة دقيقة، ربما لأنني بدأت من هناك. وفي الواقع لقد حسبتها وطني يوماُ ما. لابد أن أكون قد زرت جميع القرى هناك، بغضِّ النظر عن صغرها، على مدى السنوات التي قضيتها في الأهوار. زرت معظمها مرة بعد أخرى". فارق ثيسيغر الحياة في العام 2003، بعد حياة مليئة بالمغامرات من افريقيا الى الشرق الاوسط، رحل الى دار الخلود وهو يحمل بين جنبه حلما تمنى ان يتحقق قبل موته وهو ان يزور الاهوار مرة اخرى، قبل ان تتحقق استشرافاته المتشائمة بشأنها حيث جاء في كتابه "التخوم العربية" (اعتقد أن سكان الأهوار لن يكن باستطاعتهم الصمود في اهوارهم بعد اكتشاف النفط في تلك المناطق)، وربما لم يكن ثيسيغر يقصد ان النفط سيكون وبالا عليهم بشكل مباشر بل ويلات السياسة لبلد غني ومنطقة غنية تكفي وحدها للعبث بالاهوار وهو ما حصل.

 

ذاكرة القصب (11) - كلب الماء الذي استهوى ماكسويل
ذاكرة القصب (10) - كافن يونغ وقلق التجفيف
ذاكرة القصب (9) -  الاعلام البريطاني والاهوار
ذاكرة القصب (8) -  البريطانيون والاهوار قديما وحديثا
ذاكرة القصب (7) -  الاهوار والرحالة والمستشرقون
ذاكرة القصب (6) -  في جغرافيا الاهوار
ذاكرة القصب (5) -  عن نشوء الاهوار
ذاكرة القصب (4) -  جغرافيا الكنوز
ذاكرة القصب (3) - فوضى التسميات وغياب المصطلح العلمي

ذاكرة القصب
(2) - كل شيء من الماء والقصب
ذاكرة القصب (1) - عشرون عاما على الكارثة


 

free web counter