الأربعاء 5/9/ 2012

ذاكرة القصب (3) فوضى التسميات وغياب المصطلح العلمي جمال الخرسان نتيجة لغياب النفس الاكاديمي المؤسساتي الفاعل في معظم مرافق الدولة العراقية وكما هي عادة العديد من المسميات التي تنادى وتعرف باسماء عديدة، فان اهوار الجنوب باجزائها المختلفة لم تستقر على مسمى واحد في لغة العلوم والجغرافيا، ففي كل خريطة ودراسة او بحث اسم خاص على مسمى واحد، وفي العديد من الابحاث الاكاديمية تتنوع الاسماء لدرجة الغموض والتشويش، وهذه احدى المشكلات التي تعاني منها الاهوار. اطلعت على بعض مشاركات الوفود الرسمية العراقية في المؤتمرات الدولية حول الاهوار فوجدت فيها من التشويش ما يشيب منه الرأس! واذا ما كانت مشكلة غياب المصطلح العلمي تلقي بظلالها حتى على المسميات الاساسية لاهوار العراق فما بالك بالكثير من التفاصيل في الحياة اليومية لسكان وبيئة الاهوار وكل ما يتعلق بها! هناك الكثير من المفردات المحلية التي تشير الى ظواهر اجتماعية او اسماء نباتات او حيوانات او ماشابه ذلك، تترجم وتفصّل في الكتب والابحاث الى معاني تختلف احيانا فيما بينها اختلافا كبيرا حدّ التباين، رغم ان المسمى والمشار اليه واحد. هناك كم هائل من الاسماء المتداخلة والمتشابهة والموهمة، وهذا ما يحدث ارباكا للقاريء، بل حتى للمهتمين في شؤون الاهوار. من هنا تأتي ضرورة توحيد المصطلحات العلمية على الاقل بالنسبة للمهتمين والباحثين في ذلك المجال. إن ذلك يعود بالدرجة الاولى للمؤسسات الاكاديمية التي باستطاعتها توحيد وتعميم التسميات. في كثير من الكتب والابحاث التي تتحدث عن اهوار العراق، فإن مفردتي "البردي" و"الحلفاء"، مثلا تستخدمان للدلالة على مسمى ونبات واحد. اما بالنسبة لسكان الاهوار هناك فرق واضح في المسميات الشعبية على الاقل بين نبات "البردي" و"الحلفاء"، فالاول نبات ينمو على ارتفاع ثلاثة امتار تقريبا، وتشكل جذوره القوية كتلة مستطيلة الشكل ومنها تعد حلوى " الخريط"، بخلاف الحلفاء التي هي تشبه البردي ولكنها خشنة الملمس قصيرة الطول، اوراقها تكاد تكون اسطوانية الشكل. اما في الاستخدامات العلمية فلست متاكدا تماما من التفريق بين الاسماء العلمية للنباتين لكن على الاغلب هناك فرق بينهما ايضا، هناك من استخدم ايضا مفردة " الاسل" للدلالة على نبات البردي. الملفت ان الاختلاف جاء في نبات مثل البردي وهو من النباتات المنتشرة بكثرة في الاهوار بل هو جزء من هويتها، ناهيك عن اهميته الكبيرة فيما يتعلق بمستلزمات الحياة اليومية هناك، فكيف الحال مع التفاصيل الاخرى غير المعروفة ؟! من هنا لك عزيزي القاريء ان تعرف حجم الاخطاء التي وردت في الكثير من الدراسات الاكاديمية التي تحدثت عن الاهوار وقد لاحظت ذلك في مرات كثيرة. هذه وغيرها احدى القضايا التي يحصل فيها لبس وعدم وضوح نتيجة عدم توحيد المصطلحات العلمية الاكاديمية التي يفترض ان توحّد بعد دراسة مستفيضة من قبل مجموعة من المؤسسات المعنية بشؤون الاهوار في مختلف المجالات تعمل كفريق عمل واحد.   ذاكرة القصب (2) - كل شيء من الماء والقصب ذاكرة القصب (1) - عشرون عاما على الكارثة