| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 السبت 8/9/ 2012

     

ذاكرة القصب (7)

الاهوار والرحالة والمستشرقون

جمال الخرسان 

لاقت منطقة الاهوار حيزا كبيرا من الاهتمام على يد الرحالة والمستشرقين القادمين من شمال الكرة الارضية، وربما ما لاقته تلك الرقعة الجغرافية من اهمية وتقدير على يد اولئك "الغرباء" يفوق بكثير ما اولته لها الدولة العراقية بمؤسساتها الرسمية وغير الرسمية، المفارقة ان اغلب القادمين الى الاهوار جاؤوا من الجغرافيا الخضراء، حيث انسيابية الانهار وخرير المياه، حيث الغابات الغناء وهواؤها النقي العليل، هؤلاء يهيمون في بيئة الاهوار وكانهم وجدوا ضالتهم فيها!

المهتمون بها كثر، منهم من تابعها ودرسها عن بعد، ومنهم من مرّ بها مرور الكرام في اطار جولاته على جنوب العراق او في المناطق الاثارية التي اكتشفت على مقربة من الاهوار، ومنهم من قام بزيارتها مرة او مرات عديدة وتجوّل فيها وقضى وقتا طويلا هناك.

لقد زارها علماء، سيّاح، رحالة، باحثون، وكل من يهتم بالبيئة، مرّ بها الرحالة الايطالي بيترو ديلا فاله "Pietro Della Valle" في العام 1625، وايضا الرحالة الفرنسي جان باتست تافرني "Jean-Baptiste Tavernier" في القرن السابع عشر، كذلك عالم الانثربولوجيا الامريكي هنري فيلد "Henry Field" زارها عام 1934 وكتب ابحاثا موثقة بالصور عن عرب الاهوار وخصوصا قبيلة "البو محمد"، ايضا عالم الاثار الهولندي هنري فرانكفورت "Henri Frankfort"، زارها وكتب عنها المؤرخ الفرنسي جورجيوس روكس "Georges Roux" كما حظيت الاهوار باهتمام استثنائي من قبل عالم الآثار والمستكشف النرويجي ثور هايردال "Thor Heyerdahl"، كذلك عالم المسماريات والسومريات الدكتور صاموئيل نوح كرامر"Samuel Noah Kramer" الاوكراني الاصل الامريكي الجنسية، اضافة الى النشاط الاعلامي المهم الذي تقوم به مؤخرا الصحفية الفوتوغرافية الالمانية أغاتا سكوفرونك "agata skowronek" اضافة الى عشرات الرحالة البريطانيين والذين سوف ياتي الكلام عنهم بشكل خاص.

لقد دوّن ووثق الزائرون كثيرا من الكتب والابحاث، منها ما جاء كمدونات لمشاهداتهم في بيئة اثارت فيهم الدهشة، منها دراسات علمية وابحاث قيّمة، ومنها منتج اقرب للادب منه للبحث العلمي. لقد حرص البعض ان يدوّن مشاهداته ولو من باب الاعتزاز بمن وبما شاهد، بعضهم زار الاهوار لاغراض السياحة وحب الاطلاع ولكنهم اصروا على البقاء فيها لفترات اطول ومعايشة اهلها عن قرب، حتى بعد رحيلهم فإنهم يحنّون اليها من جديد، ويعودون مرة اخرى، كلما ارادوا الرحيل عنها لسان حالهم يقول: هل من عودة اخرى اليك يا سومر. حسرة بدواخلهم تتسلل مرات ومرات وثقوها في مدوناتهم خوفا على تلك الطبيعة من الضياع، وهذا ما تحقق للاسف الشديد.

في المحصّلة فإن معظم تلك التدوينات الشخصية تمثل وثائق مختلفة الاهمية ترصد بشكل دقيق حياة الانسان والحيوان والنبات في اهوار العراق. ان غايات واهداف ودوافع القادمين من الغرب اصحاب العيون الزرق قد تختلف بين حب المغامرة والذهاب الى اماكن لم يسلط عليها الضوء من اجل الحصول على بضاعة تسوّق في كتاب او صحيفة او حتى معرض فوتغرافي، وبين الولع بحب الرحلات ومتعتها الخاصة واستكشاف المجهول الذي يلبي رغبات الانسان الطموح، وقد تكون من اجل اهداف سياسية واغراض لها علاقة بمصالح الدول، او حتى بدوافع الانحياز للمباديء الانسانية، لكن جميع تلك الدوافع في نهاية المطاف ساهمت وتساهم حتى الان في تعريف الاهوار وتقديمها بتلك اللغة البليغة التي يفهمها الاخرون، انهم الاقدر على تسويقها والاهتمام بها وتقديمها للمتلقي على طبق من ذهب، هذا هو الواقع الذي لايمكن ان نتعالى عليه. انهم يقفون عند كل التفاصيل، كيف يتحرك المشحوف حينما يجدف احدهم؟ كيف يستقر الاخرون في قعره.. هل يبتلّون ام لا؟ كيف يتمايل ذلك الزورق الصغير؟ تفاصيل متناهية الدقة عن ماضي الاهوار، حاضرها ومستقبلها وعن كل شيء فيها.

 

ذاكرة القصب (6) -  في جغرافيا الاهوار
ذاكرة القصب (5) -  عن نشوء الاهوار
ذاكرة القصب (4) -  جغرافيا الكنوز
ذاكرة القصب (3) - فوضى التسميات وغياب المصطلح العلمي

ذاكرة القصب
(2) - كل شيء من الماء والقصب
ذاكرة القصب (1) - عشرون عاما على الكارثة


 

free web counter