| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الخميس 6/9/ 2012

     

ذاكرة القصب (4)

جغرافيا الكنوز

جمال الخرسان

بين ثلاثة كنور نفيسة ورّثتها لهم الاقدار يعيش سكان الاهوار في جنوب العراق، لم يقدّروا قيمتها الا بعد ان فقدوها واجبروا على العيش بعيدا عنها.

مناطق الاهوار بيئة طبيعية للمياه المتدفقة بين غابات القصب والبردي والمطوّقة لاكواخهم الصغيرة بلمسة طبيعية فنية رائعة، ثروة نباتية وحيوانية متنوعة جدا، طيور واسماك وكثير من الدواب التي تعتاش على عشرات الانواع من النباتات التي تنمو هناك بفعل التنوع البايلوجي الفاعل.

مضافا على ذلك هناك كنز بل كنوز من الاثار التي تركتها مدن ودويلات وحضارة تمتد الى تخوم التاريخ، تقطر اصالة تلك المنطقة كما هو الحال مع معظم زوايا الخارطة العراقية. اما ثالث تلك الكنوز فهي الثروات الصناعية المدفونة هناك من النفط والغاز وربما حتى الكبريت، اذ يقدر الخزين النفطي في الاهوار بثلاثين مليار برميل من النفط الخام. هذا ناهيك عن كنوز من الحكايا الشعبية والاساطير التي يتداولها سكان الاهوار، من حفيظ الى ابو شذر الى ام الحنه وغيرها من التلال والجزر الصغيرة التي جاء بموروث سكان الاهوار ان فيها من الذهب والجواهر الثمينة ما لايعد ولا يحصى لكن لايستطيع احد ان ياخذ منها شيئا فهي محروسة من قبل الجن، تزداد الاسطورة ايغالا في الخيال ويعتقد البعض ان من يضع قطعة ذهب في زورقه، فإن زورقه لا يتحرك الا بعدما يرجعها.

هذه الاساطير والحكايا الخرافية التي تشكل نواة فولكلوريا لتلك البيئة، حافظت الى حد كبير على كثير من اليشن هناك، انها دفعت السكان لعدم العبث المفرط بتلك المناطق، فهم لا يحبون التصرف كثيرا فيها ويكتفون بما تجود به الارض وما تظهره بعد كل زخة مطر.

المفارقة ان سكان الاهوار ظلوا شغوفين بكنوز حفيظ طويلا وبقيت تلاحق تلك القصة مخزونهم الاسطوري وحكاياتهم الشعبية، فيما نسوا او تناسوا كنوزا اخرى حقيقية بين ظهرانيهم كان يمكن لها ان تشفع ربما لهم في حظوة عند اهل العلم والمعرفة واصحاب القرار في الداخل والخارج. ان بساطتهم وطيبتهم المفرطة اجبرتهم على التخلي عن جميع تلك الكنوز واحدا بعد الاخر، وجعلت منهم ضحية اكبر وسط متغيرات سياسية ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، فقدوا كنزهم الازلي في الاهوار " الماء والقصب" ومن بعده فقدت الطبيعة هيبتها هناك، وبعد الماء وصل الدور للتاريخ وعبث الايادي الطويلة، ومنه ايضا الى جشع القطط السمان ولعبة الشركات النفطية الكبرى وهي الاكبر منا جميعا!
 

ذاكرة القصب (3) - فوضى التسميات وغياب المصطلح العلمي
ذاكرة القصب
(2) - كل شيء من الماء والقصب
ذاكرة القصب (1) - عشرون عاما على الكارثة


 

free web counter