| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 
haddad.yousif@yahoo.com

 

 

 

                                                                                الأربعاء 6/2/ 2013

 

عالم أخر (13)

حين يكون دعم الدولة للثقافة أستثماراُ أجتماعياُ !

يوسف ابو الفوز - هلسنكي

يضمن الدستور الفنلندي ، لكافة المواطنين المقيمين بها ، مواطنين اصليين والأجانب أيضا ، ذات الحقوق الأساسية ، فهم متساوون امام القانون ، ومن ضمن ذلك ما يتعلق بالوضع المادي والإجتماعي والتربوي ، بما في ذلك حق الحصول على خدمات إجتماعية وصحية ليكونوا منتجين وفعالين في المجتمع . 

السياسة الثقافية الرسمية في فنلندا تستهدف أساسا حيوية عملية الابداع ، لذلك فأن مؤسسات الدولة والمجتمع تدعم المبدعين وتساهم في توفير شبكة واسعة من الخدمات الثقافية ، تهتم بالثقافة الوطنية والتعددية الثقافية بشكل عام وتضمن تحقيق أهداف السياسة الثقافية للبلد عن طريق برامج ومشاريع مختلفة منها توفير الدعم المادي والمعنوي . المبدعون في الثقافة ، وفقا لسياسة الدولة المدنية التي تفسرها القوانين ، ينالون تقديرا متميزا من قبل المجتمع بشكل عام ، واهتماما خاصا من قبل مؤسسات الدولة المعنية ، التي تحرص وعبر مختلف مؤوسساتها الى تقديم الاشكال المتنوعة من الدعم للمثقفين ، من كتاب وفنانين وباحثين. يأتي العون المادي والمعنوي ، من قبل مختلف مؤسسات الدولة كأستثمار أجتماعي ، منسجما مع السياسة المعتمدة في دول الرفاه في شمال اوربا ، وفنلندا واحدة منها ، حيث  تكون الدولة هي المسؤولة عن القيام بالدور الأساسي في حماية وتوفير الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لمواطنيها، وتكون الثقافة في سياستها ليس بطرا او كماليات ، وانما حاجة اساسية للارتفاع بتفكير ووعي الناس ليحترموا الانظمة والقوانين وتحويلهم الى مواطنين منتجين ومبدعين، ومساهمين في تطوير المجتمع وخلق  والسلام والامن الاجتماعي .  

ينال المثقفون سنويا دعما ماديا بميزانية خاصة تتجاوز عشرات الملايين باليورو ، ويقدم هذا الدعم على شكل منح مالية غير خاضعة للنظام الضريبي ، ينالها سنويا مئات المبدعين ، على مختلف اختصاصاتهم الفنية والادبية ، وفق نظام تقديم المعونة المالية ، الذي يحق لكل مبدع ، بشكل فردي او جماعات ، كالفرق المسرحية او الموسيقية او الجمعيات والاتحادات الثقافية ، للاستفادة منه . يتم ذلك بتقديم أستمارات خاصة تضم المعلومات عن السيرة الابداعية والانجازات السابقة، وفكرة المشروع الثقافي واهدافه، مع رسم الميزانية التقديرية المطلوبة لانجاز المشروع ، سواء كان معرض تشكيلي ، او تأليف كتاب ، او مسرحية، او عرض موسيقي وغيرها ، وبعدها تقوم اللجان المختصة ، بدراسة الاف المشاريع المقدمة ، وتقوم وفقا للمعايير الفنية والكفاءة والاهمية باختيار المئات منها والموافقة على تقديم المنح المادية لها كدعم مباشر للمساهمة في أنجازها، وتتابع وفق اليات خاصة التزام المبدع الذي نال المنحة في طريقة انفاقه لقيمة الدعم وفقا للشروط التي عليه الالتزام بها والاستفادة منها لانجاز المشروع ولا يدخل في عدادها التصرف بالمنحة لاغراض شخصية خارج اطار فكرة المشروع . أهم مصدر لتمويل الثقافة من قبل الحكومة المركزية هي وزارتي التربية والتعليم والثقافة ، حيث تتبع لهما مؤسسات مركزية ممولة من القطاع العام وتقدم الدعم للمتاحف والمسارح وللفرق الموسيقية ، والنشاطات الثقافية المحلية، وتدعم الأنشطة المدنية الفردية والجماعية، اضافة الى 17 صندوق دعم مالي منتشرة في اقاليم البلاد .

سنويا تقدم مؤسسات الدولة في فنلندا ، ووفقا للاحصائيات الرسمية، الدعم المادي الى 52 مسرح و25 فرقة موسيقية .نتائج هذا الاستثمار تكون دائما باهرة ، ففي فنلندا ، التي يبلغ عدد سكانها ، 5,4 مليون نسمة ، الاحصائيات ايضا تقول لنا ان العدد السنوي لزوار المتاحف يبلغ خمسة ملايين مواطن ، والأوبرا الوطنية وفرق الأوركسترا الموسيقية يبلغ جمهورها السنوي أكثر من تسع مئة الف زائر ، وان العدد السنوي لرواد المسرح يصل الى اثنين ونصف مليون متفرج . ويكاد يكون مجلس الثقافة والفنون الفنلندي اكبر المؤسسات الثقافية الذي يقدم المعونات لمئات المثقفين سنويا ، هذا من غير ان العديد من الشركات مثل نوكيا للاتصالات ، كونيه للمصاعد والسلالم الكهربائية ، وشركات اليانصيب وغيرها ، تقدم منحا مالية  ودعما لوجستيا للعديد من النشاطات الثقافية ، وان كل بلدية تقريبا والمئات من منظمات المجتمع المدني تجد من واجبها رعاية النشاطات الثقافية وتقديم العون اللوجستي والمادي لانجازها. ومن ضمن اشكال الدعم للمبدعين توفير اماكن عمل وتدريب ، ستوديوهات وورش عمل ، وفقا لاجور رمزية بسيطة لا تثقل على ميزانية مؤجر المكان . مثال لهذا الدعم يقدمه  اكبر مركز ثقافي في العاصمة ، الذي يقع غرب المدينة ، ويشغل البنايات القديمة لمصنع الكيبلات الكهربائية الذي بني وعلى ثلاث مراحل في الاعوام 1939ـ 1954 . كان المصنع في حينه من اكبر البنايات في العاصمة، التي بنيت خارج المدينة على ساحل البحر ، وجاء من سبعة طوابق مكونا من ثلاث بنايات تصطف على شكل حرف U ، وخصص لانتاج الهواتف  والكابلات الكهربائية . في عام 1991 ، ومع توسع العاصمة ، تقرر نقل المصنع الى مكان اخر ، وتحويل المكان إلى مركز ثقافي مستقل تماما ، يهدف إلى توفير مساحة للانتاج الفني المتنوع ليساهم في خلق روابط بين الثقافات، وبقي المركز يعرف بأسم المصنع (Kaapeli) . تغطي بناية المصنع مساحة إجمالية قدرها 56 الف متر مربع، منها 35  الف متر مربع تكون معروضة للايجار على اساس الاجل الطويل بأسعار رمزية ، من قبل اكثر من 250 من الفنانين التشكيلين والفرق الموسيقية والفنية ، حيث تكون لهم اماكن عمل وتدريب ومكاتب، ففي البناية هناك  حوالي الف شخص يعمل يوميا ، ويضم المركز اضافة لذلك ثلاث متاحف و13 قاعة معارض ، اضافة الى المسارح لعروض الرقص والموسيقى ، وقاعات للاحتفالات الفنية يمكن تأجيرها .
 

جريدة الصباح البغدادية 30 /1/2013
 

عالم أخر  (12) - (أحوال بابا نوئيل في فنلندا)
عالم أخر  (11) - "يوم أهتي ساري " في فنلندا؟

عالم أخر  (10) - نائبة فنلندية في مجلس بلدي : عملنا يدخل في باب الخدمة المدنية ولا نتقاضى عليه اجراً
عالم أخر  (9) - الخدمة الاجتماعية في الانتخابات البلدية بفنلندا
عالم أخر  (8) - عن  الثقافة الجنسية للأطفال
عالم أخر  (7) - قوانين حماية الطفل في العالم ضمان تربية الطفل في بيئة آمنة ومحفزة لقدراته
عالم أخر  (6) - دور رعاية المسنين في فنلندا فنادق بعدة نجوم !

عالم أخر  (5) - التجربة الاوربية في مسؤولية مشاهدة الاطفال للسينما والتلفزيون !
عالم أخر  (4) - حين يكون التعليم من اسرار التطور الحضاري
عالم أخر  (3) - المسؤولية هي أن تكون ناجحا في عملك !

عالم أخر  (2) - المسؤول حين يعرف أنه مواطن عادي !

عالم أخر  (1) - تطبيق القانون عمل شاق جدا في كل مكان !

 



 

 

free web counter