| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يوسف أبو الفوز 
haddad.yousif@yahoo.com

 

 

 

                                                                                الأثنين 16/7/ 2012

 

عالم أخر (1)

تطبيق القانون عمل شاق جدا في كل مكان !

يوسف ابو الفوز - هلسنكي

finpic.jpgفي فنلندا ، هذا البلد الصغير (5,3 ملايين نسمة) المرمي على حافات القطب الشمالي ، يعتبر طائر البجع فيه طيرا وطنيا وتدخل صورته في شعارات الدولة وهو محمي بسلطة القانون . البجع كما يعرف الكثيرون ، من الطيور المهاجرة ، وهي من الطيور الكبيرة ، ولها اصناف عديدة ، الطريف ان البعض من المصادر تسمي البجع الابيض بـ " الاوز العراقي " !! ، وتدور حولها الكثير من القصص والاساطير في تراث وثقافات العديد من شعوب العالم ، ومن منا لم يكن سمع معزوفة موسيقية او قرأ كتابا او شاهد فيلما ، لها علاقة بالبجع بأصنافه المختلفة . في ملحمة الكاليفالا الفنلندية ، التي تعتبر مستودع تراث البلاد الشفهي ، التي جمعها وحررها الطبيب والشاعر الفنلندي الياس لونرت (1802 ـ 1884) وصدرت طبعتها الاولى عام 1835 ، فأن البجعة تعيش في نهر توني في منطقة تونيلا ، ارض الاموات ، حيث يسافر الى هناك "ليمنكاينين" احد ابطال الاسطورة ، بحثا عن سر الخلود (لاحظ التلاقح مع ملحمة كلكاميش) وعلى اساس قصة هذا البطل وضع الموسيقار الفنلندي المشهور جان سيبيليوس (1865 ـ 1957) واحدة من اعماله الموسيقية الجميلة في عام 1890 .

الصورة المرافقة لهذه السطور ملتقطة في الايام الاخيرة في فنلندا ، حيث نزلت بجعات بيض في مكان خاطيء ، واتصل مواطنون بالشرطة التي حضرت فورا ، وراحت دورية الشرطة ــ كما توضح الصورــ  ولساعات طويلة ترافق البجعات حتى عبرن الشوارع بسلام وعدن بشكل طبيعي الى مكانهن المختار، حيث لم يتم اجبارهن على الطيران، وصرح افراد دورية الشرطة بأنه كان يوم عمل شاق ! أذ تطلب صبرا واحتمالا لان الدورية كانت وعلى الاقدام تسير حسب مزاج البجعات !

ان هذه الصور ، قد تثير الابتسام عند الكثيرين ، لكن بنفس الوقت فهي تقول لنا الكثير عن حياة الشعوب المتحضرة ، حيث دولة القانون والمؤسسات ، حيث يحمي القانون حقوق الجميع بما في ذلك الطيور . الكلمات هنا لا تقدم جوابا شافيا للاسئلة التي ستثار في بال المواطن العراقي تحديدا والمتعلقة بحياته الماضية والحاضرة ومتطلباتها وأماله واحلامه للمستقبل القريب والبعيد .  خلال متابعتي للموضوع لفت انتباهي تعليقات بعض المواطنين الفنلنديين على الحادث ، فبالمقارنة بدرجة انشدادي واعجابي بالامر ، كمواطن عراقي ، عانيت وعانى ابناء وطني من شرطة الانظمة الديكتاتورية التي لا تعرف سوى لغة القمع والقسر ، لم يثر الامر الكثير عند المواطنين الفنلندين ، صحيح ان البعض من المواقع تناقلت الصورة ، وظهرت وسمعت شخصيا تعليقات مرحة وفكاهية هنا وهناك ، الا ان غالبية التعليقات كانت تدور في اطار : " وما الغريب في الامر ، ان الشرطة تقوم بواجبها " ! مواطن فنلندي اخر اضاف  جادا : " أنهم يقبضون مرتباتهم من ضرائبنا"! واخر وجدناه متفائلا اذ قال بروح طيبة : " لهذا انا احب وطني " !

اتفق مع دورية الشرطة الفنلندية ، ان الحفاظ على القانون وتطبيقه عمل شاق، بل وشاق جدا ، وفي كل مكان !

 

عن الصباح البغدادية يوم الاثنين 16/7/2012
 

 

 



 

 

free web counter