يوسف أبو الفوز
haddad.yousif@yahoo.com
الكلام المباح (15)
لو أنكسر المنجل !
يوسف أبو الفوز
تابع العراقيون تفاصيل دخول القوات الامنية ، مؤخرا ، مقر جريدة "طريق الشعب" ببغداد ، واعتقالها افرادا من حماية الجريدة ومصادرة اسلحتهم المرخصة رسميا ، والتحقيق مع بعضهم عن علاقة الحزب الشيوعي العراقي بالتظاهرات في ساحة التحرير وتفتيش مكتب سكرتير الحزب ، وبعثرة الأثاث والحاجيات الشخصية فيه .
حين التقيت اصدقائي ، أبو سكينة وابو جليل طالباني بتفاصيل جديدة عن الحادث ، فلم انفعهما اذ لم يكن عندي أكثر مما قرأت في وسائل الاعلام . قال ابو جليل وهو يغمز : (خل يعتبرها الشيوعيين هدية القوات الامنية بمناسبة ذكرى عيد حزبهم ) ضحك ابوسكينة وهو يرمش بعيونه : (جلودهم مدبغة . هذا الفيلم مر عليهم بسنوات سابقة تصورناها ما راح ترجع ) .لم أشأ ان أحكي كثيرا ، كان يهمني جدا سماعهما . فتجربتهما العريقة مع انظمة جائرة ومعاناتهما للحفاظ على كرامتهما ، جعلتهما يقدمان الكثير من التضحيات ويخزنان الكثير من الحكايا . على خطوط وجهيهما اقرأ تفاصيلا لا تحكيها الكتب ، ويبدو انهما فهما انفعالي وشدة غيظي مما يجري من ممارسات فيها الكثير من التجاوزعلى الحقوق والحريات الدستورية ، فربت ابو جليل على كتفي وسألني : (هل سمعت بقصة " ع ... " من اهالي السماوة ؟ ) ثم واصل كلامه : ( ليحكيها لك ابو سكينة فهو يعرف تفاصيلها أحسن مني !) . أنشرح ابو سكينة واشرق وجهه لأن ابو جليل سلمه صدارة الجلسه ، فتنحنح ليصقل حنجرته ، ومد رقبته وعمص عينه وقال :
ـ اكتب ... صاحبنا " ع ..." كان يشتغل مستخدم ـ فراش ـ في مديرية تربية السماوة ، وهو صديق للشيوعيين ، كل شهرين أو ثلاثه ينطيهم درهم تبرعات ، ولانه يشتغل في مديرية التربية ، فهو بالطبع لا يسهر الا في "نادي المعلمين" بأعتباره محسوباً على سلك التعليم ، حيث كل ليلة يمزمز ويكرع معهم نص ربع زقنبوت من حليب السباع ! وبـ الايام السودة ، مع اشتداد الهجمة البعثية الصدامية على الشيوعيين ومداهمة جريدتهم في بغداد ، واختفاء الكثير منهم ، وجد "ع ... " نفسه يوما بعد اخر يجلس وحيدا . فالكثير منهم قد اعتقل او غادر العراق سرا وبعضهم استشهد ومنع اهله من اقامة مراسيم العزاء . وفي ليلة عيد الحزب الشيوعي ، جلس صاحبنا وحيدا ، حزينا ، يفتقد اصحابه الذين طالما احترموه وجالسوه وعاملوه بالمثل كأنسان رغم كونه يعمل كمستخدم عندهم . وصادف ان مر به بعثي مخضرم من ابناء المدينة وانتبه اليه ، فحاول مشاكسته فصاح به من بعيد : (ها .. أشو باقي وحدك .. يبين منجلكم انكسر؟) فصاح به فورا وبصوت عال سمعه كل من في النادي : (اذا أنكسر المنجل فباقي الجاكوج يكسر رأسك وراس الخلفوك !)
عن طريق الشعب العدد 151 الأحد 1 نيسان 2012
الكلام المباح (14) ساحات الفضاء العراقي !
الكلام المباح (13) حيرة مشروعة !
الكلام المباح (12) في بيتنا ... مدام سياسة !
الكلام المباح (11) في إنتظار تنين الحظ !
الكلام المباح (10) حين جدع أحدهم أنفه !!
الكلام المباح (9) هل جاءكم حديث المحلل السياسي ؟!
الكلام المباح (8) في العراق "الجديد"... يحدث أيضاً !
الكلام المباح (7) سرقات !
الكلام المباح (6) حروب صغيرة
الكلام المباح (5) أيّ جرار ستكسر قريباً ؟
الكلام المباح (4) مدن عارية وربما .. !
الكلام المباح (3) فلان الفلاني !
الكلام المباح (2) من أفضال المزعوط !
الكلام المباح (1) من أجل أن لا تموت الحياة!