يوسف أبو الفوز
haddad.yousif@yahoo.com
الكلام المباح (6)
حروب صغيرة
يوسف أبو الفوز
ربما يقودك العنوان ـ عزيزي القاريء ـ الى الفيلم اللبناني الذي اخرجه الفنان مارون بغدادي ( 1950 - 1993) عام 1982 عن الحرب الاهلية اللبنانية التي دارت رحاها في الاعوام 1975 ـ 1990 ، حيث يحذر المبدع الراحل من سقوط الانسانية في حضيض البربرية نتيجة العنف الطائفي الاهوج .
ربما يقود العنوان الى احداث تأريخية عن حروب محلية هنا وهناك في عالمنا الملتهب . زوجتي ستعتقد اني أغمزُ الى حروبنا المنزلية ، التي تشتعل كلما اكتشفت واحدة من مخالفاتي المنزلية ـ وهي كثيرة ـ لقواعد المعيشة في البيت : "تناول الطعام فقط في المطبخ... يمنع بتاتا الأكل في الصالة عند التلفزيون"... لكن ـ رغم كل احتياطاتي ـ من السهولة العثور على اثار "الجريمة" من حبات رز تطايرت من فمي وانا أحتج أو اصرخ متوجعا خلال متابعة ـ مثلا ـ جلسة لمجلس النواب العراقي او تصريحا بهلوانيا لزعيم سياسي نسي ان ثمة كتابا عراقيا اسمه "الدستور العراقي " يجب الاسترشاد به ، عندها تنتقل الحرب من قاعة مجلس النواب وأروقة السياسة العراقية الى بيتنا الصغير، لكن زوجتي طيبة القلب ، يمكنني رشوتها بكلمة حب واعتذار ـ مناورة ! ـ ، فتهدأ الأمور ويعم السلام ، لكن الحروب في مجلس النواب وبين سياسينا تظل مستمرة بوسائل أَخْرى ! لم يسمع بها يوما الجنرال البروسي "كارل فون كلاوزفيتس" (1780 ـ 1831 ) الذي تدرس مؤلفاته وافكاره عن الحرب في الاكاديميات العسكرية العالمية ، فأجواء انعدام الثقة بين الكتل السياسية صارت موضوعا مملا في الصحافة العراقية ، لكثرة التراشق الاعلامي والضرب تحت الحزام من هذا الطرف او ذاك، حيث نسي الكثير من السياسيين مهماتهم في ادارة شؤون الدولة وتحولوا الى جنرالات حرب لادارة حروبهم وازماتهم مع هذا الطرف او ذاك في سباق مكشوف على المناصب ومواقع الجاه والسلطة والمال، وصارت وقائع التزوير والفساد روائحها تزكم الانوف مثيرة الاحباط عند ابناء شعبنا من امكانية تحقيق الامال ببناء عراق ديمقراطي يعيش فيه المواطن حياة انسانية لائقة تتناسب وحجم معاناته وتضحياته.
حكى لي صديقي الصدوق "أبو سكينة" وهو يتأفف ألما ، كيف ان "فلان الفلاني"، غادر مكتبه الفاخر، تحيطه حماياته ومرافقوه ، لحضور اجتماع مداولات سياسية مع غريم له. وفي حمى العجلة نسيّ على مكتبه قلم الحبر الذهبي الفاخر الذي اهداه اياه مسؤول رفيع في بلد مجاور، وما ان بدأ الاجتماع ، حتى شاطت عيون "فلان الفلاني" وهو يرى غريمه كيف وبأناة و"رهدنة" أستل من جيب بدلته الفاخرة القلم الذهبي الفاخر ذاته!. أراد "فلان الفلاني " ان يصرخ بغريمه "يا حرامي !"، ويشعلها حربا ضروس ربما تسمى "حرب القلم"، لكنه فجأة تذكر ... ان غريمه اللدود ، ونكاية به، قام بزيارة الى ذات البلد المجاور وقد رجع من هناك فقط قبل عدة ايام !!
عن طريق الشعب العدد 66 الصفحة الاخيرة - الأثنين 28 تشرين الثاني 2011
الكلام المباح (5) أيّ جرار ستكسر قريباً ؟
الكلام المباح (4) مدن عارية وربما .. !
الكلام المباح (3) فلان الفلاني !
الكلام المباح (2) من أفضال المزعوط !
الكلام المباح (1) من أجل أن لا تموت الحياة!