يوسف أبو الفوز
haddad.yousif@yahoo.com
الكلام المباح (4)
مدن عارية وربما .. !
يوسف أبو الفوز
في المكتبة المركزية العامة في وسط مدينة هلسنكي ، عاصمة فنلندا ، كنت بمعية صديق شاعر ايراني في طريقنا الى اجتماع عمل . قبل ان نتوجه الى مكان الاجتماع هناك ، مررنا بمعرض نظمته المكتبة بالتعاون مع بلدية العاصمة ، اشترك فيه مجموعة من المصورين الفوتوغرافيين المحترفين ، الذين التقطوا صورا ملونة ، لأشجار وزهور وشتلات حدائق وارصفة المدينة . توقفت كثيرا عند حسن التنظيم والاعداد ، وقرأت بتمعن ما كتب تحتها من خواطر وقصائد بقلم العديد من اشهر كتاب وشعراء البلاد متغنين بمدينتهم وذكرياتهم عنها ، واخذت العديد من النشريات المطبوعة بأناقة بحجم الكف الموجهة للكبار والصغار التي تحمل ارشادات في المحافظة على الصورة الجميلة للمدينة وبيئها ، وصُفت هناك فوق رفوف منتظمة الكتب التي تهتم بالأشجار وانواعها وبالبيئة وبالعمارة وبتاريخ العاصمة ، وبكل ما له علاقة برسالة وهدف المعرض ، وكدت اقتل كل الوقت في المعرض ويفوت علي الاجتماع ، لولا ان الصديق ذكرني باننا تأخرنا وان ثمة من ينتظرنا . المعرض ، اخذ زاوية متواضعة في صالة جانبية في مدخل المكتبة ، لكن الالاف من الزوار مروا من هناك بأنتظام وتمعنوا في رسالته واهدافه، اكثر ما استوقفني فيه كان عنوانه : "ثياب المدينة " ! ، واحد اغراض المعرض هو مساهمة المواطن في الحفاظ على جدة ونظافة وجمال مدينته لتبدوا زاهية دائما مثل عروس .
ولأننا مشدودين الى وطننا ، ومجبولين على التفكير به في كل أوان ، خصوصا في مثل هذه الاوقات ، واذ نتذكر حال المدن العراقية ، وخصوصا العاصمة الحبيبة بغداد ، ونستذكر الحال المزري لثياب العاصمة واخواتها بقية المدن ـ ربماعلينا هنا ان نستثني مدن اقليم كوردستان الرئيسة ـ فاننا نشعر بالالم يعصر قلوبنا ، ونتسائل ارتباطا بكل ما مر ، ان كانت مدينة هلسنكي ، التي اختيرت كأفضل عاصمة اوربية لعام 2011، لا تزال تطالب سكانها بالمزيد من الاهتمام والرعاية وتواصل شن حملات التوعية ، فبماذا تطالب مدينة مثل بغداد ؟ وماذا تنتظر من المسؤولين ؟ واذا عدنا لعنوان المعرض المذكور فيا ترى أي ثياب ترتدي بغداد الان ؟ وهل هي مستورة حقا ، وفق احكام الستر والورع والحشمة ، مع كل اكوام الزبالة التي تنتشر في كل شارع ، وهذا البلى والتأكل الذي يسود مبانيها وشوارعها ، وأعداد الكلاب السائبة التي تنهش جسدها وتغتصبه يوميا ؟ فورا يبرز في بالي سؤال : ترى لو ان "فلان الفلاني" ، مر ومعه كل حاشيته وحماياته ومريديه ، الا يشم روائح المزابل التي ترعى فيها افواج الذباب ومفارز الكلاب السائبة ؟ الا يرى ان بغداد عارية إلا من اسمال لا تستر عورة ؟! ألا يخطر بباله سؤال مثل : لماذا والى متى ؟!
عن طريق الشعب البغدادية الاحد 30 تشرين الاول 2011
الكلام المباح (3) فلان الفلاني !
الكلام المباح (2) من أفضال المزعوط !
الكلام المباح (1) من أجل أن لا تموت الحياة!