يوسف أبو الفوز
haddad.yousif@yahoo.com
الكلام المباح (12)
في بيتنا ... مدام سياسة !
يوسف أبو الفوز
الفترة الاخيرة ، صارت مشكلتي مع السياسة عويصة ، بل ربما راح تخرب لي بيتي . زوجتي صارت تلومني ـ وبشكل لاذع احيانا ـ لأنغماسي بمتابعة الاخبار السياسية ، وللتعبير عن استنكارها وكون الاخبار السياسية صارت تشاركنا كل لحظات يومنا ، فاجأتني ـ زوجتي ـ بأنها ستضع وسادة ثالثة في سرير نومنا !! واذ تغابيت ـ كعادتي معها للخلاص من ورطة ـ ورفعت رأسي مستفسرا معبرا عن عدم الفهم ، قالت وبدون رحمة : " لصاحبتك مدام سياسة " ! أهلا .. أهلا ، فزوجتي صارت تعامل السياسة مثل ضرتها !! أبو سكينة ، صديقي الصدوق ، كنت اعتقده أقل ايلاما وغيرة ، اذ أعرف جيدا بأعتقاده الدائم كون السياسة منبع للامراض لا اكثر ، وكل مرة يعد لي امراضه التي يشكو منها : السكر والضغط و الكُولسترول و... يختمها بتصريح : كلها تتأثر بأخبار السياسة وتسحب صاحبها من أذنه وغصبا عنه للقبر !
اذ زارنا ابو سكينة ، مؤخرا ، حيث دعوناه ليشاركنا طعامنا ، فأني وببساطة وجدته يقف الى جانب زوجتي وهي تغادر هدوءها المعروف عنها وتعلن غضبها . ببساطة تركني أعزلا أمامها ، بل زاد الامر تعقيدا حين صاح بي : " تريد تنتحر ؟! "
هاهو صاحبي وملاذي يغدر بي بدون مقدمات . بدأ الامر بطلب زوجتي أغلاق التلفزيون ونحن نتهيأ لتناول الطعام ، وإذ لم أنفذ طلبها وواصلت متابعة تقرير صحفي عن " مشاورات سياسية بين اطراف متنفذة في العملية السياسية في العراق لدراسة مقترحات لايجاد حلول مستقبلية ... " ، طلبت مني التحول الى قناة لا تقدم نشرات الاخبار أو اغلاق التلفزيون . لم أمتثل لطلبها ، فهناك ما يجب متابعته ، فأنفجر غضبها فجأة . لا أعرف اين قرأت هذه المرأة أو من حكى لها بأن " مشاهدة الاخبار السياسية اثناء الاكل يسبب السمنة ويرفع نسبة الكُولسترول " ؟ وأذ حذرني طبيبي ـ بحضور زوجتي ـ من مخاطر زيادة وزني في الفترة الاخيرة ، حتى صارت قضية وزني شاغلها الشاغل ، راحت تجبرني على الوقوف على الميزان صباحا ومساء ، قبل النوم وبعد النوم ، قبل الذهاب للعمل وبعد العودة منه ، وتتابع زيادة ونقص وزني بالغرامات .
لم يكتف ابو سكينة بأعلانه دعم موقف زوجتي بل راح يفلسف لها غضبتها وحقها في ذلك ، وراح يوجعني أكثر :
ـ يا ابن الناس ، انت لازم تسمع كلام زوجتك وتفهم حرصها عليك ، لانها لا تريد لك وجع الرأس والقلب ، ثم انها لم تقل لا تسمع كل الاخبار ، قالت "اخبار العراق "، اسألني أنا المجرب والملوّع ، يوميا ابلع كومة أدوية بسبب "مدام سياسة " العراقية ، التي تشاركنا غصبا عنا ساعات يومنا ، وهي في حقيقتها لا شكلها حلو ولا كلامها حلو ولا حتى طباعها واخلاقها . زين شلون تدخلها بيتك و شلون .. ؟!
عن طريق الشعب العدد 127 الأحد 19 شباط 2012
الكلام المباح (11) في إنتظار تنين الحظ !
الكلام المباح (10) حين جدع أحدهم أنفه !!
الكلام المباح (9) هل جاءكم حديث المحلل السياسي ؟!
الكلام المباح (8) في العراق "الجديد"... يحدث أيضاً !
الكلام المباح (7) سرقات !
الكلام المباح (6) حروب صغيرة
الكلام المباح (5) أيّ جرار ستكسر قريباً ؟
الكلام المباح (4) مدن عارية وربما .. !
الكلام المباح (3) فلان الفلاني !
الكلام المباح (2) من أفضال المزعوط !
الكلام المباح (1) من أجل أن لا تموت الحياة!