| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. غالب محسن

 

 

 

                                                                                 الأحد 13 /5/ 2012



تأملات (39) - نقد الذات قبل نقد الوقائع

عندما يكون الحضور أكبر من الحدث

د.غالب محسن

صباحُكَ خيرٌ ،
قالت إمرأةٌ
من بلادي
أهلاً ،
قُلّتُ ،
مُشرِقةً
مثلَ شمسٍ
في البوادي
رنينُ أجراسٍ ،
في الأعيادِ
عينٌ تَرَقْرَقَتْ ،
فرَحاً ،
تَعانَقَتْ
كعُروقِ النخلِ
الأيادي ،
نَظَرَ بإبتسامةٍ ،
يا فتاتي
لبيك لبيك
إن الشكرَ ، والحمدَ لكِ
والحبَ
كانت كلماتي
مثلَ نبعٍ
في فؤادي

لم يكن صباح 5 آيار 2012 ، عادياً ، كما هي صباحات الربيع في دول الشمال ، فرغم برودة الطقس ، شعرتُ بدفئٍ لذيذٍ ، ربما غريب بعض الشئ ، لكن ليس غامضاً على أية حال . قَبّْلتُ أبنتي في جبينها وهي ما زالت نائمة ، فقد كان هذا اليوم عيد ميلادها السابع عشر " يا إلهي صار عندي إمرأتين ".

نادت رفيقتي بلطف : هل أنت جاهز ، يجب أن لا نصل متأخرين ، فمثل هذا اليوم لا يتكرر كثيراً في عمر الإنسان. وافقتها بإيماءةٍ وبإبتسامةٍ ، ومضينا الى موسع الرابطيات.

عند بابِ القاعةِ ، تَجَمّعَ " الوگافة " * من الرجال والحماس ينطق في العيون ، رغم تعب السهر . من الممر المجاور تُسمعُ كركرات خافتة ، وعبق الزهور أمتزج بعطر النساء ، وحنينهن . تَقدمتُ بحذرٍ ، وكأنني سأخوض في نهر الأردن ، قلتُ في نفسي "هناك تعمد المسيح" أرتحت لهذا التشبيه . أطللت برأسي ، عِبرَ مدخل القاعة ، فأنشرح صدري . كانت مائدة فطور الصباح قد أُعدت بإهتمام ملحوظ " وبرقةٍ كدتُ أقول " . الشعارُ الرئيسي توسط القاعة " من أجل توحيد كل الجهود لدعم الرابطة في الداخل " ، يا له من شعار مُعَبِّر ، وبليغ في بساطته . خلف المنصة كان شعار الرابطة ، رمز المرأة والطفولة والسلام ، فهل بعد ذلك من كلام .

هكذا تداعت للقاء في هذا الموسع رابطيات من دول أوربية عديدة ، هولندا ، ألمانيا ، الدانمارك ، بريطانيا وطبعا السويد . الشجاعة والحماس ونكران الذات هي الصفات التي جمعت أولئك المناضلات تقدمتهم عميدة الرابطيات السيدة خانم زهدي عندما قامت ، كأن الرابطة كلها قد نهضت بها ولها ، وقد أضفى تكريمها في هذا اللقاء بهجة مضاعفة فكان تكريماً لتأريخ الرابطة ، والمرأة العراقية المكافحة .

كانت حرارة اللقاء ، ليس من غير تلعثمات ، وإرتباكات عفوية ، عكست الرغبة في التواصل والعطاء . والأسئلة ذكريات ، كانت تهطل كأنها أمطار طال إنتظارها . وإن تباعدت المسافات ، وأنتشرت في البلدان ، كان هَمّْ العراق هو العنوان ، الطفل والمرأة كانا في قلب المكان ، فالأمومة والمساواة هي من أولويات حقوق الأنسان ، وعندما أنشدت الحناجر " موطني " ، سرت قشعريرةٌ في الأبدان ، وللذين غادرونا نجوماً ، كان صمتٌ وبقية أحزان ، وهو حُبٌّ وبالجميل عرفان .

في الجلسة الأفتتاحية توالت كلمات الضيوف ممثلي المنظمات الذين حضروا هذا اللقاء النوعي ، والمتميز ، من بينها كلمة منظمة الحزب الشيوعي ، رابطة الأنصار ، جمعية تموز والتيار الديمقراطي وبعض البرقيات الأخرى . تلك الكلمات باركت جهود رابطة المرأة العراقية وأشادت بتأريخها البطولي وبالتضحيات الكبيرة التي قدمتها في ساحات الكفاح ، و دورها الريادي في الدفاع عن حقوق المرأة في المساواة وفي نضالها المشترك مع بقية القوى الوطنية من أجل عراق ديمقراطي ، بعيداً عن الطائفية البغيضة وحيث ينعم فيه الجميع بالحرية والأمان ويحقق المساواة وفق مبادئ العدالة الأجتماعية . وقد عبّر ممثلو تلك المنظات عن تقديرهم لدعوتهم حضور هذا الموسع والذي عكس حرص الرابطة على تطوير علاقات التعاون والتنسيق مع المنظات الديمقراطية والوطنية . ثم تلتها كلمة الرابطة ولجنة التنسيق التي قوبلتا بالإهتمام . مما جاء في كلمة رابطة الأنصار " نحن وأياكم تقاسمنا الشهادة ، فاقمارُنا هي ذاتِها نجومُكُم الوهّاجة ، تُضِئُ سماواتَ العراقِ المُظلِمة ، وتسابقنا المجدَ في ساحاتٍ مُعْتِمة ، صنعت للوطنِ بيارقاً وملحمة ، تَشهدُ لها الأجيال ، عبر السهول والجبال ، وستبقى عنواناً شامخاً في أيامِنا القادمة ."

وفي المساء كانت سهرة عائلية لأعضاء الرابطة والمندوبين ، للضيوف وللمؤازرين ، تميزت بالحرارة والود والمرح وأواصر الصداقة ، وذكريات الماضي وأحلام المستقبل ، وأُختتمت بأغاني الوطن ومجد المناضلين .

لقد نجح ، ويحق لهم الفخر ، فرع رابطة المرأة في مدينة كوتنبرغ السويدية ، الذي إستضاف هذا الموسع والمندوبين ، في تنظيم وأدارة وتهيئة كل مستلزمات هذا التجمع الكبير وأستحق التقدير بل والأعجاب على الجهود الكبيرة التي بُذِلَت قبل وأثناء إنعقاد هذا الأجتماع . وأستحق ، أيضاً ، أصدقاء الرابطة من المؤازرين الشكر والتثمين على جهودهم " العملياتية " واللوجستية وحتى المعنوية ، في دعم هذا النشاط ، مما جعل اللقاء مناسبة لتأكيد تلك الصداقة .

هكذا ، كان موسع رابطة المرأة لفروع الخارج مناسبة للتضامن ، للصداقة ، للذكريات ، لكن للمستقبل كان أكثر !


* الوگافة (الواقفون) يعني عند العراقيين الرجال الذين يقومون على أداء الخدمات عندما يكون هناك تجمع حشد كبير من الناس في مناسبات كالأفراح وأيضاً عند الأحزان .

 

تأملات (36) :  أنصار و مهاجرين - خروج (3)
تأملات (35) :  أنصار و مهاجرين - خروج (2)
تأملات (34) :  أنصار و مهاجرين - خروج (1)
تأملات (33) :  تأملات في بيان الحزب الشيوعي العراقي حول الذكرى 78 لتأسيسه
تأملات (32) :  في ذكرى رحيل المناضلة نعمي أيوب
تأملات (31) :  مرة أخرى مع أطيب التحيات للمؤتمر التاسع
تأملات (30) :  محنة العقل في التوحيد (2)
تأملات (29) :  محنة العقل في التوحيد (1)
تأملات (28) :  الدين ملجأ السياسة والثقاقة قبرها (3)
تأملات (27) :  الدين ملجأ السياسة والثقاقة قبرها (2)
تأملات (26) :  الدين ملجأ السياسة والثقاقة قبرها (1)
تأملات (25) :  صوتُ هناء ، جلجلَ في السماء
تأملات (24) :  مقدمة في نقد تأويل التأويل (4)
تأملات (23) :  مقدمة في نقد تأويل التأويل (3)
تأملات (22) :  مقدمة في نقد تأويل التأويل (2)
تأملات (21) :  مقدمة في نقد تأويل التأويل (1)
تأملات (20) :  الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي
تأملات (19) :  عندما يكون العنف طريقاً للحق (2)
تأملات (18) :  عندما يكون العنف طريقاً للحق (1)
تأملات (17) :  التيار الديمقراطي تأملات في تقييم الحركة الأنصارية (2)

تأملات (16) :  التيار الديمقراطي تأملات في تقييم الحركة الأنصارية (1)
تأملات (15) :  التيار الديمقراطي بين هَم الأمل وثقل العمل (2)
تأملات (14) :  التيار الديمقراطي بين هَم الأمل وثقل العمل (1)
تأملات (13) :  من غير وصايا كان العالم أجمل
تأملات (12) :  صَخبٌ في العقول
تأملات (11) :  الأيمان في الغربة وطن (3)
تأملات (10) :  الأيمان في الغربة وطن (2)
تأملات (9) :  الأيمان في الغربة وطن (1)
تأملات (8) :  تبسيط السياسة دون أبتذال
تأملات (7) :  الرمز الديني بين مطرقتي الهوية والبندقية
تأملات (6) :  14 تموز وهم الثورة والحلم والخيال (2)
تأملات (6) :  14 تموز وهم الثورة والحلم والخيال (1)
تأملات (5) :  السياسة بين التأمل والأيمان
تأملات (4) :  في السياسة والأخلاق ... دروس
تأملات (3) :  المقدّس بين مطرقتي وهم الأيمان واللامبالاة
تأملات (2) : الموقف من التأريخ هو المحك
تأملات (1) : نقد الذات قبل نقد الوقائع

 

free web counter