|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  15  / 2 / 2014                                 أمين كريم فرحان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في الثقافة والمثقف
(6) الأخيرة

أمين كريم فرحان
(موقع الناس)

وترابطا مع هذا الطرح، ولتبيان موضوعه ثقافيه اجتماعيه اقتصاديه، نعيشها اليوم في عالمنا هذا ولالقاء الضوء بشكل مختصر عليها، نطرح الاتي .....

ليس صحيحا ان تقدم التكنولوجيا بحكم تطور المجتمع، نعتقد ان توجيه البحث العلمي في اتجاهات معينه واستبعاد اخرى هو بدوره الناتج لتيارات اجتماعيه تخضع لاعتبارات صادره عن السلطه ومنها اهتمامها باستمرار النمط الاجتماعي الذي يضمن حكمها.

ليس معنى ذلك ان السلطه تقف عقبه مطلقه تحول دون ظهور الجديد في مجال التكنولوجيا، اذ ان هناك قدره على استيعاب التقدم في فنون الانتاج متوافره هي الاخرى.
علما ان عملية الاستيعاب نفسها تفرض على التكنولوجيا التكيف للشروط الاجتماعيه السائده.
من ثم يصير النضال الاجتماعي من اجل السيطره على الجديد وتوجيه اشكال استخدامه بمثابة القوه المسببه للتطور بدلا من ان يكون التقدم في التكنولوجيا هو السبب المباشر للتغيير.

وقد اثبت التاريخ اهمية هذا الجدل بين تقدم التكنولوجيا من جانب والتغيير في نماذج الانتاج، بل والتحول في العلاقات الاجتماعيه من الجانب الاخر.
فالتغيير الكيفي في العلاقات الاجتماعيه لايحدث الا نادرا في مسيرة التاريخ الطويله، وثمة زمن طويل يفصل ثوره اجتماعيه عن التاليه، هذا بينما التقدم التكنولوجي يكاد يكون بمثابة عملية متواصلة دون انقطاع ولقد تكثفت الاختراعات في اوقات معينه.

هكذا نجد ان تطورات تكنولوجيه هامه قد تحدث دون ان يترتب علها تغيير في نوعية نمط الانتاج، فالمجتمع الرأسمالي قائم بشكله المتكامل منذ الثوره الصناعيه الاولى في اواخر القرن الثامن عشر.
ثم استوعب هذا المجتمع تقدما تكنولوجيا مضطردا، بل استوعب ثورات تكنولوجيه متتاليه دون ان يغير ذلك جوهر نمط الانتاج.
هنا يذكر نمط الانتاج، بصفته مفهوما اجتماعيا كليا متعدد الاوجه، التكنولوجيه والاقتصاديه والسياسيه والاجتماعيه بل والثقافيه والايديولوجيه حتى يكون التفريق واضحا بينه وبين المفهوم الاخر ..

نموذج الانتاج
ان نموذج الانتاج ينحصر في الاوجه التكنولوجيه وتلك الاوجه الاجتماعيه المرتبطه مباشرة بتنظيم العمل.
وبالتالي فان التقدم التكنولوجي يؤثر بشكل مباشر على نموذج الانتاج دون ان يغير بالضروره نمط الانتاج طالما ان علاقات الانتاج تستطيع ان تستوعب التغيير الذي تم في نموذج الانتاج.

وليس معنى ذلك ان تراكم التحولات في نماذج الانتاج لايؤدي في نهاية المطاف الى تغيير لابد ان يتم في نمط الانتاج، فعند نقطه معينه يتحول الكم الى كيف، علما ان التحول الكيفي، اي الانتقال من نمط انتاج الى اخر، لايفرض نفسه بصفته ضروره حتميه بالمعنى الدارج.

لا محاله، فالتراكم في التقدم التكنولوجي ينتج فقط احتمالا، امكانيه، لا ضرورة حتميه، هذا هو معنى الضرورة الموضوعيه في التاريخ ولا تتحقق في ظروف اخرى فهناك مجتمعات رفضت التغيير وادخلت نفسها في مأزق ..

هناك سؤال يطرح نفسه بالحاح ... هل تمثل الثوره التكنولوجيه الحديثه نقطة تحول كيفي، يفرض نفسه بقوة موضوعيه، وهي الانتقال الى نمط جديد انتاج؟

هذا هو اليوم السؤال الاحوج وان الاكثر حاجه هو الجواب عليه، الجواب :
نعم، ان التكنولوجيا الحديثه تتطلب ان يسيطر عليها اجتماعيا، وبتعبير ادق تتطلب هذه التكنولوجيا التخلي عن اشكال سيطره تعمل من خلال المصالح الخاصه الجزئيه، وان هذه المصالح الخاصه الجزئيه هي جوهر تعريف نمط الانتاج الرأسمالي.

وهنا لابد من التأكيد على ان نمط الانتاج الرأسمالي لا يمكننا ان نقول انه لا يستطيع ان يستوعب هذه الثورة التكنولوجيه المعينه، بل يكون المعنى ما يلي : ان في غياب تحول نمط الانتاج، اي فرضية استيعاب الثوره التكنولوجيه من قبل الراسماليه، ستكون النتائج المترتبه على هذا فاحشه، مضره للمجتمع الى اقصى الحدود ..
وهذا امر جديد اذ ان الثورات التكنولوجيه السابقه استوعبت دون ان يترتب على ذلك تصاعدا في همجية النظام الراسمالي، وتصاعدا في طابعه المعادي للقيم الانسانيه.

لقد كان التقدم التكنولوجي يلازمه تقدم اجتماعي في حدود التناقضات الخاصه بالرأسماليه.
ان الجديد هو ان المجتمع قد بلغ حدا من التطور، لم يعد فيه التقدم الاجتماعي مفهوما موازيا للتقدم التكنولوجي، لذا اصبحت الاشتراكيه ضروره تاريخيه، وصار الخيار امام شعوب العالم اشتراكيه ام همجيه ..
ان ادوات المعلوماتيه وتكثيف استخداماتها، وتوصيل الشبكات بعضها ببعض، هي اليوم حقائق ثابته، ولا احد ينكرها.

ولكن هذه الادوات لا تنتج من تلقاء نفسها نظاما اجتماعيا فرحا كان ام رهيبا، فهذا هو رهن بالنضال حول تصورات مستقبليه محتمله متباينه، ولا غير.
ان الازمه الماليه في الولايات المتحده الامريكيه، قد دخلت مرحله جديده ولا يلوح في الافق حلا لها ونهايه لها.
ان الدولار هو عملة الاحتياطي النقدي العالمي، ويعتمد اساسا على القدره الائتمانيه للولايات المتحده، وعندما تنتهي هذه القدره تنتهي معها سلطة الدولار.

ان سلطة الدولار ستستمر مادام، هناك سوق لسندات الخزانه الامريكيه.
ان سلطة الدولار كانت وستبقى اهم دعامه لسلطة امريكا في الاقتصاد العالمي التي يمكن الحفاظ عليها فقط مادامت بقية دول العالم مستعده للمشاركه في تمويل العجز المالي في الولايات المتحده الامريكيه، اي عندما تقبل اميركا ان يدفع لها بالدولار لتقوم هي بدورها بمادلة هذه الدولارات بالاوراق الماليه، اي سندات الخزانه وهذا هو شكل خاص للائتمان الاميركي.

واليوم وقد باتت الولايات المتحده لاتستطيع استخدام التضخم لخفض قيمة الدولار كوسيله مجربه للاعتذار للدائنين في الداخل والخارج.

وحين لا يقبل الدائنين دولارات التضخم، حينها ستنهار اسعار السندات والدولارات معا، وتحدث ازمه النظام الرأسمالي الكبيرة.
ان مثل هذه الازمه تصيب النظام بالنخاع، وسيتيقن الدائنون ان لاوجود لبرنامج للانقاذ.

وعند ذاك ستهب العاصفه، وستكون بنوك القطاع الخاص والبنوك المركزيه جالسه على جبل من الديون الامريكيه، وسوف لن يكون هناك لهم عشب قادر على النمو .


ستوكهولم / السويد
في 2013/9/11

 

في الثقافة والمثقف (5)
في الثقافة والمثقف (4)

في الثقافة والمثقف (3)

في الثقافة والمثقف (2)

في الثقافة والمثقف (1)

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter