|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  13  / 2 / 2014                                 أمين كريم فرحان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في الثقافة والمثقف
(3)

أمين كريم فرحان
(موقع الناس)

ان التغيير داخل بنية ايديولوجيا السلطه السائده لايمكن ان يحدث الا بمساندة وتوجيه السلطة الايديولوجيه الصاعده في المجتمع والتي هي في تضاد مع فكر وتوجه السلطه السياسيه الحاكمه.

ان التغيير هذا لايتم الا عبر حركه جماهيريه منظمه واسعه ذات نشاط دؤوب وتمتلك الوعي الذي يؤهلها لخوض الصراع القاسي هذا مع انه هي في ذات الوقت تتعرض لتأثيرات واختراقات ايديولوجيه معاكسه تهدف الى خلخلة وحدتها والى اضعاف تحالفاتها وتشويه مفاهيمها في سعي محموم لعرقلة حركتها الصاعده وشل فاعلية نشاطها .

وهذا هو احد ابرز مظاهر الصراع الاجتماعي في مجال الثقافه، وذلك على قوانا الديمقراطيه ان تنتبه لهذا السلوك المعادي لنا وبحذر شديد.

ان الصراع في مجال الثقافه ليس فيه سمات حدوديه ثابته واضحه بل هناك تداخل فكري وعملي مابين الخط الفاصل بين السلطه والثقافه.

هناك تداخل في موضوعة * التراث * وان الموقف من التراث ينبغي تجاوزه ضمن حساسية المرحله هذه الان، حيث من الصعب على المثقف ان يؤدي دوره في الوضع الراهن اذا لم يكون مستوعبا ماضيه عبر رؤيته لهذا التراث من خلال حركة التاريخ وسياقه الموضوعي.

وهناك مشكلات نظريه لابد من حلها وهناك قضية الجانب العملي المؤثر في حركة الصراع الاجتماعي.

ففي مجرى التطور لايأتي الجديد في نفي كامل للقديم، وانما تمثلا للعناصر الايجابيه فيه ليتحول النفي بمعناه الفلسفي الى بناء في اطار النقد والتطور وبالتالي فالثقافه لاتتطور بدون الجوانب المشرقه من الماضي الذي ترثه وتطوره انتقاديا، فالبشريه تبني ثقافتها مستنده الى ماترثه من الاسلاف.

ان مايسود في عالمنا اليوم هو حضاره وثقافه راسمالية الطابع وهي المسؤوله عن التحولات التي حدثت عالميا والتي افرغت جميع الثقافات من مضمونها الاصلي، كل الثقافات السابقه بما فيها ثقافة الغرب، وحلت مكانها ثقافة الرأسمالية في المناطق المكونه للمركز الرأسمالي، اي اوربا وامريكا الشماليه واليابان.

بينما لم يستطع انتشار الرأسماليه ان يلغي تماما اثر الثقافات القديمه في مناطق الاطراف كما لم تستطيع الراسماليه في مسعاها لتوظيف الثقافات السابقه توظيفا شاملا وفاعلا، كما صار عليه الوضع في المراكز.

ان الراسماليه قد وظفت شعارات الديمقراطيه وحقوق الشعوب في ثقافتها المصدره الى بلادنا كمثل ساطع نعيش مأسيه بمراره، ان الراسماليه في هذا المنهج تريد اخفاء المشروعيه لاهدافها علما ان التمزق والتفتيت يفرغ الديمقراطيه من مضمونها ويجعلها عاجزه امام اليات السوق، وهو هذا ماتبتغيه، ولكن هذا المشروع حتما سيفشل بل وانه سيموت ولن يحقق مبتغاه، فالقوى الديمقراطيه والتقدميه في عموم الساحه العالميه تتمتع بمجالات فيها حرية التحرك وان الوسيله الفاعله بيد الشعوب تكمن في توسيعها لنطاق هذه الحركه في دفع النضال الاجتماعي الى امام وهذا مانرى بوادره امام عيوننا وعلى الارض اليوم وبشكل فاعل وليس تنظير فلسفي .

انالصراع السياسي والاجتماعي في بلادنا يعكس في بعض جوانبه السعي لالغاء التنوع الثقافي ووضع القيود على الهويه الثقافيه الوطنيه فقد اصبحت الهويه الثقافيه مشروعا سياسيا عند الحركات الاسلاميه ولذلك فالتمسك بالهويات الدينيه والطائفيه له بعدين اثنين سياسي ونظري. ، الجانب السياسي يعكس عجزهم في ان يكونوا قادرين على قيادة امور البلد فنراهم يستعينوا بمسار يعتمد على التفرقه والتمثيل الحصري لجماعه دينيه او مذهبيه لكسب الشرعيه السياسيه.

وان البعد النظري فهو في اثارة الشكوك حول المفاهيم الاساسيه للحداثه والتي هي تعني الفرص التاريخيه المتجدده ذات الاحتمالات المرنه.

انهم يشككون بمفاهيم التحرر الانساني الشامل والتقدم التاريخي للمجتمع المدني، ان القراءه النقديه لظاهرة لحداثة تركز على الاضرار التي لحقت بقيم الحياة الاساسيه من جراء حروب الغرب واثار التجربه الاستعماريه القاسيه والمريره، ومن المؤكد ان للهويه الثقافيه الوطنيه القدره على تطورها في خضم هذا الصراع وانها تسعى الى تحررها من اية قيود تحاول منع الربط بين الممارسه الثقافيه والممارسه السياسيه لاحداث التغيير في وعي الانسان العراقي باتجاه بلورة المسؤوليه الاجتماعيه وتنمية المبادرات الفرديه والجماعيه في الصعد المختلفه لخلق التفكير العقلاني في فهم وقبول وتبني ونشر مفاهيم الثقافه الديمقراطيه التي نحن اليوم في حاجه ماسه لنشرها وتبلورها بين اوسع مايكون من اوساط شرائح المجتمع الاجتماعيه وهذا هو جوهرفاعليتنا لتبصير مجموع الناس بما يحدث على الارض

 

في الثقافة والمثقف (2)
في الثقافة والمثقف (1)
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter