| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

السبت 27/2/ 2010



لماذا تخلف العربان ؟
(6)

د. ناجي نهر

مناقشة أفكار السيدين اياد جمال الدين والدكتور اياد علاوي: ونبقى في العالم الثالث المتخلف اصلآ عن ركب الحضارة للأسباب التي ذكرت فى اقسام سابقة من هذا المقال ، وسيكون هذا القسم خاصآ ببيان واحدآ من أهم الأسباب الأساسية للتخلف ،ذلك هوالتخلف عن فهم معاني بعض مفاهيم ومفردات متداولة منذ الوعي على السنة الحكام والسياسيين والمختصين وعامة ابناء المجتمع من مثل [الديمقراطية والحرية والدولة العصرية المؤسساتية والعقائد الدنية ومفهوم التغيير واللبرالية وغيرها]. ان ماهية التخلف المقصودة هنا هي التخلف عن معرفة اسباب وتاريخ ولادة هذه المصطلحات والمفاهيم وكيف ترعرعت وكيف تغيرت معانيها فى القول والممارسة و اسباب فهمنا المتناقض لها فى ما بين الأقوال والممارسة وازدواجية الشعارات والأدعاءآت والثقافات عندنا والخلط فيما بينها بما يربك التحليل الموضوعي للظواهر ويرهق وعي المتلقي ويعرقل عملية التطور المتدرجة ويضر بمسيرتها، ففي فهمنا العلمي الموضوعي لمعاني هذه المفردات المتداولة بكثرة سنجد بين أيدينا مفاتيح لأسرار كل المنهجيات الصحيحة منها والأنتهازية على اختلاف تعددها وتنوع مراحلها الزمنية ومعرفة أسباب نجاح غيرنا وفشلنا ؟؟؟. غير ان شرح ماهية وتفسير هذه المفاهيم بموضوعية ومعرفية متكاملة تستقطب كل ما يتعلق بهذه المفاهيم من معلومة ومعرفة كيفية واسباب ولادتها وتدرج نموها حتى بلوغ مرحلة تطبيقها الناجح والألمام الوصفي التحليلي بتجارب الشعوب الناجحة والفاشلة عليها وجسامة تضحياتها ونضالها المرير من اجل انتزاعها من براثن الظالمين وترسيخها بالممارسة الفعلية الطويلة لهو صعب للغاية واوسع من القدرة الفردية المحددودة ،لذا تسند مثل هذه الدراسات وتحقيقها ضمن التخصصية الجمعية فى الجامعات والمئوسسات الجماهيرية والأحزاب السياسية العلمانية وانشطة الدولة التوعوية المدنية وذوالأختصاص . ولذا تقتضي الضرورة فى هذا الجانب تحديدآ الأشارة بأقتضاب الى النقص الثقافي العام فى انظمة العربان واثره السلبي على عملية التطور ،مستخدمآ فى ذلك وسيلة ايضاح متداولة وفرتها مناظرات المرشحين للأنتخابات العراقية التي ستجرى فى 7/ آذار /010 /م هذه الأنتخابات المتكئة على ثقافة الأحتلال وعلى تدخل متطفل وسافر من أنظمة العربان المحلية والعالمية بهدف منع هذه الممارسة الديمقراطية الواعدة من التنفيذ السليم وتعقيدها وتحريمها وتكفيرها وجرفها بسيول هائجة من الدماء والفواجع وكل ما جرى وما زال يجري فى العراق الجديد الذي انطلق من القمقم الدكتاتوري عام 2003/م كرائد للديمقراطية اللبرالية فى بلدان العالم الثالث المتخلف وبمخاض شديد العسر يحتمل نتائج وتداعيات ما تزال مقلقة فى السلب والأيجاب والنجاح والفشل . ولكن مهما تكن العراقيل فان الثقة بوعي وقدرات الشعب العراقي الباسل عالية كشعب جبار لم ينثني بسهولة ،وسيعتبر كل ما جرى على جنباته من اهوال مدمرة بمثابة ضريبة النجاح المشروطة للتغيير دفعتها الشعوب الديمقراطية قبله . فلقد اثارت التفسيرات التي ادلى بها الدكتور أياد علاوي والسيد أياد جمال الدين خلال مناظراتهما الأنتخابية فى ردهما على اسئلة الأعلاميين فى فضائية العربية بتاريخ 24 /شباط/ 010 م وما تلاه اثارت حفيظتي حول تفسيرهما المبتور عن معاني مفاهيم الديمقراطية الجديدة والسياسة والدين باسلوب مربك بتصوري ،لكنه وفر لي فرصة لتصحيح تفسيرهذه المفاهيم بشكل عام ومفهوم الديمقراطية الجديدة بشكل خاص من حيث ولادة وشروط نجاحها واسباب فشلها ولفائدة الجميع مع تأكيدي على احترامي الشخصي لهما ولغيرهما فى الرأي الآخر ، وكالتالي :-

1- ان كل ما قاله السيد أياد جمال الدين نظريآ حول معاني مفهوم الديمقراطية والحرية والدولة العصرية المؤسساتية والعقائد الدنية صحيح100% لكنه كان يتكلم بالسياسة وهو مرتديآ عمامته ويوفق بين متناقضين (الدين والديمقراطية) ويخلط بين مفاهيم (الدين والسياسة) ويضع احدهما محل الآخر منتقدآ بذلك ايران كونها تنزع عمامة المتدين عند مزاولته الدين وهو بتصوري اجراء صحيح فى هذا الجانب تحديدآ وهو مطبق فى دول اوربا الغربية حيث لا يحق لرجل الدين مزاولة السياسة لكونها خارج اختصاصه . وفى هذا الخصوص فأن السمة المميزة والمعيبة لأنظمة العربان تكونت عبر التاريخ بسبب ان هذه الأنظمة تفرض على شعوبها المظلومة ما يدعو اليه السيد أياد جمال الدين حاليآ من وضع الأنسان فى غيراختصاصه ومهنته والخلط بين مفاهيم الدين والسياسة وتفرض ذلك على شعوبها بقوة السلطة المفزعة والمفرغة من الأنسانية والموضوعية العلمية !! ذلك بسبب ان هذه الأنظمة فى الواقع التطبيقي ترفض الديمقراطية وتجمع حكم الدين والدولة بيد واحدة بما يصطلح عليه (الأوتوقراطية) وتدعي الديمقراطية وتطبيق مبادئ العدالة الأجتماعية بشكل انتهازي مزور وسافر من دون الأكتراث لعمق الضرر الذي يسببه خلطها المفاهيم على عملية التطور ، وهذا ما يفضح حاجتها الى استيعاب مفهوم (التغيير)وكيف تظهر علامات ولادته ، فالتغيير كغيره من الظواهر تزرع بذرته (الولادة) في رحم (المتغير) ذاته اي فيما سبقه من اوعية وانظمة قديمة تحكمت الضرورة الشعبية فى تغييرها على هيئة تمرد فكري على واقع الحال المتخلفة والظالمة ابتداءآ من الدعوة والمطالبة اليومية وانتهاءآ بتشديد الكفاح المتدرج مع الوعي وضغط ضرورات التغيير من ممارسات قديمة ضارة الى ممارسات جديدة مفيدة وبأدوات فكرية مناسبة افضل. ولهذا يعد من الخطأ الفادح تصور زراعة بذرة التغيير ما بعد التغيير ،بمثل ما يتصوره السيد أياد جمال الدين ،ولذا فان الاستيعاب الموضوعي لكيفية التغيير فكرآ وممارسة يحتم كضرورة قصوى على السياسي الأهتمام المسئول بدراسة تجارب الشعوب لكي لا يلدغ الف مرة!!،ولا يستفيق عقله من التحجر الا وهو فى طريقه الى مزبلة التاريخ !!! فالتغيير النوعي المقصود هنا هو ما يعني ان الممارسة الديمقراطية الجديدة ولدت بعد فشل الممارسة الدينية القديمة وان الممارسة الديمقراطية الجديدة هي احدث وافضل من الممارسة الدينية التي سبقتها ،وهو ما يعني بشكل اوضح ان رجل الدين لا يتمكن بقناعاته الدينية الثابتة وبلباسه الديني القديم من امتهان السياسية ، لأن السياسة فى هذه الحالة تصبح صفة لعمله الجديد الذي يشترط فيه التخلى عن عمله وثقافته الدينية وامتهان ممارسة السياسة وتطبيقاتها الديمقراطية الجديدة ذات المنهجية المتحركة فى القول والممارسة كأختصاص جديد . ان مبادئ الديمقراطية الجديدة تمنح كافة المواطنين بالتساوي حق الأختيار فى التخخصص لمختلف الآعمال : الدينية ،السياسية ، الطبية ، التقني ، الأجتماعية ، الفنية الخ ، وان الخلط بين اختصاصين اواكثر يضعف العمل بهما سوية وان الأفضل والسائد فى عصرنا المتطور هو تجزأت الأختصاص الواحد الى اجزاء والأختصاص بالجزء فقط كأن يختص الطبيب بأمراض العين اوبجراحة العين فقط . من هنا عد العمل السياسي من اوسع الأختصاصات لكنه بحد ذاته يظل أختصاص محدد لا يسمح بدخول اختصاصات اخرى مربكة تؤدي الى اضعافه وشرذمته مما يتوجب على المتخصصين بالسيا سة ومن باب الأيفاء بشروطها المهنية والأنسانية التفرغ الكامل لها ونزع كافة الصفات والألقاب الأخرى حيث تصبح السياسة هي المهنة الأساسية بلا شريك آخر ، كما تشترط السياسة شرطآ اهم آخر هو ان يلم السياسي فى كافة العلوم ويجند مضامينها وممارساتها فى خدمة مشاريعه وبرامجه السياسة. وما ما نراه من كثرة المعممين فى البرلمان العراقي لهو أمر غريب وعجيب يؤكد على تخلف العربان فى فهم الديمقراطية الجديدة كما يؤكد على الأنتهازية الدينية التي اشرت الى اضرارها فى القسمين الرابع والخامس من هذا المقال . ويجدر بالسياسي الحاذق ان لا تفوته معرفة سر تشبث الشعوب بالحرية و الديمقراطية ولا تفوته معرفة سر احتضان الشعوب للوليد الديمقراطي الجديد ورعايته بحرارة وحمايته من كل سؤ بكل غالي وعزيز ،ذلك بسبب انها قد جربت سياسة الدين الظالمة بالسابق وتمردت على ظلمه ومنهجيته الغيبية المربكة . من هنا فقد اصبح كل من يخطط للعودة الى احياءالمفاهيم البالية ثانية مخالفآ للدستور والقوانين السائدة فى الديمقراطية الجديدة وهو مما يعد تأكيد على الأنتهازية الأجرامية لأصحابها . ان مثل الذين يخلطون المصطلحات والمفاهيم ببعضها كمثل بعض المندائين والمتدينين الأنتهازيين الذين يدعون التمرد على القديم ويجترون بزهو مفردة التغيير والتقدم عما كانوا يعتقدون به سالفآ، لكنهم فى واقع الحال ظلوا متشبثين بعقائدهم القديمة برغم معرفتهم بموتها وبعضهم يطالب حكومات اللجؤ السماح لهم بفتح جمعيات مندائية ولى زمنها ولا يطالبون بجمعيات تقدمية متناسبة مع ما يدعون من تغير تقدمي وثقافة علمانية متناغمة مع ثقافة العصر .

2 - واما السيد علاوي فهو الآخر كان يخلط بين مفهومي العلاقات الدبلوماسية بين الدول وبين تحقيق الممارسة الديمقراطية على وفق منهجية علمية وموضوعية ، فالعلاقات الدبلوماسية كما هو معروف اضحت تشكل ضرورة بديهية لا يمكن الآستغناء عنها فى حياة وتقدم أية دولة من دول العالم ،وهناك فارق كبير ما بين العلاقات الدبلوماسية وعلاقات حسن الجوار وما بين احياء الدولة القومية العروبية الوهمية وبعثها من جديد بعدما ولى زمنها واندثر، وما ترويجه وسعيه الحثيث لأحياء مثل هذه الدولة القومية العروبية التي فشلت فى التطبيق الا دليل انتهازيته الخجولة واحلامه الأنانية غير المشروعة الدافعه نحو تحقيق اجندات رجعية عالمية ورغبات اقليمية وعربية متخلفة وبتبرير ذلك بأفكار أنتهازية مزوقة مكشوفة ومفضوحة برغم اسلوبه الهادئ فى الكلام لكنه هادف فى سداه ولحمته الى الوصول الى السلطة ليس غير. وفى هذا الصدد اتذكر ان السيد اياد جمال الدين قبل ان يمتهن السياسة كان قد رفع ولأول مرة شعار فصل الدين عن السياسة فهز بذلك افئدة كل المخلصين لشعوبهم وكتبت فى حينها عدة مقالات لشحذ الهمم واسناد تلك الصرخة الباسلة .

3 - وفى دراسة عابرة للساسة المتصارعين على السرك السياسي من أي مواطن عراقي سيتوصل الى ان شروط السياسي وصفاته لا تتوفر فى غالبيتهم العظمى ولا فى احزابهم التي تتخذ لها اسماء دينية كمودة جديدة مسجلة براءة أختراعها بأسم الصحوة الأسلاموية المزورة لسنة الحياة والتطور المتدرج لها ،وسيكتشف ان سياسين آخرون ما زال بعضهم يحاول العودة بالشعب نحو عهود سيحقة فى القدم واحياء النظم البطرياركية القبلية المتخلفة .

4 - ولئن حاول البعض التهرب من استيعاب الحقيقة وتشويهها بتبريرات لا علمية فما عليه الا العودة الى قراءة تجارب الشعوب بروح المسئولية الأنسانية ليس غير، فالديمقراطية لا تصنع بالكلام والأدعاءآت الفارغة وهي لم تنشأ بصورة عبثية ولم تمنح للشعوب بل جاءت عبر صراع شاق وطويل.,وقد تميزالأنسان وحده بخاصية العقل وعد وحده صانع الحياة ومطورها وكلما نجح فى إكتشاف جديد ونافع أضاف بذلك معرفة جديدة الى معارفه ومعارف الأنسانية ,وبرهن على ان المعارف متغيرة ومتطورة وعالمية وليست خاصة بفرد او بلد أو مجموعة بعينها وأن جمود العقل يعني توقف الحياة والموت . فلقد جربت الكنيسة فى أوربا قبل موتها مختلف أساليب العنف ضد أنصار الديمقراطية الزاحفين نحوها بخطى ثابتة حينما أحست بأفول مجدها على أيديهم وفشلت ، وأرتكبت جملة من الحماقات والجرائم البشعة عجلت في القضاء على طغيانها وإستطاعت الشعوب تحقيق النصرعليها بفصل الدين عن الدولة فقطعت بذلك طريق الأمدادات الحيوية على الأنتهازية وفسحت مجالآ رحبآ أمام سيادة الثقافة الديمقراطية التي تحترم عقائد الناس أجمعين ، بينما اتجهت الكنيسة نحو تنفيذ واجباتها العقائدية المناسبة لأختصاصها ، كمناسبات الختان والزواج وتوديع الأموات وما شابه .

5 - تحتاج شعوب العالم الثالث من اجل ترسيخ الديمقراطية ومبادئ العدالة الأجتماعية والحرية الى ضمانات ملزمة ومثبتة فى الدستور بكل وضوح وشفافية والى قوانين ساندة لا تدع شاردة وواردة سائبة الا وبينتها ، كما تحتاج الشعوب الى ثقافة توعوية حضارية بكيفية ممارسة الحرية والديمقراطية وتطبقات الدستور والقوانين تطبيقآ عادلآ ومتساويآ وساريآ على الجميع ومتحركآ نحو الأفضل باستمرار وكل ذلك من مسئولية المواطن ومسئولية الدولة ومنظمات المجتمع المدني بالأساس .


يتبع
 

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (5)
¤ لماذا تخلف العربان ؟ (4)

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (3)

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (2)

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (1)

 


 

free web counter