| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

الأثنين 22/2/ 2010



لماذا تخلف العربان ؟
(5)

د. ناجي نهر

وفي العالم الثالث الذي نحن بصدده وهوالمتخلف اصلآ عن ركب الحضارة للأسباب التي ذكرت فى اقسام سابقة من هذا المقال والتي كان من اهم نتائجها استغلال الأنسان لأخيه الأنسان وتكفيره واغتصابه وقتله باسم الدفاع عن الدين ،لذا سيكون هذا القسم خاصآ ببيان أثر رجال الدين على تطور الحضارة فى السلب والأيجاب ومحاولة أنسنة الأديان، وتحويلها من أنظمة فكرية اطلاقية تنطوي علي طاقة تدميرية وتخريبية باسم الدفاع عن المطلق المبهم، إلي ممارسة انسانية مجتمعية تطورية لأعادة بناء الحضارة الأنسانية على أسس علمية جديدة متناسبة مع قدسية القناعة الشخصية بالدين تحديدآ بمعنى الطاعة لتعاليم الله وايفاء دينه لقاء ما منحهم من خيرات وفضائل بشرط ان لا تكون هذه الممارسة الدينية قد بنيت على دوافع وغايات ذاتية انتهازية كما هو معروف عن اغلب القناعات الأنتهازية فى كل زمان ومكان . وفى فلسفة الأديان فقد اختلف الفلاسفة والباحثون والمنظرون حول صحة وجود الآلهة ومصدر الأديان واثيرت حول ذلك مختلف الأسئلة من مثل :هل الأديان نازلة من السماء حقآ ؟، وما هو السماء وكيف نزلت وما هي اوصاف الأله ومن اي جنس يكون واين كان الله قبل ان يخلق السموات والارض ولماذا لم يبين للناس المواد المستعملة في الخلق كما بينها عند خلق الأنسان ؟؟، ولماذا اختلفت الأديان وتناقضت افكارها وتعددت مذاهبها ومدارسها واجتهاداتها وهو القدير العليم ولماذا اضحى سعي كل مجتهد ديني ان يجعل من نفسه اله محاطآ بهالة من القدسية غالبآ ما يوحي للسذج بخلقها ؟؟واسئلة كثيرة ومتنوعة تتجمع حول هذا الباب وتدور فى حلقة متعبة بلا جواب مريح ومقبول ،تحتضنها منظومة من الأختلافات الدينية المزمنة وترعاها الأنتهازية بألوانها واشكالها لأن فيها ديمومة حياتها وعزة هيمنتها . ولكن ما يزيد الأنسان بهجة وقوة هو التزام القسم الأعظم من المفكرين المعاصرين ومن المناضلين السياسين بالوعي العلمي المادي الملموس والموثق حيث تمرد أكثريتهم على الاعتقاد بصحة الأديان بعد ان عجزواعن ايجاد بصيص امل مقنع لوجود الله ،لا بل ان القسم الأعظم اخذ يحملها جميعآ بدون استثناء مسئولية تيسير وتبرير كل ما حدث على وجه الأرض من جرائم بشعة وفساد اخلاقي وانتهاكات صارخة لحقوق الأنسان على مختلف الأصعدة ومسئولية ادامة استغلال الفقراء المنتجين للخيرات وظلمهم وعذاباتهم واذلالهم وتوفير الأغطية المزيفة المبررة لممارسات الأنتهازية العالمية الفاحشة كما يحدث الآن فى الضجة العالمية الأوربية حول اغتصاب الأطفال فى المدارس اللاهوتية المسيحية بسبب تحريم الزواج عند الكاثوليك واغتصاب الصبيات وانتشار المتعة فى الأسلام واحلال تعدد الزوجات وان كن بعمر الأطفال ومنح الحق للملتحي ان يتزوج بقدر ما تمتلك يداه السارقتين من اموال وبقدر ما يمليه عقله المريض وهيمنته السلطوية غير المشروعة. ان هذا التناقض الصارخ فى ممارسات المتدينين اثار ويثيرالسخرية ضد الأديان وتعاليمها المتناقضة بالأساس، والأمثلة على الممارسات الأنتهازية لا تحصى ، فقد استطاع هنري الثامن من تغيرالنصوص الدينية بجرة قلم حين قلب الكاثوليكية فى بريطانيا الى بروتستانتية تلبية لملذاته الروحية ،وكذلك مثلما قلب احد شاهات ايران فى ثوان معدودات المذهب السني الى المذهب شيعي لكي يرد زوجته المطلقة وهوتأكيد آخر على ان الأفكار الدينية افكار مختلقة ووهمية غير مقنعة لكل ذوعقل و تغيير حركتها لا يختلف عن تغيير حركة السلع التجارية الخاضعة لقانون العرض والطلب ،لذا كان من الصعب على هذه الأفكار وهي بهذه الحال المشوهة الصمود امام العلم الموضوعي البتة . ونظرآ لعدوانية وضرر الأفكار الأنتهازية الدينية وممارساتها فقد عدت من اشد الممارسات عدوانية وضررآ على مصالح المنتجين والشعوب المضطهدة ،كما عدت ممارسات المتاجرين بالدين من الممارسات المفبركة المفضوحة والمسخرة لتحقيق غايات ورغبات جشعة وأنانية تتسع باتساع مصالح المتاجرين بها والتي لا تقف عند حد بخاصة حين تكون الأنتهازية الدينية مهيمنة وفى قمة الهرم وعلى رأس النظام ومتحدة مع الأنظمة الأخرى المتماثلة معها فى الفكر والسلوك الأجرامي بما سيتسبب بالضرورة فى دفع الأنظمة الى الأرتماء بأحضان القوى الكبرى المتجبرة لحمايتها واسنادها على قهر شعوبها ويدفع بالشعوب نحو الأتجاه المعاكس والأنفصال عن انظمتها العميلة كتحصيل حاصل يحقق صحة وعدالة المعادلة الحياتية وديمومة تطورها . وقد فرضت مسيرة الأنتهازية الدينية الباطلة عليها ثقافة واخلاقيات من نوع خاص فكانت الأنتهازية اكثر من الشعوب تفننآ فى السياسة اضافة الى شهرتها المميزة العامة بصفات الأحتيال والتلون والقدرة على استغلال الحدث وسرعة تبديل اساليب الممارسة بما يتناسب وتصاعد مستوى وعي الناس حتى وان تناقضت تلك الممارسات مع اصل النصوص المدونة فى الكتب الدينية ، فنصوص الأفكار الدينية المدونة على سبيل المثال تدعو الى الأممية والأعتراف بالآخر (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ، وخير الناس من نفع الناس الخ ) بينما تدعوا الأنتهازية الدينية بكل وقاحة الى المغالاة بالفردية والقومية والعرقية والوطنية من دون التطرق الى ذكر الأنسانية وذلك بقصد التركيز على احياء النعرات السلفية المبررة والمساندة لوجودها وعلمها بان تلك النعرات لا يمكن احياءها لكونها قد ماتت منذ زمن ليس بالقصير . وحول ضرر المغالاة بالعرقية واخواتها على مصالح الناس ووحدتهم ينبغي تذكير المناضلين الأكراد فى شمال العراق وغيرهم من اصحاب شعار التغييران كانوا صادقين وقادرين على تطبيق شعاراتهم ومصممين فعلآ على النجاح فى خلق عراق ديمقراطي مؤسساتي وقيادته (العراق) من اقصاه الى اقصاه من دون اللجؤ الى تقسيمه (العراق) الى اقاليم ، فيكفيهم السير علي طريق ترسيخ النهج الديمقراطي المتدرج المراحل وترسيخ المنهج العلمي بفصل الدين عن السياسة وعدم فسح المجال للأنتهازية الدينية والقومية العرقية والوطنية المغالية بالمشعوذة الديماغوغية بنشر افكار ميتة مفرقة للصفوف باي حال من الأحوال وعزل تلك الأفكار وتحييدها وفضح مخططاتها النفعية المدمرة . ان الأنتهازية الدينية تسعى جاهدة ومتوحدة مع انظمة اخرى لا شرعية للوقوف امام المد العلمي للشعوب والحد من اثره فى الوعي الأنساني الجديد والتغيير النوعي وذلك بترسيخ مفاهيم قديمة مضللة مثل [ لا تفكر لها مدبر ، ضع شكوكك فى رأس عالم واخرج منها سالم الخ من الشعوذات الضارة] والهادفة الى تجميد المخيخ الأنساني وتحنيطه وقتل محفزات تفاعله المنتج مع عملية التطور . ان زيف وحدة أنظمة العالم الثالث المفتعلة و جرائمها تتجلى فى المحافظة على الفكر الديني فى بلدانها قويآ وفاعلآ فى تجميد العقول وسلب الأرادات وذلك باحتضان الوعاظ الأكثر حذلقة وشعوذة ورواجآ وتأثيرأ فى عواطف البسطاء حتى وان اساء بعض هؤلاء الوعاظ التعامل الأخلاقي مع الآخرين وخرج عن طريق اللياقة المعتادة السائدة ،والا كيف يفسر بقاء حزب الأخوان المسلمين فى مصر مع عفونة اعماله وبقاء القاعدة فى اليمن والسعودية مع اجرامها وبقاء ما يسمى بالدكتور الكبيسي محاضرآ وواعظآ فى فضائية ابو ظبي وهو شاهرآ حذلقته ونازلآ على الأديان الأخرى بأقذر الكلمات واحطها سفالة اخلاقية وتخلفآ. اما تجار المواكب الحسينية فى العراق فحدث ولا حرج فقد بزوا غيرهم بالمتاجرة بالمعتقدات واللعب بعواطف السذج وتألقهم فى توفير الأصوات الغنائية والألحان والأيقاعات الموسيقية الصوفية المؤثرة والدافعة الى فقدان الوعي الموضوعي فى قناعات السذج من الناس واستغلالهم كالبهائم المفخخة فلا يشعرون بقيمة الأنسان ولايبالون بأذية الجسم وتطبيره وسلب ارادته لقاء ما تقدمه الأنتهازية الدينية من كرم باذخ فى شهر العسل العاشوري المبارك لهم ولأمثالهم من المحرومين وتوفير السياحة المجانية والمنام والطعام واتاحة الفرصة للأعداد الهائلة من مساجين النساء والأطفال والشباب للأنطلاق بلا قيود وشم نسيم الحرية فى الهواء الطلق بافضل مما عجز عن تقديمه لهم سياسيوا الدولة القائمة من وعود كاذبة حرمتهم لذة الماء والكهرباء والديمقراطية واكرمتهم بالمفخخات المدمرة للحرث والنسل !!. ولكن ومع كل الذي جرى وما زال يجري فقد وعى الشعب العراقي ووعت شعوب العالم الثالث قاطبة ان لا خلاص لها من هذه الحال الفاسدة الا بوحدتها الفولاذية القادرة على جعلها تهب متكاتفة الصفوف للنضال الجرئ والمبرمج من اجل انتزاع المبادرة وتدمير الهالات الفردية التي صنعتها اللأنتهازية الدينية بأشكالها وبألوانها واكاذيبها وشعوذتها وتقطع عن ملايين الكسالى غير المنتجة من [القساوسة والرهبان والمعممين ] الأمتيازات الهائلة المسروقة من اموال الشعوب وتعيد تلك الأموال المنهوبة والعقارات الضخمة والجامعات الوهمية للحوزة الدينية وغيرها الى خزينة الدولة الديمقراطية وتسيطر بفعل القانون على ما يسمى بالوقف الديني السني والشيعي وخزائن الخمس والزكاة وتساعد اللأيدي النظيفة على ادارتها وتضع حد لهدر أموال الشعب المسروقة والمصروفة على مشاريع دينية مختلقة وغير منتجة وخارجة عن سيطرة الدولة ومناهجها وتخطيطها وتحويل صرفها الى مشاريع حقيقية نافعة لعامة الناس من علماء وباحثين يجوبون البحار والجبال والغابات والصحراء ويتعرضون بسبب ابحاثهم الى المخاطر الجمة والى الجوع والعطش والأمراض من اجل سعادة الأنسان وحماية البيئة وما عليها من أحياء ومن اجل ديمومة الحياة وتطورها فالعلماء الحقيقيون هم المكتشفون والمنتجون للطيبات فحسب ولا احد غيرهم . لقد جرت ديماغوغية الأنتهازية الدينية على الشعوب الويلات ،فبسببها اختلطت الحقيقة بالوهم واختلطت العلوم بالشعوذة واختلط الحق بالباطل واختلطت الأنسانية بالذاتية واختلط النضال بتضحياته واثرته بالأنتهازية وذاتيتها الأجرامية وخيم على المخلصين كابوس الفشل والأحباط واليأس القاتل وانفقدت من القواميس مفردات جميلة وجليلة فى الأثرة والصدق والحب والأمانة والشعور بالمسئولية . ولكن برغم كل ما حققته الأنتهازية الدينية وحليفتها الرأسمالية من غنائم حرب وسرقة ثروات فان مناضلي العالم واحراره لا يراودهم شك فى ان محصلة الكفاح الأنساني ونتائجه ستكون لنجاح الوعي التراكمي الهائل الذي سيؤدي الى التغيير النوعي (سلميآ) على النطاق العالمي والأقليمي والمحلي وسيقطع على الأنتهازية الدينية والرأسمالية طريق العودة مرة ثانية الى شعوذاتها واحتيالها والى الأبد فهذه المرة سيكون تمرد الشعوب باسلآ وجريئآ وواعيآ وحاسمآ ومفتوحآ ومستدامآ وبلا حدود آيديولوجية معيقة.


يتبع
 

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (4)
¤ لماذا تخلف العربان ؟ (3)

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (2)

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (1)

 


 

free web counter