| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

الجمعة 12/2/ 2010



لماذا تخلف العربان ؟
(3)

د. ناجي نهر

3 - اللغة ودورها واهميتها فى صنع الحضارة : - وكما يقال "اللغة تلد الحضارة" فلا يمكن وصف الحضارة او التعبير عنها الا من خلال اللغة فكلما كانت اللغة رصينة وغنية بالمفردات كلما كان الوصف دقيقآ وشفافآ ووافيآ بالغرض ،فاللغة أي لغة تتأثر بالحضارة السائدة وإنجازاتها وآلياتها،حيث تقوم اللغة بعكس الواقع الحضاري السائد في المجتمع وتوصل حضارته بالحضارات الأخرى وتعد اللغة من اهم مقومات الحضارة والتأثير فيها والتأثربها وبأنماطها التعبيرية وقدراتها الإبداعية التي اكتسبتها عبر تاريخها الطويل، ومن الميسور التدليل على تأثير اللغة بالحضارة اوبالعكس والإتيان بشواهد كثيرة تعززذلك ، فمثلاً اللغة العربية تمتلئ بالألفاظ التي تصف الصحراء وحيواناتها ومظاهر الحياة فيها، وتصف البحرواهواله وتأثيره الواضحً في خلق مفردات جديدة فى اللغة ،و قد خاض الفلاسفة وعلماء اللغة المحدثون حوارات وكتابات عن تأثير اللغة بالحضارة وعن ما سُمِّي بعلاقة الفكر باللغة، ووجدوا تأثيراً خفيًّا للغة في طريقة تفكير الناس وتصوراتهم عن الكون والحياة، برغم أن اللغة هي في المحل الأخير من ابتداعهم وكانت إحدى المؤشرات المهمة التي تضع اللغة العربية في مأزق؛ كونها تعيش اليوم في ظل حضارة هي ليست من صنع أبنائها، حضارة شكلت لنفسها نظاماً فكريًّا، وتصورات عقائدية عن الكون مخالفاً في كثير من نواحيه عن النظام الفكري الذي عاشت في ظله اللغة العربية خلال ترعرعها الأبداعي البسيط المستوحى من حلو الصحراء ومن مرها ، بخلاف حضارة الشعوب الأخرى التي ابتدعت علوماً ومناهج للبحث العلمي وتقنيات لم تألفها الحضارة العربية من قبل، وأنجزت منتجات مهمة غيرت من آيديولوجيتها وعاداتها وتقاليدها القديمة بشكل كامل .

ولذا لم يكن نسبة تأثير اللغة العربية بالحضارة عاليآ بالأضافة الى انها لا تحوي مفردات كافية وجاهزة تختصر الوصف وتقربه إلى الأذهان ولقد كان مأمولاً منذ قرنين أن تُعالج الكثير من التناقضات التي تتسم بها العلاقة بين حضارة العرب وحضارة أوروبا وامم اخرى وأن تستطيع اللغة العربية تبعاً لذلك أن تواكب العصر، لكن هذه التناقضات للأسف تزداد حدة دون نتائج مؤثرة ،وتدل على أن العرب فشلوا فى التدهور اللغوي في كل المجالات، ويزداد هذا الفشل حدة عامًا بعد الآخر، حيث تزحف العامية لتحتل مساحات لغوية متباينة الأيقاعات والألفاظ والمعاني المربكة في وسائل الإعلام المختلفة من دون ان يفعل العرب شيئًا له قيمة من أجل وقف هذا التدهو.

كما ان اللغة العربية كما هو معلوم هي إحدى اللغات السامية التي تضم البابلية و الآشورية والعبرانية و الفينيقية و الآرامية وقد اندثرت تلك اللغات ما عدا العربية والعبرية بالأضافة الى ذلك فاللغة العربية تتعرض بأستمرار للتحوير والتغيير بسبب عومل الاختلاط والهجرة وميل الإنسان الطبيعي للتلاعب فى اللغة ، وتعد نقطة الضعف المأثرة سلبآ فى اللغة العربية ناجمة عن اختلاف اللهجات العربيه نتيجة اختلاف اماكن تواجد العرب فمثلا الذين يعيشون على سواحل البحار لهم احتكاك كبير ببعض الاجانب الذين يتحدثون لغات اخرى فيكتسبون منهم بعض الكلمات الاجنبيه التى تتحول بعد ذلك الى العربيه وتدخل فى اللغه العربيه على انها عربيه. كما ان مشكلة اختلاف اللهجات العربيه اصبحت مشكلة معقدة جدآ بحيث اضحى العربي لا يفهم كلام العربي آلآخر عندما يتكلم ويفضل لو انه يتفاهم مع آخر غير عربي يتكلم لغة اخرى كالأنكليزية وغيرها فلربما يفهم منه اكثر من المتكلم بلهجة عامية عربية من غير بلده ،كما ان المشكلة لم تبقى منحصرة فقط باختلاف اللهجات العربيه بل وبالحروف اللي انقلبت عند المصريين ودول الخليج والأفارقة ث = س ، ج = ق ، ق = ء ، ق = ء ، ك = تس ، ش= ج الخ.
وقد حاول جمال الدين الأفغاني أن يوجد نوعاً من العلاقة الجدلية المفهومة عند العرب فيما بين اللغة ودورها واهميتها فى صنع الحضارة ولكنه فشل بسبب الصدام الذي كان محتدماً على أشده بين المنادين بالرابطة الاسلامية والمنادين بالرابطة القومية العربية والتفاضل بينهما،وثانيآ بفعل هيمنة الأنظمة الأبوية الوراثية التي تروج لثقافة (لاتفكر لها مدبر) بمعنى ان هذه الأنظمة لا ترغب بتغييرمنهجية ومبادئ السلف السائدة لمعرفتها بان هذا التغيير سيكون بمثابة طلقة الرحمة فى رأسها والعامل الأساس فى زاوال أنظمتها.

4 - شكل النظام
شعار عصرنا [نعم للحرية لا للقيود نعم للديمقراطية والدولة المؤسساتية]
واظن ان ذلك الشعار يحتاج الى وقفة جادة والى رؤية عميقة من العرب وغيرهم من المتخلفين حضاريآ تقرأ كل التاريخ المسكوت عنه والمقموع في ثقافة العربان السائدة قديمآ وحديثآ، فالعربان فرسان الوغى فى الأدعاء وسوف لم ولن يتخلى حكامهم عن ثقافة الأجداد والتمسك بالنظام الدكتاتوري الفردي الوراثي حتى القبض عليهم ورميهم فى مزبلة التاريخ المعروفة ،فهيهات ان تتقبل عقولهم الجامدة انظمة ديمقراطية معاصرة ، برغم اتساع رقعة ثقافة التنوير المؤسساتية التي بدأت في نهاية القرن الثامن عشر وانتشرت بسرعة وكأ نها اول علامة احتجاج على ثقافة التجهيل والتعتيم التي عاشها العرب منذ عشرات القرون واصبحت فى عاصرنا فاقدة القوة لانتاج النموذج الأنساني المطلوب .

اذن وبأختصار شديد فعملية التغيير تبدأ بالواطن ذاته من خلال اعادة تأهيل كل مكونات الوعي الأنساني في ذاته اولآ ثم فى المصنع والحقل والمدرسة والجامعة وعلاقات العمل ومؤسسات تداول الثقافة وصناعة الفكر والخطاب والاعلام وفي مؤسسات الصناعة والثقافة الزراعية والعشائرية وفي تعميق الدور التنويري لمؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الأنسان وفي تنمية الحوار الجاد مع المؤسسة الدينية في مجال الجوانب التشريعية والفقهية وغيرها بالشكل الذي يرفع من وعي المواطن ويجعله مستعدآ للتغيير نحو النظم والمجتمعات الحديثة . 5 - عوامل اخرى من اهمها ( الواقع التقني) : - يشهد العصر الراهن تطورات هائلة ومتسارعة في العلم والتقنية، أثرت وتؤثر في جميع نواحي الحياة ولاسيما علاقات الدول بعضها ببعض تلك العلاقات التي تشابكت وتعقدت بصوره لم يسبق لها مثيل وأصبح التقدم العلمي والتقني فيها هو الحاسم والأساس فى خلق حضارة متناسبة معه وليس التباهي الفارغ والتعالي الجاهل والمغالاة في اشياء وهمية قومية وعقائدية مفرقة للصفوف .

فلقد تسارعت خطى الثورة العلمية المفتوحة عبر الفضائيات ووسائل الأتصال العملاقة وغيرها وساعد ت الشعوب فى تكوين مجتمع متحضر يتناغم أفراده مع مفاهيم وأفكار ورؤى العصر الحديث ، مجتمع يتصف بالعلوم والمعارف العقلية الأنسانية والمواصفات الذهنية المتألقة التي تؤهل الأنسان على التجاوب مع طفرة العلم والتقنية والأستفادة منها كأداة قوية في انتاج الحضارة وترسيخ قيمها الأنسانية وفى إدارة الصراع مع الآخر فردآ كان ام دولة وفى مواصلة التقدم الحضاري نحو الأرقى فالأرقى وصولآ الى مجتمع فاعل وخلاق خالي من ثقافة العربان المتخلفة .

 

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (2)
¤ لماذا تخلف العربان ؟ (1)

 


 

free web counter