| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

الخميس 28/1/ 2010



لماذا تخلف العربان ؟
(1)

د. ناجي نهر

ثبت علميآ بأن (العمل) ينتج افكار وثقافة متطابقة معه وتختلف الثقافة باختلاف نوعه، فلكل من الشعوب ثقافة تميزها وتتناسب مع عملها سواء كانت صناعية ام زراعية ام بدو رحل ، وكما سنرى فقد كانت ثقافة العربان من اكثر الثققافات تخلفآ كونهم (بدو رحل) ولا عمل حضاري لهم بالمفهوم العلمي للعمل يمكن الأستفادة منه فى عملية تطوير الحياة ،أما عربان اليوم فمع شعورهم بهذا النقصهم وتخلفهم وجهلهم ظلوا يستلهمون التاريخ البعيد في تخيل وازدواجية غريبة خاطئة ظنآ منهم انه النهج الصحيح لمعالجة نقصهم وتخلفهم وجهلهم تمثلت فى تعاليهم على الغير وسرقة حضارته وتجييرها بأسمهم والأدعاء بأن كل حضارات العالم مقتبسة ومستنسخة من حضارتهم المتخيلة .

اما ما يقال ويكتب حول حضارات بابل وسومر واكد وآشورالارامي وحضارة بلاد ما بين النهرين وحضارة الفراعنة فى مصر وغيرها من الحضارات فكانت موجودة قبل ولادة النطفة العروبية المجرمة بأكثر من خمسة آلاف عام ولكن العربان جيروا تلك الحضارات بأسمهم بعد الغزالأسلامي العتيد !! وبهذا الصدد يكتب احد الأقباط من نسل الفراعنة فيقول (اصبحت بعد أحتلال العرب لبلادي مواطن درجة ثانية بالرغم من انها بلادي والعرب احتلوها واصروا علي تسميتها عربية وفرضوا عليها حضارة البدو ولغة المحتل الأسلامي الغازي واصروا علي تسميته فتحآ مبينآ وهو احتلالآ جائرآ أفقدنا كل شئ وكان اشد قبحآ وهوانآ من الأحتلال الأمريكي للعراق ،فالأمريكان لم يفرضوا لغتهم ولم يعاملوا العراقيين موالي ولم ينكحوا نسائهم ويبيعوا سباياهم في سوق الرقيق).. ولكنهم يتساوون معهم بضخامة المذابح التي سببوها للشعوب المحتلة و يتساوون معهم بأدعائهم الكاذب كونهم محررين وليسوا فاتحين بالقوة ومستعمرين وقراصنة فاسدين .

ولقد جر هذا النهج الخاطئ والشاذ على العربان تداعيات مدمرة وتخلفآ اكبر وهوانآ اظلم ، وبسبب من هذا التخلف ظلوا متمسكين لحد التقديس بثقافة الفرد البطل الضرورة ونظامه الأبوي الوراثي كمنقذ وحيد لواقعهم المأساوي ويرسمون له هالة كبيرة متخيلة، وينسجون القصص الخرافية حول قدراته ومعجزاته حتى وان كان البطل من اظلم جلاديهم فاضحوا بذلك الشعب الوحيد على وجه الأرض الذي يقدس قتلته وجلاديه بهذه السذاجة والبلادة وصار تاريخهم يزخر بقصص الخنوع وتحمل المصائب والمهانة .

وبرغم ثقافة العصر الحديث التي لا تفرق قوانينه بين الحاكم وافراد الشعب بالحقوق الخاصة والعامة وتخضع الجميع الى المحاسبة عند خرقهم للقوانين السائدة ،إلا العربان شذوا عن هذا التطور وظلوا متمسكون بعقيدة معصومية حكامهم من كل خطيئة ويدافعون عن حصانتهم من المحاسبة القانونية والأجتماعية وان اهلكوا الحرث والنسل .

ولقد توارث العرب ثقافة الخنوع للحاكم هذه و تعاملوا مع سياسته وطغيانه بأنتهازية مدمرة واستهتار مهادن داعر ومتملق وأستجابوا بتلقائية ساذجة الى فتاوي وعاضه وشعوذاتهم الضارة بتقديم فروض الولاء والطاعة له كالهة.
وفي العصر الحديث وابتداءآ من منتصف القرن العشرين وبسبب من نهج العربان المتخلف تسلطت على مقدرات اغلبية شعوب العالم الثالث انظمة دكتاتورية بعنوانين مختلفة وبأسماء متنوعة اتخذت من شعار عدم الأنحياز وبعث الفكر القومي العروبي ومن ثوريات متهورة وآيديولوجيات متخندقة وراء شعارات قومية ووحدوية وشرف وعدل عرباني بأس بما فيه من فخر بأدب السيف والبيداء تعرفني وثقافة دموية وشعارات أشتراكية رشيدة وحياد أيجابي موهوم ووحدة أفريقية قذافية صفراء وغير خضراء ومما لا يحصى من الشعارات الأستهلاكية المجترة يوميآ والمعادة على وسائل الأعلام بشكل ممل ومستهجن. وبالفعل فقد تم توحد أنظمة العربان فى فترة خمسينات القرن العشرين تحت تلك المسميات الفضفاضة واصبحت نشيدآ وطنيآ وآيات منتقاة من الذكر الحكيم تتلى بكل لسان عروبي بليد وسخرت لمشروعية تلك التحالفات الشاذة وسائل اعلام خاصة منحازة ومأجورة كانت بالأساس معنية بنشر ثقافة التخلف العروبية وافكار عبادة الفرد المتجسدة فى شخصيات ناصرية وصدامية وهندية وتيتوية وغانية الخ بهدف السيطرة على الشارع العربي والأفريقي وترويضه خدمة لمصالح ذاتية وفئوية للتسيد والهيمنة مستغلة فى ذلك ظرف ذاتي وموضوعي مناسب ،ولكنها فشلت برغم كل الأسناد اللوجستي من الدول الكبرى الصديقة وانهزمت تحالفاتها الشاذة شر هزيمة بسبب تداعي المآسي والهزائم والجرائم المفجعة التي خلقها فرسان تلك المرحلة لأنفسهم ولشعوبهم .

وبسبب من تلك التحالفات الأنتهازية الشاذة وعمالتها للأجنبي فرضت على شعوب العالم الثالث بقوة النار والحديد شعارات مبهمة مفبركة وثقافة مغالية بالنعرة القومية الوهمية بضمنها الشعب العراقي الذي وقع مرة اخرى فريسة لثقافة الأجداد المتخلفة وبعثها من جديد على يد سليل العترة الفاسدة الدكتور صدام حسين الذي ابدع فى تطبيقها حيث ما زال شعبنا بئن تحت وطأة تداعياتها الدوغماتية حتى بعد زوال دكتاتوريته المشؤومة.

فبعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 /م تسيد الساحة السياسية بديلآ عن دكتاتورية العوجة غلاة الطائفيين من الذين كانوا معارضين بالأمس للدكتاتورية لكنهم اغرموا فى حب السيادة ولم يستطيعوا مقاومة مفاسدها بعد ان ذاقوا طعمها وخيراتها ودفاترها الدولارية المليونية ،فتسببوا بازدياد الفقير فقرآ وظلمآ وجوعآ وتخلفآ وازداد الفكر العروبي عزوفآ عن الواقع وتخلفآ عن المنهجية فى مختلف ممارساته فلم يتغير فى هذا التحول الدموي من شئ سوى جلود واشكال الحكام ومنهجيات تعصبهم الآثني والطائفي الأكثرفسادآ وتخلفآ ، والأكثر اصرارآ على اعتماد النهج الطائفي والقومي الشوفيني هو الملاذ الحاسم والأساسي القادرعلى المحافظة على غنائمهم والترويج المهيج للعواطف الأنتقامية ليس من الطغاة الملطخة ايديهم بدم الشعب وحسب، بل ولكل المعارضين لطريق الباطل.

وكرد فعل انساني مشروع على تداعيات هذا الواقع اخذ كفاح العلمانيون العراقيون الدؤوب يتسارع بخطى ثابتة من اجل التغيير السليم نحوالرفاه والتقدم بمحورين الأول من اجل استغاثة وانقاذ المضطهدين من الظلم والشعوذة واسناد الشارع المتمرد على النهج المتخلف وتعميقه وترسيخه فى عقول اعداد اخرى بأمكانها حسم المعركة لصالح الشعب والثاني الأهتمام بقراءة وتحليل الواقع المتغير فى كل لحظة و تشخيص اسبابه العلمية والجماهيرية وشرحها للجماهير الغفيرة المنتظرة ووصف العلاج الشافي والسريع الذي يتلخص برفع الوعي الجماهيري من ثم الأعتماد على الأنسان الواعي الذي سيصبح وحده قائد التغيير الجديد المطلوب لبناء الدولة العصرية المحمية بدستور انساني خالي من الضبابية وواضح فى تعريف معنى الدولة الحديثة ومفاهيم الديمقراطية والفيدرالية والمؤسساتية ومنظمات المجتمع المدني و الرأي والرأي الآخر ومسند بسن قوانين تشريعية تفصيلية جريئة تسهل مهمة تطبيقة بدءآ بقانون فصل الدين عن الدولة وقوانين حماية الفرد وحقوقه وحرياته ومساواة المرأة بالرجل وقوانين معالجة الخلاف بالحوار فقط وتحريم العنف و تطبيق قوانين الديمقراطية بلا فيدرالية مربكة عصية على التطبيق فى ظل حكم الأغوات والأقطاعيين والبرجوازيين سواء كانو أكرادآ ام تركمانآ وعرب مغامرين بحقوق شعوبهم من اجل المكاسب الخاصة شأنهم فى ذلك شأن كل المتسلطين. ان الديمقراطية الحديثة المنبثقة من حكم الأكثرية والمفعلة لمنظمات المجتمع المدني وقانون الأنتخاب وتنظيم الأحزاب والجمعيات وكافة التنظيمات الجماهيرية الأخرى كفيلة بحل كافة التناقضات المعقدة الناتجة عن حركة المجتمع التطورية. و لا بد للمناضلين فى هذا الوقت المعقد من شحذ همم الأكثرية المظلومة والمحبطة من الذين تزعزعت ثقتهم بالسياسة والسياسين القدامى والمعاصرين جراء اكاذيبهم وتلاعبهم بحقوق الشعب ومقدراته واسباب عيشه وتحايلهم (المتعمد) على تشويه تطبيق مبادئ الديمقراطية وتخلفهم عن المباشرة فى بناء الدولة الحديثة على اسس علمية بالأستفادة من تجارب الشعوب الناجحة التي خبروها وتلمسوها حينما كان اغلبهم يعشون فيها لسنوات و كانوا يتوعدون الأعداء والأصدقاء بتحقيقها فى بلدانهم عندما يستلمون السلطة فيها لكن حلاوة السلطة ومغانمها قد انستهم وكشفت بطلان وعودهم . ويستحسن فى هذا الوقت المعقد التأكيد على تذكير الأكثرية المظلومة والمحبطة بضرورة مواصلة النضال بتمرد وعناد واعي بأتجاه المطالبة المستدامة بترسيخ ثقافة المجتمع المدني المؤسساتي الواعدة والقاضية بتقليص نفوذ الدولة والمظاهر العشائرية والطائفية وتعزيز مكانة الأنسان المنتج وهيبة العدل والعلم ومحاربة الشعوذة والفساد والآفات الأجتماعية المتوارثة وتحقيق مكاسب وحقوق الشعب المشروعة اسوة بشعوب العالم المتحضر . كما وينبغي فى هذا لوقت المعقد التأكيد على الأعتراف بان الساسة والنظام الحالي المفكك والمبني على ثقافة المحاصصة والتوافقات المصلحية الأنتهازية (غير مؤهل) للتغيير والتقدم النوعي بل ويسود القلق الشديد من تحذيرات جدية مؤشرة على لوحة حركة الواقع العراقي المنظورة تنبأ بشر مستطير من العنف والأقتال ،مما يتطلب التأكيد على استمرارية الكفاح المكثف والمبرمج بعناية علمية متميزة للمطالبة بالحقوق والتغيير الأيجابي مطالبة حامية وفعالة لا هوادة فيها وتصعيد هذه المطالبة كلما كان ذلك ضروريآ وتفعيلها بالوسائل المشروعة والأعلام المنحاز للفقراء ، وادامة هذه المطالبة وتفعيلها سيبقى ضروريآ لكونها المصدر والمصنع الوحيد لأنتاج تراكمات كمية متلاحقة تبقي شعلة وهاجة لأنارة درب الكفاح العظيم بأتجاه التغيير النوعي المنشود المقترن بالأستقرارالديمقراطي والنزاهة والعدل والمساواة .
 

 


 

free web counter