| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

                                                                                      الثلاثاء 19/7/ 2011

                                                 

الحد الفاصل بين العلم والمثال
(5)

د. ناجي نهر

هل اختلف الباحثون فى تعريف مفهوم العلمانية ، وما هو اثرها على ثورات الشياب المعاصرة ؟ تعد العلمانية صفة الذين يهتدون بالعلم فكرآ وممارسة ، ولذلك كانت وستبقى مدرسة واحدة فقط ، تنتج العلم بجميع اختصاصاته وليست مدارس واجتهادات طوباوية مختلفة كما فى حالة الفكرالمثالي المربكة بسبب تعدد مدارسه واجتهاداته ومنابع فكره المتناقض على كافة الأصعدة. ان العلمانية ، مدرسة واحدة ، ولا توجد علمانيات ولبراليات متعددة ومتنوعة كما يصور ذلك اعداء الوعي العلمي بهدف تشويه الوعي المنتج واضعاف نضال الشعوب وعرقلة تحقيق مطالبها بالحرية والتجديد والحداثة ، ومن يقول بتعدد مدارس العلمانية وتنوع تعريفها فهو على خطأ فادح ومتعمد ، القصد منه اضعاف مكانة الأنسان صانع العلم وملهمه. بيد انه وبرغم وضوح تعريف مفهوم العلمانية ما زال البعض من الباحثين يختزلون مفهوم العلمانية بفصل الدين عن الدولة تارة والبعض الآخر بالحداثة والتغيير والديمقراطية تارة اخرى ، او بمفهوم المساواتية او بمفهوم اللبرالية والتجديد ، وهو لا شك خلل علمي ينبغي ان لا يدفعنا بأي حال من الأحوال الى اقتصار تفسير مفهوم العلمانية على مجرد القناعة بممارسة اي من هذه المصطلحات لوحده ، بسبب ان هذا المعنى إن ظل احادي الجانب ومن دون دراسة معمقة وتفصيل جامع لأفكار العصر وقياس اثر وتفاعل الجزء بالكل وبالعكس ، واستنباط نسبة العلاقة فيما بين الظواهر المختلفة واثرها على حركة التطور العامة والخاصة ، فانه سيظل نقطة باهتة لا تحقق رؤية متكاملة عن جوهر الأفكار ولا عن اثرها الفاعل قى مستقبل الإنسانية ، وسيؤدي فى التطبيق الى الأرباك والفشل وتدمير برامج التنمية المستدامة التي يعتمد نجاحها على الأستفادة من مجمل تقنيات العصر ومختلف التجارب الأنسانية الناجحة. كما سيؤدي اختزال مفهوم العلمانية المبتسر بالأضافة الى الأضرار والتداعيات السابقة الى ابعاد المختصين بتطور المجتمعات عن الحسابات العلمية فى تحديد العلاقة الأجتماعية المتفاعله بين مكونات المجتمع واثرها السلبي على وحدة تلك المجتمعات وعملها التطوري المشترك من جهة ، وعلى نسيان حساب اثر الحرية والتعددية الفكرية والديمقراطية على الواقع الأجتماعي والسياسي الديمقراطي والأقتصادي المبرمج من جهة اخرى ، بالأضافة الى االتأثير السلبي على حقوق المواطنين على اختلاف عقائدهم واجناسهم. بمعني آخر ان بقاء مفهوم العلمانية غير ذي صلة متلازمة بالعلم وبحقوق الآخر سيؤدي الى تداعيات مدمرة ، لا متسع فيها لتحميل العلمانية المبرمجة تبعية مظاهر التخلف والفساد المستشري فى مجتمعات وانظمة العالم الثالث وحقيقة عجزها عن التغيير المجتمعي المطلوب للتطور الأفضل وصيانة الإنسان والطبيعة من الأخطار المختلفة. ومن اجل التصحيح وتجنب الوقوع فى المحذور كان السياسي المخلص الذي يشعر بمسئولية العمل امام المجتمع منتبهآ على الدوام الى محاولات الرأسمالية وديدنها الأول والأخير بنزع الكثير من صمامات الأمان عن العلمانية ، بخاصة تلك الصمامات الخالية من الأستغلال والأجرام والفساد وقهر الأنسان ، وكل ما يعيق العمل الهادف الى ترسيخ الديمقراطية والحقوق المدنية الخاصة والعامة. ومن هنا كان لزامآ على مجتمعات العالم الثالث اذا ما ارادت اللحاق بركب الحضارة المعاصرة ، الأستفادة من تجارب الدول الغربية وممارساتها العلمانية الناجحة في دول مثل هولندا والسويد والدانمارك وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها ، التي ساعد انفصال الدين عن السياسة فيها على تعزيز مفاهيم الديمقراطية والحرية والأنسانية ، بل وساعد بشكل سريع وميسر على إزاحة 9/10 العقبات التي كانت تعترض مسارالتقدم العلمي والحداثة ، وساعد الديمقراطيين على هضم واستيعاب مفهوم الأعتراف بالآخر والتخلص من عقد التعالي والحقد على الرأي المعارض ، والى ترسيخ المثل الأنسانية فى التعامل الأسري ومكونات المجتمع، كما ساعد على ازاحة أية حساسيات وتأثيرات سلبية بين القوى السياسية في البلد الواحد ، وكذلك ساعد على نشر الأفكار العلمانية ومبادئ الشفافية والمساواتية ، وجنب الوحدة الوطنية من الأنهيار والعلاقات السياسية الكثير من مظاهر الفساد والسرقة والخداع والزيف والكذب ، ونجح بحل الانقسامات الدينية والعرقية داخل البلد الواحد. وبذلك فلقد يسرت العلمانية لحركة العقل الإبداعي ومن دون اية تداعيات قدرة تفكيك العقد الناجمة عن التمسك المغالي فى العقائد القديمة والعصبيات الطائفية والمذهبية ، اسوة بما فعله فلاسفة التنوير في أوروبا قبل اكثر من ثلاثة قرون خلت. فلقد واصلت المبادئ العلمانية بين الأفكار الإنسانية والأفكار الديمقراطية وابعدت شرر وتداعيات استخدام القوة والانقلابات العسكرية وفرضت إجراءات سياسية معينة للتأثيرعلى العقل الشعبي وتوعيته بما يخدم عملية التطور السلمي الضامن لتحقيق مستقبل سعيد. واخيرآ لا بد من القول بأن العلمانية كالديمقراطية ليست وصفة جاهزة يجترها المجترون الأنتهازيون بلا تطبيق ملموس، بل ان الديمقراطية هي نموذج لسلوكيات وتطبيقات متداخلة فى العمل الثقافي والاجتماعي والسياسي بعيد كل البعد عن التسويق المزيف ، وقريبة كل القرب من الممارسة الحرة الجريئة المنتجة للنخب المثقفة بالعلم والقادرة على تشخيص امراض المجتمع ، ومعالجة اسباب تخلفه. وسيتجسد مستقبل العلمانية فى تصحيح الممارسة الحرة الجريئة للنخب المثقفة بالعلم ، وكذلك تصحيح المصطلحات والمقولات التي طالما اجترها المفكرون المثاليون اجترارا خاطئآ كتلك التي تقول بان كل العلوم والمعارف نازلة من السماء ، بالوقت الذي لا يوجد سماء بالمفهوم المتصور من المثاليين ، بل هو كما حدده العلم عنصر الأثير الناتج عن اختلاط الهواء بذرات الغبار ، وفى كل الأحوال فالناس عبر تاريخهم الطويل لم يروا شيئآ نازلآ من ذلكم السماء المتصور ، بل العكس هو الصحيح حيث استطاع الأنسان من ارسال نتاج علومه من الأرض الى تلك السماء المتصورة ، متجسدآ فى قدرته الأنسان على جعل الحديد والجماد يطير سابحآ فى الفضاء ، وما (نايسا) واخواتها الا التوثيق الدامغ على ذلك. غير ان التصور الميتافيزيقي المثالي يصور للناس بشكل انتهازي ومقصود بان السماء شيئآ مخيفآ ومرعبآ وقادرآ على كل شئ وهو يمتلك كل حاجات الناس الروحية والمادية بقدرته الألاهية التي لا يغمض جفنها وعلمها عن ما جرى وما هو جاري و ما سيجري فى الكون وعلى الأرض ، وهذا بطبيعة الحال هو تصور خيالي غير موثق ومشابه لما جاءت به الأساطير القديمة شكلآ ومضمونآ، وهو بالتالي تشبيه يبتعد عن عمد عن المعنى اللغوي الحقيقي لمفردة السماء التي تعني ببساطة كل شئ ارتفع فوق قمة رأس الأنسان ، كتسميتنا سقف الحجرة التي نسكنها بالسمائية ، او كتسميتنا المقام السامي والمقصود هو الأشارة الى كرسي السلطان ومنبر الخطيب الديني المرتفع فوق رؤوس الناس بشكل متجبر لاشعارهم بانهم اقل شأنآ ومكانة من اصحاب السمو والسلطة. بل والأكثر من ذلك فان الفكر المثالي الميتافيزيقي حتى فى وصفه للحقيقة المطلقة الموجودة فى السماء والتي يعدها قائد الكون ومحركه وبيدها الملك واليها ترجع الأمور ، فهو يخطآ فى وصفها بأوصاف غير معقولة ترهيبية وترغيبية متناقضة ومبهمة من طراز الدوغما المربكة حتى لمفكري وصانعي الفكر المثالي انفسهم ، فتراهم يعجزون عن اعطاء الأجابة الشافية عما يعتقدون ، لأن افكارهم لا تتعدى سوى ان تكون اوهامآ من نسج الخيال وحسب. ان صناع الفكر المثالي فى مجتمعات العالم الثالث يختلفون عن مفكري التنوير الغربيين في القرن السابع عشر الذين الموا بكافة العلوم قديمها وحديثها ، ونجحوا فى اعتمادهم على الشك ثم الحوار السلمي لأيجاد حقيقة ما شكوا به وتحاوروا على معرفة حقيقته ،بينما فشل مفكروا النهظة العربية والأسلاموية فى ذلك ، بسبب ابتعادهم عن التواضع العلمي وتعاليهم على الآخر ، وعن الحوار الموضوعي ومغالتهم فى اى صحة افكارهم ، وفرضها بالقوة والعنف الدامي ، لذلك فشلوا كما فشلت كل الآيديولوجيات الشمولية عبرالتاريخ. لذلك يطالب العلمانيون بالحاح دائم بضرورة التوعية العلمية المجتمعية الشاملة لتهيأة ارضية الحداثة والتجديد ، وبضرورة التوعية العلمية المركزة ، واستخدام كل وسائل الأتصال القديمة والحديثة لنقل معلومة التوعية العلمية لمجتمعات العالم الثالث المتخلفة ، وتسليحها باساليب الحوار الناجح ضد افكار وتصورات المثاليين السفسطائية المخادعة ودحرها والأنتصار عليها وتخليص الناس منها لكونها جامدة وآمرية ومحددة للحريات ، وعاجزة عن تلبية الحاجات الروحية السعيدة. اما بخصوص الأجابة على الشق الثاني من السؤآل : بماذا تتميز ثورات الشباب عن غيرها من الثورات القديمة وما هو اثر الثقافة العلمية فى تحديد اثرها ومسارها اللاحق على مجتمعات العالم الثالث ؟ فجوابه لا ينفصل البتة عن حاجة مجتمعات العالم الثالث بخاصة الى ثورة توعية ثقافية علمية جريئة ترتكز دعائمها على معطيات العلم ومجمل الأرث الأنساني والحضاري وتجاربه الناجحة ، وياحبذا لو كان بمقدور الشباب ان يستبقوا ثورتهم بثورة توعية ثقافية علمية تحافظ على ديناميكية الثورة فى تحقيق حاجات الناس و تحافظ على بريقها وازدياد عنفوانها وزخمها التصاعدي متواكبآ مع مسيرة التطور وصيانة المكاسب الثورية من جهة ، ولكي تحضى هذه الثورات بالمؤآزرة الشاملة والمسئولة من مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الأنسان عالميآ ومحليآ من جهة اخرى. اما ما تتميز به ثورات الشباب المعاصرة عن غيرها من الثورات القديمة؟ فهو بتصوري كالتالي:-

1 - ان هذه الثورات انما جاءت تعبير عن رغبة جماهيرية عارمة وصادقة في التغيير نحو الاستقلال الحقيقي والديمقراطي وتصميم المظلومين على شم نسيم الحرية المفعم بالعيش الحر الكريم والمستقبل الأفضل ، فهذه الثورات لا تنتمي لفكر طبقي او عرقي بحد ذاته ، بل توحدت فصائلها بحرية كاملة وبعيدة عن الرقابة القاهرة ، وفرها جهاز الحاسوب الأنترنتي بكل جدارة تحت شعار الحرية والتغيير الديمقراطي وبناء الدولة المؤوسساتية الحديثة.

2 - واذا ما كان العلم هاديا ومرشدا لثورات الشباب الواعدة الزاحفة ، فسيكون النجاح حليفها الأمين بلا منغصات اوتضحيات غير مبررة ، لأن العلم وهمة الشباب كفيلان بابعاد الثورة عن المخاضات العسيرة مهما كانت حدتها ، وحينئذ سيصبح منتقدوا التحليل العلمي لمسار الثورة الشبابية المعاصرة على خطأ جسيم عندما يلجأون الى العنف وتزيف الحقائق بالتصورات المبتسرة وغير الموثقة فى تفسير مفهوم مصطلح الأكثرية والأقلية ، والمصطلحات الحديثة الأخرى التي تؤكد احقية الشباب فى قيادة مجتمعاتهم الحديثة.

3 – لقد بينت هذه الثورات ان الأعلام التواصلي الحديث اضحى هو الذي يقود السياسة وليس العكس ، وبذلك ستخرس كل الأفواه التي تضعف من اهمية هذه الثورات وتقف عن قصد اناني بوجه قوانين تطور الحياة العلمية.

4 - ان الجديد فى ثورات الشباب هو (سلميتها) وجماهيريتها وثقافتها الجديدة التي تعترف بالآخر قولآ وممارسة ، وتساوي بين الناس فى الحقوق والواجبات.

5 - لقد استطاعت ثورات الشباب من تحويل المنبر القديم الذي كان يدعو للسلطان المستبد بالصحة والجاه وطول العمر بكرة وعشيا ، ويحث العامة الى طاعته لكونها من طاعة الله، حولته الى منبر ثقافي علمي حداثي تصحيحي لتوعية العامة بكيفية الدفاع عن مكتسبات ثورتهم وتطويرها قدمآ.

6 - ان هذه الثورات لا يمكن اختراقها من الرأسمالية وصنيعتها الأنتهازية الدينية ، وقد فشلت محاولاتهم المتكررة ، بسبب أن هذه الثورات محصنة بوعي شبابي علمي استطاع ان يستقطب كافة مكونات المجتمع ويزجها طواعية للدفاع عن مكتسباتها ، وبحسابات رياضية لا تخطأ.

7 - ان الجديد فى ثورات الشباب هو عنصر المفاجئة للأنظمة المستبدة ، حيث تم تفجيرها بلا مقدمات و بلا اعلام وافكار وبرامج وطنية او قومية وعقائدية مسبقة ، فكانت قياداتها جمعية ، تعاونت فيما بينها وانتفت فيها الحاجة الى قيادات فردية نمطية استهلك دورها القديم بتطور الزمن الديمقراطي الحديث.

8 – ان مجتمعات العالم الثالث التي تنسمت عبير الوعي العلمي باتت تدرك ان هذه الثورات ستأتي اكلها بالتدريج ، فهي تقوم بفتح المسالك المؤدية للتغيير امام الجماهير اولآ ، بهدف فتح كل المسالك المؤدية للتطوير تباعآ وبمشاركة جماعية باسلة.

9 - سيكون الحارس الأمين للثورات الشبابية المعاصرة هو الوعي العلمي الجديد المتحرك والمتصاعد مع انجازات الثورة المتدرجة ، فقد ايقضت هذه الثورات الوعي لمجتمعات العالم الثالث من سباته ، ووضعت الباحثين امام سئوآل جديد يتطلب اجابة منصفة يتقدمها الأعتراف بطاقات الشباب المبدعة وقدرتهم على ايجاد مشتركات الكفاح الموحد من اجل القضاء على عار التخلف والأستبداد السياسي والديني والعشائري ، والقضاء التام والى الأبد على عار المجتمع الذكوري النتن واجتثاثه من جذوره ، والعمل الفوري بمساواة المرأة والرجل فى الحقوق والواجبات وعلى مختلف المسارات والأختصاصات.

10 - لقد فضحت الثورات الشبابية المعاصرة الثقافة المشينة للرأسمالية المستغلة وصنيعتها الأنتهازية الدينية وبرهنت على طابعها اللأنساني ، وبذلك اصبحت هذه الثورات اقوي من اي نظام فردي ، حتى وان كان عادلآ.

11 - ومن خلال معطيات وتكتيك حركة الشباب اظهرت هذه الثورات بجلاء ، انها ليست عفوية كما يصورها البعض ، فثوارها قبل ان ينتفضوا ، كانوا قد قرأوا الواقع المتحرك [الذاتي والموضوعي] لبلدانهم وللعالم بدقة متناهية ، من خلال استخدامهم العلم التجريبي فى ارقى اجهزة التطور المعاصرة [ الهاتف النقال والحاسوب والفيس بك وكافة وسائل الأتصال الحديثة] ، فجاءت حساباتهم سليمة ودقيقة ، ومتناسبة مع امكاناتهم الذاتية وسمة العصر الموضوعية ، وسمو وعي الأنسان الجديد ، ومزاياه وخصائصه الأنسانية المفعمة فى الشعور بالمسئولية ، والأعتراف بالآخر والتصميم المشترك على المساهمة الفاعلة فى عملية التطور المستدامة محليآ وعالميآ من اجل خير الأنسانية.

12. لقد حكمت هذه الثورات على القيادة الفردية المتوارثة ، والقائد الضرورة بالأعدام ، وهو ما يعني ايمان الشباب بالقيادة الجماعية والقدرة على تطبيقها بعلمية ومهنية فى مختلف مؤسسات الدولة المدنية وقد تجلى ذلك من خلال شعارات الثورة وتاكيدها على اهمية تطويرالأقتصاد والتوزيع العادل للدخل ومعالجة البطالة ، وايمان الشباب بان العاملين المنتجين لوحدهم ، ما زالوا هم محرك التطور ومشعله نحو التقدم والغد السعيد.

13 - عكست الثورات الشبابية المعاصرة مشاركة قوى اليسار المتميزة بالفعالية والصدق والتضحية الغالية والشعور العالي بالمسئولية الوطنية والأنسانية ، حيث كانت هذه المزايا مختفية ومتشرذمة تحت هول المعانات وشدة الضربات الماحقة التي تلقتها هذه القوى من السلطات الغاشمة والدكتاتوريات المتعاقبة ،والقوى الرجعية العروبوية والأسلاموية المتطرفة التي ما زالت حتى الساعة تنتهج منهجية اسكات صوت العلم بشعارات شوفينية وطوباوية وهمية متخلفة انتهى زمانها منذ امد بعيد.

14 – جاءت ثورة الشباب بمثابة تمرد حضاري جريء لعاملين منتجين شكلوا لوحدهم مشعل التغيير العاصف نحو الأفضل ، وضد الطغاة الكسالى المستعبدين لغيرهم عبر التاريخ ، فلا مكان لمن لا يعمل.

15 - لقد اظهرت ثورة الشباب ، ماهية حكام العالم الثالث ورداءة سلوكهم الأخلاقي بلا استثناء ، وكشفت عن الواجبات الموكلة اليهم ضد شعوبهم ، وفضحت على المكشوف كيف تم اختيارهم ، وكما شاهدهم الناس على كافة وسائل الأعلام كيف كانوا ينفذون اوامر اسيادهم التلفونية وهم صاغرين ، وكيف وقفوا فى قفص الأتهام كالجرذان يستجدون عطف الشعب للمحافظة على قطع رؤوسهم العفنة من الطيران عن ابدانهم بعد فوات الأوان ، فبئسآ لهم ولتاريخهم الملطخ بالرذيلة والدم وبئسآ لوعاظهم.

16 - اظهرت ثورة الشباب ، كيف كشرت الأنتهازية بانواعها ، ومعها السلفية المتخلفة بجميع فصائلها ، وعبرت بصلافة عن استعدادها لخدمة الأسياد مجددآ!! ، لقاء الأبقاء على ما يرمونه لها من فتات. فقد رأيناهم بالأمس يطعنون الثوار خلسة ، ويتفاوضون مع ازلام النظام الساقط واسياده بكل صلافة ، علهم يتمكنوا ثانية من تقاسم حصيلة الثورة ومغانمها وحرمان الثوار البواسل منها ، وهذا ليس بغريب على تجارب المناضلين فديدن الأنتهازية بات معروفآ للقاصي والداني ، فهي كالعاهر اللعوب تبيع دينها ودنياها بثمن بخس من اجل بقاء مصالحها الخاصة خالدة.

17 - ان ما يثير الأعجاب فى ثورة الشباب هو ، تصميمهم القاطع على التخلص والى الأبد من التركة السلفية المتخلفة ، وأنظمتها الوراثية المشينة ، المتكئة على فتاوى وعاظ السلاطين وجحافل الأنتهازية بعامة ، لذلك فقد حسم شباب الثورة كافة الأحتمالات بدقة متناهية ، واستعدوا لكافة الأحتمالات ، بما فيها انهم سوف لا يواجهون ازلام النظام فقط ، بل سيواجهون دسائس أنظمة العالم الثالث برمته وبكل ركائزه ومسانده ووعاظه واعلامه المتحيز ، واستعدوا لذلك اتم الأستعداد.

18 - لقد علمت ثورة الشباب الدنيا طرآ ، ان الشباب هم امل المستقل وقادة الحاضر ، وانهم فعلآ خلقوا لهذا الزمن ، من اجل قيادة عملية تطور الحياة ، على وفق قوانين التطور ومنهجياته العلمية ، وكل بحسب واقعه واختصاصه ، فقد اعلنوا للدنيا كلها بان زمن الشباب ، قد بدأ منذ الآن وهو مختلف عن زمن الملوك وقادة الضرورة الفاسدين.

19 – واذا ما اراد الشباب الثوار قطع الطريق على المشعوذين والأنتهازية بكل جحافلها المدججة بالرذيلة ، وصمموا على اختزال زمن المعاناة لشعوبهم وعلاج مشاكلهم بسرعة ويسر ، فعليهم البدء بأجتثاث اصل الداء من جذوره متمثلآ بفصل الدين عن السياسة وهو اجراء سيحل مباشرة وعلى الفور9/10 المشاكل والمعاناة والعقد المستعصية الحالية والمستقبلية. غير انني مع ثقتي اللا محدودة بقدرة الشباب على قراءة ما بين السطور ، لكن قلبي سيظل خافقآ وجلآ مكررآ تحذيره مرة اخرى من اليقضة والتربص لمكائد الأنتهازية الدينية وشياطينها الملونة المختبئة تحت كل شعرة من لحاهم البائسة ، فحينما تترسخ شعارات الثورة العلمية فى وعي الأكثرية ، حينذاك ستطمئن الناس على ضمان مستقبلها ، فلا أحد بقادر بعدها من ايقاف مسيرتهم وثوراتهم المتلاحقة المنبثقة من تطور العلم والضرورات الأنسانية ، فحينذ ستموت الأنتهازية غير مئسوف عليها وسوف يلعنها الناس بكرة وعشيا على ما تثعلبت وتمكرت وتجبرت وافتت بسفك الدماء. فالف الف تحية عطرة الي كل الشباب الباسل المجدد المنقذ ، والأمل المرتجى للمظلومين ، مع التمنيات الصادقة بالنجاح المطرد لهم وثوراتهم الواعدة والى امام...
 


الحد الفاصل بين العلم والمثال (4)
الحد الفاصل بين العلم والمثال (3)
الحد الفاصل بين العلم والمثال (2)
الحد الفاصل بين العلم والمثال (1)

 

 

free web counter