|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  23 / 01 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

زيارات حزينة إلى مخيمات سكان النزوح القسري بإقليم كردستان العراق
(3)

كاظم حبيب 

زيارة إلى النازحين في جبل سنجار والمقاتلات والمقاتلين في مدينة سنجار

على الساعة السادسة صباحاً تركنا أربيل باتجاه شيخان ووصلنا إليها قبل التاسعة لنغادرها باتجاه جبل سنجار الحصين الذي احتمت به مئات العائلات الإيزيدية ودافع الرجال والنساء ببطولة وجدارة عن عائلاتهم ومنعوا قطعان داعش المسلحة في الوصول على تلك العائلات المحاصرة . وفي الطريق إلى هناك مررنا بدهوك ومن ثم بالمحمودية وربيعة، التي تقترب من الحدود السورية حوالي ثلاث كيلومترات لا غير، وعلى امتداد هذه القرى والمدن شاهدنا الأفعال الإجرامية لعصابات داعش المجرمة، شاهدنا البيوت والأسواق والدكاكين التي فجرها الداعشيون وحولوها إلى ركام بعد أن كانت تزخر بالحيوية والحياة. هجرها من كان فيها أو قتل أو أسر من قبل تلك العصابات. وبعد مرور أكثر من أربع ساعات إضافية قطعناها بالسيارة وصلنا إلى جبل سنجار الأشم حيث امتدت أمامنا بامتداد الجبل خيم النازحين المبعثرة هنا وهناك إلى أن وصلنا إلى المجمع الكبير للخيم الكثيرة التي تضم مئات العائلات النازحة قسراً والهاربة من بطش الأشرار. إن الآلاف من المواطنات والمواطنين الإيزيديين من مختلف الأعمار يعيشون منذ أشهر في هذه المخيمات في حر الصيف وفي برد الشتاء القارس. عشرات الأطفال الأبرياء يهرعون إلى السيارات التي توقفت وهي تحمل بعض المساعدات علَّ فيها ما يقي هؤلاء الأطفال من برد الشتاء ويخفف عنهم الإصابة بأمراض هذه الفصل. التقينا بالمقاتلات والمقاتلين الإيزيديين الشجعان وهم يحملون بنادق الكلاشينكوف على أكتافهم دفاعاً عن سكنة الجبل والمنطقة.

قضينا بعض الوقت مع سكان هذه المخيمات حيث قامت مجموعة من الأنصار الشيوعيين الذين رافقونا في هذه السفرة من أربيل وشيخان بتقديم المساعدات التي جاءوا بها معهم، وهي مهداة من تنظيمات الأنصار خارج الوطن، إلى المسؤولين عن المخيمات. وحالما فتحوا البالات بدأوا بجلب السجل وتوزيعها على العائلات حسب احتياجاتها. وهي عبارة عن مجموعة كبيرة من البطانيات والملابس والأحذية وما يحتاجه سكان المخيمات والأطفال من بعض اللوازم، وهي قطرة ماء على حجر ساخن لا يكفي لسكان هذه المخيمات الذين يعانون وهم في خيمهم البسيطة من قسوة الشتاء. بعدها انطلقنا بسياراتنا صوب قمة الجبل حيث البرج العالي، ومنه انحدرت السيارات صوب مدينة سنجار التي كانت المعارك ما تزال تدور فيها ولعلعة الرصاص يسمع من بعيد.

وصلنا إلى المناطق التي التقينا بجمهرة صغيرة من المناضلين البارتزان الكرد من كردستان تركيا وبالأنصار الشيوعيين والمقاتلين الشباب ا،ی.یچیین من سكان سنجار وتحدثنا معهم وكانت قذائف الهوانات تنطلق في سماء المدينة وكذلك لعلة الرصاص وإطلاق النيران بكثافة شديدة إضافة إلى دور القناصة من القوات المناضلة ضد عصابات القطعان الداعشيين ومن العصابات ذاتها ضد المناضلين في المناطق المحررة ومن فوق السطوح أو المناطق التي ما تزال تحت هيمنة العصابات المجرمة. وفي مناطق أخرى من سنجار وزمار كان القتال بين الپيشمرگة الكردستانية وعصابات داعش حامي الوطيس حيث تسعى تلك العصابات إلى استرداد ما تحرر من قبضتها في المعارك الأخيرة ضدها. إن المدينة التي حرر قسم كبير منها ما تزال محتلة في قسم آخر منها ولهذا فالمعارك لم تتوقف والمقاتلين مصممون على إحراز النصر في هذه المعارك المشرفة وسينتصرون بعزمهم وإرادتهم رغم نقص السلاح المناسب في مثل هذه المعارك.

إن المشكلة البارزة التي تواجه المناضلين تتلخص في قلة السلاح وفی نوعية السلاح، إذ ما تمتلكه عصابات داعش يفوق في النوعية والكمية ما تمتلكه القوات المناضلة ضد جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العراقي التي تمارسها عصابات داعش. بهذه القطعان المتوحشة غنمت كل السلاح والعتاد والمعدات التي كانت بحوزة الجيش والشرطة والأمن العراقية بمعسكرات مدينة ومحافظة نينوى، إضافة لما يصل إليها وباستمرار من تركيا وعبرها من بعض الدول العربية مثل قطر أو منكبار الأغنياء العرب بالدول العربية وبأوروبا من مؤيدي ومساندي هذه العصابات الإجرامية. وكان بجواري مسؤول تنظيم الحزب الشيوعي العراقي في سهل نينوى، الرفيق سالار، الذي أخبرني بفرح إن التنظيم قد استطاع أن يشتري قناصاً جديداً يضعه تحت تصرف المقاتلين الشباب في سنجار.

وحين استفسرت منه قناصاً واحداً فقط، أجاب وهل تعتقد الحصول على قناص واحد سهلا بسبب غلاء سعره ولا نملك المال الكافي لشراء أكثر من واحد، فمدوا يد المساعدة لنا لنشتري أكثر. أخجلني الرفيق جداً، وكان على حق كبير! أردنا الدخول إلى وسط المدينة حيث القتال المحتدم. رفض المقاتلون أن ندخل المدينة حيث المعارك الطاحنة، إذ كانت خشيتهم كبيرة علينا من بنادق القناصة أو من قذيفة هاون تائهةٍ تسقط على رؤوسنا نحن القادمين إليهم لنرفع من معنوياتنا ونستلهم منهم القدرة والشجاعة على قول الكلمة الصادقة في مواجهة القتلة ومن تسبب بكل ذلك بالكلمة الفاعلة والمؤثرة، وهو أضعف الإيمان، إضافة إلى الظلام الذي بدأ يغطي سماء المنطقة. وهي في كل الأحوال لم تكن بعيدة عنا.

تبادلنا القبل مع المقاتلات والمقاتلين ودموع اللقاء تبلل وجوه بعضنا متمنين لهم الانتصار في معركة الحرية والتحرر من عصابات داعش، تركناهم وهم يلوحون لنا وكأن لسان حالهم يقول لا تنسونا فنحن نقاتل عنكم وعنا وعن العراق وكردستان في آن واحد! إنه النداء الموجه إلى كل العراقيات والعراقيين من مختلف القوميات وأتباع الديانات والمذاهب والاتجاهات الفكرية الوطنية بداخل الوطن وخارجه، إنه النداء الذي يطالب بتقديم ما يمكن تقديمه من تبرعات مالية وعينية إلى النازحين قسراً في تلك المناطق التي تدور فيها المعارك، وكذلك توفير السلاح والعتاد للمقاتلات والمقاتلين الشجعان. لكم النصر أيها الأبطال الذين تدافعون عن الإنسان العراقي وعن حياته وكرامته ووطنه.
 


انتهت الحلقة الثالثة وتليها الحلقة الرابعة: ما العمل؟

21/1/2014
 

- زيارات حزينة إلى مخيمات سكان النزوح القسري بإقليم كردستان العراق (2)
- زيارات حزينة إلى مخيمات سكان النزوح القسري بإقليم كردستان العراق (1)



 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter