|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  22 / 4 / 2015                                 همام عبدالغني المراني                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



أيام لا تُنسى

نفق نگرة السلمان
(5)

همام عبدالغني المراني

وصلنا " نقار الصخر " , واستؤنف العمل من جديد , وقد ساعد توسيع النفق , كما أشرت في الحلقة السابقة , في تحسين ظروف التهوية , كما ان مجموعة العمل أخذت قسطاً من الراحة , وساعدنا " نقار الصخر " بكسر العارض الصخري بصعوبة بالغة , وكان امتداده يبلغ متراً تقريباً , بعدها كانت هناك منطقة أقل صلابةً , وكنا حين نعثر على بعض الرمل خلال العمل نفرح كمن يعثر على الذهب . بعد جهد جهيد ومتواصل , بدأنا نقترب من سور السجن , وبدأ العمل يزداد صعوبة , حيث يجب ان نكون أكثر حذراً , لكي لا يسمع صوت الحفر خلف السور , كما ان اخراج الأتربة كان يزداد صعوبةً مع ازدياد طول النفق , حيث يجب ان يخرج من نقطة البداية , وهي الفتحة الوحيدة للعمل .

تواصل العمل , مع ازدياد الصعوبات التي كانت تواجهنا , إلا ان توسيع النفق عمقاً وعرضاً حسّن ظروف التهوية , كما أسلفت , بيد ان الأعياء والتعب بدءا يظهران على الشباب , ولم يكن بالأمكان تبديل المجموعة بأخرى , لكي لا تتسع دائرة العارفين بالموضوع , إلا ان الحماس والمعنويات كانت عالية جداً , كما قلصنا فترة البقاء في الداخل لتقليل الجهد والتعب .... واجتزنا سور السجن , حيث كان عملنا أعمق من أساس الجدار , وهنا بدأ عملنا بحذر أشد , إذ ان سيارات حرس السجن ودورياتهم والسيارة الحوضية , كانت تمر فوق رؤوسنا .

في هذه المرحلة شخصت لجنة التنظيم اسماء المجموعة التي ينبغي تحريرها في عملية الهروب , وكانت من عشرة مناضلين , هم :
1- كاظم فرهود 2- سليم الفخري 3- كاظم الصفار 4 - احمد الحلاق 5 - بيتر يوسف 6 - عبد الوهاب طاهر 7 - سامي احمد 8 - سليم حميد ميرزا 9 - ميخائيل حداد 10 - همام عبد الغني .

وتبلغت تلك العناصر بالأمر , لكي تجري عمليات التدريب على المشي , لضمان اللياقة البدنية . وكانت الخفارات الليلية ستارنا لهذا التدريب يومياً . بيد ان هذه المسألة الضرورية , ساعدت على انتشار خبر العملية بشكل واسع ... وحيث ان العمل اصبح خارج سور السجن , كان علينا ان نتأكد من أن صوت الحفر الكهربائي , أو ضربات نقار الصخر , أو الأدوات الأخرى , لا تسمع في الخارج وينكشف الأمر . ولهذا تقرر ان نخرج , أنا والمناضل المهندس ناقد الحكيم , الى خارج السجن بحجة تنظيف مجاري المياه القذرة , ومعنا بعض حراس السجن , للتعرف على مستوى الصوت تحت الأرض , فيما اذا كان يسمع أو لا , وثانياً أن نقيس عرض الشارع الفاصل بين سور السجن والأسلاك الشائكة , وقد عد المهندس ناقد عرض الشارع بخطواته , وقدر سعة الأسلاك الشائكة دون ان يلفت انتباه الحراس لذلك , أما الصوت فقد سمعته ضعيفاً جداً , وفسرت ذلك , انه ناتج من علمي بأن عملاً كان يجري تحت أقدامنا في تلك اللحظة . وقد شاركني بقية الزملاء في هذا الأعتقاد , مع أخذ مزيد من الحذر والأنتباه .

تواصل العمل وتجاوزنا منتصف الشارع تقريباً .... بدأت لجنة التنظيم بتشخيص مجموعة المناضلين الذين سيستلمون مسؤولية قيادة السجن بعد مغادرتنا , ووضعنا خطة الأمتناع عن التعداد يوم التنفيذ , واعددنا غطاءً خشبياً لسد الفتحة الخارجية بعد مغادرة آخر مناضل من النفق , يضعه فوق الفتحة وينثر عليه بعض التراب للتمويه. كما فكرنا بإعداد هياكل من الملابس المحشوَة لوضعها في مكان كل واحد منا وتغطيتها ببطانية لكي لا يظهر مكاننا خالياً بعد المغادرة .

تقرر ان يكون الأتجاه نحو بحر النجف , رغم انه الأطول والأبعد , , فالطريق باتجاه السماوة , كان مطروقاً وتقطعه سيارات الشرطة والمسافرين يومياً . واتصلنا بالتنظيم خارج السجن , لتهيئة وسائط نقل تقلنا من آخر نقطة متفق عليها , وقدرنا اننا نحتاج الى ثلاث ليالٍ تقريباً . وكانت خطة العمل ان نسير طوال الليل , ونكمن في النهار تحاشياً للدوريات او الرعاة في الطريق .... وهيئنا الحد الأدنى من احتياجات الطريق من الأكل والماء والملابس المناسبة وبعض المستلزمات الطبية , اضافة لبعض الأسلحة البسيطة "سكاكين" , كما هيئنا بوصلة لمعرفة الأتجاه الى جانب خارطة جيدة للمنطقة رسمها بعض المناضلين العسكريين السجناء .

تأجج الحماس وارتفعت المعنويات , بعد صدور أول بيان من "جبهة الكفاح المسلح" في اهوار الچبايش بقيادة المناضل الشهيد خالد احمد زكي . وكانت قوى سياسية متعددة تتسابق لإسقاط نظام عبد الرحمن عارف , الذي كان في غاية الضعف عام 1967 .
 

أيام لا تُنسى - نفق نگرة السلمان (4)
أيام لا تُنسى - نفق نگرة السلمان (3)
أيام لا تُنسى - نفق نگرة السلمان (2)
أيام لا تُنسى - نفق نگرة السلمان (1)


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter