| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

السبت 23/8/ 2008



مواسم الثقافة العراقية تزدهر في المنافي !!

يوميات مهرجان الثقافة العراقية الثاني في كوبنهاكن

داود أمين

اليوم الخامس والآخير
بدأت نشاطات هذا اليوم ، بعرض فلم ( الجذور ) الذي قدمه السيد بهاء الموسوي، متحدثاً عن ظروف إنتاج الفلم وإخراجه من قبل الفنان الفوتغرافي ( إحسان الجيزاني ) والذي يعيش حالياً في المانيا، والفلم يتحدث عن معاناة سكان الآهوارفي جنوب العراق.
ثم بدأ عرض الفلم، وكانت المشاهد الآولى لبطله ومخرجه الفنان ( إحسان الجيزاني ) وهو في المانيا، حيث البرد والثلج والوحدة، ثم إنتقال البطل للطائرة التي تقله الى إسطنبول ثم الكويت، ثم عبر الطريق البري الى العراق، ليصل الى مدينة العمارة، فيتجول في أسواقها وشوارعها، يلتقط من خلال عدسة كاميرته صور الآطفال والباعة والشحاذين والكنيسة القديمة، ثم ينتقل لناحية ( العزير ) التي تبعد حوالي 80 كم عن مدينة العمارة، وفي مدينة العزير نتابع الفنان الجيزاني وهو يدخل محراب نبي الله العزير، فيصور الكتابات العبرية المنقوشة على الجدران،، ثم يزور مدرسة العزير الآبتدائية المؤسسة عام 1932 فتكشف لنا الكاميرا بؤس ورداءة بناية المدرسة حيث الجدران المشققة والشبابيك المكسورة والآبواب المخلوعة، والطلبة المزدحمون فوق رحلاتها البائسة ، معلم أحد الصفوف يتحدث بصراحة ووجع عن ظروف المدرسة ومعلميها ورواتبهم المتدنية!
ينتقل المصور للقرى المتناثرة على إمتداد المنطقة التي كانت تغطيها الآهوار ، فنكتشف بؤساً لا مثيل له وحياة صعبة لآؤلئك الناس الذين لم ينصفهم نظام ولا حكومة!
أطفال من البنين والبنات أعدادهم بالمئات، وهم محرومون من التعليم ومن الخدمات الآخرى، ثم يذهب المصور الى منطقة تبعد ست ساعات عن المدينة، فيجد مقبرة جماعية ( لم يتحدث عنها ألاعلام من قبل ) تضم قبور عشرات الشهداء من النساء والرجال الذين قتلهم النظام السابق ! الحقيقة أن الفلم كان صرخة موجعة عن عراق مخرب وشعب يمزق دون أن يلتفت لآنقاذه من أحد، وقد أثار عرض الفلم حواراً يتناول الجهات الحكومية والرسمية التي يفترض أن تراه وتكتشف حال هذه الجماهير التي أعطت أصواتها لمن لم يلتفت لها ولم يتذكرها وهو يسترخي فوق كرسي سلطته !!
في الثامنة مساءاً كان إختتام المهرجان بحفل موسيقي ساهر، قدمه الفنان السينمائي ( طارق هاشم ) قائلاً : يبدو أن مهمة الفنان غدت مضاعفة ، لآنه يبحث عن الصدق في هذا الزمن الملتبس، فالآصوات الشريرة تحاول قتل صوت الفنان وإسكاته، لكن صوت الفنان يتحدى ويعلو ، إنه زمن الزهرة والسيف وستنتصر الزهرة ، سينتصر الفنان!
ثم قدم الفرقة الموسيقية المتكونة من قائدها الفنان ( أنور أبو دراغ ) الذي يعزف على آلتي الجوزة والعود، والفنان (علاء مجيد) الذي يعزف على الة الناي، والفنان (قاسم عبد ) الذي يعزف على الة السنطور، والفنان ( كاظم ناصر) العازف على الة العود، والفنان ( محمد الربيعي ) عازف الآيقاع، والفنان ( ستار الساعدي ) عازف الآيقاع أيضاً، وهم جميعاً خريجو معهد الدراسات النغمية وأساتذة في إختصاصاتهم، ثم إحتل الموسيقيون الستة أماكنهم فوق أرائك شرقية ، صُفت خلفها مخدات، كما عطر جو القاعة رائحة أعواد بخور شرقي، وأضفت شاشة كبيرة خلف المسرح جواً تراثياً خاصاً حين بدأت مع العزف تعرض صور بغداد النصف الآول من القرن العشرين حيث دجلة والقفة والزوارق النهرية والشناشيل وصور الشعراء والسياسيين والصناعات الشعبية.
بدأت الفرقة وأكراماً للفنان العراقي المبدع ( روحي الخماش ) عزف مقطوعة موسيقية رائعة من تأليفه، بعدها غنى أنور أبو دراغ، وهو يعزف على العود أغنية ( ربيتك زغيرون حسن ) ثم أعقبها بأغنية ( وين رايح وين .. وين الوعد وين ) ثم مقام (قولوا لها إنني لا زلت أهواها ) ثم أغنية ( جا وين أهلنه ) و( دعني من مواعيدك ) و(سلمت الكلب بيدك) ومقطوعات موسيقية عراقية من مختلف مناطق الوطن، وكانت متعة ومشاركة الجمهور كبيرة في الجزء الآول من الحفل الذي أعقبته إستراحة قصيرة ، تم خلالها توزيع ورود الجوري الحمراء ، من قبل الفنان خليل ياسين المنسق العام للمهرجان ، على الفنانين والآعلاميين والآداريين الذين ساهموأ في إنجاح هذه الفعالية الثقافية العراقية الهامة.
بعد ألاستراحة القصيرة ، عادت الفرقة الموسيقية مجدداً لتمتع جمهورها بالطرب العراقي الآصيل والذي بدأ بمقام ( جاء الحبيب الذي أهواه من سفر ) و( حيك ببه حيك .. الف رحمه أعلى أبيك ) و(كلبي خلص والروح ملت بالوعود ) ثم قدم الفنان أنور أبو دراغ زميليه ستار الساعدي ومحمد الربيعي ليقدما لوناً من العزف سماه (الحسجة) وقال إنه يسمعه لآول مرة ، وقد قدم ألآثنان عزفاً مدهشاً على ألتي الآيقاع نال إستحسان وإعجاب الحاضرين، وإنتهى الحفل الكبير بمقام الهمايون الذي قدمه الفنان أنور أبو دراغ وبمصاحبة فرقته الموسيقية المدهشة . وبذلك إنتهت أخر فعاليات مهرجان الثقافة العراقية الثاني في كوبنهاكن الذي إستمر خمسة أيام متتالية .

وفيما يلي أهم الملاحظات التي نعتقد أنها تساهم في إضفاء مزيد من النجاح على المهرجان القادم والتي تتلخص في:

1- من الضروري أن تكون ضمن فعاليات المهرجان مساحة مناسبة للشعر العراقي والقصة العراقية وألآدب عموماً، إذ لا يمكن الحديث عن مهرجان للثقافة العراقية دون مساهمة الشعراء وكتاب القصة والرواية والنقاد وهم كثيرون !
2- كان من الضروري أيضاً الآعلان المبكر عن المهرجان ، وتوزيع برنامجه على المواقع الآلكترونية العراقية، وتوزيع بوسترات دعايته في الآماكن العامة في كوبنهاكن ، لكي يكون الجمهور أكثر من العدد الذي كان يحضر في أيام المهرجان ( عدا يوميه الآول الآخير ).
3- كان من الضروري تأخير عرض الآفلام من الساعة الخامسة، للساعة السادسة أو السابعة مساءاً ، لكي يستطيع الجمهور المرتبط بعمل من مشاهدتها، فالخامسة مبكر جداً للعرض مما حرم كثيرين من المتابعة .
4- قاعة عرض الآفلام لم تكن مناسبة ، فهي كافتيريا مفتوحة، وجمهورها قد لا يكون معنياً بالمهرجان وفعالياته، وكانت قاعة المسرح أفضل لآستيعاب جميع الفعاليات، وبضمنها العروض السينمائية .
5- اللجنة الآعلامية تشكلت بصورة متأخرة ، وكان يمكن أن تساعد كثيراً لو جرى التبكير في تشكيلها.
6- معظم الجهد وقع على الزميل خليل ياسين بإعتباره المنسق العام للفعالية ، والنجاح الذي تحقق رغم وضوحه وأهميته كان سيتضاعف لو كان الى جانبه فريق عمل مناسب .

وأخيراً لقد نجح المهرجان الثاني للثقافة العراقية وعكس للعراقيين المتعطشين لمثل هذه الفعاليات إن ثقافتنا ما تزال حية وناشطة، وإنها لا تزال قادرة على إغناء الروح بالممتع والجديد .
 

¤ اليوم الرابع
¤ اليوم الثالث
¤ اليوم الثاني
¤ اليوم الأول
 

free web counter