| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

داود أمين

 

 

 

الخميس 21/8/ 2008



مواسم الثقافة العراقية تزدهر في المنافي !!

يوميات مهرجان الثقافة العراقية الثاني في كوبنهاكن

داود أمين

اليوم الثالث من المهرجان
في قاعة دار الثقافات العالمية في كوبنهاكن ، بدأت نشاطات اليوم الثالث من المهرجان بكلمة للفنان طارق هاشم، حيث أشار للجهد الآستثنائي الذي بذله المخرج العراقي المبدع (عدي رشيد) ليقدم لنا فلمه المميز (غير صالح للعرض )والذي يقدم فيه ولآكثر من ساعة ، تفاصيل مرعبة عن الحياة التي عاشتها بغداد أثناء إحتلالها وسقوطها على يد الآمريكان في نيسان 2003 والآشهر التي تلت ذلك، ثم بدأ الفلم الذي ساهم فيه الفنان العراقي الكبير ( يوسف العاني ) الى جانب مجموعة من الممثلين العراقيين ومن بينهم الفنانة ( عواطف نعيم ) بدأ الفلم بحديث مخرجه الذي قال إنه لم يكن خائفاً من كل ما يجري رغم بشاعته وعنفه ، وأنه كان يريد أن يعرف كيف ستنتهي الآمور؟ والى أي مأل ستؤول؟ لذلك عندما فكر بصناعة فلم لم يفكر بالسيناريو وبالحدث والفكرة والشخصيات، فالحدث هو حبه، والحب وحده كاف لصنع فلم صادق وحقيقي! ثم تتوالى مشاهد بغداد المخربة، حيث الجنازات وأصوات سيارات الآسعاف و( لا إلله إلا الله ) والناس المذهولون وهم يتبادلون النظرات، ثم منظر مجنون وهو يجمع أكياس النايلون وسط النفايات، وهناك يعثر على جندي جريح، يقوم بنقله لبيته وإسعافه، وحين يموت الجندي، يحمل المعتوه جثته ليلقيها في النهر، أبو شاكر ( يوسف العاني ) الذي يتابع الآخبار عبر راديو قديم يقول لزوجته بألم : لقد كسروا باب المتحف !! شهود الفلم الستة يقدمون شهادات مرعبة عما جرى لبغداد وأهلها أثناء الحرب والآحتلال! الفنان يوسف العاني يلخص الوضع بجملة دالة حيث يقول ( صار إسنين والعراق ما بيه حنيّه!! إجه زعيم وراح زعيم والمكينه تشتغل... المشنقه تصعد وتنزل الى أن ترست حلوكنه دم !! ) الحقيقة إن هذا الفلم صورة قاتمة لمدينة تشكل مركز ثقل الوطن، فالخراب الذي يصوره الفلم والشخصيات التي يتناولها ، وحواراتها توحي بإسدال الستار على أي أفق مضيء، وهو أمر ربما لا نتفق معه رغم واقعية كل ما تم عرضه، وما إلتقطته الكاميرا من مشاهد واقعية وحقيقية ، فمن بين هذا الخراب وهذه العتمة سيأتي الضوء ، وسيعم البناء ومؤشرات ذلك بدأت تلوح وألآمر متروك للزمن ولآرادة عراقية تزيح الركام وتبدأ بالجديد !
بعد هذا الفلم الهام تحدث الفنان السينمائي طارق هاشم مجدداً عن الفلم السينمائي الثاني الذي سيعرض هذا اليوم وهو من إخراجه وعنوانه ( زينب ) ، وقد بدأ الفنان طارق كلامه قائلاً : الكاتب الروسي تشيخوف قال مرة : هل سيذكرنا الناس بعد مئة سنة؟ وهل سيعرفون أسماءنا؟ وهو يورد قول تشيخوف لأنه سؤل يوم أمس من قبل سيدة عراقية عما سيقدم اليوم، وحين أجاب بأن فلماً عن الفنانة زينب سيكون بين ما سيُقدم، سألته السيدة العراقية : ومن هي زينب؟ وأضاف طارق بألم تصوروا إن إمرأة عراقية لا تعرف فنانة الشعب العراقي والشخصية الثقافية والسياسية وإحدى رائدات تحرر المرأة في العراق، الفنانة الكبيرة زينب، التي توفيت قبل عشر سنوات وليس مئة سنة! إنه شيء محزن ولذلك علينا أن نذّكربزينب وبأمثال زينب وبدورهم في الحياة الثقافية وبما قدموه من جهد وأبداع لوطنهم . لذلك فما يقدمه الآن هو وفاء لزينب ، ورسالة وجدانية لروحها النقية.
بدأ الفلم الذي إستغرق 18 دقيقة بصورة مضببة لسماء وماء ، ثم للسيارة التي تحمل جنازة زينب ، ثم لسيل السيارات التي تتبعها، وهو سيل ربما لم تشهده جنازة لعراقي في الغربة ! المخرج يمزج المشهد الحزين لسير الجنازة بصور زينب في مراحل مختلفة من حياتها ، ثم بمشاهد لها في أفلامها الرائعة والشهيرة في الخمسينات والستينات، فلم ( من المسؤول ) و ( سعيد أفندي ) ومسرحية ( النخلة والجيران ) حيث يعيد طارق للذاكرة العراقية الساهية أو الغافلة من هي زينب وما هو دورها الرائد في السينما العراقية والمسرح العراقي ؟ الفنانة سهام علوان تضفي على الفلم نكهة خاصة حين تتحدث عن علاقتها بالفقيدة زينب، واللحظات الجميلة والمثمرة في محطات رحلتهما المشتركة في المسرح العراقي، الفلم عموماً، وكما قال مخرجه المبدع طارق هاشم ، رسالة وفاء لمبدع عراقي يستحق!
ثم إنتقل الجمهور لقاعة المسرح المجاورة لقاعة العرض السينمائي في نفس المبنى، وبدأت السيدة مكارم بتقديم العرض، حيث رحبت بالجمهور وبالفرقة المسرحية القادمة من المانيا،وقالت إن العمل الذي ستروه يُذكر بمأساة فاوست!
بدأ عرض مسرحية ( عاشق الظلام ) وهي من تأليف الكاتب العراقي ( ماجد الخطيب ) وإخراج الفنان محمد فوزي السوداني، وتمثيل الفنان حسن الدبو والفنان ثامر صادق الشكرجي، وموسيقى الفنان لطيف الدبو وإدارة زمن البدري، بدأ العرض بصوت عزف عود رافقه ترديد الشاعر لكلمات تدلل على إنتظاره لميلاد قصيدة! يجلس الشاعر على كرسي متحرك وامامه طاولة عليها زجاجة وقدح، يستعرض الشاعر أجواء زملائه الشعراء نيرودا وبوشكين وغيرهم من الشعراء العالميين العظام، حيث تولد قصائدهم وسط طقوس وأجواء خاصة ، يحتاجها هو أيضاً لكي تولد قصيدته! الظلام يسود المسرح والشاعر يردد إنه يعشق الظلام، وهو يحبه منذ شبابه، لآن الظلام ( يحرر لساني ) كما يؤكد، والظلام يجعله يتغزل بكل ما هو قائم! فهو ينتظره ويحبه، ( ففي الظلام أسبح في بحبوحة حريتي ! ) كما يقول، في حين أن النور يجعله يحس أن هناك من يراقبه! الشاعر يحاكم نفسه ، يتحول لشخصية أخرى تقاضي الشخصية الآولى، يعترف أنه إرتكب جرائم ثقافية وإنه كتب قصائد مديح للحروب ولقائد لا يستحق، وإنه إستغل الفراغ الثقافي الهائل فملآه بتفاهات! يحاول الشاعر أن يجد تبريرات لسقوطه ( كنت مضطراً .. لقد هددوني .. هددوا بإغتصاب زوجتي.. لم يكن لدي من خيار ) لحظات صحو الضمير تتكرر، يقول أنه حاول ألآنتحار لكن يده تخذله ! لكنه يؤكد أنه سيفعلها فاليد التي كتبت تلك الآشعار التافهة لمن لا يستحق ستجرؤ على إطلاق رصاصة الرحمة! الشخصية الثانية في العمل المسرحي تلعب عدة أدوار فمرة تتحول لنادل بار وأخرى قس وثالثة رجل أمن وتحقيق ورابعة طبيب، وهي في جميع هذه التحولات تساهم في رسم صورة الشاعر وتحولاته وأفكاره.
الاخراج كان موفقاً فقد إستفاد المخرج من عمق المسرح ووسطه وجانبيه في توزيع حركة موفقة للمثلين وللديكور المتواضع، وقد ساهمت الموسيقى التي وضعها الفنان لطيف الدبو في إضفاء سحر خاص للعمل، الذي أداه الممثلان بإجادة مشهودة ، وقد قلت الآخطاء اللغوية هذه المرة عن عرض برلين.
 

¤ اليوم الثاني
¤ اليوم الأول
 

free web counter