| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

الأربعاء 17/2/ 2010



لماذا تخلف العربان ؟
(4)

د. ناجي نهر

وفى هذا الجانب السياسي المهم فلقد تخلف العربان وقادة العالم الثالث بخاصة حتى عن ثقافة اسيادهم وعما توصلت اليه حضارة شعوبهم الغربية بكفاحها الطويل من ثقافة ديمقراطية تحترم حقوق وحرية المواطن الأصلي والمواطن الآخر على حد سواء ولا تسمح بتداول الحكم وراثيآ او من على ظهور الدبابات . لقد اسست الشعوب الغربية بكفاحها المرير لحضارة متحضرة انسانيآ الى مستوى تأمين حرية المعتقد ومساواة المرأة بالرجل وغيره من الحريات التي اشير لها من قبل وبصدق فقد كانت هذه الحضارة مذهلة فى تطورها التقني والعمراني الذي انعكس كنتيجة حتمية للتطور الصناعي الذي بذرت نواته الأولى بداية القرن السابع عشر والذي سهل المضي بعملية التطور الى امام وسيسهل بدوره مستقبلآ على الأجيال اللاحقة عملية تطويرحياتها نحو الأفضل والأعدل ،فلقد تمكنت ثقافة الشعوب الغربية من تدمير مفردات وهمية كانت مفرقة لصفوفهم فى حقبة مظلمة اندثرت غير مأسوف عليها. لقد خلق تلك المفردات الوهمية الحكام الرأسماليون بالأساس اوائل هيمنتهم على الشعوب الصغيرة وما زالوا يفرضونها على الشعوب التي استعمروها بهدف خلق التناحر والصراع العنيف بينها فيما سمي مخابراتيآ بعملية فرق تسد من اجل احكام السيطرة على حكم الأنظمة العميلة وضمان تبعيتها لهم كمستعمرين ثم تلقف تلك المفردات قادة العالم الثالث بخاصة وروجوا لأنتشارها وترسيخها بأساليب صارمة بأعتبارها مفردات مقدسة مثل [الأمة ، القومية ، ومسميات دينية ومذهبية اخرى كثيرة] تعج بها اليوم السنة أنظمتهم (العالم الثالث) بفضل الله وقوته ، فقد رأت هذه الأنظمة فى صيانة قدسية تلك المفردات الوهمية والمحافظة على نهج المغالاة بها ارضاءآ للأسياد فى الباب الأول وثانيآ المحافظة على عروشهم التي لا تمت للشعوب بصلة . الا ان المفارقة الواضحة فى تخلف العربان هذه المرة ستجلب عليهم نقمة شعوبهم التي بدأ الوعي يتصاعد الى عقولها بوتائر سريعة حيث اضحت تلك المفردات الوهمية شاهد العصر والدليل الموثق على خيانتهم لمصالح شعوبهم وتشبثهم بكراسي الحكم وترويجهم لتعميم الثقافة الميكافيلية الأنتهازية التي تراجعت تلقائيآ نحو الأرتداد عن مسيرة التطور حاملة معها كافة الرذائل والموبقات والأنحطاط الاخلاقي والخيانة لمصالح الشعوب وافقارها. فلقد تمسك العربان هذه المرة بكل ما هو سئ فى صفات الأسياد كعروة وثقى تديم سطوتهم وصولجان حكمهم اللاشرعي بالأساس ،ولذا فهم لم يتمردواعلى اسيادهم فى شئ من صفاتهم اللانسانية الجائرة ما سوى انهم ابدعوا والحق يقال فى التمرد على الصفات والجوانب الأكثرايذاءآ واذلالآ للشعب . ان أنظمة دول العالم الثالث كما هو معلوم ليس لها موقع يذكر فى مراكز صنع القرار العالمي لكونها من الدول التابعة لمراكز صنع القرار وصنع القرار دائمآ وفى هذه الحقبة الزمنية بالذات اضحى حكرآ على الرأسمالية الأمبريالية العالمية وحدها وكل قرار لابد ان يخط بأكفها مهما كانت عفونة وقذارة تلك الأكف. ولذلك لا يمكن لأنظمة الدول الصغيرة كأنظمة العالم الثالث من تغيير النظام السياسي والإجتماعي في بلدانها الا بمشيئة الدول الرأسمالية التابعة لها بسبب تبعية إقتصادها للأقتصاد الرأسمالي وسياسته . ومن هنا ولكل ما مر ذكره يبرز السؤآل الكبير والملح وهو: كيف تسنى لشعوب الرأسمالية العالمية التقدم حضاريآ وثقافيآ والتخلص من اوضار تلك المفردات الوهمية المفرقة للصفوف بينما ظل قادة العالم الثالث الأشاوس متمسكون بثقافتهم المتخلفة ؟. وجواب هذاالسؤآل الكبير اصبح ميسورآ وبات معروفآ للقاصي والداني بسبب سمو الوعي الأنساني بشكل عام هذا الوعي الذي كشف عن انانية قادة العالم الثالث وحبهم لكراسي الحكم فقط . ان قادة العالم الثالث وكنتيجة تاريخية ملموسة لم يتعلموا من اسيادهم غير ثقافة فرق تسد المرتكزة على تلك المفردات الوهمية التي من شأنها ادامة انظمتهم التابعة وادامة تخلف شعوبهم تبعآ لذلك . كما ان الملفت للأنتباه فى معمعان الحركة التطورية هو تألق منظروا الرأسمالية فى تسخير اللغة لمصالحهم الأحتكارية وافراز ما يحتاجون اليه من مفردات وهمية كالتي اشرنا لها ،والتي هي ليست مفرقة للصفوف وحسب بل وقادرة ايضآ على تبرير أستغلالهم للشعوب الكادحة المنتجة للخيرات فهذه الشعوب قد وقعت فريسة لعلاقات أنتاج رأسمالية غير عادلة اساسها ملكية الرأسمالية لوسائل الأنتاج واحتكار اسواقه . ولكي تستدام تلك الهيمنة الأحتكارية على الدول الصغيرة تواصل الرأسمالية ترسيخ ثقافة فرق تسد التي غالبآ ما تكون مرتكزاتها مفردات وهمية دينية مذهبية وقومية شوفينية مصنعة بعناية انتهازية مثيرة لنعرات متعالية ومتفاخرة بالألقاب ومستهجنة للوعي المتحضر وهو ما يلاحظ بوضوح فى السياسة العراقية الجديدة من خلال ممارسات انتهازية مبتذلة للشوفينين العرب والأكراد على حد سواء . اما لماذا لا تستطيع الرأسمالية الأمبريالية برغم جبروتها من تداول وتطبيق تلك المفردات الوهمية فى بلدانها فيرجع السبب الى سمو وعي شعوبها الذي تخطى مراحل القبول بمثل هذه المفردات الوهمية وترسخ نسيانها فى ذاكرتهم الى الأبد بل واستهجانها كسبة وعار وجب تركها قبل اكثر من نصف قرن وسنت القوانين التي تعاقب مروجيها . أما موقف الأنسان المتفاعل مع عملية التطور وهو الطرف المهم الآخر فى هذا الصراع فقد اكد على وقوفه شامخآ بوجه الأعاصير العاتية فلم يستكن للقهر مع كل ما تتفننت به الرأسمالية الأمبريالية ووعاظها من اشكال الأحتيال وتزوير الحقائق وتبديل المفردات وخلقها بشكل مشوه وان هذا الأنسان قد واصل النضال من اجل تدمير المعوقات وكل المفردات اللغوية المثيرة للنعرات المتعالية والمفرقة للصفوف والتخلص من تداعيات فعلها السلبي المدمر واكتشاف افضل السبل والوسائل للتخلص من هيمنة الرأسمالية واستغلالها ورد حيلها وشعوذاتها الى نحرها بهدف الوصول الى استقلالية كاملة لأدارة عملية التطور وحساب متغيراتها الدائمة بما يتناسب وسد حاجاته المتزايدة ،حيث سنة التطور تفضي بأن تنقرض بتعاقب الزمن طبقات حاكمة مع آيديولوجياتها وثقافاتها ومنهجياتها الأجتماعية والسياسية وعلاقاتها الأنتاجية المعرقلة نتيجة لعدم صلاحيتها للمرحلة المحددة ولعدم تناسبها مع تطور العصر ومصالح طبقات فتية تسيدت بديلآ عن تلك الطبقات التي هرمت وتحولت الى فلكلور . واليوم فقد أضحت الأفكارالعلمانية فى الجانب الغربي من كوكبنا تشكل حجر الزاوية فى تطور الشعوب الغربية على مختلف المستويات والأهداف واصبح بمقدور تلك الشعوب امتلاك ناصية الوعي والتقدم ومقوماته وشروط توحيده على وفق قرآءة جديدة للأفكار بأمكانها ان تحقق الوحدة الفكرية النسبية بين عامة الشعب وفيما بين سياسيه ومثقفيه من جهة وبين الباحثين والمختصين والمحلليين من جهة اخرى . واختصارآ للزمن ومتاعب الصراع بأمكان شعوب العالم الثالث التي يتخلص قادتها قبل غيرهم من اوضار التبعية والشوفينية القومية والطائفية الأستفادة من تجارب الغرب والتفاعل مع مثقفي العالم وجهدهم فى توحيد فكر علمي وانساني ممنهج اكثر عدالة ومساواتية عما سبقه سيتحرك على وفق متغيرات الواقع الموضوعي المعاش وحاجة هيكلياته التنظيمية والفكرية وشخوصه القيادية ومتطلبات المرحلة وحاجة الباحثين والمناضلين لحرية العمل وترسيخ مبادئ الديمقراطية على اسس علمية وجماهيرية واعية وفاعلة تقودها منظمات مجتمع مدني بمهنية شريفة قادرة على الوصول الى اعماق الجماهير وتلبية حاجاتها الضرورية بافضل واسرع من التنظيمات والاحزاب السياسية القديمة المتوارثة التي تم تأسيسها على وفق الأهواء والطموحات الفردية الأنتهازية المستعجلة التي لم تكن لتحقق اهدافها الا بالفرض والعنف وثقافة الدم الدكتاتورية الميكافيلية التي تهدف الى العودة بالحضارة الأنسانية الى الوراء والتخبط فى رفع شعارات كانت ولم تزل غير ممكنة التطبيق لا فى الماضي ولا فى الحاضر وعلى سبيل المثال فقد اضحى من المستحيل على حزب البعث وغيره من الأحزاب القومية والدينية بعث تراث القبيلة والدولة القومية والتفاخر بأمجادهما العرقية والمذهبية كما يحلو له (حزب البعث) ولمن سارعلى خطاه فى الترويج والتغني بشعارات ميتة لا يمكن لأي كان احيائها مثلما لا يمكن لأي كان احياء الأموات . لقد بات العالم الثالث نموجآ لوصف التخلف مقارنة بسمة عصرنا المتحضر بسبب ما يسوده من أنظمة شمولية بطرياركية أوتوقراطية وأقطاعية طاغية باتت مستنقعآ راكدآ لبؤرالكولنيالية الدولية والملكية الوراثية الحليفة والعميلة للأحتكارات الرأسمالية . كما بات هذا العالم المكافح بسبب حكامه الأميين نموجآ فلكلوريآ للتندر فى كافة شعوب العالم المتحضرة وبات متهمآ بعرقلة عملية التطورالتقني والحضاري وبات مناضلوه اشقياء متمردون على القانون ومهددين بالويل والثبور ان هم استمروا فى سعيهم نحو ترسيخ النهج الديمقراطي والعمل المؤسساتي الجماهيري المتضامن مع منظمات المجتمع المدني كافة . ان النتيجة المهمة من استخلاص كل ما مر بيانه يضع على شعوب العالم الثالث مهمة الأتحاد والتضامن الكفاحي الفولاذي المسئول من اجل التغيير النوعي والتخلص اولآ من التشكيلة البائسة لأنظمتها المتخلفة المتحدة فيما بينها على قهر شعوبها فقط ، وبدون زوال هذه الأنظمة وثقافتها السلفية الميتة لا يمكن لأي كان التفكير بتغيير الحال نحو الأفضل .

يتبع
 

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (3)
¤ لماذا تخلف العربان ؟ (2)

¤ لماذا تخلف العربان ؟ (1)

 


 

free web counter