|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين 4/3/ 2013                                 جلال رومي                               كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أوراق أنصارية

(عن مفارز الأنصار السرية)
(7)

جلال رومي ( أحمد عرب )

بعد ان اكملت علاج اسناني في مقر زيوة على يد الرفيق الدكتور ابو بدر لم تبقى لي حجه للبقاء مع هذه المجموعه الرائعةمن الرفاق فتوجهت مع مفرزه الى احد مقرات رفاقنا في قاطع اربيل في قريه كافيه التابعه الى قضاء عقره , الطريق يحتاج لاربعه ايام مشيا .محطتنا الاولى كانت مقر الاعلام المركزي للحزب حيث وصلناه مساء حيث هناك النخبه الثقافيه للحزب وهم مجموعه رائعه من المثقفين العراقيين الذين رفضوا حياة الخنوع لنظام صدام وتركو حياه الرفاه ليعيشوا حياة الكرامه, حياة قاسيه ,من اجل قضيه عادلة للشعب و كان هناك الشاعر ,الكاتب ,المذيع ,المصمم ,عامل الطباعه والمحرر. ذكرني هذا المقر بمقر جريده طريق الشعب في منتصف سبعينات القرن الماضي حيث التقيت معظمهم مثل الرفيق زهير الجزائري والرفيقه رجاء الزنبوري والرفيق رضا الظاهر والرفيق ابو زكي حميد بغش العامل البصري الذي كان عضو هيئه تحرير طريق الشعب ومسؤول الصفحه الدوليه والعربيه و كان قد قضى سنين طويله في سجون النظام الملكي وساهم وقاد الاضرابات العماليه في البصرة و كان تواجده في مقر الجريده عبارة عن لولب محرك لكل النشاطات حيث تجده مبكرا في مقر الجريدة ليغادرها اخرهم كان الاب الراعي للشغيلة العامله في الجريدة فيحاول ان يحصل لهم على افضل الامتيازات من خلال الضغط على اداره الجريده ومن خلال علاقته بالسفاره البلغاريه لكونه خريج بلغاريا وزوجته بلغاريه كان قد حصل على عدد من السفرات السياحيه المجانيه والدراسات الحزبيه القصيره لعدد لاباس به لشغيلة الجريدة حيث يقول انهم محرومون لكونهم لايحملون شهادات وهذا واجبي لاوفرها لهم ,ذلك الرجل كان حقا بروليتاريا .

قضيت ليلة رائعة مع هذه النخبه من الرفيقات والرفاق فكل شيئ منظم في مقرهم تجد الهدوء هو السائد حيث الجميع يجلسون حول الفانوس وبيدهم كتاب او ورقه وقلم يتابعون الاخبا ر السياسيه والثقافيه يتناقشون بهدوء, نكاتهم ثقاقيه جميله انهم حقا خليه نحل تعمل بنظام وهدوء تمنيت لو اتمكن أن اقضي وقت اطول لكي انهل من هذا الينبوع الثقافي فقلت لنفسي اي حزب عظيم حزبنا الذي خلق كل هؤلاء المبدعين صحيح يسمى حزب الشهداء لكنه حزب المبدعين ايضا .في الصباح الذي لم اتمناه ان ياتي والدمعة في عيني ودعت ابو نهران وودعت رجاء وودعت وودعت هولاء الرائعين وتمنيت ان القاهم في ظروف افضل لكن ليس كل ما يتمناه المرء يلقاه فقد افقدنا المرض الرفيقه رجاء الزنبوري حيث امتدت علاقتي بها اثناء عملي بطريق الشعب وعشنا في معسكر تدريب في بيروت وعملنا بلجنه حزبيه واحده , كما فقدنا الرفيق ابو زكي لكنني التقيت بعدد لاباس من هؤلاء الرائعين ,غادرنا مقر الاعلام وبدأنا السير في وديان وجبال بهدينان الوعرة وكان ذلك في نهاية تشرين الاول مررنا في القرى البهدينيه المختلفه عن القرى السورانيه حيث هنا البساتين اغنى و المياه اغزر و الجبال اكثر وعورة كنت اشعر بانني في سفره سياحيه في هذه المناطق الجميله حيث زرنا بطريقنا القرى الاشوريه والكلدانيه المختلفه ايضا بطراز بناءها وباختلاف ازياء اهاليها اثناء مسيرتنا نسمع صوت طائرات لم اتعرف عليها في منطقه السليمانيه حيث ازيز مراوحها يصلنا منذ انطلاقها من قاعدتها كنا نتابع مكالمات الطيارين عبر الراديو هذه الطائرات ماهي الا طائرات زراعيه جيكية الصنع حورها نظام البعث لتحمل صواريخ صغيره عددها 72 صاروخ تضرب المواقع الثابته مثل القرى واصابتها للاهداف غير دقيقه ودرجة مراوغتها ضعيفه جدا لكنها تطير بارتفاع عالي جدا لاتؤثر عليها الاسلحه المتوسطه تشكلرعب للقروين عند سماع صوتها وازعاج للانصار بنفس الوقت بالرغم ان تاثيرها على الافراد لم يذكر لكننا نضطر للتوقف عن المسير واخفاء انفسنا عند سماع ازيزها ونسمع بالراديو اين سيكون هدفها ,بعد خمسة ايام وصلنا الى قرية كافيه حيث يقع المقر باطرافها وصلنا قبل وجبه العشاء فكان المقر يعج بعدد كبير من الرفاق وعدد من العوائل لم اعرف الا العدد القليل منهم اللذين التقيتهم سابقا الرفيق ابو علي الشايب كان مسؤول المقر استلم ترحيلي ورحب بي وتحدث معي حول النيه لالغاء هذا المقر لان اكثر الرفاق سوف يلتحقون بالمفارز الا العدد القليل من المرضى وبعض العوائل سوف يلتحقون بمقر الاقليم الواقع في الوادي الذي يبعد عشره دقائق ففرحت كثيرا لان حلمي ان التحق بالمفارز الانصاريه في ارياف اربيل ,لكن هذا الحلم لم يتحقق فبعد يومين جائني الرفيق ابو علي ليخبرني مع محاولة لاقناعي لكي اكون المسؤول العسكري للمقر لان الرفيق ابو يوسف مسؤول اقليم كردستان طلب عدم اخلاء مقر كافيه للضرورات العسكريه حيث يجب بقائه للمساعده في حمايه مقر الاقليم ولايوجد احد من الرفاق يستلم المسؤوليه ووقع الاختيار عليك لانك صاحب تجربه كبيره في المجال العسكري فقلت له يا رفيق لم يكن عندي هنا سوى اسبوع ولا اعرف المنطقه ولم استطلعها فكيف استلم هذه المسؤوليه فرد قائلا من منا يعرف المنطقه جيدا حاولت اتهرب باي طريقه لكن بدون فائدة قال اعتبر ذلك التزام حزبي. الشتاء اقترب والرفاق لم يحسبوا بقاء المقر فلا تموين كافي ولا صيانه للقاعات ولا حطب للشتاء للتدفئه او للطبخ وعدد الرفاق القادرين على القيام بالمهام قليلين يوجد رفيق واحد ابن المنطقه وهو ابو خالد الخياط هناك عدد من العوائل وهؤلاء من الضيوف على الحزب حيث اعتاد الحزب من المنطلق الاممي تقديم الدعم والمساعدة لكل الاحزاب الشقيقه والصديقة و من هؤلاء الذين ضاقت بهم السبل في بلدهم بالرغم من نضالهم السلمي وعدم اقرارهم للكفاح المسلح اضطروا للهرب والحفاظ على مبادئهم وحياتهم واوامر الحزب الحفاظ عليهم وعدم تكليفهم بمهام عسكريه او مهام تعرضهم للخطر من خلال ذلك هذا هو المحك الحقيقي لاممية حزبنا تذكرت ما قاله لنا المسؤول العسكري للجبهه الديمقراطيه لتحرير فلسطين ممدوح الملقب ابو النوف عندما كانوا يساعدون الحزب لتدريبنا في معسكراتهم قال( دين في رقابنا للحزب الشيوعي العراقي نأمل من خلال ما نقدمه لكم الان ان نسدد جزء يسير منه لحزبكم وقال حزبكم في اصعب ظروفه كان يجمع اشتراكات وتبرعات رفاقه واصدقائه ويرسلها لنا وهو احوج لها ولكن امميته العاليه تدفعه لذلك ),فلذلك نلاحظ الحزب في كل زمان ومكان يلتجئ له الرفاق والاصدقاء من الاحزاب الشقيقة والصديقة لمصداقيته العاليه .المهم نرجع الى وضع المقر حيث اصبحت المسؤول العسكري لمقر كافيه والرفيق ابو عماد السياسي والرفيق فؤاد المسؤول الاداري ولكن الرفيقان متزوجان ويسكنان في مقر الاقليم حيث يقومان بواجباتهم اليوميه هناك كالخفارة والحراسة, الشتاء جاء مبكرا لم يمهلنا للقيام بجزء من الامور التي يجب ان تتوفر مثل الحطب او التموين وصيانة القاعات هناك اكثر احتياجتنا من المواد الناشفه متوفره لكن هناك احتياج كثير للمواد الاخرى والحصول عليها في هذا الوقت المتاخر صعب للغايه حيث المنطقه محاصره اقتصاديا و هناك صعوبه كبيره لوصول المواد الغذائيه للمنطقة من المدن وان وصلت فالقرويين يحتفظون بها لهم لان الاوضاع العسكرية متوتره جدا ولا احد يعلم ماذا يحدث غدا كنا نخرج انا والرفيق ابو خالد الخياط واحيانا اخرى مع الرفيق فؤاد وبالرغم من معارفهم لم نحصل على شئ مهم من المواد الغذائيه فالجميع يقولون جئتوا متاخرين مرة واحدة حصلنا على كمية ليس بالكبيره من السمسم تنفعنا لوجبات الصباح, الاسعار اصبحت خياليه فمثلا سعر تنكة الشعير التي لابد منها للبغال ارتفع سعرها من 300 فلس الى 1200 فلس, قاعات المقر بحاجة الى صيانه ومتابعتها عند سقوط الثلوج ورص سقفها بواسطه الحجره الاسطوانيه الثقيله أي ما يسمى الباكردان حتى لا ينزل الماء لداخل الغرف وتنهار .

هناك حاجة ماسة لكميات كبيرة من الحطب للتدفئة وللطبخ فمن يوفرها وعدد الاصحاء لايتجاوز اصابع اليد الامور مشت لكن بصعوبة الضيوف الموجودين في المقر كانوا رائعين بتعاونهم بالعمل وعدد منهم يعملون في المجال الصحي فقدموا خدمات لنا في هذا المجال وللقرويين الذي قطع الشتاء كل الطرق الى المدن عليهم فاذا بقروية مات جنينها في بطنها وهذا يعني الموت الحتمي لها لانها سوف تتسمم لكن الرفيق محمود وزوجته فردوس واختها سعيده وهي ايضا ممرضه وبادواتهم البسيطه جدا تمكنوا من انقاذ حياة القروية من خلال تقطيع الجنين الميت بالمشرط والمقص الى قطع صغيره وسحبه من الرحم وتنظيف الرحم بالكامل وخياطه المناطق المتضرره واعطاءها الادويه الضرورية حيث اكملوا عملهم باحسن وجه و بهذا العمل الرائع قاموا بانقاذ حياة هذه القروية .في هذه الظروف القاسيه هناك اوضاع امنية جديدة وصلتنا اخبار بان الجحوش قاموا بنصب الكمائن للبيشمركة في المناطق الغير بعيدة عن مقرنا وقتلوا بيشمركه تابع لحدك وفي ذلك الوقت ساد قتل النصير ويقطع راسه ويسلم للسلطة حيث يتقاضون مبلغ محترم من المال من الحكومة مما اثار بلبلة في المقر واصبح التحرك في المنطقة صعب ويحتاج عدد اكبر من الانصار وبحذر وخصوصا المنطقة كانت خالية من مقرات القوى الاخرى حيث اكثر انصار حدك يتواجدون في قراهم هذا الوضع تطلب اجتماع عسكري عاجل مع الرفاق لتهدئة القلق واتخاذ الاجراءات اللازمه ,كان في المقر ضيفان تابعان لمقر الاقليم حسب ما عرفت عنهم كانوا ضباط صف بالجيش العراقي والتحقوا بالانصار وليس لي معرفة في ما اذا كانوا رفاق سابقين ام لا المهم الاثنان يحملون سلاح الحزب لكن لاصلة حزبيه لنا معهم لان اتصالهم مع الرفيق ابو يوسف سكرتير اقليم كردستان التزامهم باعمال المقر محدود او بالاحرى بشكل مزاجي وحسب رغبتهم وانا ليس لي معرفة بظروفهم الخاصة او ما يعانون لكني اريدهم يقدمون عمل مثل الاخرين فجرت مشاجرة بيننا مما اضطرني الصعود الى مقر الاقلم والذهاب الى ابو يوسف للطلب منه سحب هؤلاء الى مقر الاقليم لانهم ليس على ملاك قاطع اربيل فقال لي ليس انت الذي تقرر انا الذى اقرر فانا مسؤولك ومسؤول مسؤولك كان النقاش متشنج ولم يحاول تهدأتي فبعد اسبوع وصلتني رسالة من الرفيق ملا حسن يطلب مني المجيء الى مقر قاطع اربيل في قريةسيدان التي تبعد يوم مشيا عن كافيه اخذت معي رفيقان وبغل من اجل جلب مواد غذائيه من مقر قاطع اربيل حيث تتوفر المواد الغذائيه هناك بشكل افضل من مقر كافيه التقيت بالرفيق ملا حسن وقال لي الرفيق ابو يوسف طلب من المكتب السياسي استبدال احمد عرب كمسؤول لمقر كافيه مع الرفيق ملازم رياض وانت صاحب القرار لان الرفيق ابو يوسف ليس من صلاحيته فرض اى قرار علينا وانا شخصيا افضل ان تاتي هنا والقرار قرارك اقتنعت بما قاله الرفيق ملا حسن ورجعت الى مقر كافيه محملا ببعض المواد الغذائيه ووصل بعدي الرفيق ملازم رياض واستبدلنا المهام وتوجهت الى سيدان وكان ذلك بدايه ربيع 1988 .


يتبع

أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (6)
أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (5)

أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (4)
أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (3)

أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (2)

أوراق أنصارية (عن مفارز الأنصار السرية) (1)
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter