|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 16/12/ 2012                                 جاسم الحلفي                               كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نجحنا في حماية أصواتنا من الاستحواذ

جاسم الحلفي

لم يتمكن ممثلو الكتل المتنفذة من تمرير نظام (هوندايت) الذي لا يختلف كثيرا عن ما نصت عليه المادة (13) من قانون انتخاب مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 المعدل، التي طعنتها المحكمة الاتحادية وابطل حكمها شرعنة الاستحواذ على أصوات الناخبين. ونجحت الحملة المدافعة التي نفذتها القوى المدينة الديمقراطية، بطيفها الواسع، سواء تلك المنضوية في اطار التيار الديمقراطي، أوالنشطاء المدنيين، ومنظمات المجتمع المدني، وعدد من أعضاء البرلمان الذين وقفوا بضمير حي مع الحق بالتصويت  كما عبر المفكر الفرنسي جان جاك روسو بقوله "ان التصويت حق لا يمكن انتزاعه من المواطنين" (1)  . ان قرار اختيار النظام الانتخابي هو من بين القرارات السياسية المهمة للنظام السياسي، حيث يحدد مستقبل الحياة السياسية في البلد المعني، ويرسم معالمها، وبطبيعة الحال فان القوى المتنفذة في المجتمع المعني هي التي تلعب الدور الأساسي في اختيار النظام الانتخابي، ذلك النظام الذي ينسجم مع مصالحها، ويؤمن لها التمثيل الذي يناسب طموحاتها، ويستجيب لتطلعاتها، وبهذا المعنى فإنها ليست مسألة فنية بحتة يصممها خبراء ومختصون مستقلون، حيث ان المصالح السياسية تشكل الأساس في قرار اختيار النظام الانتخابي.  ومن هنا يكمن الاهتمام بالأنظمة الانتخابية واختيار أفضلها، كما ان الواقع السياسي للبلد المعني له الدور الأساسي في تحديد المبادئ الأساسية والآليات الصحيحة التي ينتهجها، بما يشكل ضمانة قوية لعموم المواطنين للممارسة حقهم الانتخابي وفق النظام الانتخابي المناسب. لذا كانت المعركة حامية بين محاولة المتنفذين في اختيار نظام انتخابي يؤمن استحواذهم على اصوات لم تصوت لهم، وبين القوى المدنية التي حرصت على عدم حرف إرادتها.

هكذا إذن نجح السعي المدني الحميد  الذي الغى المادة المشار اليها أعلاه، حيث شرع محلها (قانون التعديل الرابع لقانون انتخاب مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 المعدل) الذي قضى بـ " تقسم الأصوات الصحيحة لكل كيان على الأرقام الفردية (9,7,5,3,1...الــخ) اي بعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ثم يجري البحث عن أعلى رقم من نتائج القسمة ليعطى مقعداً وتكرر الحالة حتى يتم استنفاذ جميع مقاعد الدائرة الانتخابية ". على وفق طريقة (سانت ليكو saint.legue’s) لتوزيع المقاعد، اذ يتم بموجب هذه الطريقة تقسيم مجموعة أصوات كل حزب على الأرقام (9,7,5,3,1...الــخ)، ويتم توزيع المقاعد بحيث يحصل أعلى رقم في الجدول اول مقعد ثم يحصل الرقم الذي يليه على ثاني مقعد وهكذا يتم توزيع كافة المقاعد البرلمانية. وسبق وتم استخدام هذه الطريقة في السويد والدنمارك والنرويج والنيبال وفلسطين. (2)

ويمكن فهم هذه الطريقة على وفق الجدول المرفق الذي نشره موقع الناس (3)، حيث تم اختيار مثال انتخابي تنافست به خمسة قوائم على ستة مقاعد في دائرة انتخابية واحدة، فكان التوزيع كما في الجدول رقم (1):

الكيان عدد الأصوات القاسم 1 القاسم 3 القاسم 5  القاسم 7 القاسم 9 القاسم 11 عدد المقاعد
أ 27000 27000 (1) 9000 (4) 5400 3857 3000 2454 2
ب 23000 23000 (2) 7666 (5) 4600 3285 2555 2090 2
ج 15000 15000 (3) 5000 3000 2142 1666 1363 1
د 7600 7600 (6) 2533 1520 1085 844 690 1
هـ 7400 7400 2466 1480 1057 822 672 -
 

حيث سيحصل الكيان (أ) على مقعدين والكيان (ب) على مقعدين والكيان (ج) على مقعد واحد، والكيان (د) على مقعد واحد، في حين لا يحصل الكيان (هـ) على اي مقعد، وذلك لاستنفاذ المقاعد. تجدر الإشارة الى ان المأخذ على هذه الطريقة هي صعوبة فهمها من غير المختصين والمهتمين، بينما طريقة الباقي الأقوى هي أسهل بكثير من هذه الطريقة، فضلا عن ان الباقي الأقوى يحقق اعلى نسبة من العدالة، ومن هنا ينطلق أصحاب الرأي الذي يتبنى الباقي الأقوى. فالعدالة والبساطة والفعالية هي من بين معايير الأنظمة الانتخابية.

وحين نطبق هذه الطريقة على نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي جرت عام 2009، تكون النتائج  كما هي مبينة في الجدول رقم  (2). (لمشاهدة الجدول)

حيث تم تقسيم أصوات القوائم على ( 1، 3، 5، وهكذا حتى 57 هي عدد المقاعد التي يتم التنافس عيها).  وكما نرى في الجدول رقم (3) ستظهر لنا نتائج مختلفة بعض الشيء عن النتائج التي تم التوزيع عليها وفق قانون الذي تم من خلاله الاستحواذ على أصوات القوائم الصغيرة. والجدول رقم 3

جدول رقم (3) لمقارنة توزيع مقاعد مجلس محافظة بغداد البالغة  57 مقعد، وحسب نتائج انتخابات مجالس المحافظات 2009 وعلى وفق القانون المطعون به في حملة لا تسرق صوتي، والقانون الجديد، حيث ستحصل كل من القوائم التالية : مثال الالوسي، حزب الفضيلة الإسلامي، مدنيون، الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية، التحالف الكوردستاني، الحزب الدستوري،على مقعد لكل منهما. بينما ستفقد دولة القانون خمسة مقاعد، والتوافق تفقد مقعد واحد، وتحتفظ باقي القوائم بمقاعدها.

                                        جدول رقم 3

العدد

القائمة

عدد الاصوات

عدد المقاعد وفق القانون القديم

عدد المقاعد وفق القانون الجديد

 

1

دولة القانون

641925

28

23

-5

2

التوافق

153219

7

6

-1

3

تيار الاحرار

151093

5

5

0

4

القائمة العراقية

148133

5

5

0

5

تجمع المشروع العراقي الوطني

113787

4

4

0

6

قائمة شهيد المحراب والقوى المستقلة

91759

3

3

0

7

تيار الاصلاح (الجعفري)

71663

3

3

0

8

قائمة الامة العراقية(مثال الالوسي)

26684

0

1

+1

9

حزب الفضيلة الاسلامي

22921

0

1

+1

10

مدنيون

20841

0

1

+1

11

الحركة الوطنية للأصلاح والتنمية- الحل

19163

0

1

+1

12

التحالف الكردستاني

18116

0

1

+1

13

الحزب الدستوري العراقي

13762

0

1

+1

 

اما إذا طبقنا طريقة (سانت ليكو saint.legue’s) على نتائج انتخابات مجلس النواب عام 2010، ستظهر لنا نتائج مختلفة عن تلك التي تم توزيعها على وفق القانون المطعون به، من خلال الجدول رقم (4).  حيث تم تقسيم أصوات القوائم على ( 1، 3، 5، وهكذا حتى 68 هي عدد المقاعد البرلمانية المخصصة لمحافظة بغداد) (لمشاهدة الجدول)

جدول رقم 5 لمقارنة توزيع المقاعد البرلمانية لمحافظة بغداد البالغة 68 مقعد، وحسب نتائج انتخابات مجالس المحافظات 2010، وعلى وفق القانون المطعون به في حملة لا تسرق صوتي، والقانون الجديد، حيث ستحصل كل من قائمة وحدة العراق، التحاف الكوردستاني، اتحاد الشعب، مثال الالوسي على مقعد واحد لكل منها ، بينما ستفقد كل من دولة القانون، والعراقية مقعد واحد لكل منهما، في حين سيفقد التحالف الوطني مقعدان.

 

القائمة

عدد الأصوات الكلي

وفق القانون القديم

عدد المقاعد وفق القانون الجديد

مقدار التغير في المقاعد على وفق القانون الجديد

دولة القانون

903360

26

25

-1

العراقية

841755

 

24

23

-1

الائتلاف الوطني

561659

17

15

-2

التوافق

53416

1

1

0

وحدة العراق

32924

0

1

+1

التحالف الكوردستاني

23263

0

1

+1

اتحاد الشعب

21613

0

1

+1

مثال الالوسي

19548

0

1

+1

 

مما تقدم يتيح لنا عرض بعض الاستنتاجات الأولية.

1-   عند النظر الى المعركة التي خاضتها القوى المدنية الديمقراطية من اجل قانون عادل ومنصف، يؤمن مشاركة المواطن السياسية، ولا يحرف إرادته الى جهة لم يختارها، انما هي معركة من اجل الديمقراطية أساسا، هذه المعركة المشرفة التي انتصرت بها الإرادة المدنية، ونجاحها انما أتت بفضل عدالة المطلب، والمثابرة من اجله، واستخدام الطرق الدستورية والمدنية، وتنوع أساليب المطالبة والضغط والتوعية، مستخدمة في ذلك خطة متكاملة وحسب الإمكانيات في الحشد والكتابة والظهور في وسائل الإعلام والاحتجاج والمدافعة وحملات التواقيع، والشكوى للمحكمة الاتحادية، والاتصال مع أعضاء البرلمان المؤيدين للمطلب العادل.

2-    وفي بلد يمر في عملية التحول نحو الديمقراطية وليس له تراث قوي في هذا المجال، لا يمكن النظر الى العملية الانتخابية، من خلال النظام الانتخابي فقط،  فالنظام الانتخابي اصطلاحاً هو الطريقة التي يترجم بها عدد الأصوات في الانتخابات إلى مقاعد في المجالس التشريعية أو المؤسسات المنتخبة الأخرى (4). انما يتعين النظر الى سير العملية الديمقراطية، وفلسفة الدستور في البلد المعني، ان كان يؤمن المشاركة في الشأن العام ويحرص عليها، وكذلك طبيعة النظام السياسي والقوى التي تتحكم في المشهد السياسي،  والواقع الملموس. وهكذا فان نزاهة الانتخابات تستند، بشكل رئيس، على القانون الانتخابي الذي ينظم عملية الانتخابات في المراحل المختلفة (5) . ويجد كل ذلك انعكاسه في قانون الانتخابات، فهناك قانون يسهل مشاركة المواطن ويعدها واجبة، انطلاقا من فكرة أن الانتخابات شرط لازم انما غير كافي للتعبير عن ارادة الشعب الحرة، اذ من دون الإصلاح السياسي لا تكون ثمة جدوى للانتخابات، لكن في نفس الوقت تعد سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها من مقتضيات الانتخابات الحرة الفعالة (6) .

3-    تسعى القوى المتنفذة لتبرير فكرة قوامها ان تعدد التمثيل وتنوعه انما ينتج عنه برلمان متنوع لا يحقق أكثرية ساحقة لا يتحقق فيها الانسجام المطلوب لتنفيذ المهمات ! لكن تبريرهم هذا لا يصمد امام التجربة الماضية التي أثبتت ان القوى التي استبعدت من لبرلمان كان دوما قوى وسطية تبحث عن حلول، بوجودها لم تصل الأزمة الى ما صلت إليه، والأزمة والصراع  كان  دائما ولا يزال بين الكتل الكبيرة المتصارعة على المال والسلطة والنفوذ.

4-   هناك شروط عديدة للتعبير عن إرادة المواطن واختياراته، ومنها النظام الانتخابي. وهذا النظام وان كان يعتمد المعادلات الرياضية والحسابات، لكنه ينطلق كذلك من فكرة تعزيز مشاركة المواطن، والحرص على احتساب صوته ام يصار الأمر مشاركة شكلية يراد منها تأبيد بقاء المتنفذين!  مع ان عدالة الانتخابات تعني ان تأتي نتائجها ببرلمان يضم في عضويته الرجال والنساء الأغنياء والفقراء ومن مختلف الأيدلوجيات، للتعبير عن مختلف المصالح، وان يكون تمثيل الأحزاب في البرلمان متناسب مع حجم الأصوات التي يحصل عليها الحزب السياسي والمرشحون في الانتخابات (7) .

5-   وضع المتنفذون، وعلى مر العصور القوانين التي تمثل مصالحهم وتحميهم وتأبد وجودهم، ومنها القوانين الانتخابية، لكن كثيرا ما انقلب السحر على الساحر، وفازت قوى المعارضة المدنية والشعبية على المتنفذين وفق القوانين ذاتها، هذا ان توحدت القوى المدنية الديمقراطية في مشروع واحد وعملت على هدف مشترك، وهذا هو مسعى القوى المدنية الديمقراطية في مشروعها من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية.

 

المصادر:

1-   نقلا عن: غازي كرم ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، اثراء للنشر والتوزيع ، الأردن  ، 2009م ، ص148.

2-   قاسم حسن العبودي، تأثير النظم الانتخابية في النظام السياسي، دراسة مقارنة بالتجربة العراقية، دار ورد الاردنية للنشر والتوزيع، عمان، 2011، ص165.

3-   موقع الناس  http://al-nnas.com/ge62.htm

4-   احمد عطية الله السعيد, المعجم السياسي الحديث, شركة بهجة المعرفة , بغداد, ص143 .

5-   احمد الدين واخرون، النزاهة في الانتخابات البرلمانية، مقوماتها والياتها في الاقطار العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008، ص316.

6-   المصدر السابق، ص515.

7-   المصدر السابق، ص328.

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter